النمو الاجتماعي عند المراهق

اقرأ في هذا المقال


حياة المراهق الاجتماعية

إنَّ حياة المُراهق الاجتماعيّة مليئةٌ بالغُموض والصِّراعات والتّناقضات؛ لأنّه انتقل من مرحلة الطّفولة إلى مُجتمع الكِبار فهو لا يعرف القيم والعادات والاهتمامات لهذا المجتمع، ما الذي يُعجبهم وما الذي لا يُعجبهم، يعيشُ المُراهق صراعاً بين أرآء أقرانِه وأرآء أُسرته، بين الرَّغبة في الاستِقلال عن العائلِة، بين الحاجة إلى مُساعدتهما له، بين الرّغبة في إِشباع الدّافع الجِنسي، بين القيم الدِّينية والاجتماعيّة التي تُحدد الطّريق المشرُوع لهذا الإِشباع، يعيشُ المراهق تناقُضات تظهر في تفكيرِه وسلوكه، إذ يقول ولا يَفعل، يألَف وينفُر في نفسِ الوَقت و يُخطّط ولا يُنفّذ، يريد الامتِثال لقِيم الجماعةِ ويسعَى في نفسِ الوقت إلى تأكيِد ذاتِه. 

مظاهر النمو الاجتماعي عند المراهق

  • يميل إلى الاستِقلال والاعتماد على نفسه ويظهر ذلِك في مُحاولات المُراهق اختِيار أصدِقائه، نوع الملابس، دراسته وتحديد مُيوله بنفسه.
  • يميل إلى الالتِفاف حول شلّة مُعينة، يندَمج مع مجموعةٍ من الأصدِقاء صغيرةِ العَدد ويعطي الوَلاء والانتِماء لها، مع التّقيد بآرائِهم والتّصرف وُفق أهدافِهم و تصبح الجماعة مرجعيّة له، يحكُم من خِلالهم على أَفعاله وأقوالِه و يجد الرّاحة والمُتعة والفهِم لسُلوكه من قِبلهم.
  • يجِد لديهِم التّقدير، إظهارِ المهارَات وتأكيد للذات، اكتشاف قدراته، اكتِساب المعلوُمات التي لا يستطيع اكتسابها من الآباءِ والمُعلمين بِسبب ضعفِ العلاقَة بين المُراهق وأُسرته في هذهِ المَرحلة.
  • تتسِع دائِرة العلاقاتِ الاجتماعيّة إذ يُصبح أكثر اتِصالاً مع الآخرين من حوله.
  • يميل إلى مُقاومة السّلطة الوالديّة والمدرسيّة، يظهر ذلك في رفضِ المُراهق لأوامِر الوالِدين والمُعلمين إذا خالفت أوامر الزملاء، ينتقد المراهق الوالدين وأُسلوب حياتِهما وطريقَة تفكيرُهما.
  • يعبِّر المراهق الولد عن تمرُّده بالعِداء و الخُروج من المنزل، أمّا البنت المُراهقة فهي أكثر قُبولاً للسُّلطة الوالديّة.
  • يُقارن المُراهق نفسه بغيرهِ ويحاول اللحاق بالآخرين والتّفوق عليهم.
  • يميل المراهق إلى الجِنس الآخر والاهتِمام به، يتحوّل المُراهق من النّفور من الجِنس الآخر إلى الميلِ له، يظهَر ذلِك في مُحاولته لجذب الانتباه إليِه عن طريق الأناقة في المظهر الشخصي أو امتِلاك أشياء مُثيرة.
  •  يهتَم المراهقين في هذِه المرحلة بالقَضايا الإنسانية والحياةِ الاجتماعيّة، يُولي هذهِ القَضايا العامّة اهتِماماً كبيراً و يُسارع بمدِّ يدِ العوُن للغيرِ دون تفكيرٍ أحياناً.
  • يتأثَّر المُراهق في سلوكِه الاجتماعيّ بالعامِل الاقتِصادي خاصةً المُراهق ذو الطّبقة الوُسطى والفَقيرة.
  • يميلُ المُراهق إلى مُقاومة السُّلطة في المنزلِ والمدرسة وفي الخارِج؛ لأنَّه يُريد أن يَتحرَّر من طُفولته لكي يَشعر بأنَّه رجل حرٌّ في تصرُّفاته .
  • يرفُض المُراهق أن يكونَ موضِع الشّك من قِبل والِديه، يجب أن يُترك له التّصرف في حدودٍ معقولةٍ، لا يُحب أن يُحاسب على أعماله سواء كانت صحيحة أو خاطئة.
  • يدفع المُراهق نفسه كي يُصبح صُورة طِبق الأصل من نماذجٍ مُحددة في عقله، تُحدد له ماذا يقولُ، ماذا يلبس، ماذا يُحب، ماذا يكَره، من يُصادق، إنّ هذا يُعتبر مَوتاً اجتماعيّاً ومَحواً لذاتِ المُراهق .
  • ممكن للمراهق أن يلجأ إلى قواعد الاعتداءِ على المًُدرِّسين؛ ليحصُل على الشُّهرة فقط بين زُملائه ويحظى بالإطراء والاستِحسان .
  • إذا لم يحصُل المُراهق على تقديرٍ ذاتي فإنَّه من الممكن أن ينسحب منَ الجماعةِ ويعوِّض ذلك بالاستغراق في ملاحظةِ الطّيور، الموسيقى، مُمارسة هواية معيّنة .
  • يمقُت المُراهق المُراقبة والتّوجيهات التي تأتِي بالتّلقين .

الحاجات الاجتماعية عند المراهق

الحاجة إلى الرفقة عند المراهق

إنّ الرفقة نَمط علاقَة وقالِب اجتماعيّ صاحبَ الإنسان منذ بداياته؛ لأنَّ الإِنـسان كائِن اجتماعي بطبعِه فالرِّفقة تُعتبر مصدَر من مصادِر تربِية الإِنسانَِ ومَعرفته وأُنسه وسُروره وموُاساته ومُساعدته، فهي ذات أُثر كبيرٍ في حياةِ الفرد النّفسية والاجتماعيّة والثقافيّة، إنَّ الرفقة حاجة نفسيّة لا يستغني عنها الإنسان خاصّةً فـي مرحلـةِ المُراهقـة، فمجمُوعة الرِّفاق بالنّسبة للمُراهق بمثابةِ جسرٍ يعبُر بواسِطته من أًسرته إلى مُجتمعه الكبيِر، فالمًراهق يسعى لتكوينِ علاقاتٍ اجتماعيّة سـليمةٍ مـع أصـدقائِه، يتحمَّس المُراهق لجماعةِ الرِّفاق وينتقد بِشدة من هُم خارِجها و يتأثّر برِفاقه أكثر من تأثُره بالكِبار فقد يتعلّم منهُم الكثيـر مـن المعاييِر السّلوكية.

الحاجة إلى الزواج للمراهق

إنّ حاجة المُراهق للزواج هي حاجةٌ مُلحة، ذلك لأنَّها مـن الحاجـاتِ العـضويّة والنفسيّة فالحاجَة الاجتماعيّة والنفسيّة للزواج تشملُ أربعَة عناصِر مُترابطة ومُتداخلة، هي الحاجة إلى السّكن النفسي بالزواج، الحاجَة إلى الـشّعور بالنّوع وتحقيقـِه، الحاجة إلى الإِشباع الغريزيّ، الحاجةُ إلى تحقيقِ التّكامل بالزواج وإذا لـم يحقِّـق الزّواج أحد هذهِ العناصِر فإنَّه يكونُ فاشلِاً وناقِصاً، يرى المراهق أول الطريق بإقامة حياة أسرية واجتماعية صحيحة لأنّه يشعرأنَّه بحاجة إلى الجنس الآخر ويكون مشغوُل التّفكير، مُضطرب المـشاعِر، كثيـر التخيُّل في هذا الموضوع، تؤكِّد الدّراسات النفسيّة والتربويّة أنَّ التّحـولات الجنـسيّة التي تحصل للمراهق تُؤثِّر على استقرارِه ونظامِ حياته، إنَّ الزواج المُبكِّر أفضل علاج لمُشكلات المُراهقين الجنسيّة.

الحاجة إلى العمل والمسؤولية عند المراهق

إنّ العمل جوهر الإِنسان ومِعيار إنسانيّته والكرامَة التي أنشأَ االله عَليهـا البـشَر، تتحقَّق من خلال القيام بالعمل الصّالح، فعن طريقِ العمل يُثبت الفرد وجودُه ويؤكِّـد إنسانيتّه، فإِحساس المُراهق بذاته يتطلّب ضروُرة لتحقيِق شيئٍ ما يشعرُ مـن خلاله بفرديّته و حقيقته كإِنسان، حاجـَة المُراهـق إلـى المسؤوليّة والعمَل نابِعة من التّغيرات التي طرأَت على حياتِه في جوانِبهـا المُختلفـة العقلية، الوجدانية، الاجتماعية ، العضوية، فالمُراهق أصبح قـادِراً علـى التّفكيـر واستخدامِ الرّموز والفِهم الزّمني للماضي والحاضر والمـستقبل، أصـبحَت لديـهِ القُدرة على تصوُّر الأشياء قبلَ حدوثها.

مشكلات المراهقة الاجتماعية

مشكلة العلاقة مع الأسرة للمراهق

يرى العلماء أنَّ المراهق يعيشُ في صراعٍ دائِم مع والديه، يتمرّد المراهق علـى جميع أوامِر الوالدين ويُبدي اعتراضَه في صورةٍ مُختلفة تتّضح غالبـِاً فـي المُكـابرة والعِناد، تتمثّل المُشكلات الأسريّة فـي نمـطِ العلاقـاتِ القائِمة في الأُسرة والاتجاهاتِ الوالديّة في معاملة المُراهقين ومدى ثفهمهم لحاجـاتهم ونظرة المراهقين للسّلطة الوالديّة على أنَّها قوّة تعملُ ضدَّهم، أو سلطة تسعى لحل مشكلاتهم، فالمُراهق يرغب في الاستِقلال والانطِلاق، فهو يفضّل أن يعتمِد على نفسِه في تنظيمِ وقتِه واتخاذِ قراراتِه، إنّ المراهق يرى أنّ نصائِح والديه تدخل فـي شـؤوُنه الخاصَّة وبذلك قد تنشأ مُشكلات أُسرية عديدة.

المشكلات التي يعاني منهـا المراهقون في الأسرة

  • رغبة المُراهق أن تكونَ أوضاعُ أُسرته أفضل ممَّا هيَ عليه.
  • لا يستطيعُ المُراهق المُذاكرة في المَنزل لعدم توفُّر بيئةٍ مُناسبة.
  • يخجل المُراهقون من مُناقشة آبائِهم في مُشكلاتهم الخاصّة.
  • لا تتّفق آراء المُراهقين مع آراء والِديهم.
  • يشعر المُراهقون أنَّ والديهِم يثبطون من حُريتهم في مُعظم الأُمور

مشكلة المراهق في العلاقة مع الرفاق

إنّ جماعة الرِّفاق تلعب دوراً هامّاً في تكيُّف المُراهق وإعدادُه للحياة، أيضاً لها تأثير واضح على سُلوكه وآرائه، فالمُراهق في هذه المَرحلة يبذُل جُهداً كبيراً للاستِقلال عن المنزل والاعتِماد على ذاتِه، هناك صِراع بين الحاجة إلى الاستِقلال والحاجة إلى الأمن، إذ يجد المراهق الأمن الذي ينشُده والقُدرة على الاسـتِقلال في جماعةِ الرّفاق التي ينضمُّ إليها ويخضَع لها، تختلف هذه الجماعة عن جماعة اللعب فـي المرحلةِ السّابقة التي كانت تتميّز بأنّها تتكوُّن من الجنسين، لكنَّ الشِّلة التي تبـدأ فـي مرحلةِ البُلوغ فإنّها تتكون من جنسٍ واحد فقط، فالأولاد يكونون شلَّةً خاصّة بهـم و البنات أيضاً، تتميّز جماعات المُراهقين بالتّنظيم وتتكـوّن شِلل الأولاد بـسهولةٍ وتلقائيّة، أمَّا البنات يحتجنَ لبعض المُساعدة ولكن عندما تتكوّن شلّتهن فإنّهـا تستَمر.

دور جماعة الرفاق في التنشئة الاجتماعية

  • تأثِير جماعَة الرِّفاق أقوى من تأثير الوالدين، فالمُراهق أكثر مُسايرة لمعايير هذه الجماعة عن الأسرة و يتعامل مع أعـضاء جماعـة الأصدقاء، يندَمج معهم في الحياة الاجتماعية ويعبـّر عن انفعالاتِه تعبيراً حُراً دون قُيود.
  • شعور المُراهق بالتّحرُّر من قيود الأسرة وسُلطة المدرسة بانتمائِه لجماعِة الرِّفاق يساعِده على نمو شخصيّته واستقلالِه.
  • يُؤثِّر المُراهقون في بعضِهم البعض أكثر من تأثير الكِبار وإرشادهم، ذلِك لأنّهم يفهَمون بعضهُم البَعض، فمُشكلاتهم في الغالِب واحِدة وميـولُهم واحدة وتجارُبهم من نوعٍ واحد.
  • وجود المُراهقين في جماعةٍ واحِدة، هي وسيلة من وسائِل التّرفيه والمُتعة وتمضِية أوقاتِ الفَراغ.
  • تُتيح هذهِ الجماعات لأعضائِها فُرص اكتِساب الأدوارِ والاتجاهاتِ الاجتماعيّة المُناسبة والعادات الاجتماعيّة الجيدة مثل القيادَة، والتِبعيّة.
  • تُحصَّن جماعة الأقران أعضاءها من أساليبِ السّلوك المُتطرِّف، تُقلِّل من نوازِع الأنانيّة، وتُدربهم على التّخلي عن مطالبهم الخاصـّة فـي حال تعارُضها مع مطالبِ الجماعة.
  • يُمكن لجماعة الأقران تناوُل الموضُوعات غير المَقبولة اجتماعيّاً، التي لا تستطيعُ الأُسرة أو المدرسة الخَوض فيها؛ لتعارُضها مع القِيم والتّقاليد السائِدة في المُجتمع، فتتولَّى جماعَة الأَقران هذه المهمّة.
  • تُتيح جماعة الأقران لأَعضاءئها الاطِلاع على كُل ما هو جديد أو مُستحدث، مِثل التّغيرات الجديدة، الموضات، الاتجاهات الأدبيّة والفنيّة بعيداً عن مُعارضة الكِبار أو رفضُهم لِما هو جديد.
  • تُزوِّد جماعَة الأَقران أعضاءها بالهويّة الجماعيّة، في هذا تعزيزٌ وتقويةٌ لإِحساس المُراهق بذاتِه وهويّته من خِلال انتمائِه لهذه الجماعَة.

مشكلة التمرد على السلطة عند المراهق

إنّ الطّفل خِلال فترة الطّفولة يميل لمُقاومة الـسُّلطة و يصاحِبه رغبَة فـي الاستِقلال، إلّا أنّ هذا المَيل تزداد حدّته أثناء مرحلة المراهقة، حيث يسعَى المُراهق إلى مُقاومة كُل ألوانِ السّلطة، حينَ يكتَشف أنّ مُحاولاته تنتهي بالفشل يزداد عِناده وتحدِّيه، قد يصدُر عنهُ بما يسمّى بسوء السلوك، للتمرُّد صور مُختلفة مثل ميل المراهق نحو السّلطة الضّاغطة فالتّمرُّد قد يكون صَريحاً، كالتّمرد على تقاليدِ الأُسرة وأخلاقيّاتها وعقيدَتها، كما يمتد تمرُّد المُراهق إلى المدرسةِ والمُجتمع والدّين والتّقاليد والنُّظم السياسيّة، يتطلع المراهق إلى أن يجِد نفسه في عالمٍ آخر خارج البيئة المنزليّة فهو يرنُو إلى عالمٍ مليءٍ بالأصدقاء، ملـيءٍ بالحريّة والاستِقلال والتّحرر من التبعيّة.


شارك المقالة: