النمو النفسي في علم النفس التنموي

اقرأ في هذا المقال


يعتبر الإنجاز الخارجي انعكاس لقدرة الداخلية الفرد عندما يسعى جاهد لتحقيق إنجاز خارجي في المجتمع، فنحن نوسع قدراتنا النفسية ويعبر هذا التقدم الداخلي على أنه إنجاز خارجي ووسيلة قوية لتوجيه قدراتنا النفسية لتحقيق أقصى النتائج التي نحن قادرون عليها، تعتمد هذه القوة على التطور النفسي للفرد الذي يستخدمه، لذلك قدرتنا النفسية هي الأساس الكامن وراء السر؛ فكلما زادت هذه القدرة زادت قدرتنا على إثارة ردود إيجابية من الكون.
كثير من الناس يجعلون الإنجاز الخارجي هو الهدف الأساسي أو الهدف الوحيد، كما إنّهم يسعون إلى الأمن المادي ووسائل الراحة والمكانة الاجتماعية كغايات بحد ذاتها، لكن بالنسبة للآخرين يصبح الإنجاز الخارجي وسيلة أو مناسبة لزيادة قدراتهم وكفاءاتهم، يتم تقييم المكاسب الخارجية من حيث الاعتراف في المقام الأول على أنّها تعبيرات عن نموهم النفسي الداخلي، بالنسبة لعدد قليل من النمو الشخصي أو التقدم الروحي يصبح الهدف الأساسي أو الوحيد هي المهام المركزية.

النمو النفسي في علم النفس التنموي:

نحن واضحون بشكل تام فيما يتعلق بما يشكل وجود اجتماعي طبيعي وصحي، لكن عندما يتعلق الأمر بالتقدم النفسي والروحي، فهناك قدر كبير من الالتباس؛ ماذا يعني أن ننمو نفسياً أو نتقدم روحياً؟ لا يقدم لنا علم النفس أي تصور واضح أو مسار للتقدم النفسي، تقدم لنا الحياة طرق لنكون فاضلين ونتجنب الأخطاء أو الخطيئة، لكن لا تخبرنا عن ماهية التقدم الروحي أو كيفية التقدم روحياً؛ فإذا أردنا أن نكافح بوعي من أجل التقدم النفسي أو الروحي، فمن المهم أن يكون لدينا تصور واضح لما نسعى إليه. يمكن تعريف النمو النفسي بأنّه النمو الذي يزيد من قدرتنا على الإنجاز الخارجي والوفاء الداخلي، يتضمن النمو النفسي العديد من الجوانب أو الأبعاد.

جوانب النمو النفسي في علم النفس التنموي:

  • زيادة الطاقة: يعتمد الإنجاز على الطاق؛ فكلما زادت الطاقة زادت القدرة على الإنجاز، أمّا الطاقة فهي تعبير عن الإرادة ويعتمد على الطموح؛ فكلما زادت تطلعاتنا زادت الطاقة التي نولدها في شخصيتنا، كما نعلم كيف يمكن زيادة طاقتنا الشخصية.
  • الاستجابة للتحديات: ننمو عندما نواجه التحدي لنكون في أفضل حالاتنا ونتجاوز أنفسنا، قد يأتي هذا التحدي من الحياة في شكل صعوبات خطيرة أو فرص كبيرة، يمكن أن يأتي كذلك من الداخل ويمكننا تحدي أنفسنا، فكلما نضجنا نفسياً كلما وضعنا تحدياتنا الخاصة بدلاً من انتظار الحياة للقيام بذلك من أجلنا، فلنجعل حياتنا الخارجية وسيلة واعية لتقدمنا النفسي، كذلك نتعرّف على كيفية نمو الأشخاص من خلال تحويل التحديات إلى فرص.
  • رفع القيم: نتحدى أنفسنا للتفوق من خلال السعي لتحقيق أهداف عالية، نحن نفعل ذلك كذلك من خلال السعي وراء القيم العالية، فالقيم هي مُثُل روحية للكمال مما نسعى للتعبير عنه في ظل ظروف الحياة غير الكاملة، كما أنّ القيم مهارات روحية؛ فكلما ارتفعت القيم التي يمكننا التعبير عنها في أفعالنا زاد نمو قدرتنا على العمل والقدرة على تحقيق الذات.
  • بوسيع الوعي: يتطلب النمو توسيع مستمر لآفاقنا العقلية من خلال توسيع معرفتنا بالعالم وأنفسنا، إنّ زيادة المعرفة بأنفسنا لها قيمة كبيرة؛ لأنها تساعدنا على الإيمان بقدراتنا غير المستغلة وتجعلنا ندرك الطرق التي يمكننا من خلالها تحسين أنفسنا، كما تساعدنا المعرفة الأكبر بالعالم الخارجي في التعرف على الفرص المتاحة لنا والإيمان بها لتحقيق إنجاز أعلى، معظمنا لديه تصور ضيق ومحدود للغاية لما يمكن أن نحققه؛ لأنّنا نعتمد على الجوانب المادية لعقلنا التي تؤمن فقط بما حدث بالفعل أو بما يمكننا تجربته مباشرة مع حواسنا، لكي ننمو يجب أن نتخلى عن قيود العقل المادي وأن ندرك الفرص اللانهائية للتقدم، لذلك يجب أن نتعرف على الأمور التي تساعد في التغلب على القيود العقلية.
  • الإيجابية: تحثنا الأسرار على التفكير والشعور بإيجابية تجاه أنفسنا وأهدافنا وحياتنا بشكل عام، أن يكون الشخص إيجابياً يعني أن يتصل بكل جانب من جوانب حياته وكل شخص وكل موقف بموقف هادئ ومبهج، أمّا المواقف فهي بذور القوة العاطفية التي تحدد كيف يستجيب العالم لنا كل ما يأتي إلينا من الحياة يعكس مواقفنا الخاصة، كم يجب أن نتعلم كيف نقرأ استجابات الحياة ونكتشف المفاتيح الداخلية لجعل الحياة تستجيب بالطريقة التي نريدها.
  • تنظيم المنظمة: تحول الطاقة إلى قوة من أجل الإنجاز؛ كلما كان الشخص منظم زادت النتائج التي يمكن تحقيقها، لذلك يجب أن يتعرّف الشخص على تنظيم حياته لتحقيق أقصى قدر من الإنجاز.
  • المهارات: من أجل أداء أي عمل بشكل مثالي نحتاج إلى مهارة؛ فكلما زادت المهارة التي نمتلكها قل الوقت والجهد اللازمين لأداء الإجراء وزادت النتيجة المحققة، فنحن نطلب مجموعة واسعة من المهارات الجسدية والاجتماعية والنفسية والروحية للإنجاز والوفاء.
  • التقدم الروحي: يجب أن نفخر معظمنا بحقيقة أنّنا أفراد ولدينا تطلعاتنا وأفكارنا وآرائنا ومعتقداتنا وقيمنا ومشاعرنا وحقوقنا وحرياتنا، لكن في الواقع فإن شخصياتنا هي نتاج المجتمع بالكامل بشكل تقريب؛ كما أنّ النمو هو أن تصبح فرد متشكل؛ لذلك يجب أن تتعلم كيف تصبح فرد فاعل .
  • رفع الوعي: تتكون شخصية الإنسان من ثلاثة عناصر جسدية وحيوية وعقلية، يمكن تقسيم كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة إلى ثلاثة أجزاء، ممّا يجعل إجمالي تسعة مستويات للوعي؛ فالنمو هنا يعني رفع المقياس؛ لذلك يجب أن نتعرّف على المزيد حول المستويات التسعة وكيف يمكن أن نصعد سلم الوعي بشكل واعي.

استراتيجيات النمو في علم النفس التنموي:

يعتبر النمو النفسي مهنة هامة مدى الحياة، حيث يوجد عدد لا حصر له من الطرق التي يمكننا من خلالها توسيع قدرتنا وتعزيز نمونا النفس؛. سوف يتم عرض بعض الأساليب القوية للغاية التي يمكن لأي شخص تطبيقها.

  • الإرادة الصامتة: كلما كبرنا نفسياً زادت قدرتنا على التأثير في الأحداث الخارجية والأشخاص الآخرين للاستجابة لتطلعاتنا؛ فالطفل الصغير يصرخ لأمّه لتعطيه ما يريد، إنّ البالغ الناضج نفسياً يريد بصمة ما هو جيد أو ضروري ويستجيب الكون لذلك الطموح الصامت، بين هذه المراحل هناك العديد من المراحل الرائعة؛ فكلما زادت قدرتنا على صعود سلم الصمت، زاد نمونا وزادت قوتنا على الإنجاز، لذلك يجب أن نتعرف على كيفية اكتساب قوة الإرادة الصامتة.
  • أخذ وجهة نظر الشخص الآخر: يميل كل شخص منّا إلى النظر إلى الحياة من وجهة نظره الخاصة، بالنسبة للكثير من الناس من الصعب تصور وجود أكثر من طريقة صالحة لرؤية الأشياء فيعتقدون أنّهم على حق داماً، يعتبر أخذ وجهة نظر الشخص الآخر طريقة روحية توسع من وجودنا وتجعل الآخرين يستجيبون بشكل إيجابي، لذلك يجب أن نتعلّم طرق إتقان هذه المهارة الروحية.

المصدر: علم نفس النمو، عباس محمود عوضعلم نفس النمو، حسين الزبيديعلم النفس، د.قدري حنفي


شارك المقالة: