طرق البحث في علم النفس المعرفي

اقرأ في هذا المقال


في علم النفس المعرفي تم تطوير الأساليب التي يستخدمها علماء النفس المعرفي لفصل العمليات العقلية بشكل تجريبي، في البداية تجدر الإشارة إلى أن علماء النفس المعرفي يعتمدون بشكل كبير على الطريقة التجريبية؛ حيث يتم التلاعب بالمتغيرات المستقلة ويتم قياس المتغيرات التابعة لتوفير رؤى حول العمارة المعرفية، من أجل التقييم الإحصائي لنتائج مثل هذه التجارب يعتمد الباحثون الإدراكيون على اختبار الفرضية القياسي مع الإحصاءات الاستدلالية؛ مثل تحليلات التباين لتقديم تقديرات لاحتمالية حدوث نمط معين من النتائج إذا كانت تحدث فقط عن طريق الصدفة.

طرق البحث في علم النفس المعرفي:

تعتمد الأدوات المنهجية التي يستخدمها علماء النفس المعرفي في جزء كبير منها على مجال الدراسة، بالتالي سنعرض لمحة عامة عن الأساليب المستخدمة في عدد من المجالات المميزة بما في ذلك الإدراك والذاكرة والانتباه ومعالجة اللغة إلى جانب بعض المناقشات حول الأساليب التي تتقاطع مع هذه المجالات:

طرق الإدراك الحسي:

خلال المرحلة الأولى من معالجة التحفيز، يقوم الفرد بتشفير أو إدراك الحافز، يمكن النظر إلى الترميز على أنه عملية ترجمة الطاقة الحسية للمنبهات إلى نمط ذي معنى، مع ذلك قبل أن يتم تشفير الحافز يلزم الحد الأدنى أو الحد الأدنى من الطاقة الحسية لاكتشاف هذا التحفيز، في علم النفس الفيزيائي تم استخدام طريقة الحدود وطريقة المنبهات الثابتة لتحديد العتبات الحسية، تتقارب طريقة الحدود مع العتبات الحسية باستخدام شدة المنبهات الفرعية والعليا؛ من نقاط الربط هذه تزداد شدة المنبه أو تنقص تدريجيًا حتى تصل إلى عتبة الحسية ويمكن للمشارك اكتشافها.
فى المقابل تتقارب طريقة المنبهات الثابتة على عتبة حسية باستخدام سلسلة من التجارب التي يقرر فيها المشاركون ما إذا كان قد تم تقديم المنبه أم لا، كما يغير المجرب شدة التحفيز، عند العتبة الحسية يحظى المشاركون بفرصة التمييز بين وجود الحافز وغيابه؛ على الرغم من أهمية إجراءات العتبة الحسية، إلا أن هذه الأساليب تفشل في التعرف على دور العوامل غير الحسية في معالجة التحفيز، هكذا تم تطوير نظرية الكشف عن الإشارة لمراعاة تحيزات الفرد في الاستجابة لإشارة معينة في سياق معين.
الفكرة هي أن المنبهات المستهدفة تنتج بعض الإشارات التي تكون متاحة دائماً في خلفية ضوضاء، كما أنّ مردود الزيارات والرفض الصحيح؛ أي الاستجابة بشكل صحيح “غائب” عندما لا يكون المنبه المقدمة، تعديل احتمالية إبلاغ الفرد بوجود الحافز أو غيابه، أحد الأمثلة على ذلك كان مشغل السونار في غواصة تسمع إشارات يمكن تفسيرها على أنها سفينة معادية أو ضوضاء في الخلفية.
نظراً لأنه من المهم جداً اكتشاف إشارة في هذه الحالة، فقد يكون مشغل السونار متحيز ليقول “نعم” توجد سفينة أخرى، حتى عندما تكون شدة التحفيز منخفضة جداً ويمكن أن تكون مجرد ضوضاء في الخلفية، لن يؤدي هذا التحيز إلى احتمالية إصابة عالية فحسب بل سيؤدي إلى احتمال كبير للإنذار الخاطئ؛ أي الإبلاغ غير الصحيح عن وجود سفينة عندما يكون هناك ضوضاء فقط، تسمح نظرية الكشف عن الإشارة للباحثين باستبعاد الحساسية التي يتمتع بها المشارك في التمييز بين توزيعات الإشارة والإشارة بالإضافة إلى الضوضاء وأي تحيز قد يجلبه الفرد إلى موقف اتخاذ القرار.
تم استخدام نظرية كشف الإشارة لتوضيح الأدوار المستقلة لقوة الإشارة وتحيز الاستجابة ليس فقط في التجارب الإدراكية، لكن أيضاً في مجالات أخرى مثل الذاكرة واتخاذ القرار، تمشياً مع التمييز بين الحساسية والتحيز، فقد ثبت أن المتغيرات مثل دافع الموضوع ونسبة تجارب الإشارة تؤثر على موضع معيار القرار ولكن ليس المسافة بين توزيعات الإشارة والضوضاء على مقياس الطاقة الحسية.

طرق الذاكرة:

كانت إحدى الدراسات الأولى الخاصة بالإدراك البشري هي عمل Ebbinghaus الذي أظهر أنه يمكن للمرء أن يبحث تجريبياً عن جوانب متميزة من الذاكرة، إحدى الطرق التي طورها Ebbinghaus كانت تقنية التوفير في التعلم؛ حيث درس قوائم المقاطع غير المنطقية لمعيار التلاوة المثالية، تم تعريف الذاكرة على أنها تقليل عدد التجارب اللازمة لإعادة تعلم قائمة تتعلق بعدد التجارب اللازمة لتعلم القائمة أولاً؛ منذ عمل Ebbinghaus، حدث تطور كبير في الأساليب المستخدمة لدراسة الذاكرة.
غالباً يحاول الباحثون التمييز بين ثلاثة جوانب مختلفة للذاكرة؛ الترميز (التخزين الأولي للمعلومات) والاحتفاظ (التأخير بين التخزين واستخدام المعلومات) والاسترجاع (الوصول إلى المعلومات المخزنة مسبقاً)؛ على سبيل المثال تتمثل إحدى طرق التحقيق في عمليات الترميز في معالجة توقعات المشاركين، في مهمة الذاكرة المقصودة يتم إخبار المشاركين صراحة أنهم سيحصلون على اختبار للذاكرة، في المقابل أثناء اختبار الذاكرة العرضي يتم إعطاء المشاركين مهمة ثانوية قد تختلف فيما يتعلق بأنواع العمليات المشاركة.
هناك فئتان عامتان من الأساليب المستخدمة في أبحاث الذاكرة للاستفادة من عمليات الاسترجاع، في اختبار ذاكرة صريح يُعرض على المشاركين قائمة بالمواد خلال مرحلة الترميز، في وقت لاحق يتم إعطاؤهم اختبار يُطلب منهم فيه استرداد المواد المقدمة سابقاً، هناك مقاييس شائعة للذاكرة الصريحة؛ الاستدعاء والاعتراف، أثناء اختبار الاستدعاء يحاول المشاركون تذكر المواد المقدمة مسبقاً إما بالترتيب الذي قُدمت به (الاستدعاء التسلسلي) أو بأي ترتيب (استدعاء مجاني).
غالباً ما يقارن الباحثون ترتيب المعلومات أثناء الاستدعاء بالترتيب الأولي للعرض التقديمي، كذلك الاستراتيجيات التنظيمية التي يستدعيها الأفراد أثناء عملية الاسترجاع؛ من أجل التحقيق في المواد الأكثر تعقيد مثل القصص ومعالجة الخطاب، يقوم الباحثون أحياناً بقياس البنية المقترحة للمعلومات المسترجعة، الفكرة هي أنه لفهم قصة ما يعتمد الأفراد على شبكة من الافتراضات المترابطة؛ الاقتراح هو تمثيل مرن للجملة التي تحتوي على المسند من خلال النظر في استدعاء المقترحات.

طرق الكرونومتر:

بالإضافة إلى الاعتماد على التجارب للتمييز بين العمليات العقلية، حاول علماء النفس المعرفي تقديم معلومات تتعلق بسرعة العمليات العقلية، من المثير للاهتمام أن هذا العمل بدأ منذ أكثر من قرن من الزمان بعمل Donders الذي كان أول من استخدم أوقات رد الفعل لقياس سرعة العمليات العقلية، في محاولة لعزل سرعة العمليات العقلية طور Donders مجموعة من مهام وقت الاستجابة التي قد تبدو مختلفة فقط في مكون بسيط من المعالجة.
أشار ستيرنبرغ إلى أن افتراضات الإدراج الصافية للعوامل الطرحية لها بعض الصعوبات الكامنة؛ على سبيل المثال من الممكن أن تتغير سرعة عملية معينة عند اقترانها بعمليات أخرى، لذلك لا يمكن للمرء تقديم تقدير خالص لسرعة عملية معينة، كبديل قدم ستيرنبرغ منطق العوامل المضافة؛ وفقاً لمنطق العوامل المضافة إذا كانت المهمة تحتوي على عمليات مميزة، فيجب أن تكون هناك متغيرات تؤثر بشكل انتقائي على سرعة كل عملية.
لسوء الحظ حتى منطق العوامل المضافة يواجه بعض الصعوبات، على وجه التحديد يعمل منطق العوامل المضافة إذا افترض المرء نموذج تسلسلي منفصل لمعالجة المعلومات؛ حيث لا يتم تمرير ناتج مرحلة المعالجة إلى المرحلة التالية حتى تكتمل تلك المرحلة، مع ذلك هناك فئة ثانية من النماذج تفترض أن ناتج مرحلة معينة يمكن أن يبدأ في التأثير على المرحلة التالية من المعالجة قبل الإكمال، تسمى هذه النماذج المتتالية لالتقاط فكرة أن تدفق العمليات العقلية مثل التدفق فوق أحجار متعددة، يمكن أن يحدث في وقت واحد عبر مراحل متعددة.
لا يمكن للمرء أن يأخذ في الاعتبار مقاييس وقت رد الفعل دون النظر في الدقة؛ لأن هناك مفاضلة متأصلة بين السرعة والدقة؛ على وجه التحديد تكون معظم السلوكيات أقل دقة عند إكمالها بسرعة كبيرة؛ يحاول معظم باحثي الكرونومتر التأكد من أن الدقة عالية جداً وغالباً ما تكون أعلى من 90٪، بالتالي تقليل القلق بشأن الدقة، مع ذلك طور Pachella وظيفة مقايضة دقة السرعة المثالية التي توفر تقديرات للتغيرات في السرعة عبر الظروف وكيف يمكن أن ترتبط هذه التغييرات بالتغيرات في الدقة.

مقاييس نشاط الدماغ:

مع التطور التقني المتزايد من علوم الأعصاب، كان هناك تدفق للدراسات التي تقيس ارتباطات النشاط العقلي في الدماغ، على الرغم من توفر طرق أخرى سنراجع فقط الطرق الثلاثة الأكثر شيوعاً، الأول هو طريقة الجهد المستحث، في هذه الطريقة يقيس الباحث النشاط الكهربائي لأنظمة الخلايا العصبية أي موجات الدماغ، حيث يشارك الفرد في بعض المهام المعرفية هذا الإجراء له دقة زمنية ممتازة ولكن الموقع المحدد في الدماغ الذي ينتج النشاط يمكن أن يكون ملتبس نسبياً.
يعد التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني من الأساليب التي تتميز بدقة مكانية أفضل بكثير، في هذا النهج يتلقى الفرد حقنة من نظير مشع يصدر إشارات يتم قياسها بواسطة ماسح ضوئي، الفكرة هي أنه سيكون هناك زيادة في تدفق الدم إلى أكثر المناطق نشاط في الدماغ، بهذه الطريقة يمكن عزل العمليات المعرفية عن طريق قياس نشاط الدماغ تحت متطلبات مهمة محددة، عادةً ما تتضمن هذه الفحوصات حوالي دقيقة من بعض أشكال المعالجة المعرفية والتي تتم مقارنتها بعمليات المسح الأخرى التي تتضمن بعض العمليات المعرفية الأخرى.
النهج الثالث الأكثر حداثة هو التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، هذا الإجراء أقل توغل لأنه لا يتضمن حقنة مشعة، علاوة على ذلك تم إحراز بعض التقدم في هذا المجال، مما يشير إلى أنه يمكن للمرء أن ينظر إلى دقة زمنية أكثر دقة في التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، على الأقل مقارنة بتقنيات التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، في نهاية المطاف قد يوفر زواج الإشارات المحتملة وإشارات الرنين المغناطيسي الوظيفي الاستبانة الزمنية والمكانية اللازمة للإشارات العصبية التي تكمن وراء العمليات الإدراكية.

المصدر: علم النفس، محمد حسن غانمعلم النفس المعرفي، عدنان يوسف العتومعلم النفس المعرفي، عماد عبد الرحيم الزغولعلم النفس المعرفي، حسام الدين أبو الحسن


شارك المقالة: