حسابات التواضع في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تشرح حسابات التواضع في علم النفس قيمة التواضع من خلال الاحتكام إلى وجود أو عدم وجود معتقدات معينة، حيث أن المعتقدات ذات الصلة عادة ما تكون تقييمات ذاتية أو معتقدات حول قيمتنا أو مهارتنا أو صلاحنا، أحيانًا يُؤخذ محتوى المعتقدات ذات الصلة على أنه مقارن وأحيانًا لا يكون كذلك، مثل تفكير الفرد في الفرق بين التفكير في أنه رائع حقًا والتفكير في أنه أفضل من الآخرين.

حسابات التواضع في علم النفس

تتمثل حسابات التواضع في علم النفس في تقديم العديد من الحسابات بعضها إيجابي ودقيق وبعضها يرمي للحسابات السلبية للتواضع، حيث يهتم علماء النفس بحسابات التواضع وعلاقتها مع علم النفس الأخلاقي والفضيلة بشكل عام، من حيث رؤية الفرد لنفسه كفرد، ورؤية الفرد لنفسه ضمن الجماعة.

تشرح حسابات التواضع من خلال اللجوء إلى الناحية المعرفية بطريقة ما الشخص المتواضع إما أنه يفتقر إلى معتقدات معينة حول صلاحه أو لديه معتقدات خاطئة تنطوي على التقليل من شأن نفسه، من ناحية أخرى تهدف حسابات الدقة إلى إزالة أي توتر بين الفضيلة المعرفية والأخلاقية لحسابات التواضع، وبالتالي شرح التواضع من خلال معتقدات جيدة معرفيًا.

بناءً على هذه الآراء فإن التواضع هو جوهره حول فهم مكانة المرء في العالم بشكل صحيح، حيث أن حسابات الدقة القوية تجعل التواضع غير متوافق مع الجهل، وبالنسبة لهذه الآراء فإن التواضع يتعلق أساسًا بوجود معتقدات دقيقة، ومنها تنكر حسابات الدقة الضعيفة أن التواضع يتطلب عيبًا معرفيًا، لكن يتوجب تركه مفتوحًا ما إذا كانت الفضيلة الأخلاقية متوافقة مع عدم الفضيلة المعرفية.

حسابات الجهل في التواضع في علم النفس

بدأ وصف الأستاذة الفلسفية جوليا درايفر عن التواضع إحياءً حديثًا في العمل على الفضيلة في علم النفس الأخلاقي، بالنسبة لحسابات الجهل في التواضع فإن الشخص المتواضع هو شخص يجهل صفاته الحميدة من نواحٍ معينة، حيث أن التواضع يتطلب رأيًا منخفضًا عن مزايانا ولكن إذا كانت مزايانا عالية نسبيًا، فيبدو من الغريب أن توجهنا إلى أن يكون لنا رأي منخفض عنها.

وقد نفت حسابات الجهل للتواضع لاحقًا وجود أي شيء فاضل في وجود رأي ذاتي منخفض، لكن الأستاذة درايفر تطور هذه الفكرة وتناقش مجموعة من الفضائل الأخلاقية التي تتطلب الجهل مثل الصدقة العمياء التي تتمثل في رؤية الخير في الآخرين والبقاء جاهلين بالشر، والشجاعة المندفعة وبعض أنواع البراءة والحياء.

يُطلق على حساب الجهل للتواضع حساب الاستخفاف؛ لأن الشخص المتواضع لا يحتاج إلى أن يكون جاهلاً تمامًا بصفاته الجيدة لأنه قد قلل من شأنها، وهذا لا يتطلب تقديرًا منخفضًا حيث يمكن للمرء أن يقلل من قيمة الجودة الجيدة بينما لا يزال يعتقد أنها جيدة بشكل عام، والشخص المتواضع وفقًا لهذا الحساب هو شخص يعتقد خطأً أنه ليس جيدًا كما هو بالفعل في بعض النواحي.

يؤخذ هذا الحساب لشرح السمات الرئيسية للتواضع في علم النفس، حيث إنه فضيلة تابعة لأن هناك صفة أخرى يجهلها المرء، وهي ليست سلوكية بحتة، لذا فهي تسمح بالتواضع الزائف، وتعترف بغرابة إسناد الذات، لأن التواضع نفسه هو جودة جيدة.

تم وضع حساب الجهل للتواضع على خلفية حساب أكثر عمومية للفضيلة، حيث يدافع هذا الحساب عن تفسير عواقب الفضيلة حيث تكون السمات فاضلة عندما تنتج بشكل عام تأثيرات جيدة، هذه النظرة للفضيلة تجعل من السهل استيعاب السمات الفاضلة أخلاقياً التي تنطوي على عيوب معرفية؛ لأن بعض العيوب المعرفية قد تتحول إلى تأثيرات أفضل على المدى الطويل.

جعل حساب الجهل للتواضع الفضيلة مسألة حكمة عملية تجعل الفضيلة الأخلاقية غير متوافقة مع العيوب المعرفية، ومن المهم أن نلاحظ أنه في حين أن عمل الأستاذة درايفر المبكر يجعل التواضع يتطلب الجهل، فإن الادعاء الأضعف بأن الفضيلة الأخلاقية متوافقة مع الجهل يكفي لإثارة المشاكل للتفسيرات التي وضعها العالم أرسطو عن الفضيلة في حسابات دقة التواضع والتواضع هي ردود فعل إلى حد كبير.

حسابات الدقة القوية للتواضع في علم النفس

لا تنكر حسابات الدقة القوية أن التواضع يتوافق مع الجهل فحسب، بل تدافع عن فكرة أن التواضع في جوهره فهو يتعلق بمعتقدات حقيقية معينة، في بعض الآراء ينطوي التواضع على الاستخفاف، ولكن فقط كوسيلة للتقييم الذاتي الدقيق، حيث أن التواضع هو تصحيح للميل البشري العام للتفكير بشكل كبير في أنفسنا، فحقيقة التواضع تتطلب النظر في كيفية عمل التقييم الذاتي في سياقات مختلفة ومستويات ذات مهارة.

يُطلق على العديد من حسابات الدقة القوية للتواضع بآراء المساواة أو العادلة، هذه الروايات تجعل التواضع مسألة نوع معين من الاعتقاد الصحيح، بالاعتماد على الأفكار التي وضعها العالم إيمانويل كانط حول الوضع الأخلاقي المتساوي لجميع الوكلاء العقلانيين، فإن هذه الآراء تجذر التواضع في الاعتراف الدقيق بالمركز الأخلاقي المتساوي للناس.

لذا فإن التواضع بالنسبة إلى حسابات الدقة القوية هو مسألة معرفة القيمة الأخلاقية المتساوية للجميع والرؤية الدقيقة أن الصفات الحميدة المعينة لا تؤثر على هذه القيمة، ويميز هذا الحساب القيمة الأخلاقية للفرد كشخص بأنها قيمة ثابتة من قيمة الفرد كشخص أخلاقي وهي قيمة يمكن أن تتأثر بالصفات الحميدة ويرى أن التواضع متجذر في الاعتراف من السابق.

بما أن التواضع يتعلق بمعرفة القيمة الأخلاقية المتساوية لجميع الناس، فإن المدافعين عن هذا الرأي ينكرون أحيانًا أن التواضع فضيلة تابعة؛ لأنه يمكن للمرء أن يمتلك المعرفة ذات الصلة بينما يفتقر إلى أي صفات جيدة، كما أنهم ينكرون أحيانًا أن الأشخاص غير الأخلاقيين، أو الأشخاص الذين ينكرون القيمة الأخلاقية المتساوية للجميع، ويمكن أن يكونوا متواضعين على الإطلاق.

نوع آخر من عرض الدقة القوية يناشد مقاييس تقييم مختلفة للتواضع، هذا النوع من الآراء دافع عن نظرية المشاعر الأخلاقية، وفقًا لوجهة النظر هذه يقيّم الأشخاص المتواضعين أنفسهم بالنسبة إلى المثل الأعلى ولكنهم يقيّمون الآخرين بالنسبة إلى المعايير العملية، لذلك يعتقد الأشخاص المتواضعين عن حق في أنفسهم على أنهم ليسوا جيدين جدًا، ويمكن أن يفكروا بحق في الآخرين على أنهم جيدون.

النوع الثالث من حسابات الدقة القوية للتواضع يتطلب دقة حول كل من صفاتنا الجيدة وكيفية تلقي الآخرين لتلك الصفات، حيث يطلب من الشخص المتواضع أن يقر بشرعية المعايير العامة وأن قيمته لم يتم تحديدها بالكامل من قبلهم، على الرغم من أنها تتطلب أيضًا ميولًا لتعزيز رفاهية الآخرين، إلا أنها متجذرة في الفهم الدقيق للذات ومكانة الفرد في العالم الاجتماعي.

وفي النهاية يمكن التلخيص أن:

1- حسابات التواضع في علم النفس تتمثل بأهم النظريات الإيجابية والسلبية للشخص المتواضع.

2- يمكن حساب التواضع من حيث جهل الفرد بمهاراته وقيمه وينظر لغيره كأفضل منه.

3- يمكن حساب التواضع بشكل أكثر دقة وقوة من حيث رؤية الفرد لمهاراته واستخدامها بشكل سليم وواقعي.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: