ما هو الإدراك المقارن؟

اقرأ في هذا المقال


كان تاريخ علم النفس المقارن يركّز على فكرة أن هناك صفات وعمليات نفسية مشتركة بين الأنواع، يرجع ذلك جزئياً على الأرجح إلى بيولوجيتنا وتاريخنا المشترك، لاحظ تشارلز داروين أن الأنواع لا تشترك في التاريخ البيولوجي فقط ولكن أيضاً في التاريخ النفسي، إنّ التطور النفسي للأنواع قد يُختار لزيادة الذكاء؛ لأن مثل هذا الذكاء سيتيح تكيف العقول والأجساد مع البيئات المتغيرة، دخل علم النفس المقارن الآن القرن الثاني وهو يزدهر كمجال لعلم النفس.

علم النفس المقارن:

يعتبر علم النفس المقارن أحد من مجالات علم النفس وويمتلك ه جذوره منذ قرنين من الزمان في زمن داروين، عندما كان مفهوم التطور يتطور للتو بدأ الباحثون يبحثون حول كيف ولماذا تمتلك بعض الحيوانات الكثير من أوجه التشابه في كل من التركيب الجسدي والعقلي ومقارنتها، اليوم تنطبق كلمة مقارنة على مجموعة متنوعة من التخصصات في مجالات علم النفس.
يقوم العديد من الباحثين بمقارنة الاختلافات بين البشر والحيوانات الأخرى؛ مثل الرئيسيات التي تعد مجال دراسي شائع بشكل خاص، كذلك العديد من الأنواع مثل الشمبانزي والتي تشترك في 97% من نفس المادة الجينية مثل البشر، مما يشير إلى أننا نمتلك الكثير من القواسم المشتركة داخل أدمغتنا، يقارن باحثون آخرون الاختلافات بين الحيوانات؛ على سبيل المثال قد يقارنون الذئاب بالثعالب بالكلاب الأليفة، يقارن البعض الآخر الدلافين والحيتان أو الأفيال مع أنواع أخرى، يستخدم الباحثون ملاحظاتهم عن السلوكيات والاستجابات والغرائز لصياغة فهم لكيفية عيش كل نوع والتعامل مع بيئته.

ما هو الإدراك المقارن؟

تتنوع الآراء حول ما يقوم به علماء النفس المقارن المهتمين بالإدراك وما هو وما يجب أن يكون؛ إنّ التركيز الأساسي على الأرجح كبير، بدأ الباحثون الجهد من خلال إدراك أن أفضل طريقة لتقديم شيء ذي قيمة هو عدم امتلاك رأي واحد أو حتى رأيين؛ ساعدت ابتكارات الأجهزة من قبل Yerkes وTolman وLashley وHarlow وآخرين في الحفاظ على علم النفس المقارن خلال منتصف القرن الماضي، مع ذلك فإن الانتقادات موجودة؛ هو أن علم النفس المقارن لم يكن مقارن بشكل كافي؛ أي أنه درس عدد قليل جداً من الأنواع وعدد قليل من الموضوعات في علم النفس.
شهدت التسعينيات ازدهار الإدراك المقارن وإدخال مجتمعات ومجلات جديدة مخصصة لهذا المجال البحثي، قبل هذا الوقت كانت المنافذ الرئيسية لهذا البحث هي علم النفس المقارن وتعلم الحيوان والسلوك وعلم النفس التجريبي وعمليات سلوك الحيوان، على الرغم من أن هذه المجالات لم تنشر بأي حال من الأحوال أعداد كبيرة في الإدراك المقارن، منذ التسعينيات ظهرت مجلات جديدة بما في ذلكحيوان الإدراك ومقارنة الإدراك والمراجعات السلوكية والمجلة الدولية لعلم النفس المقارن وسلوك الحيوان والإدراك، كما ظهرت تقارير عن الإدراك الحيواني.
بشكل عام كانت هناك زيادات في كل مجال من هذه المجالات، على الرغم من أنه من السهل رؤية أن مجالات الموضوعات الأوسع مثل الإدراك المكاني يتم تمثيلها في هذه الآداب أكثر بكثير من مجالات الموضوعات المحددة، قبل أن يفترض المرء أن موضوعًا مثل الإدراك المكاني قد سيطر على الإدراك المقارن الحديث.
يحتاج المرء إلى النظر إلى تلك المنطقة مقابل الموضوع الأوسع للإدراك الاجتماعي، من الواضح أن الإدراك الاجتماعي في الحيوانات هو موضوع سائد في علم النفس المقارن الحالي؛ على الرغم من أن الإدراك المكاني هو مجرد جانب واحد من مجال الإدراك الجسدي الأكبر الذي يتناقض مع الإدراك الاجتماعي.

أهداف الإدراك المقارن:

يحتاج الإدراك المقارن إلى الاستمرار في مسار ثلاثي المحاور، أولاً: جب أن تستمر في توسيع نهجها المقارن في المزيد من الأنواع والمزيد من الاختبارات والمزيد من التكرار، لا ينبغي أن يكون التركيز فقط على الإدراك المقارن للقرود أو الفئران أو الحمام، لكن على الإدراك المقارن لجميع الحيوانات، قد تركز فرق البحث الفردية بشكل أكبر على بعض الأنواع أكثر من غيرها.
لا ينبغي أن يكون اهتمامنا بأي ظاهرة نفسية من خلال كيفية ظهورها في تقييم واحد أو اختبار واحد، لكن كيف تتجلى عبر السياقات وعبر الاختبارات، بالتالي توفير قاعدة بيانات أكثر قوة حول القدرات المعرفية للحيوانا، إن ثقتنا فيما يمكن للحيوانات أن تفعله لا يمكن أن تنمو إلا عندما نكرر النتائج الفردية التي غالباً ما تُعتبر كمعايير للقدرات المعرفية للأنواع بأكملها، من خلال النسخ المتماثل يمكننا بثقة أكبر في تطبيق الأوصاف باستخدام التركيبات المعرفية على سلوك الحيوانات غير البشرية، هذه ليست قضية فريدة في علم النفس المقارن، بل هي قضية تكتسب قوة من خلال زيادة التركيز على تقييم التكرار.
ثانياً: يجب أن يكثف مجال الإدراك المقارن فهمه للعمليات التي تكمن وراء الأداء الذي يبدو ظاهرياً أنه معرفي في تجلياته، هذا يعني أنه لا يكفي فقط إظهار ما يمكن للحيوانات فعله أو لا تستطيع فعله، بل لابتكار أساليب ذكية تسمح لنا بفهم كيف ولماذا يفعلون الأشياء التي يقومون بها، هنا يجب أن تكون التدابير المستخدمة حساسة لتحديد الآليات التي تكمن وراء السلوك ويجب أن تكون حساسة للسياقات المناسبة التي من المحتمل أن تحدث فيها هذه السلوكيات في البيئات الطبيعية التي تطورت فيها الحيوانات وتعيش حالياً.
ثالثاً: يجب أن يستمر مجال الإدراك المقارن في النظر عبر موضوعات البحث إلى مجالات بحث أوسع، بما في ذلك من حيث الاتصال المرجعي، مثال آخر هو توسيع نطاق البحث عن سلوك العد إلى فهم أكثر شمولاً لكيفية تمثيل مقادير وكميات جميع الأنواع بواسطة مجموعة متنوعة من الأنواع، اليوم تمّ تبني وجهة نظر مفادها أن العديد من المهارات المعرفية التي تُدرس على الحيوانات قد تندرج ضمن مجالات أوسع مما نميل إلى الدراسة؛ على سبيل المثال يرى فريق البحث القيمة في التعامل مع مجالات الموضوعات الفردية من حيث صلتها بمفهوم التثبيط السلوكي وظهور السيطرة المعرفية.

وجهات نظر حول مستقبل الإدراك المقارن:

تباينت الآراء حول مستقبل الإدراك المقارن وعلى الرغم من أن ّ الباحثين قد وجدو أرضية مشتركة، كان لديهم أيضاً وجهات نظر فريدة موضحة أدناه، كما سيتم التعرّف على بعض الموضوعات المألوفة والتي يبلغ عمر بعضها الآن أكثر من 100 عام.
مع تقدم هذا المجال يأمل الباحثون مثل أن يستمر تطوير بناء أكثر شمولاً وشمولية لعلم نفس الحيوان، كما هو شائع بين معظم الآداب النفسية، عادةً ما يتم تقسيم الإدراك الجسدي والاجتماعي ودراسته بشكل مستقل عن الآخر، مع التفدم ​​توقع الباحثون نظرة أكثر تكامل لهذه المناطق المعزولة تقليدياً للإدراك المقارن، على الرغم من أن هذا النهج يخدم أغراض عملية ووظيفية؛ فقد بدأ الباحثون في رؤية نقاش متقاطع بين هذه الحقول الفرعية وهذا أمر مثير، ينتج الإدراك من التفاعل الحتمي بين المجالات الجسدية والاجتماعية للكائن الحي؛ بالتالي في بناء العقول العقلية للآخرين.
يجب دراسة علم النفس الخاص بهم من منظور كلي، بالإضافة إلى أنه سيكون هناك تركيز أقوى على نهج متعدد الأوجه تجاه أسئلة مماثلة في علم النفس المقارن، بما في ذلك تضمين المزيد من أنواع الحيوانات ومجموعة واسعة من المنهجيات، بحكم التعريف يسعى الإدراك المقارن إلى التحقيق في الآليات النفسية والمظاهر السلوكية بين الأنواع المتعددة وبشكل حاسم كيف يقارن هؤلاء ويتناقضون مع بعضهم البعض، علاوة على ذلك ستساعد المناهج المنهجية المتعددة لأسئلة مماثلة في توضيح ما إذا كان الإدراك يختلف بين الأنواع وحتى بين الأنواع وكيف يختلف.

المصدر: علم النفس المقارن، سعاد جبر سعيدعلم النفس، محمد حسن غانمعلم النفس، هاني يحيى نصريعلم النفس المقارن فى التعلق لدى الإنسان والحيوان، راجية الفردوس


شارك المقالة: