علاقة علم النفس بالعلوم الأخرى

اقرأ في هذا المقال


يهتم علم النفس بدراسة السلوكات والعقل، فالعقل ظاهرة أساسية لطائفة من الكائنات الحية وعليه تتوقف مقدمتها على التكيف للبيئة، فالتكيف الذي يحدث بين الكائن الحي وبيئته هو أساس دراسة علم الحياة، قد استفاد علم النفس من علم الحياة في دراسة نظرية التطور ودراسة التشريح وعلم وظائف الأعضاء، يعد علم النفس علم وصفي تقديري يصف السلوك ويفسره على ماهر عليه، كما لا يضع معايير للسلوك والتفكير والتذوق كما تفعل علوم المنطق والأخلاق والجمال.

علاقة علم النفس بالعلوم الأخرى:

لا يعتبر علم النفس من العلوم التي تنفصل عن العلوم الأخرى في تفسيره للسلوك الإنساني والظواهر النفسية المختلفة، إلا أنه يحاول أن يستفيد من كل منها، كما أنه يتأثر بالمبادئ والأساليب والطرق التي تستخدم في كل منها، يوجد صلة قوية تربط علم النفس بطريقة مباشرة وأحياناً غير مباشرة بمختلف علوم المعرفة الطبيعية منها الاجتماعية والإنسانية.

علم النفس وعلم الوراثة:

يساهم علم الوراثة في معرفة ماضي الفرد وتأثيره على حاضره ومستقبله، فسلوك الفرد يتأثر بشكل ما ما على ما ورثه من آبائه وأجداده، هذا يحتاج لدراسة العوامل الوراثية الخاصة بالمجتمع والبيئة التي يعيش فيها؛ فالعمليات العقلية والحالات الانفعالية جميعها استعدادات وراثية فطرية، فلا شك أنّ سلوك أفراد المجتمع تنتج عن وراثة هذه العمليات والانفعالات.

علم النفس وعلم الطب والتشريح:

لا يمكن أن ندرس النفس إلا من خلال التعرّف على الجسم وأخذه بعين الاعتبار، فالجسم الصحيح يُظهر أفعال نفسية سليمة، بينما المرض فيميل لإظهار النفس بمظهر مختلف، يقوم علم النفس بوحدة النفس والجسم وبتعاونهما معاً في إصدر السلوك، كما يؤكد على أنه لا بدّ في دراسة النفس من دراسة الجسم والتعرف على الحواس المتعددة والجهاز العصبي والجهاز الغدي؛ مما يلقي الضوء على الظاهرة السلوكية.

علم النفس وعلم وظائف الأعضاء:

يعتبر علم النفس أحد الأجزاء التي لا يمكن تجزيئها عن الفسيولوجيا، فإذا كانت الفسيولوجيا تقوم بدراسة وظيفة كل عضو من الأعضاء، فإن علم النفس يركّز بالدراسة الكلية الإجمالية على هذه الأعضاء في علاقتها ببعضها، يتضح ذلك بشكل كبير في دراسة الانفعالات وكيف أنّ وظائف الأعضاء تؤثر على حالة الإنسان النفسية، كذلك كيفية تأثير الحالة النفسية للإنسان على هذه الأعضاء والتغيرات الفسيولوجية الناتجة عنها.
إنّ تغيّر مستوى الهرمونات التي تفرزها الغدد الصماء بشكل ناقص أو زائد، فلا شك أنها تُحدث آثار نفسية كثيرة أثبتتها التجارب والبحوث، كما أنّ انفعالات الغضب والخوف وغيرها تؤدي لحدوث تغيرات فسيولوجية في الأعضاء سواء في ضغط الدم أو القلب أو الغدة الدرقية، لا شك أنه لا يجوز لعلم النفس أن يفصل الفسيولوجيا إذا أراد فهماً أفضل للإنسان ككل متكامل.

العلاقة بين علم النفس والتربية:

يوجد علاقة تتصف بالتكامل والقوة بين علم النفس والتربية وخصوصاً أنّ المجالات الخاصة بهما هو الإنسان، كما أنّ الهدف هو نمو الإنسان والارتقاء به وجعله أكثر توافق وتكيف مع نفسه والآخرين والمجتمع الذي يحيط به، قد تبلورت هذه العلاقة بعد أن ظهر علم النفس التربوي الذي ركّز على الحقائق والقوانين والمبادئ النفسية في مجال التربية والتعليم.

العلاقة بين علم النفس وعلم الاجتماع:

يهتم علم النفس يهتم بالمشاكل التي يبحثها علم الاجتماع ويساهم مساهمة نشطة في خدمة المجتمع، فمثلاً البحوث الخاصة بعلم النفس في الإحساس والإدراك والتذكر والتفكير والانفعالات لدى أفراد المجتمع، كذلك في تكوين الأسرة والنظم الاجتماعية وأساليب تفاعل وتكوين الجماعات وما يحدث فيها من عقائد وعادات وتقاليد وكل هذه الامور لها اثر العامل النفسي للفرد، من هنا نشأ فرع خاص في علم النفس هو علم النفس الاجتماعي؛ هو علم قائم على أساس المزاوجة بين علم النفس وعلم الاجتماع.

علم النفس وعلوم الدين:

يوجد علاقة قوية بين علم النفس وعلوم الدين بكافة القوانين والشرائع السماوية والتعاليم، فقد عمل القران الكريم على تقديم الأمثلة والمسمسات للحالات النفسية بشكل كبير؛ التي يمر بها الفرد أثناء قوة وضعف التزامه بتعاليم الدين؛ منها النفس الأمّارة بالسوء عندما يكون الإنسان رهن شهواته النفسية وعلى العكس من ذلك، فإذا كان الإنسان مهذب لنفسه وعلى علاقة قوية بالله وملتزم بتعاليمه وأوامره سُميت نفسه بالنفس الراضية والمطمئنة.
قامت السنة الشريفة والتراث الإسلامي بتقديم العديد من الأمثلة عن معرفة الإنسان بنفسه، فهي أفضل المعارف؛ عن طريق هذه المعرفة يعرف الفرد ربّه وعظمته ويعرف كيفية التعامل مع أبناء جنسه، من أمثلة تلك الأحاديث: ( أعظم المعرفة معرفة الإنسان نفسه)، (من عرف نفسه عرف ربه)، (عجبت لمن لا يعرف نفسه كيف يعرف غيره)، وغيرها من الروايات والأحاديث التي توكد على معرفة النفس.

العلاقة بين علم النفس والفيزياء:

إذا كان علم الفيزياء يدرس خصائص المادة بجميع صورها المختلفة، فإن علم النفس يدرس خصائص النفس الإنسانية وما تُظهره من ظواهر نفسية شعورية ولا شعورية، كما يقوم بدراسة الطاقة النفسية عند الفرد، فقد استفاد علم النفس من مبادئ وأسس علم الفيزياء؛ فذلك اتضح منذ البدايات الأولى لعلم النفس منذ أعمال الفيلسوف النفسي ديكارت الذي درس رد الفعل الحسي، كذلك هوبز الذي اعتقد أنّ هناك إمكانية لتحول العمليات العقلية لتصبح في صورة حركية.

علاقة علم النفس بالكيمياء:

تأثر علم النفس بالكيمياء كما تأثر تأثر بعلم الفيزياء، اتضح تأثير علم النفس بالفيزياء منذ المدرسة الارتباطية في علم النفس التي كان يرأسها لوك ووارتلي، التي كان من مسلماتها الأساسية أنّ الإحساسات هي عناصر العقل ووحداته وذراته وتكون هذه الإحساسات في بداية الأمر غير مترابطة وغير منظمة، ثم تترابط وتنتظم فيما بعد وفقا لما بينها من تشابه أو اختلاف تجاذب أو تنافر، هذا الترابط يتم على نحو آلي ميكانيكي يشبه في طبيعته الجاذبية أو تشبه العملية التي يتم بها تآلف الذرات أو اتحادها معا لتكون مركب كيميائي.
لم تظهر العلاقة بين علم النفس والكيمياء عند علماء النفس الارتباطيين فقط، بل في الوقت الذي كان فيه علم النفس جزء من الفلسفة وكان يوجد تأثير بعلم الكيمياء ومبادئه وطبيعة التفكير الكيميائي، فنجد كل من هيروقليطس وديمقريطس ينظران للنفس بأنها تتألف من ذرات نارية، تخضع في ظهورها وتبدلها إلى نفس القوانين التي تخضع لها الظواهر الطبيعية والاجتماعية.

العلاقة بين علم النفس وعلوم الرياضيات والإحصاء:

يوجد علاقة نافعة بين علم النفس وعلم الرياضيات، تظهر هذه العلاقة في جوانب دراسة الذكاء وخصوصاً دراسته من المنظور الإحصائي، كما تظهر عندما يتم فياس الذكاء واستعمال المعادلات لإظهار معامل الذكاء، كذلك تظهر في موضوع آخر من موضوعات علم النفس وهو دراسة الفروق الفردية وتوزيعها بين الأفراد واستخدام منحنى التوزيع الاعتدالي واستخدام المتوسط الحسابي والانحراف المعياري ومقاييس النزعة المركزية لقياس هذه الفروق، سواء كانت داخل الفرد أو بين الأفراد أو بين المجتمعات.
تتبين حاجة علماء النفس للإحصاء من خلال إعداد الاختبارات النفسية وحساب معاملات الثبات والصدق واستخدام المصفوفات الارتباطية والتدوير لهذه المصفوفة؛ ذلك للكشف عن البناء العاملي والصدق العاملي للمقياس أو الاختبار، كذلك ظهور البرامج الإحصائية الخاصة بالعلوم الاجتماعية ما هي إلا دليل على هذه العلاقة القائمة بين علم النفس وعلم الرياضيات والإحصاء منها حزمة البرامج الإحصائية للعلوم الاجتماعية.

علم النفس والعلوم التطبيقية:

يوجد علاقة قوية تربط علم النفس بمعظم العلوم التطبيقية؛ مثل التربية والسياسة والتجارة وغيرها، كما أنّه في التربية يدرس التأثيرات التي تتبادل بين عقول المعلمين والتلاميذ وفي ميدان القضاء يدرس التأثيرات المتبادلة من حقول القضاة والمدانين والمدافعين، هكذا تقع صلة علم النفس بغيره من العلوم المختلفة مباشرة وأيضاً عند البحث نجده يرتبط بعدد آخر من العلوم في مختلف الميادين التربوية او التطبيقية الطبيعية وغير الطبيعية.

علم النفس وعلم الحياة:

يوجد علاقة قوية بين علم النفس والعلوم الحياتية البيولوجية تتصف بوثوقها ويستفيد منها بشكل كبير، فمثلاً نظرية التطور فتحت الباب لعلم النفس حتى يدرس التطور في التكوين العقلي للكائنات الحية والتشريح وعلم وظائف الأعضاء؛ مما سهّل عليه عمل الكثير من الملاحظات والاستنتاجات إضافة إلى ذلك فإنه يوجد أكثر من علاقة تربط اهتمامات كل العلمين، فعلم الوظائف وعلم النفس يختص كلاهما بالتركيبات مثل الجهاز العصبي والعضلات والغدد وكذلك بالوظائف مثل الفرات الحسية والحركات العضلية لكائنات الحية.
يرتكز علم النفس على الأجنة وعلم التناسليات في فهم الدور الذي تلعبه الوراثة في نضج الفرد ونموه، إنّ أكثر الوظائف الفسيولوجية ارتباط بالوظائف النفسية هي الوظيفة العصيبة التي تتسق مع وظائف الكائن الحي وتحقق تكامله، يوجد أمتلة كثيرة من الحياة تبرهن على الصلة بين علم النفس وعلم الحياة؛ فالانفعال حالة نفسية يصاحبها اضطراب عضوي في الجهاز العصبي والغدة والدموي والعضلي وغير ذلك، إنّ دراسة هذه الاضطرابات وقياسها وتفسيرها لكنها أمور تتناولها علوم الحياة لأنّ سلوكنا الذي يتناوله علم الأنفس في الدراسة يتوقف على تكويننا النفسي والعصبي.

المصدر: علم النفس العام، هاني يحيى نصريعلم النفس، د.قدري حنفيعلم النفس، محمد حسن غانم


شارك المقالة: