عملية ترميز الذاكرة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


لذاكرتنا ثلاث وظائف أساسية تتمثل في ترميز المعلومات وتخزينها واسترجاعها، فالترميز هو عملية إدخال المعلومات إلى نظام الذاكرة لدينا من خلال المعالجة التلقائية أو الشاقة، والتخزين هو الاحتفاظ بالمعلومات، والاسترجاع هو عملية إخراج المعلومات من التخزين إلى الإدراك الواعي من خلال الاسترجاع والتعرف وإعادة التعلم، هناك العديد من النماذج التي تهدف إلى شرح كيفية الاستفادة من ذاكرتنا، ومن أهمها التعرف على عملية ترميز الذاكرة في علم النفس.

عملية ترميز الذاكرة في علم النفس

نحصل على المعلومات في أدمغتنا من خلال عملية تسمى عملية ترميز الذاكرة في علم النفس، وهي إدخال المعلومات في نظام الذاكرة، فبمجرد تلقينا المعلومات الحسية من البيئة، تقوم أدمغتنا بتسميتها أو ترميزها، حيث ننظم المعلومات بمعلومات أخرى مماثلة ونربط المفاهيم الجديدة بالمفاهيم الحالية، يحدث ترميز المعلومات من خلال المعالجة التلقائية والمعالجة الشاقة.

عند سؤال أحدهم عما أكله على الغداء اليوم فمن المرجح أن يتذكر هذه المعلومات بسهولة تامة، ويُعرف هذا بالمعالجة التلقائية، أو ترميز تفاصيل مثل الزمان والمكان والتردد ومعاني الكلمات، حيث تتم المعالجة التلقائية عادة دون أي وعي واع، فعند تذكر آخر مرة درس فيها الفرد للاختبار هو مثال آخر على المعالجة التلقائية، ولكن ماذا عن معلومات الاختبار الأساسية التي درسها؟ ربما تطلب هذا الموقف الكثير من الجهد والاهتمام من جانب هذا الشخص لترميز تلك المعلومات، ويُعرف هذا باسم المعالجة المجهدة.

أنواع عملية ترميز الذاكرة في علم النفس

هناك ثلاثة أنواع من عملية ترميز الذاكرة في علم النفس، حيث يُعرف ترميز الكلمات ومعناها بالترميز الموجه وتم عرضه لأول مرة بواسطة وليام بوسفيلد (1935) في تجربة طلب فيها من الناس حفظ الكلمات، ومنها تم تقسيم 60 كلمة في الواقع إلى 4 فئات من المعاني، على الرغم من أن المشاركين لم يعرفوا ذلك لأن الكلمات تم تقديمها بشكل عشوائي، عندما طُلب منهم تذكر الكلمات مالوا إلى تذكرها في فئات مما يدل على أنهم اهتموا بمعاني الكلمات كما تعلموها.

النوع الثاني من أنواع عملية ترميز الذاكرة في علم النفس الترميز المرئي هو ترميز الصور، والترميز الصوتي هو ترميز الأصوات والكلمات على وجه الخصوص، ولمعرفة كيفية عمل الترميز المرئي يتوجب من الفرد قراءة قائمة كلمات مرتبة بشكل تلقائي، فإذا طُلب منه لاحقًا أن يتذكر الكلمات من هذه القائمة التي ذكرت أمامه، فما هي الكلمات التي يعتقد أنه سيتذكرها على الأرجح؟ فهل من المحتمل أن يكون أسهل من حيث اختصار الوقت أن يتذكر بعضها أو يتذكرها بشكل عشوائي، أم من حيث يكون أصعب فيكون قد ذكرها مرتبة كما كانت وبشكل متسلسل.

ولماذا هذا؟ لأنه يمكننا استدعاء الصور أي الصور الذهنية بسهولة أكبر من الكلمات وحدها، فعند قراءة الكلمات السيارة، والكلب، و كتاب فقد قمنا بإنشاء صور لهذه الأشياء في عقلنا، هذه كلمات ملموسة وذات صور عالية، ومن ناحية أخرى والكلمات المجردة مثل مستوى، والحقيقة، والقيمة هي كلمات، صور منخفضة، حيث يتم ترميز الكلمات ذات الصور العالية بصريًا ومعنويًا مما يؤدي إلى بناء ذاكرة أقوى.

الآن عندما نوجه انتباهنا إلى الترميز الصوتي، في مثال قيادة السيارة وظهور أغنية على الراديو قديمة مع الغناء معها وتذكر كلماتها، ففي بعض الدول والثقافات غالبًا ما يتعلم الأطفال الأبجدية من خلال الأغنية، من السهل تذكر هذه المعلومات بسبب الترميز الصوتي، نقوم بترميز الأصوات التي تصنعها الكلمات، هذا هو أحد الأسباب التي تجعل الكثير مما نعلمه للأطفال الصغار يتم من خلال الغناء والقافية والإيقاع.

قبل بضع سنوات أجرى علماء النفس فيرغوس كريك وإنديل تولفينج (1975) سلسلة من التجارب لاكتشاف أي أنواع عملية ترميز الذاكرة أفضل في علم النفس، حيث تم إعطاء المشاركين كلمات مع أسئلة حولهم، تطلبت الأسئلة من المشاركين معالجة الكلمات في أحد المستويات الثلاثة، تضمنت أسئلة المعالجة المرئية أشياء مثل سؤال المشاركين عن خط الحروف، سألت أسئلة المعالجة الصوتية المشاركين عن الصوت أو القافية للكلمات، وسألت أسئلة المعالجة الدلالية المشاركين عن معنى الكلمات، بعد أن تم تقديم الكلمات والأسئلة للمشاركين، تم تكليفهم بمهمة استدعاء أو التعرف بشكل غير متوقع.

الكلمات التي تم ترميزها لغويًا تم تذكرها بشكل أفضل من تلك المشفرة بصريًا أو صوتيًا، يتضمن الترميز الدلالي مستوى معالجة أعمق من الترميز المرئي أو الصوتي الضحل، خلص علماء النفس فيرغوس كريك وإنديل تولفينج إلى أننا نعدل المعلومات اللفظية بطرق أفضل عن طرق الترميز الدلالي، خاصة إذا استعملنا ما يسمى بتأثير المرجع الذاتي، إن تأثير المرجع الذاتي هو ميل الفرد إلى امتلاك ذاكرة أفضل للمعلومات التي تتعلق بنفسه مقارنة بالمواد التي لها صلة شخصية أقل فهل يمكن أن يكون الترميز الدلالي مفيدًا لنا ونحن نحاول حفظ المفاهيم في هذه الوحدة؟

إعادة التشفير في عملية ترميز الذاكرة في علم النفس

عملية التشفير انتقائية وفي المواقف المعقدة يتم ملاحظة عدد قليل نسبيًا من العديد من التفاصيل المحتملة وتشفيرها، تتضمن عملية ترميز الذاكرة في علم النفس دائمًا إعادة التشفير أي أخذ المعلومات من النموذج الذي يتم تسليمها إلينا ثم تحويلها بطريقة يمكننا فهمها، على سبيل المثال قد نحاول تذكر ألوان قوس قزح باستخدام الاختصار أحمر برتقالي أصفر أخضر أزرق نيلي وبنفسجي.

يمكن أن تساعدنا عملية إعادة تشفير الألوان على التذكر، ومع ذلك يمكن أن يؤدي إعادة التشفير أيضًا إلى حدوث أخطاء عندما نضيف معلومات عن طريق الخطأ أثناء التشفير، فتذكر أن المادة الجديدة كما لو كانت جزءًا من التجربة الفعلية.

وضع علماء النفس الكثير من أدوات إعادة التشفير التي يمكن استعمالها أثناء الدراسة لتحسين الاستبقاء، حيث يشير البحث النفسي إلى أنه أثناء دراستنا، يجب أن نفكر في مفهوم المواقف، ويجب أن نحاول ربط المعارف الجديدة بالمعارف القديمة التي نعرفها بالفعل، يساعدنا هذا في إنشاء علاقات يمكننا استعمالها والاعتماد عليها لاسترداد المعلومات لاحقًا، فعند تخيل الأحداث يجعلها أيضًا لا تُنسى، ويمكن أن يؤدي إنشاء صور حية من المعلومات حتى المعلومات اللفظية إلى تحسين التذكر لاحقًا بشكل كبير.

يعد إنشاء الصور جزءًا من التقنية التي يستخدمها لتذكر أعداد هائلة من الأرقام، ولكن يمكننا جميعًا استخدام الصور لترميز المعلومات بشكل أكثر فعالية، والمفهوم الأساسي وراء استراتيجيات التشفير الجيد هو تكوين ذكريات مميزة أي ذكريات بارزة ولتكوين روابط أو ارتباطات بين الذكريات للمساعدة في الاسترجاع في وقت لاحق، يعد استخدام استراتيجيات الدراسة مثل تلك الموصوفة أمرًا صعبًا، لكن الجهد يستحق فوائد التعلم المعزز والاحتفاظ به.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: