الذكاء الوجداني في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


الذكاء الوجداني في علم النفس:

يشيرالذكاء الوجداني في علم النفس إلى التمكن من فهم الانفعالات والأحاسيس والتحكم فيها وتقييمها، بحيث يقترح بعض الباحثين أنه يمكن تعلم الذكاء الوجداني وتقويته، بينما يدعي آخرين أنه خاصية فطرية، وهو يعبر عن القدرة على التعبير عن  الأحاسيس والتحكم فيها.

ويشير الذكاء الوجداني في علم النفس إلى التمكن من فهم وتفسير الاستجابة لمشاعر الآخرين، بحيث يشير علماء النفس إلى هذه القدرة على أنها الذكاء الوجداني، بل إن بعض الخبراء يقترحون أنها يمكن أن تكون  أكثر أهمية من معدل الذكاء نفسه في نجاح الأفراد العام في الحياة.

كيف يتم قياس الذكاء الوجداني في علم النفس؟

ظهر عدد من التقييمات المختلفة لقياس مستويات الذكاء الوجداني في علم النفس، بحيث تنقسم هذه الاختبارات عمومًا إلى نوعين وهما اختبارات التقرير الذاتي واختبارات القدرة، وإذا كان الموجه النفسي يجري اختبار ذكاء وجداني يديره متخصص في الصحة العقلية فهناك مقياسين يمكن استخدامهما.

اختبارات التقرير الذاتي:

تعتبر هذه الاختبارات هي الأكثر شيوعًا؛ لأنها أسهل في الإدارة والنتيجة، وفي مثل هذه الاختبارات، يرد المستجيبين على الأسئلة أو العبارات بتصنيف سلوكياتهم، على سبيل المثال، في عبارة مثل غالبًا ما أشعر أنني أفهم ما يشعر به الآخرين، قد يصف المتقدم للاختبار العبارة بأنها غير موافق أو غير موافق إلى حد ما أو موافق أو موافق بشدة.

اختبارات القدرة:

تتضمن اختبارات القدرة جعل الأشخاص يستجيبون للمواقف ثم تقييم مهاراتهم، وغالبًا ما تتطلب مثل هذه الاختبارات من الأشخاص إثبات قدراتهم ومهاراتهم المتنوعة، والتي يتم تصنيفها بعد ذلك من قبل طرف ثالث.

اختبار Mayer -Salovey- Caruso للذكاء الوجداني:

(MSCEIT) هو اختبار قائم على القدرات يقيس الفروع الأربعة لنموذج Mayer وSalovey’s EI، ويقوم المتقدمين للاختبار بأداء مهام مصممة لتقييم قدرتهم على إدراك وتحديد وفهم وإدارة العواطف.

اختبار جرد الكفاءة الوجدانية والاجتماعية:

يعتمد (ESCI) على أداة قديمة تُعرف باسم استبيان التقييم الذاتي، ويتضمن وجود أشخاص يعرفون تقييمات العرض الفردي لقدرات هذا الشخص في العديد من الكفاءات العاطفية المختلفة.

مكونات الذكاء الوجداني في علم النفس:

يقترح علماء النفس أن هناك أربعة مستويات مختلفة مكونة للذكاء الوجداني، بما في ذلك الإدراك العاطفي، والقدرة على التفكير باستخدام العواطف، والقدرة على فهم المشاعر، والقدرة على إدارة العواطف.

يتم ترتيب الفروع الأربعة لهذا النموذج، حسب التعقيد مع العمليات الأساسية في المستويات الأدنى والعمليات الأكثر تقدمًا في المستويات الأعلى، على سبيل المثال، تتضمن المستويات الأدنى إدراك المشاعر والتعبير عنها، بينما تتطلب المستويات الأعلى مشاركة واعية أكبر وتنطوي على تنظيم العواطف.

تتمثل مكونات الذكاء الوجداني في علم النفس من خلال ما يلي:

1- إدراك المشاعر:

الخطوة الأولى في فهم المشاعر هي إدراكها بدقة، ففي كثير من الحالات، قد يتضمن ذلك فهم الإشارات غير اللفظية مثل لغة الجسد وتعبيرات الوجه.

2- الاستدلال بالعواطف:

تتضمن الخطوة التالية استخدام العواطف لتعزيز التفكير والنشاط المعرفي، بحيث تساعد العواطف في تحديد أولويات ما ننتبه إليه ونتفاعل معه، بحيث نستجيب عاطفياً للأشياء التي تجذب انتباهنا.

3- فهم العواطف:

يمكن أن تحمل المشاعر التي ندركها مجموعة متنوعة من المعاني، فإذا كان شخص ما يعبر عن مشاعر غاضبة، يجب على المراقب تفسير سبب غضب الشخص وما يمكن أن يعنيه.

4- إدارة العواطف:

المقدرة على إدارة الأحاسيس بصورة فعالة هي جزء رئيسي من الذكاء الوجداني ويُمثل أعلى مستوى، وإن تنظيم الأحاسيس والاستجابة بصورة مناسبة، وكذلك الاستجابة لمشاعر الآخرين كلها نواحي ضرورية من الإدارة العاطفية.

تأثير الذكاء الوجداني في علم النفس:

ازداد الاهتمام بتعليم وتعلم الذكاء الاجتماعي والوجداني في السنوات الأخيرة، وأصبحت برامج التعلم الاجتماعي والوجداني جزءًا قياسيًا من المناهج الدراسية للعديد من المدارس، والهدف من هذه المبادرات ليس فقط تحسين الصحة والرفاهية ولكن أيضًا لمساعدة الطلاب على النجاح أكاديميًا ومنع التنمر، وهناك غيرها العديد من الأمثلة حول كيف يمكن للذكاء الوجداني أن يلعب دورًا في الحياة اليومية.

يمكن أن تظهر آثار التفكير الوجداني من خلال ما يلي:

1- التفكير قبل الرد:

يعرف الأشخاص الأذكياء وجدانياً أن الأحاسيس يمكن أن تكون قوية، ولكنها مؤقتة أيضًا، وعندما يحدث حدث وجداني مشحون للغاية، مثل الغضب من زميل في العمل، فإن الاستجابة الذكية وجدانياً ستستغرق بعض الوقت قبل الاستجابة، ويتيح ذلك للجميع تهدئة مشاعرهم والتفكير بشكل أكثر عقلانية في جميع العوامل المحيطة بالحجة.

2- زيادة الوعي الذاتي:

الأشخاص الأذكياء وجدانيًا ليسوا جيدين فقط في التفكير في ما قد يشعر به الآخرين، لكنهم أيضًا بارعين في فهم مشاعرهم، بحيث يسمح الوعي الذاتي للناس بالنظر في العديد من العوامل المختلفة التي تساهم في عواطفهم.

3- التعاطف مع الآخرين:

يتمثل جزء كبير من الذكاء الوجداني في القدرة على التفكير والتعاطف مع ما يشعر به الآخرين، ويتضمن هذا غالبًا التفكير في كيفية الرد إذا كنت في نفس الموقف، والأشخاص الذين يتمتعون بذكاء وجداني قوي قادرون على التفكير في وجهات نظر وتجارب وعواطف الآخرين واستخدام هذه المعلومات لشرح سبب تصرف الناس بالطريقة التي يتصرفون بها.

تاريخ الذكاء الوجداني في علم النفس:

الذكاء الوجداني كمصطلح لم يأتي في لغتنا العامية حتى حوالي عام 1990، على الرغم من كونه مصطلحًا جديدًا نسبيًا، فقد نما الاهتمام بالمفهوم بشكل كبير منذ ذلك الحين، ويتمثل تاريخ نمو وتطور الذكاء الوجداني من خلال ما يلي:

1- النمو المبكر:

في وقت مبكر من ثلاثينيات القرن الماضي،  وصف عالم النفس إدوارد ثورندايك مفهوم الذكاء الاجتماعي بأنه التمكن من التعايش مع الآخرين، وخلال الأربعينيات من القرن الماضي، اقترح عالم النفس ديفيد ويتشلر أن المكونات الفعالة المختلفة للذكاء يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في مدى نجاح الأشخاص في الحياة.

2- التطورات اللاحقة:

شهدت الخمسينيات من القرن الماضي ظهور مدرسة الفكر المعروفة باسم علم النفس الإنساني، وركز مفكرين مثل أبراهام ماسلو اهتمامًا أكبر على الطرق المختلفة التي يمكن للناس من خلالها بناء القوة الوجدانية، ومفهوم آخر مهم ظهر في تطوير الذكاء الوجداني هو فكرة الذكاءات المتعددة، بحيث تم طرح هذا المفهوم في منتصف السبعينيات من قبل هوارد جاردنر، حيث قدم فكرة أن الذكاء كان أكثر من مجرد قدرة عامة واحدة.

3- ظهور الذكاء الوجداني:

في عام 1985 تم استخدم مصطلح الذكاء الوجداني لأول مرة في أطروحة الدكتوراة من قبل واين باين، في عام 1987، نُشر مقال في مجلة منسا، استخدم كيث بيسلي فيه مصطلح الحاصل الوجداني، وفي عام 1990، نشر عالما النفس بيتر سالوفي وجون ماير مقالهما التاريخي الذكاء الوجداني، وقد عرّفوا الذكاء الوجداني بأنه التمكن من مراقبة مشاعر وأحاسيس المرء والآخرين، والتمييز بينهم، واستعمال هذه المعلومات لتوجيه تفكير المرء وأفعاله.

في عام 1995، انتشر مفهوم الذكاء الوجداني بعد نشر كتاب دانيال جولمان الذكاء الوجداني، وكيف يمكن أن يعتبر أكثر من معدل الذكاء، واستمر موضوع الذكاء الوجداني في جذب الاهتمام العام منذ ذلك الحين وأصبح مهمًا في مجالات خارج علم النفس بما في ذلك التعليم والأعمال.

المصدر: علم النفس، محمد حسن غانم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.


شارك المقالة: