الظواهر المشابهة للمغفرة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


المغفرة هو الرد بطريقة معينة على شخص عامل شخصًا ما بطريقة سيئة أو غير متوقعة، وبالتالي فإن المغفرة هي علاقة ثنائية تشمل مخطئًا وطرفًا مظلومًا، بشكل عام يُعتقد أن المغفرة تنطوي على التخلي عن بعض المشاعر السلبية تجاه المخطئ، والتسامح مع ردود الفعل السلبية ضد المخطئ، وربما استعادة العلاقة مع المخطئ.

الظواهر المشابهة للمغفرة في علم النفس

تتمثل الظواهر المشابهة للمغفرة في علم النفس من خلال ما يلي:

1- التبرير

في بعض الأحيان نقوم بأشياء يبدو أنها خاطئة من الناحية الأخلاقية، فعندما نشاهد شخص يقوم بسلوك معين مثل السرقة فإننا قد نلومه وقد نطلق عليه بعض المفاهيم السلبية، في حين أننا عندما نفتح له المجال في التبرير للسلوك الذي قام به فقد نغير جميع أفكارنا حول سلوكه السابق الذي وقع منه، فبإعطائنا هذا النوع من التفسير فإننا تقدم مبررًا للسلوكيات المتنوعة، فنحن ندعي أنه على الرغم من المظاهر التي تظهر عكس ذلك، فإن هذا السلوك يمكن أن يمون مسموحًا به أخلاقيا.

يعتبر تقديم التبريرات من المفاهيم والظواهر المشابهة للمغفرة ويعتبر التبرير أمر شائع في حياتنا الأخلاقية، لكن يجب التمييز بين التبرير والمغفرة، فعندما يكون السلوك الإنساني مبررًا فهذا يعني أن السلوك لم يكن خاطئًا من الناحية الأخلاقية، لكن عندما يُغفر السلوك لا يوجد مثل هذا المعنى، في الواقع في معظم الحالات إن لم يكن كلها، ما يغفر لنا هو الأشياء الخاطئة من الناحية الأخلاقية التي نقوم بها.

2- العذر

في بعض الأحيان نقوم بأشياء هي في الواقع سيئة أو غير مسموح بها من الناحية الأخلاقية، ولكننا لسنا مستحقين للوم الأخلاقي، في مثل هذه الحالات فإن ما يسمى بشروط الإعفاء يجعل الشخص الذي يستحق اللوم بخلاف ذلك غير يستحق اللوم، فعندما يقوم بسلوكيات لا يتوجب عليه القيام بها فقد تكون هناك حقائق عن هذا الشخص أو عن سياق تصرفاته تجعل من القضية أنه ليس مسؤولاً أخلاقياً ولا يستحق اللوم.

عندما نلفت الانتباه إلى هذه الحقائق أي عندما نقدم عذرًا لعملنا فإننا لا ندعي أن ما فعلناه لم يكن خطأ من الناحية الأخلاقية، بدلاً من ذلك نعترف بأن ما فعلناه كان خطأً أخلاقياً، لكننا نقدم أسبابًا مفترضة للاعتقاد بأننا لسنا مسؤولين أخلاقياً ومستحقين اللوم لفعلنا ذلك.

عندما يُعذر السلوك الإنساني فإن هذا يستلزم أن الفاعل الذي تصرف على هذا النحو ليس مسؤولاً أخلاقياً ومستحق اللوم عن هذا السلوك، ولكن عندما يغفر المرء على سلوكه فإن هذا لا يستلزم ذلك أن الظالم لم يكن مسؤولاً أخلاقياً ويلوم على سلوكه، غالبًا ما يُزعم أن شرطًا ضروريًا للمغفرة هو أن المذنب يستحق اللوم أخلاقياً على سلوكه.

ربما يكون هذا صحيحًا لكننا لا نحتاج إلى الإصرار من باب الضرورة المفاهيمية على أن المغفرة تتطلب أن يكون الفاعلين مستحقين للوم أخلاقياً من أجل إظهار كيف أن المغفرة والعذر مختلفان؛ لأنه حتى لو كانت هناك حالات معينة يمكن فيها العفو عن ارتكاب خطأ غير مذنب على سبيل المثال في حالات المعضلة الأخلاقية، فإن هذا لا يغير حقيقة أن الوكلاء المعذرين يمكن أن يكونوا مسؤولين أخلاقياً ومستحقين للوم، ولكن هؤلاء العملاء المعذرين ليست مسؤولة أخلاقيا وتستحق اللوم.

3- التنازل

توجد طرق عديدة للرد على المذنبين الذين يستحقون اللوم على سلوكهم، وإحدى هذه الطرق هي التغاضي عن سلوكهم حيث كتب العالم تشارلز جريسوولد بشكل عام للتغاضي عن ذلك هو التعاون في عدم توجيه اللوم إلى فعل ما، وربما لتمكين الجاني من ارتكاب المزيد من الأخطاء، يمكن للمرء أن يتغاضى بمعنى القبول دون الرفض من خلال عدم تحميل الفعل الخاطئ ضد مؤلفه، أو بمعنى المغفرة أثناء الرفض وهو نوع من استراتيجية التحمل.

يمكننا أن نطلق على النوع الأول من التنازل النوع الذي يتضمن قبول السلوك وليس رفضه، ويمكننا أن نطلق على النوع الثاني من التنازل النوع الذي ينطوي على رفض السلوك ولكن التسامح معه والمغفرة له، يمكن أن تساعدنا مناقشة موجزة في معرفة كيف يختلف كل منهما عن المغفرة.

وفقا لجارارد وماكنوتون متى نحن نتنازل ونتغاضى عن إجراء ما ونقول في الواقع إنه لم يكن فعلًا سيئًا فعلاً فيكون التنازل عن فعل ما يرقى إلى القول في شكل صحيح أو غير صحيح أن الإجراء لم يكن خاطئًا حقًا.

بالتالي تُعرّف المغفرة على أنها القبول، دون احتجاج أخلاقي سواء داخليًا أو خارجيًا، لفعل يجب أن يبرر مثل هذا الاحتجاج، والذي أصبح ممكنًا من خلال التخلص من الحكم بأن الفعل خاطئ، بحيث لا يمكن لفناني الأداء أن يكون مخطئًا، وعن طريق التخلص من أي من المشاعر المصاحبة مثل تلك التي تنطوي على الاستياء والتي تشير إلى احتجاج الفرد على الفعل.

من أجل المغفرة يجب على الضحية أن تمثل المتلقي المفترض للمغفرة على أنه الشخص الذي فعل شيئًا خاطئًا أخلاقيًا أو سيئًا أو شريرًا، حيث أن التنازل يحدث عندما لا يوافق الوكيل على سلوك شخص ما، لكنه يتسامح معه، ومنها يصفها جريسوولد بأنها نوع من استراتيجية التحمل، وعلى النقيض من ذلك فإن المغفرة لا تتنازل عن الخطأ فهي مستعدة لإلقاء اللوم لكنها تتنازل عنه.

هناك اعتباران آخران يساعدان في التمييز بين التنازل والمغفرة في ظل ظروف نموذجية يمكننا أن نتغاضى عن الأفعال التي لا تشكل خطاً ضدنا، ومع ذلك لا يمكننا على الأقل في الظروف العادية أن نغفر للآخرين على أخطائهم تجاه الآخرين، بينما نسامح الأفراد عن سلوكهم أو ربما شخصياتهم، عندما نتغاضى عن السلوك أو الشخصية، فمن غير المجدي أن نقول نحن نتنازل عن كذبة صديق بينما من المنطقي تمامًا أن نقول أنا أسامحك لأنك كذبت علي.

العفو والرحمة من الظواهر المشابهة للمغفرة في علم النفس

غالبًا ما تستخدم عبارة عفواً كاعتذار قد يسبق فعل الصفح والمغفرة، أو قد يكون طلبًا للمغفرة، أو عملًا مشابهًا من التحمل، وغالبًا ما يبدو أن العفو عن الظالم لا يمكن تمييزه عن الصفح، وربما خاصة في حالات الخطأ البسيط، ومع ذلك يشير مفهوم العفو أيضًا إلى سلطة قانونية وسياسية مألوفة وهامة تختلف تمامًا عن الظواهر المشابهة للمغفرة في علم النفس، حيث يعرّف العفو هذا بأنه فعل أو حالة من حالات الإلغاء الرسمي لعقوبة أو عواقب قانونية أخرى لسلوك ما.

علاوة على ذلك يجب تمييز أعمال الرحمة بشكل عام عن أعمال المغفرة، حيث إن مظاهر الرحمة هي في الأساس صريحة أكثر من المغفرة، وإن توسيع نطاق الرحمة أو إظهار الرحمة تجاه شخص تصرف بشكل سيئ يعني الانخراط في بعض السلوك العلني، ومع ذلك فإن الغفران ليس بالضرورة صريحًا، فمن الممكن أن يكون بشكل خاص.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: