الوالد المثالي والوالد المسؤول

اقرأ في هذا المقال


الأهل المثاليون يحبون أطفالهم كثيراً، ونواياهم في التربية تكون حسنة، ولكن سلوكهم يمنع الطفل من تكوين استقلاليته، تفرده، وزيادة الثقة بالنفس، الأهل دون وعي منهم يتحملون مسؤولية كل ما هو مفروض أن يقوم به الطفل.

تعريف الوالد المثالي:

هو الذي يكون منهمكاً في دوره الوالدي حيث أنه يقوم بكل شيء بالنيابة عن أطفاله، فالوالد المثالي يعتقد أن من واجباته أن يكون خادماً لأطفاله، يتأكد من أن أطفاله ينهضون من نومهم في الوقت المناسب، وأن يكون لباسهم أنيق ونظيف، وكثيراً ما يقول الوالد المثالي عبارة: كن طفلاً مهذباً، أغلق أزرار قميصك، تأكد من نظافة الذي ترتديه.

وهم لا يسمحون بأن يكون هناك أخطاء لأنهم دائماً على علم ودراية بكل شيء، وعندما يرجع الطفل من مدرسته يبدأ الوالد المثالي بالخوف والتساؤل من جديد: ماذا عملت اليوم؟ دعني أرى واجباتك المدرسية، اخلع ملابسك، تناول غداءك، أسرع بالذهاب إلى سريرك.

وذلك من أكثر مصاعب النمو الطبيعي للطفل ان يترعرع ويكبر على يد والدين مثاليين؛ نظراً لاهتمامهم بصورة أطفالهم في المجتمع، فإنهم مسرفون في تحمل المسؤولية عن أطفالهم، وهذه المسؤولية من قبل الوالدين تمنع الطفل من التعلم، بل وتعكس عدم تقبل قدرة الطفل على التعلم من خلال قيامه بالتجربة.

وفي هذا النوع يميل الوالدان إلى الخوف على الطفل من خوض في أي تجربة، بل نجده أحياناً يفضل أن يظل أطفاله معتمدين عليه ليحس الوالد بأهميته، وهذا النمط الوالدي هو نتيجة المجتمع الذي يضع الكثير من التوقعات، ولا يتقبل الأخطاء من أفراده.

الأمور التي يعكسها الوالد المثالي على الطفل:

كثيراً ما نجد الوالد المثالي لا يمنح فرصاً لأطفاله لتعلم مفهوم الاحترام المتبادل. فالوالد سواء أكان متسلطاً أو يمارس الحماية الزائدة أو يبالغ في العطف والخوف، فإنه لا يحترم الطفل. والوالد الذي يكرس نفسه في خدمة أطفاله، يقصر في تدريب الطفل على احترام حقوق الآخرين.

ولكي يتعلم الأطفال معنى الاحترام المتبادل، فمن المهم أن يتصف الوالدان بالحزم دون التسلط، وهذا يعني ان يتشبث الوالد بحقه وفي نفس الوقت عدم حرمان الطفل من حقوقه.
مثلاً: عندما يلح الابن على اللعب بالكرة في داخل غرفة ممتلئة بالأثاث الذي يمكن أن يتكسر، تقول الأم” أنا آسفة لعدم السماح لك في اللعب هنا، فالغرفة مليئة بما يمكن أن يتكسر بسبب الكرة، يمكنك اللعب بشىء آخر أو أن تلعب في الساحة الخارجية، قرر ماذا تريد أن تفعل، وهكذا نجد أن صوت الأم سلس، هادىء وصوتها الحازم يؤكد حقها في المحافظة على سلامة أثاث الغرفة، وفي نفس الوقت احترام حق الابن في اللعب واختيار النشاط المقبول.

النمط الذي يمكن أن نستبدله بالنمط المثالي:

إن “الوالدية المثالية” يمكن أن تحل مكانها “الوالدية المسؤولة ” والتي تهتم وتقوم بتطوير الشعور بالمسؤولية، وزيادة الثقة بالنفس لدى الأطفال أكثر من اهتمامها بالتوقعات التي يرسمها المجتمع من الطفل، والوالد المسؤول هو الذي يقدم للأطفال أكثر من مجال ليختاروا منه، حيث تجعلهم يعيشون التجربة والخبرة، ويختارون المجال الذي يريدونه ويتحملون نتيجة ما اختاروا.

إذا كنا ندرك أن الأسلوب التشاوري والديمقراطي مناسب كأسلوب حياة، ونريد ان نعامل أطفالنا بعدل ومساواة، فينبغي علينا أن نسمح لأطفالنا باتخاذ قرارات تتعلق بسلوكهم وتحمل نتيجة هذه القرارات، عدا الأمور التي تشكل خطورة عليهم. وأهم من ذلك، علينا أن نثق بقدرة أطفالنا على التعلم من تجاربهم التي يخوضونها.

المصدر: الأسرة والطفل، داود نسيمة، حمدي نزيه، 2004.الأسس النفسية للنمو في الطفولة المبكرة، ملحم سامي، 2007.كيف نربي أبناءنا، الجنين،الطفل، المراهق،2000.


شارك المقالة: