تقنيات التفاؤل والتشاؤم في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يشير التفاؤل إلى التصرف المتفائل أو الاعتقاد العام بأن الأشياء الجيدة ستحدث، بينما يصف التشاؤم توقعًا عامًا بحدوث أشياء سيئة، تم تصور هذه التركيبات على أنها سمات شخصية خاصة بالميول، بالإضافة إلى أنها أنماط معرفية، وتم فحصها فيما يتعلق بالنتائج المختلفة، وتشير الأبحاث إلى أن التفاؤل يميل إلى أن يكون مرتبطًا بمجموعة من النتائج الإيجابية مثل مستويات أعلى من الإنجاز والرفاهية العقلية والبدنية، في حين أن التشاؤم يميل إلى أن يكون مرتبطًا بنتائج أقل إيجابية، ومع ذلك في ظل ظروف معينة قد يكون التفاؤل غير قادر على التكيف.

تقنيات التفاؤل والتشاؤم في علم النفس

قد لا يمثل التفاؤل أو التشاؤم المفهوم الذي وضع كل منهما للتعبير عنه، ومنها فهناك ما يعبر عن تقنيات وأساليب تشتمل عليها هذه المفاهيم، ومنها تتمثل أهم تقنيات التفاؤل والتشاؤم في علم النفس من خلال ما يلي:

التفاؤل والتشاؤم كصفات مزاجية

يرى مايكل ف.شير وتشارلز س.كارفر التفاؤل والتشاؤم كسمات شخصية وقد اشتقوا نموذجًا ذاتي التنظيم يعتمد على نظرية القيمة المتوقعة لوصف كيفية ارتباط هذه السمات بالتجارب البشرية، حيث يفترض نهج القيمة المتوقعة أن السلوك الإنساني موجه نحو الهدف، ويشير مصطلح التوقع إلى الاحتمال الذي يربطه الشخص باحتمالية تحقيق هدف معين، وتشير القيمة إلى القيمة التي يضعها الشخص على هدف معين.

وفقًا لنموذج التنظيم الذاتي تعطي الأهداف معنى لحياة الناس، لكن الأهداف عرضة للتغيير، بناءً على أشكال مختلفة من التغذية الراجعة، حيث أن الأفراد الذين يواجهون الشدائد أثناء السعي وراء هدف معين يعيدون تقييم الموقف واحتمالية النجاح، ومنها يمكن أن تؤدي إعادة التقييم هذه إلى تحديد موارد إضافية أو مناهج بديلة لتحقيق الهدف، أو التخلي عن الهدف تمامًا.

المتفائلين الذين يتوقعون أنهم سينجحون في تحقيق أهدافهم أكثر من المتشائمين، فهم يميلون إلى الاستمرار في السعي لتحقيق أهدافهم على الرغم من الشدائد، على سبيل المثال قد يتعامل طالب جامعي متفائل مع درجة ضعيفة في الاختبار الأول في علم الأحياء التمهيدي من خلال مقابلة المعلم ومراجعة تقنيات دراسته من أجل الاستعداد بشكل أفضل للامتحانات اللاحق.

يمكن أن يؤدي التخلي عن هدف بعيد المنال إلى التكيف عندما يؤدي ذلك إلى تبني بديل أكثر ملاءمة، على سبيل المثال يمكن لطالب جامعي يستمر في النضال مع دورات علم الأحياء سعيًا لهدف أن يصبح طبيبًا، عند تقييم الموقف أن يقرر مسارًا وظيفيًا أكثر ملاءمة.

يميل المتفائلين إلى البقاء والقدرة في مواجهة الأزمات من المتشائمين، وأكثر إصرارًا في السعي للوصول لطموحاتهم، ومن المرجح أن يتخذ المتفائلين إجراءات مباشرة عند التعامل مع المشكلات أكثر من المتشائمين، ويميلون إلى أن يكونوا أكثر تخطيطًا عند التعامل مع الشدائد، واتباع نهج أكثر تركيزًا في جهودهم للتعامل مع المشكلات، علاوة على ذلك يميل المتفائلين إلى قبول حقيقة المواقف المعاكسة بسهولة أكبر من المتشائمين، يبدو أن المتفائلين لديهم قدرة أكبر على استغلال الأحداث السيئة والتعلم منها، ويبدو أنهم أكثر قدرة على النمو أو التعلم من تجارب الحياة السلبية.

التفاؤل والتشاؤم كأساليب معرفية

إن الفكرة القائلة بأن الأساليب المعرفية تحمل علاقة سببية بتجاربنا العاطفية مستمدة من نظرية آرون بيك المعرفية للاكتئاب، فوفقًا لبيك ينتج الاكتئاب عن التشوهات المعرفية التي تنطوي على ميل لتسليط الضوء على المعلومات السلبية مع تجاهل المعلومات الإيجابية، في المقابل ينخرط الأشخاص الذين لا يعانون من الاكتئاب في شكل من أشكال التشويه المعرفي حيث يؤكدون على المعلومات الإيجابية بينما يتجاهلون المعلومات السلبية.

وفقًا لنظرية الإسناد يحاول الأفراد تفسير الأحداث التي تحدث في حياتهم من خلال عزو السبب إلى أحد الأبعاد الثلاثة فيمكن أن يكون سبب داخلي أو خارجي، وممكن أن يكون مستقر أو مؤقت، وممكن أن يكون مخصص أو عالميًا، حيث يشير البعد الداخلي الخارجي إلى ما إذا كان الحدث ناتجًا عن أفعال الشخص نفسه أو كان نتيجة لقوة خارجية، ويشير البعد المستقر المؤقت إلى ما إذا كان سبب حدث معين سيظل مستقرًا عبر الزمن أو يكون أكثر عابرة في طبيعته، ويشير البعد العالمي المحدد إلى ما إذا كان سبب الحدث هو الذي سيؤثر على العديد من مجالات حياة الشخص أم على منطقة معينة فقط.

يتضمن الأسلوب التوضيحي المتشائم إسناد الأحداث السلبية إلى عوامل داخلية ومستقرة وعالمية على سبيل المثال قد فشلت في امتحان اللغة الإسبانية لأنني غبي، في المقابل يتضمن الأسلوب التوضيحي المتفائل صفات سببية خارجية ومؤقتة ومحددة للأحداث السلبية على سبيل المثال لقد فشلت في امتحان اللغة الإسبانية؛ لأن معلمي قام بعمل ضعيف في شرح المادة، كنت أعاني يومًا سيئًا عندما أخذت الاختبار، ولست جيدًا بشكل خاص في تعلم لغات جديدة، أثبتت الأبحاث أن الأسلوب التوضيحي المتشائم يرتبط بأعراض الاكتئاب وضعف الصحة البدنية مثل وظيفة المناعة المكبوتة.

غالبًا ما يستخدم الأفراد ذوو الأسلوب التوضيحي المتفائل استراتيجيات مواجهة تركز على المشكلة والتي تتضمن محاولات نشطة للتعامل مع مشكلة من خلال الانخراط في حل المشكلات المباشر على سبيل المثال التعامل مع الضغط المرتبط بالامتحان القادم من خلال الدراسة مقدمًا، وفي كثير من الحالات يكون هذا النهج شديد التكيف، ومع ذلك قد يؤدي استخدام استراتيجيات المواجهة التي تركز على المشكلة إلى إهدار الجهود عندما لا تكون المشكلة عرضة للتغيير أو لا يمتلك الفرد الموارد الكافية لتنفيذ مثل هذا التغيير.

يعمل الأسلوب التوضيحي المتفائل بشكل جيد أثناء الطفولة والمراهقة والكثير من مرحلة البلوغ، ولكنه قد يكون غير قابل للتكيف في وقت لاحق من الحياة عندما يواجه الأفراد غالبًا ظروفًا تكون أقل قابلية للتغيير على سبيل المثال تدهور الصحة وموت الأحباء، والتعامل مع التركيز على العاطفة حيث يحاول الأفراد تنظيم عواطفهم، فقد يكون أكثر تكيفًا من إضاعة الوقت والطاقة في محاولات حل المشكلات في مثل هذه الظروف، وقد يكون من الأكثر تكيفًا للأفراد أن يصمموا أسلوبهم التوضيحي للحدث المعين الذي يواجهونها.

التشاؤم الدفاعي والتفاؤل الاستراتيجي في علم النفس

وجهة نظر بديلة هي أن التفاؤل الاستراتيجي والتشاؤم الدفاعي هي استراتيجيات يمكن استخدامها بشكل انتقائي للتعامل مع مواقف محددة بدلاً من السمات أو الأنماط المستقرة، حيث يشير التشاؤم الدفاعي إلى استراتيجية معرفية لوضع توقعات منخفضة لبعض الأحداث القادمة، وبالتالي الاستعداد للحماية من الفشل المحتمل.

على سبيل المثال قد يتنبأ طالب الوظيفة الذي يشعر بالقلق بشأن مقابلة عمل قادمة بأنه لن يكون قادرًا على الرد على أسئلة المقابلة بشكل مناسب ويظهر على أنه أحمق أثناء المقابلة، على الرغم من النجاح السابق في مواقف مماثلة، بعد ذلك بعد التفكير في كل الأشياء التي يمكن أن تسوء، يخطط بعناية لمنع حدوث كل حدث مخيف.

يشير التفاؤل الاستراتيجي إلى استراتيجية لوضع توقعات عالية تتوافق مع التصورات الذاتية والتجارب السابقة، تتجنب هذه الاستراتيجية الأفكار حول النتائج السلبية المحتملة المرتبطة بمهمة قادمة أثناء التحضير للمهمة، على سبيل المثال فإن الشخص الذي يتعين عليه إلقاء خطاب رسمي يُظهر تفاؤلاً استراتيجيًا من خلال توقعه على أساس الأداء السابق أنه سيفعله بشكل جيد والبدء في التحضير للخطاب في الوقت المناسب.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: