علاقة العجز المتعلم بالتوازن الانفعالي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يمر الإنسان بالعديد من التجارب والخبرات في الحياة اليومية، من هذه التجارب والأحداث ما يكون سيء ويفوق قدرة الفرد على التحمل، ومنها اهتم علماء النفس في البحوث النفسية التجريبية ما يعرف بالعجز المتعلم الذي يوضح تأثير هذه الأحداث والتجارب على نفسية الفرد مما يجعله غير قادر على السيطرة ورفع الراية البيضاء للاستسلام.

ما هو العجز المتعلم في علم النفس

يحدث العجز المتعلم في علم النفس عندما يواجه الفرد بشكل مستمر لمواقف سلبية لا يستطيع الهروب منها، وفي النهاية سيتوقف هذا الفرد عن محاولة مواجهتها ويتصرف كما لو كان غير قادر تمامًا عن تغيير الموقف، حتى عندما يتم تقديم فرص الهروب، فإن هذا العجز المتعلم سيمنع أي إجراء، في حين أن المفهوم مرتبط بشدة بعلم نفس وسلوك الحيوان، إلا أنه يمكن أن ينطبق أيضًا على العديد من المواقف التي تشمل البشر.

عندما يرى الأفراد أنه ليس لديهم تحكم بالوضع الحالي لهم بعد التعرض لنفس المواقف السلبية، فقد يبدأون بسلوكيات لا حول لها ولا قوة، وهذا الكسل والخمول عن الأداء والإنجاز المطلوب من الفرد يمكن أن يدفع الأفراد إلى التغاضي عن فرص المساعدة أو التحول للأفضل.

العجز المتعلم في علم النفس هو حالة تحصل بعد تعرض الفرد لموقف سلبي مجهد بشكل مستمر، أي أن الشخص يعتقد أنه غير قادر على التحكم في الموقف أو تغييره، لذا فهذا الفرد لا يحاول بالأساس حتى عندما تتاح فرص التحسين، حيث تم وضع مفهوم العجز المتعلم من قبل علماء النفس بعد العديد من البحوث النفسية التجريبية على الحيوانات، واقترحوا أن نتائجهم يمكن أن تنطبق على الإنسان.

علاقة العجز المتعلم بالتوازن الانفعالي في علم النفس

وفقًا لعلم النفس يحصل العجز المتعلم عندما يتعرض فرد ما تجارب متنوعة ذات صعوبة لا يمكن التحم بها بشكل مباشر ومستمر، ثم لا يتعود على التقاعس في عدم التحكم والسيطرة، حيث أن هؤلاء الأفراد تعلموا أنهم عاجزين في هذا الموقف ولم يعودوا يحاولون تغييره، حتى عندما يكون التغيير ممكنًا، وبمجرد أن يجد الفرد الذي لديه هذه الخبرة والموقف أنه لا يستطيع التحكم في الأحداث من حوله، فإنه يودع الدافع الانفعالي لها، حتى إذا ظهرت احتمالات تسمح للشخص بتحسين ظروفه فإنه لا يتخذ أي قرار.

غالبًا ما يكون الأفراد الذين يشتكون من العجز المتعلم أقل قدرة على صنع واتخاذ القرارات، ويمكن للعجز المتعلم أن يزيد من خطر الوصول للاكتئاب، حيث قام عالم النفس البروفيسور مارتن سيليجمان بتحديد العجز المتعلم، بتفصيل ثلاث سمات انفعالية رئيسية تتمثل بما يلي:

  • أن يصبح الفرد سلبيًا في مواجهة المواقف السلبية ذات الصدمة.
  • صعوبة فهم أن ردود الأفعال يمكن أن تتحكم في المواقف الاجتماعية السيئة.
  • يمكن أن تزيد في درجات القلق.

يرتبط العجز المتعلم بالاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة ومشاكل صحية انفعالية نفسية أخرى، حيث تشير الأبحاث إلى أنه يزيد من مشاعر التوتر والقلق والاكتئاب لدى كل من البشر والحيوانات، وتشير إحدى الدراسات في البحث النفسي على سبيل المثال إلى أن العجز المتعلم قد يزيد من خطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة واضطراب الاكتئاب الشديد لدى النساء اللاتي عشن مع العنف المنزلي لفترة طويلة.

العجز المتعلم عند البالغين في علم النفس

يعد البالغين والعجز المتعلم كفرد لا يستعمل أو يتعلم ردود الفعل التوافقية للحوادث الصعبة، حيث يتقبل الأشخاص في هذه الحالة عادةً حدوث أشياء سيئة وأنهم لا يملكون سوى القليل من السيطرة عليها، حيث إنهم غير ناجحين في حل المشكلات حتى عندما يكون هناك حل محتمل.

قد يؤدي الاستمرار في التدخين على الرغم من المحاولات العديدة للإقلاع عن التدخين إلى اعتقاد الشخص بأنه سيكون دائمًا مدخنًا عند البالغين، وقد يؤدي عدم القدرة على إنقاص الوزن بعد إجراء تغييرات مختلفة في النظام الغذائي أو نمط الحياة إلى اعتقاد الشخص بأنه لن يحدث أبدًا والتخلي عن المحاولة.

في كثير من الأحيان يبدأ العجز المتعلم في مرحلة الطفولة حيث أنه عندما لا يستجيب المسؤولين عن الطفل بشكل سليم لاحتياجات الطفل للمساعدة، فقد يتعلم الطفل أنه لا يمكنه تحسين ما هو عليه، وإذا حدث هذا باستمرار فقد يستمر مفهوم العجز المتعلم حتى مرحلة البلوغ.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: