كيفية تطوير التعاطف في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


لقد قابلنا جميعًا أشخاصًا يبدو أنهم يفتقرون إلى التعاطف، عندما يرون شخصًا منزعجًا أو يمر بأوقات عصيبة، فإنهم يظهرون في حيرة من أمرهم، وغير واضحين في كيفية الرد، فلماذا هم على هذا النحو وهل يمكن تغييره؟ يفسر لنا علم النفس من نحن من خلال بيئتنا وكيف نشأنا وما نتعلمه الآن، حيث أن لدينا القدرة على التغيير، وتعاطفنا غير ثابت ويمكن تطويره.

مراحل تطور التعاطف في علم النفس

يعتبر التعاطف جزء لا يتجزأ من التطور العاطفي والاجتماعي ومحفز أساسي لمساعدة أولئك الذين يعانون من ضائقة محددة، بالمعنى الحرفي للغاية إنها القدرة على الشعور أو تخيل التجربة العاطفية لشخص آخر، حيث أنه بينما كان يعتقد في البداية أن التعاطف لم يتطور عند الأطفال الصغار، إلا أن البحث في استجابتهم لضيق الآخرين أظهر عكس ذلك.

يتطور التعاطف في مرحلة حديثو الولادة  عندما يسمع الأطفال حديثي الولادة يبكون، فإنهم يظهرون في كثير من الأحيان علامات الضيق، والمعروفة باسم البكاء الانعكاسي أو العدوى العاطفية، حيث يشير سلوكهم إلى مقدمة للتعاطف والاستعداد للمشاعر السلبية للآخرين، بدلاً من رد فعل غير مفهوم للضوضاء، بينما يتطور التعاطف في مرحلة الرضع عندما يُظهر الأطفال اهتمامًا بالآخرين، ومع ذلك وكما يعلم أي والد فإنهم يجدون صعوبة في تنظيم عواطفهم وغالبًا ما تغمرهم مشاعر الآخرين.

يتطور التعاطف في مرحلة الأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و36 شهرًا، عنما يبدأ الأطفال في إظهار علامات واضحة للمكونات العاطفية للتعاطف، بما في ذلك الاعتذار وإبداء الاهتمام بالآخرين وتقديم المساعدة، بطريقة واقعية للغاية يبدأون في تجربة تجارب الآخرين، سواء تمت مشاهدتهم على التلفزيون أو مع الأصدقاء أو في موقف عائلي.

يتطور التعاطف في مرحلة الطفولة المبكرة عندما يبدأ الأطفال سنوات الدراسة المبكرة، لا يختبرون الحالات العاطفية للآخرين فحسب بل يبدأون أيضًا في تخيل تجاربهم، يشار إليها من قبل علماء النفس والفلاسفة على أنها نظرية العقل، فهم يبدأون في رؤية أنفسهم والآخرين من منظور العواطف والمشاعر والرغبات.

يتطور التعاطف في مرحلة الطفولة الوسطى إلى مرحلة البلوغ عندما يُنظر إلى تطورات مهمة في التعاطف من مرحلة الطفولة المتوسطة إلى مرحلة البلوغ والتي تشكل جزءًا من سمة شخصية اجتماعية إيجابية أوسع، ففي الواقع فإن تطوير السلوك الإنساني الاجتماعي الإيجابي المبكر مثل الاهتمام التعاطفي وأخذ المنظور يحفز السلوك المساعد.

عوامل تنمية وتطوير التعاطف في علم النفس

هناك العديد من العوامل التي تدخل في التطور المبكر والسريع للتعاطف في علم النفس والتي تتمثل في الوراثة، حيث بحث التوائم باستمرار أهمية الوراثة في تطوير التعاطف في علم النفس، وهو ما يمثل ما بين ثلث ونصف التباين الموجود في الأطفال، وتتمثل في عوامل النمو العصبي فقد توفر الخلايا العصبية المرآتية في دماغ الحيوان والبشر، والتي تعكس مشاعر الآخرين أساسًا عصبيًا لربط تجارب الآخرين بتجاربنا.

تتمثل عوامل تطوير التعاطف في الطبع حيث أن شخصيتنا هي عامل أساسي في كيفية تطوير التعاطف، على سبيل المثال يبدو أن الأطفال الخائفين والخجولين أقل عرضة للانخراط في سلوك تعاطفي في مواقف غير مألوفة، وتتمثل عوامل تطوير التعاطف في التقليد حيث يبدأ تقليد الوجه في الطفولة المبكرة ويبدو أنه مرتبط باستيعاب التجارب العاطفية للآخرين.

تتمثل عوامل تطوير التعاطف في الأبوة والأمومة حيث أن التأثير الاجتماعي للآباء ومقدمي الرعاية على الأطفال الصغار كبير ويؤثر بشكل أكبر على التعاطف، ووجد أن سلوكيات المطابقة المتزايدة أثناء اللعب في مرحلة الطفولة أدت إلى مزيد من إظهار التعاطف في وقت لاحق من الحياة، وأكدت أبحاث أخرى على أهمية العلاقات بين الوالدين والطفل في تعزيز تنمية التعاطف، على الأرجح استنادًا إلى مشاعر الثقة والشعور بعلاقة حب.

كيفية تطوير التعاطف في علم النفس

قدرتنا على التعاطف مع الآخرين ليست ثابتة ويمكن تطويره، حيث أنه يمكن أن يؤثر إجراء تغييرات غالبًا صغيرة في حياتنا اليومية بشكل كبير على قدرتنا على التعاطف مع الأفراد والجماعات، حيث تتمثل كيفية تطوير التعاطف في علم النفس من خلال ما يلي:

زرع الفضول

عند النظر في كيفية تطوير التعاطف في علم النفس علينا تطوير فضولًا لا يشبع حول تفاصيل من نقابلهم، وقضاء الوقت مع أشخاص لا نعرفهم جيدًا وسؤالهم عن أنفسهم، وكيف هم وكيف تبدو حياتهم، مع متابعة أشخاصًا من خلفيات مختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي والاستماع إلى ما سيقولونه، وأن يكون الشخص حاضرًا مع الناس عندما يتحدث معهم، والتعرف على الموضوعات التي تجعلهم متحمسين أو سعداء أو حزينين، والقيام بزيارة أماكن جديدة، والتعرف على السكان المحليين بينما ينغمس في أسلوب حياتهم.

الخروج من منطقة الراحة الخاصة بالفرد

على كل شخص يرغب بتطير وتنمية مفهوم التعاطف لديه تعلم شيئًا جديدًا أو سافر، والنظر كيف يشعر عندما يكون خارج منطقة راحته، وتجريب ما يعنيه عدم القدرة على القيام بشيء ما أو عدم معرفة كيفية التفاعل مع مكان وجوده، ومن المهم طلب الدعم وتقبّل كيف قد يشعر بالعجز في بعض الأحيان، وجعل ذلك يجعله متواضعاً، حيث يمكن أن يكون التواضع طريقًا مفيدًا للتعاطف.

تلقي الملاحظات مع فحص التحيزات

على الفرد أن يطلب تعليقات من الأصدقاء والعائلة والزملاء فيما يتعلق بمهاراته في الاستماع والعلاقات الاجتماعية والشخصية النشطة والنظر في كيفية وإمكانية أن يتحسن والفرص التي فاتته في تنمية وتطوير التعاطف، حيث أننا نحن لدينا جميعًا تحيزات، وهي تؤثر على قدرتنا على التعاطف، ففي كثير من الأحيان دون علم نحكم على الآخرين من خلال مظهرهم وكيف يعيشون، ومن المهم البحث عن فرص للاختلاط مع أشخاص من خلفيات أخرى، والتحدث إلى الناس عن الأشياء المهمة في حياتهم، مع الاعتراف بأوجه التشابه التي نتشاركها، والاهتمام دون إصدار حكم في الاختلافات.

محادثات صعبة ومحترمة

في حين أنه قد يكون من الصعب تحدي وجهات النظر البديلة أو تحديها، إلا أن بعض الدروس البسيطة يمكن أن تساعد، ومنها على الفرد أن يستمع ولا يقاطع، والانفتاح على الأفكار الجديدة والمختلفة، والاعتذار إذا جرح مشاعر شخص ما بسبب ما يقوله بقصد أو بدون قصد، والبحث عن القضية وفهم من أين أتت وجهة النظر وكيف تؤثر على الأشخاص المعنيين.

الانضمام إلى قضية مشتركة

أظهرت الأبحاث النفسية أن العمل معًا في مشاريع مجتمعية من خلال السلوك الجمعي يمكن أن يساعد في معالجة الاختلافات والانقسامات وإزالة التحيزات وتطوير التعاطف، ومنها على الفرد أن يبحث عن مشروع مجتمعي محليًا أو في دولة أخرى، والانضمام للآخرين الذين مروا بتجارب حياتية مماثلة، والانضمام إلى مجموعة من خلفيات مختلفة ومساعدة في المناسبات المدرسية أو السياسية.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: