ما هو دور العقل في إدارة لغة الجسد؟

اقرأ في هذا المقال


علينا أن نتوقّف للحظة وأن نقوم بالعضّ على شفتنا، وبعد ذلك علينا أن نقوم بحكّ جبهة رأسنا، وفي النهاية أن نقوم بالمسحّ على مؤخرة رقبتنا، أو إغماض أعيننا، ونفكّر كيف يمكن لعقلنا أن يوجهنا لأن نقوم بهذه الأشياء طوال الوقت دون الشعور بذلك، وإذا ما جلسنا مع أشخاص آخرين فإنّهم سيقومون بهذه السلوكيات التي تعبّر عن لغة الجسد ودلالاته بصورة منتظمة قد تزيد في بعض الأحيان أو تنقص من شخص لآخر، ولكن لو تسائلنا لماذ نقوم نحن بذلك؟ سنجد الإجابة مخفيّة بعيداً في خزانة الجمجمة حيث يكمن العقل البشري.

بناءاً على الدراسات للجزء الحقيقي الذي تصدر منه الأوامر على شكل سلوكيات خاصة بلغة جسد، فإنّ “العقل” هو مكان وقوع الحدث الخاص بهذا الأمر، لأنه الجزء من العقل الذي يتفاعل مع العالم المحيط بنا بشكل لا إرادي وفوري ودون تأخير أو تفكير، لهذا السبب يطلق العقل تجاوباً حقيقياً للمعلومات التي تُستمدّ من البيئة المحيطة للتأكيد على حقيقتها، ولأنه مسؤول بشكل فريد عن بقائنا فهو لا يحصل على فترات راحة فهو يعمل دائماً، وهو يركّز بشكل أساسي على عواطفنا ويعطي الأوامر لأعضاء جسدنا لتخرج على شكل لغة خاصة تسمّى بلغة الجسد.

هل للعقل القدرة على إدارة لغة الجسد للتعبير عما يجول فيه؟

بمجرّد أن نتعلّم لماذا وكيف يدير عقلنا لغة أجسادنا للتعبيرعن عواطفه بطريقة غير ملفوطة، سنكتشف أيضاً كيف نفسَّر تلك السلوكيات، لذلك يتوجّب علينا أن نلقي نظرة داخل خزانة العقل ونفحص أكثر الأجزاء المذهلة التي توجد في الجسد البشري ولها دور كبير في صنع حركات لغة الجسد المعبّرة عن مكنوناته وأفكاره.

تنطلق الإشارات لأجزاء مختلفة من العقل، من المكان الذي يتواجد فيه مركز الدماغ الحوفي، وبالتالي تقوم هذه الأجزاء بتنسيق سلوكياتنا من حيث كونها تتعلّق بعواطفنا وبقائنا، إذ يمكن ملاحظة وترجمة هذه السلوكيات عند ظهورها بشكل مادي على وجوهنا، وأقدامنا، وأيدينا، وعلى باقي أجزاء جسدنا التي تعبّر عن لغة جسدنا، وبما أنّ تلك الاستجابات تحدث دون تفكير مسبق، على عكس الكلمات، فهي حقيقية، وبالتالي يعتبر الدماغ الحوفي بمثابة العقل الصادق وذلك عندما نفكّر في السلوكيات التي تعبّر عنها لغة الجسد.

هل العقل هو الجهاز المسؤول عن سلوكيات لغة الجسد؟

يعتقد معظم الناس أنهم يمتلكون عقلاً واحداً، ويدركون أنّ هذا العقل هو مركز قدراتهم العقلية، ولكن الحقيقة أنّ كلّ واحد منّا يملك ثلاثة عقول داخل جمجمته البشرية، كلّ منها يقوم بوظائف مخصّصة والتي تعمل معاً مثل مركز السيطرة والتحكّم في المؤسسات الكبرى الذي يقوم على تنظيم كلّ شيء في جسدنا، والجهاز الحوفي الموجود بالعقل هو الجهاز المسؤول بشكل مباشر عن طريقة تعبيرنا عن لغة الجسد، على الرغم من دور العقل المفكّر لتحليل ردود الأفعال العصبية التي يقوم بها الأشخاص المحيطون بنا بدقّة بهدف ترجمة ما يفكّر فيه، أو يشعر به أو يقصده الأشخاص الآخرون.

من المهم فهم أنّ العقل يتحكّم في جميع السلوكيات، سواء يتم القيام بها بوعي أو بدون وعي، وهذه التفسيرات هي حجر الأساس لفهم كلّ الاتصالات التي تخرج على شكل لغة جسد، بدءاً من حكّ الرأس وحتى التمثيل الإبداعي الصامت عن طريق لغة الجسد، فلا يمكننا القيام بشيء دون أن يطلق العقل الأوامر إلى باقي أعضاء الجسد لتفسير أو محاولة تدعيم ما نحن مقتنعين فيه بشكل ظاهري.

لا تعود تلك الاستجابات العصبية الخاصة بنا والمتعلّقة بلغة الجسد بالبقاء لخيالنا فقط، ولكن أيضاً لأصلنا كأجناس بشرية، فهي ثابتة في عقلنا الحوفي المسؤول عن لغة أجسادنا، جاعلة منها أموراً صعبة الإخفاء أو التجاهل مثل محاولة ردّ الفعل المفاجئ حتّى عندما نتوقّع ضوضاء عالية، وبالتالي فمن البديهي أنّ السلوكيات العصبية المتمثلة بلغة الجسد هي سلويكات صادقة وموثوق بها، فهي تعبّر عن حقيقة أفكارنا، ومشاعرنا ومقاصدنا.

إنّ الجزء المتعلّق بلغة أجسادنا في العقل لا يمكن ضبطه بوعي، إذ ينبغي منح المزيد من الأهمية للسلوكيات التي يتسبّب فيها عندما يقوم على تفسير لغة الجسد، فنحن نستطيع أن نستخدم أفكارنا لنحاول إخفاء مشاعرنا الحقيقية قدر ما نشاء، ولكنّ الجهاز الحوفي الذي يصدر الأوامر للغة الجسد، سيطلق الإشارات على شكل سلويكات جسدية خاصة معبّرة تنطلق من الجسد بشكل لا إرادي لتعزيز المفاهيم.

المصدر: لغة الجسد النفسية، جوزيف ميسينجر.ما يقوله كل جسد، جونافارو، 2010.لغة الجسد في القرآن الكريم، الدكتور عودة عبدالله.لغة الجسد، بيتر كلينتون، 2010.


شارك المقالة: