علاقة المراهق بالأهل

اقرأ في هذا المقال


التوتر في علاقة المراهق مع عائلته

تنتاب علاقة المُراهق مع أهلِه بالتوتر بين الحِين والآخَر نظراً للتغُّيرات الجسديّة والنفسيةّ والفكريّة التي يمرُّ بها في هذهِ المرحَلة، قد يزداد هذا التّوتر في العلاقةِ ويصِل غالباً إلى حدّ القطيعة بين المُراهقين وآبائِهم وأمهاتهِم، يرى عُلماء النّفس أنّ ازدِياد صُعوبة التّواصل بين الأَهل والمُراهق سبب نموّه السّريع، فالمراهق لديه الحريّة والقُدرة على الاهتمام بشؤُونه الخاصّة، القيام بالأُمور التي لم يكُن يستطيع القِيام بِها عندما كان طِفلاً، العلاقات السّليمة مع الأَهل تُشغل مكانَاً مُهماً، إذ يجب على المُراهق معرِفة كيفيّة التّعامل معها، على الأهل أن يتقبَّلوا المُراهق ويتعاملوا معهُ بالشّكل الصّحيح.

أنواع العائلات وأشكال السلطة فيها على المراهق

  • المنزل النابذ: يتصف هذا المنزل بانعِدام التّكيف والصِّراع والمُشاجرات والاستِياء بين الأب والأُم و بين الأبناء، يفتقر بدرجةٍ كبيرة إلى العلاقاتِ الاجتماعيّة الطيبة سواء بين أفراد الأُسرة و بين الأُسرة والعَالم الخارجيّ، حياة المُراهق في هذا المنزل أنّ اهتماماته ورغباتُه تُعد غير هامّة، عندما يسعى لإثارة انتباه والِديه أو يُحاول إثبات ذاتِه، مع كلِّ هذا لا يُحاول الوالِدين أن يفهموا ولدهم المُراهق والعطف عليه لأنّه غير مرغوب فيه، أمّا السُّلطة السّائدة في مثلِ هذا المنزِل فيكونُ في الغالِب نمطاً استبدادِياً.
  • المنزل الديمقراطي: هذا النّمط يُعد عامِلاً هامّاً من عوامِل تكيُّف المُراهق ونموّه السّليم، حين تقوُم السّلطة فيه على الحُريّة الديمقراطيّة فالأبوان يحترِمان فردّية المُراهق، لايستخدِمان القسر والتّعسُّف، من أجل فُرض سُلطتهم وهذا ما يُساعد على نموّ الاستقلاليّة، الاعتماد على النّفس، أمّا الوسائِل التي يعتمِد عليها هذا المنزِل لتحقيق الدّيمقراطية بين أفراد جماعتِه فهي:‏ احترام شخصيّة المُراهق في المنزل، العمل على تنمِية شخصيّته، اعطاء المُراهق الحريّة في التفكيّر والتّعبير.
  • المنزل المُتساهل: نمط هذا المنزل يوفّر للمُراهق الشّعور بالأمن، يخلق شُروطاً مُناسبة تدفع بهِ نحو الاستقلالِ والتّحرُّر التّدريجي، لكنّ التّسامح يجب أن لايتحَوّل إلى تُساهل واستِهتار، الحماية الزائدة؛ لأنّ هذا يؤدّي إلى عكس النّتائج المرجُوّة منِ التّسامح.

مشاكل الأهل في مرحلة المراهقة

  • الخوف الزائد على الأبناء: يصبح الأهل أشد خوفاً في هذه المرحلة، أكثر حمايةً لهم، خصوصاً أنّ المُراهقين يتعرَّضون للعديد من التّجارب، يقعوُن في المشاكِل بصورةٍ مُستمرة، من هُنا يُصبح خوف الأَهل أكبر، ممّا يُشكّل مُشكلة حقيقيّة على صعيدِ العلاقة التي تجمَع بين الأَهل والأَبناء المُراهقين. 
  • سوء التواصل مع المراهقين: خصوصاً وأنّ الكثيرين منهمُ يعتبِرون أنّ المُراهقين لا يزالوُن صِغار السنّ، الأَمر الذي يدفعُهم إلى التّعامل معهُم على أنّهم أولاد ويجِب رِعايتهم بشدّة، منعُهم عن الكثيِر من الأُمور التي تعُتبر مضرَّة لهُم. في هذا الإطار يغيبُ الحِوار بينهم ممّا يؤُدّي إلى مشاكِل كَبيرة
  • الحرية الكاملة للأبناء: يسعى المُراهق في هذه المرحلة إلى الحُصولِ على الحريَّة الكامِلة للقِيام بكلِّ ما يريد، لكنّ الأهل يمتنِعون في كثيرٍ من الأحيان عن منحِ أبنائِهم المُراهقين هذه الحريّة، خُصوصاً حرية التنقّل والسّهر والخُروج برفقةِ الأصدقاء، هذه الأُمور تُعتبر بالنّسبة إلى الأهل من الممنُوعات بشكلٍ كبير، لكنّهم يقدِّمون للمُراهقين الحريّة بطريقة مُتدرِّجة ليحصُلوا عليها بالكامِل في سنِّ الشّباب. 
  • عدم مسؤولية المراهقين: حيث إنَّ الكثيرين منهُم لا يصغوُنَ إلى أهلهِم، لا يريدون القِيام بما يطلُبه الأهل مِنهم، لا يعرفون كيفيّة تدبيرِ أُمورهم بأنفُسهم، هذا يَنمِّ عن عدمِ مسؤُوليّة المُراهقين حِيال الواجِبات الأُسرية والفرديّة والمدرسيّة وغيرِها من الأُمور التي يجِب أن يتنبَّهوا إِليها.

الأخطاء التي يرتكبها المراهق بحق الأهل

  •   عصيان الأوامر وعدم اتباع التعليمات: يعتقِد الكثيِر مِن الأَبناء أنّ عِصيان الأوامِر، يدُل على قوّة الشخصيّة، لكن الأمر مُختلف تماماً عن ذلك. ينبغي على جميعِ الأبناء طاعةُ أوامِر الأهل، التّصرف بالطّريقة التي يتوقّعونها منِهم، دون أن يطلُب الأَهل ذلِك، لا تجعلهُم يذكِّرونكَ بشكلٍ متُكرر بما ينبغي عليك فِعله، لأنَّ الأَمر سيُصبح مُزعجاً بالنِّسبة لك.
  • التذمُّر أو الشكوى عند القيام بالواجبات المنزلية: كلّما شعرتَ بالتّذمر أو الغَضب حيال قِيامك بالأعمال المنزليّة، تذكَّر أنّه من الرائِع أن يكونَ لديك عائلِة، منزل، ملابس، مواد غذائيّة، ماء، ضوء كهربائيّ وتدفئِة في عالمٍ يُعاني فيهِ الملايين من المُراهقين من عدم ِامتلاكِهم لهذهِ الأَشياء.
  •  اتهامهم بالظلم وعدم الإنصاف: رُبَّما تعتقد أنّ ما يطلُبونه مِنك ليس عادلِاً، قد يكوُن الحقّ معك، لكِن لا تتعامَل مع الموقِف بتهور وتتهمهم بالظلم، فقط قُم أوّلاً بتنفيذِ  كل ما طلبوه مِنك، بعد إظهارِك لسُلوكك المُطيع، اسألهم عمّا إذا كانَ بإمكانِك التّحدث معهُم حِيال الأمر، قُم بِشرح وِجهة نظرِك، حاول أن تتفهم أسبابهم.
  • عدم الاعتذار عند ارتكاب الأخطاء: من أكثرِ الأشياء التي تجعَل الآباء والأُمهات يشعرُون بالاستيِاء، عدم الاعتِذار عند ارتِكاب الأخطاء، عندما ترتكِب خطأ ما، تخذِلهم لأيّ سببٍ كان، بسهولةٍ شديدة اعتذَر لهُم بصِدق، من خِلال استخدام الكلِمات.
  • مناداتهم بلا ألقاب أو بطريقة غير لائقة: احرِص على مُناداتهم بشكلٍ لائِق باستِخدام الألقاب التي تدُل على الحُب والاحتِرام، لا تدع الآخرين يضغطُون عليكَ لتُناديهما دونَ احتِرام، كما لو كانَت مُناداتك لهما بِأبي وأُمي، استخدام الألقاب التي تدل على المودّة الحقيقيّة.
  •  الامتناع عن شكرهم: احرِص على الاعتِراف بفضلِهم عليك، استخدم كلمات الشّكر، ينبغي عليك أن تشكُرهم في كلِّ مرّة يقوموُن بالأشياء العاديّة التي تعتبِرها أُموراً مسلَّماً بها، لا تُفكِّر في أنَّ ما يقُومون بِه من أجلك.
  • السخرية من الأهل: للأَسف يسخرُ عدد كبير من الأَبناء من آبائِهم وأُمهاتهم، ربما لطريقةِ تفكيرهِم القديمة أو لِعدم مُواكبتهم لتطوّرات العصر وما إلى ذلِك، إلَّا أنّ هذا التّصرف قد يجرح شُعورهم كثيراً، لذا تجنّب السُّخرية من عائِلتك وحاوِل إسعادها.
  •  الابتعاد عن العائلة وعدم الرغبة في قضاء الوقت معهم: لا تجعَل الأصدقاء هُم خيارك الأوّل والأخير، عندما تُريد أن تشكوُ من مُشكلة ما أو تخرج في نزهةٍ ما، خصِّص وقتاً لعائِلتك.
  • عدم العودة للمنزل في الوقت المحدَّد: يجب أن تعُود إلى المنزل في الوقتِ المُتفق عليه، إذا كان هُناك شيء منعك من العودةِ في الوقتِ المُحدَّد، قم بالاتصال بِهما واشرح لهُما الأمر.
  • الكذب: قُل الحقيقة دائِماً، حتى يمنحوك المزيد من الثِّقة والحُريَّة كلّما تقدّمت في العُمر.

لماذا لا يبدي المراهقون الاحترام الكلي للأهل

قلة الاحترام مسألة مُزعجة للأهل ومخيّبة للآمال، بإمكان الأهل مُنذ سن المراهقة الأُولى أن يعملوا على إنشاءِ علاقةٍ بينهم وبين المُراهق مبنيّة على الاحتِرام المُتبادل، ذلك لسببين الأول هو أنّ للولد المُراهق كيانهُ الشخصيّ المُستقل، إنّ أخذ الأهل هذهِ النّقطة بعينِ الاعتبار، سيبادُلهم ابنُهم أو ابنتِهم بالمِثل مُعتبراً كيانهُما الخاص والمُختلف عن كيانِه هو، السّبب الثاني هو العلاقة هذه ومحرّكها ينبغي أن ينموُ من داخِل القلب ولا يتأثّر كثيراً بالظّروف الخارجيّة، فمُزاج المُراهق هو في حالةِ تغيّر مُستمر، من المُخزي أن يكون تجاوُب الأهل مع ابنهِم أو ابنتِهم مُتقلّباً دوماً مع تقلُّب مزاج المُراهق، إذ يجِب بالأحرى أن يكون ثابِتاً قدر الإِمكان.

 أثر رفض وتقبل الأهل للمراهق

إنّ تقبُّل الوالدين للمُراهق أو رفضُهم له، يُؤثر بشكلٍ كبير على شخصيّته، حيث يُعتبر تقبّل النّاشئ ضروريّ جداً لنموِّ ذاتِه وشخصيّته، لكنُّه لا يعالج مشاكل المُراهقين كلها، فالكثير من الأهل يرغبُون في تقبّل النّاشئ لكنّهم يجهلُون كيف يحقّقونه، ينتج عن جهلهِم أُسلوب الوقاية المُفرطة أو التّدليل المُفرط اللذان يُعبِّران في جوهرِهما عن تسلُّط أعمى، إنّ رفض الوالِدين للناشِئ يُعرقل عمليّة النّمو وقد يقضِي على تطلُّعات النّاشئ ومطامِحه الشّخصية، للرّفض أكثر من سبيِل، أخطرُها التّدليل المُفرط الذي يُعيق تصحيح أخطاءِ النّاشئ، يؤدِّي بالنّتيجة إلى خُضوع الوالدين لِنزوات طِفلهما المُدلل.

اقتراحات لتوفر الاحترام والمحافظة عليه للمراهق

  • استمع للمراهق بتركيز وانتباه.
  • تفهّم عالم المُراهقين فمِن شأن هذا أن يُساعدك كثيراً.
  • افسِح المجال أمام الاختلافات في الرأي.
  • سلّم ابنك المُراهق للعنِاية الإلهيّة، افسح لهُ المجال ليختبِر الحياة بحُلْوِها ومُرِّها.
  • احترِم نفسك ليحترِمك ابنك أمامَ الآخرين.
  • إنّ اختبار غُفران الله ومحبتهِ، يُسهّل على الأًهل أن يغفِروا زلّاتِ أولادهم ويحبوهم مهما كلّف الأَمر.

مواجهة الأهل للعنف الذي يظهره المراهق

  • تحلّوا ببروُدة الأعصاب والصّبر ومُواجهة غضبه بالكثيرِ من الهدوءِ.
  • الوصول إلى حلِّ المُشكلة عبرَ عقدِ اتفاق، يجعل الأَهل على علمٍ بما يحدُث باستمرار.
  • التكلُّم معه باختِصار عن تصرّفهِ الخاطِئ وأسبابِه و ذلك بعد تهدِئة روعته.
  • عدم تعظيِم الأُمور وطمأَنته باستِمرار، فيتمثّل بِهدوء الأَهل وطريقتِهم في إيجاد الحُلول المُناسبة للمُشكلات مهما كانت.

إرشادات عامة للأهل في تعاملهم مع المراهق

  • على الأهل تذكّر مراهقتهم وما مروا به من مشاعرمتغيّرة: من عصبيّة وخوُف، لذا فابنهم المُراهق بحاجة إلى اهتمامِهم ومُساندتهم في جوٍ من الإيجابيّة والتّوازن.
  • الهدف من العلاقة مع المراهق هو مساعدته على تخطّي أزمته: صحيح أنّ المُشكلة لن تحل نِهائياً، لكِن الوُقوف بجانبِه يُخفّف من حِدّة هذه المرحلة وخُطورتها.
  • الصراحة و التحدث إلى المراهق عن اهتماماته عمَّا يتعلّق بالأُمور الجنسيّة ومُشاركته الخِبرات الحياتيّة، إعطاؤه الأمثلة دونَ إسداء النّصائح والمواعِظ المُباشرة وقول الحَقيقة فهي الأكثرُ إقناعاً وتُغنيه عن التّفتيش عنها في الخارِج.
  • الاحتفاظ بصورة السلطة لا الصورة المتسلّطة. يعني اللّجوء إلى الشدَّة من دونِ عُنف، اللين من غيرِ ضعف، وضع قوانين واضِحة وحازِمة.
  • الحوار: يكون بالتركيز على النّقاط الإيجابيّة لدى المُراهق، ممَّا يحفِّز المُراهق على القِيام بما يطلب منه وتشجعهُ على التقدُّم إلى الأَمام.
  • احترام خصوصية المراهق: عن طريق تجنُّب التدخُّل في كلِّ شيء، من خِلال الحِفاظ على المسافةِ المُناسبة، كي تبقى علاقةُ الثّقة بين الأَهل والمُراهق قويّة.
  • انتقاد التصرّف الخاطئ لا شخصيّة المراهق: عن طريق مُناقشة أخطائه على انفِراد وبهدوء.
  • تشجيعه على القيام بنشاطات رياضية أو فنّية: فهذا يُساعده كثيراً على إِخراج الطّاقة التي بِداخله وتحويلهُا إلى شيءٍ راقٍ وسامٍ.
  • تشجيعه على بناءعلاقات صادقة: إنَّ طريق الاحترام المتبادل والتسامح و تقبّل الآخرين ضمن المجموعات.
  • الاستماع إليه: فهذا يُشعره بأنّ أهلهُ حاضِرون لمُساندته واستيعابِه، شرح التغيَّرات التي يعيشُها، إظهار التفهُّم لما يمرُّ به و التّأكيد لهُ أنّه شيءٌ طبيعي سوفَ يتخطّاه.

شارك المقالة: