العدالة وسوء الحظ في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


الحظ هو سمة منتشرة في حياة الإنسان ويبدو أنه يظهر بطرق رئيسية وقد يتباين من فرد لآخر، حيث تتأثر نتائج أفعالنا بالحظ، وذلك من حيث الظروف والمواقف والأشخاص الذين قد نقع معهم في المعاملات والعلاقات الاجتماعية المختلفة.

العدالة وسوء الحظ في علم النفس

يعتبر الحظ لا يؤثر على مصالح الشخص ولا علاقة له من وجهة نظر العدالة، لكن الحظ الذي يحدث سواء تمّ تصنيفه لمصالح الفرد، من حيث الرفاهية أو الموارد أو الفرص أو القدرات على تحقيق الوظائف، أو بطريقة أخرى يبدو بالتأكيد ذو صلة.

وغالبًا ما يسأل الأشخاص الذين ينتهي بهم الأمر بشكل أقل جودة أو أفضل من الآخرين نتيجة للحظ لماذا نحن؟ وهذا يكون بفعل الإجابة المؤكدة لهم من حيث القول أنهم لديهم ما يُعرف بسوء الحظ، على سبيل المثال يميل العديد من الأفراد الذين يفكرون في وضع الناس في العديد من المواقف إلى الاعتقاد بأن حظ هؤلاء الأفراد بأنهم في مكانة اجتماعية مميزة مثلاً.

حيث أنهم سيفترضون أنه من حسن حظهم أن يكونوا قد ولدوا في مكانة اجتماعية غنية، وأنهم قد لا يستحقون مثل هذا الوضع، وأن هذا يجعل عدم المساواة غير عادل بالنسبة لهم، حيث أن العديد من الناس ينظرون لسوء الحظ من خلال النظر في العدالة من حيث الموارد والوظائف التي قد يشغلها غيرهم ويقارنون أنفسهم من خلالها.

ومن الشائع التمييز بين العدالة الجزائية وعدالة التوزيع عند النظر في مسألة سوء الحظ، ففي كلتا الحالتين تبرز قضية سوء الحظ ويبدو أن الدور الذي ينسبه المرء للحظ في منطقة ما سيقيد الدور الذي يمكن أن يعزى إلى الحظ في مكان آخر، حيث أنه إذا أثار الحظ تساؤلات حول أهمية المساواة في مجال العدالة التوزيعية، من المحتمل أن يكون لها تداعيات مماثلة فيما يتعلق بالمساواة والعدالة الجزائية.

وفي الواقع عند النظر في مسألة سوء الحظ سيكون من المفيد تضييق نطاق التركيز ليشمل مجموعة معينة من نظريات العدالة التوزيعية، أي تلك التي تتضمن مبدأ النتيجة النهائية للعدالة، حيث تستلزم مبادئ النتيجة النهائية أنه يمكن للمرء أن يحكم على ما إذا كان توزيع معين للشيء مرغوبًا دون معرفة كيفية حدوثه.

مبادئ ونظريات العدالة في سوء الحظ في علم النفس

تتمثل العدالة في مجموعة كبيرة ومميزة من المبادئ التي تُشكّل نظريات متنوعة خاصة بالعدالة التوزيعية التي تتعلق بمسألة سوء الحظ في علم النفس، تتمثل في مبدأ المساواة الفظ حيث يعتبر أمرًا سيئًا أو غير عادل إذا كان بعض الناس أسوأ حالًا من غيرهم، ومبدأ الكفاية الأولية بالنظر إلى أنها سيئة أو غير عادلة إذا لم يكن لدى بعض الناس ما يكفي من أي عملة ذات صلة بالعدالة التوزيعية.

ومبدأ الأولوية الذي يتبين في ضوء ما يجب علينا من تعظيم مجموعة معينة من الرفاهية، والتي يتم ترجيحها للتأكد من أن الفوائد في المستويات الأدنى من الرفاهية لها وزن أكبر من تلك الموجودة في المستويات الأعلى، ومبدأ الاختلاف الذي يعتبر غير عادل إذا كان أسوأ حالًا أقل ثراءً مما يمكن أن يكون.

وبناءً على هذا فإن مبدأ الاختلاف ليس بأي معنى مباشر بأنه مبدأ الحالة النهائية، وهنا يفضل علماء النفس التعامل مع مبدأ الاختلاف باعتباره مبدأ ينطبق بشكل مباشر على النتائج المهمة لسوء الحظ، ويتعامل العديد من المراقبين مع مبدأ الاختلاف بهذه الطريقة والبعض يشترك في مثل هذا المبدأ على أساس الجدارة، بغض النظر عما إذا كان يجب تسميته مبدأ الاختلاف.

وهناك أسباب متنوعة للتركيز الذي يقوم به علماء النفس لهذه المبادئ أو النظريات الخاصة بالعدالة في توضيح مسألة سوء الحظ في علم النفس، ومنها أنه يتم الدفاع عن بعض مبادئ النتائج النهائية على أساس اعتبارات تتعلق بالحظ، وبالتالي غالبًا ما يُقترح أن الاعتبارات المتعلقة بتحييد الحظ تفضل مبدأ الاختلاف على المبادئ التاريخية للعدالة.

تعتبر المبادئ والنظريات الخاصة بالعدالة والتي تحدد العدالة من حيث الطريقة التي يتم بها توزيع السلع لم يتم التقديم مثلها نيابةً عن مبادئ غير النتيجة النهائية، فقد يكون ما يحق للناس الحصول عليه مسألة حظ، ومع ذلك هذا لا يقوّض الاستحقاقات ذات الصلة، حيث أدرج علماء النفس العديد من الأمور في بنود مبادئ النتيجة النهائية التي تسمح بالانحرافات عن النتيجة النهائية الموصوفة بشرط ألا تعكس هذه الانحرافات الحظ.

على سبيل المثال يعتقد معظم دعاة المساواة المعاصرين من علماء النفس أن التوزيع غير المتكافئ الذي لا يتعلق بسوء الحظ للأسوأ قد يكون عادلاً، حيث لا يلعب الحظ دورًا مشابهًا في المبادئ التاريخية، والنقطة المفاهيمية المهمة هي أنه يجب أن نميز عنصر الحظ في نظرية العدالة التوزيعية عن النتيجة النهائية التي تفضلها النظرية، عند تنحية مخاوف الحظ جانبًا.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: