ما هو التطوير الوظيفي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يهتم علماء النفس بالموجهين النفسيين والمهنيين، حيث تساعد الاستشارة المهنية الأشخاص على اختيار المهن، والعثور على الوظيفة المناسبة من خلال ممارسة مهارات إجراء المقابلات، وتقديم التوجيه بشأن طلبات العمل، وإدارة الأدوار والضغوط المتعددة لتعزيز التكيف مع مكان العمل، واتخاذ القرارات المتعلقة بالتقاعد.

ما هو التطوير الوظيفي في علم النفس

في علم النفس يعد التطوير الوظيفي بالنسبة لمعظم الناس عملية تستمر مدى الحياة للاستعداد للاختيار والقرارات، وعادةً الاستمرار في اتخاذ الخيارات من بين الوظائف المتاحة في مجتمعنا، حيث يتأثر كل فرد يقوم بهذه العملية بالعوامل التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والجغرافية والجسدية والنفسية مثل الاهتمامات والمهارات وعوامل الصدفة، يمكن تعريف العمل على أنه نشاط منتج ومربح في وظيفة أو مهنة، يحدد العمل قيمة الشخص ومكانته في المجتمع ويؤثر بشدة على إحساس الفرد بالرفاهية وكذلك على الهوية النفسية.

على الرغم من مركزية العمل في غالبية حياة الناس والتعقيد الواضح لعملية التطوير الوظيفي، أشار مسح أجرته الجمعية الوطنية للتطوير الوظيفي إلى أن العديد من الأفراد فقط كانوا في وظائفهم الحالية نتيجة للتخطيط الواعي، وبالتالي اختار غالبية الناس وظيفة معينة بسبب ظروف الصدفة، بالإضافة إلى ذلك أن مساعدة الشخص خلال عملية التطوير الوظيفي هي المهمة الأساسية لطبيب نفساني أو مستشار أو مرشد مهني.

يستخدم علماء النفس والمستشارين المهنيين مجموعة متنوعة من التقنيات والتدخلات لتسهيل التطور الوظيفي للشخص، تشمل هذه الأساليب والتدخلات الإرشاد الفردي والجماعي، وورش العمل، والتوجيه، والتدريب المهني، والتدريب الداخلي، والتظليل الوظيفي، والتقييم على سبيل المثال الاهتمامات والمهارات والاحتياجات النفسية، واستخدام الموارد المهنية، أحد المصادر الرئيسية للمعلومات المهنية يقدمها علماء النفس المهنيين هو شبكة المعلومات المهنية وهو نظام قاعدة بيانات شامل لجمع وتنظيم ووصف البيانات المتعلقة بخصائص الوظيفة وسمات العمال.

بشكل عام هناك نتائج رئيسية لتدخلات التطوير الوظيفي تتمثل في الاختيار الوظيفي، وتنمية القدرة على اتخاذ القرار، وتعديل أفضل لظروف العمل، مثل النجاح الوظيفي والرضا عن العمل، حيث تعمل النظرية النفسية في التطور الوظيفي على توجيه عالم النفس المهني أو المرشد المهني الوظيفي في اختيار أدوات وتقنيات التقييم.

نظريات التطوير الوظيفي في علم النفس

توفر النظريات التي تشرح السلوك الإنساني المهني الإطار المفاهيمي للتدخلات المهنية، حيث تعتبر النظريات التالية عمومًا أكثر النظريات تأثيرًا في اختيار المهنة والتطوير من حيث البحث والممارسة، يتم تقديم هذه النظريات في تسلسل زمني ابتداء من أوائل القرن التاسع عشر، وتتمثل من خلال ما يلي:

نظرية السمات والعامل

قاد فرانك بارسونز مدرس ومحامي ومهندس ومصلح اجتماعي حركة التوجيه النفسي المهني، كان مهتمًا باستغلال العمال من قبل الاحتكاريين الصناعيين، قاده هذا الاهتمام إلى اقتراح طريقة لمساعدة الأفراد على اتخاذ خيارات مهنية حكيمة من خلال دراسة الشخص أولاً على سبيل المثال القدرات والاهتمامات والموارد والقيود، ثم فهم الخصائص الأساسية للمهن وأخيراً عن طريق مطابقة الفرد مع الاحتلال المناسب.

أصبحت هذه العملية التي تسمى نظرية السمات والعامل أصل الإرشاد المهني ولا تزال مستخدمة حتى اليوم، والافتراض هو أن السمات مستقرة ويمكن قياسها بشكل موثوق وصالح، لذلك تم تطوير أدوات التقييم على سمات مثل الاهتمامات والقيم وأسلوب اتخاذ القرار وتفضيلات أنشطة العمل والتي تكون مفيدة للغاية في تقديم المشورة، أدت هذه النظرية أيضًا إلى دراسة متطلبات الوظيفة المختلفة، ومع ذلك فإن هذه النظرية ثابتة من حيث أنها لا تأخذ في الاعتبار التغييرات في القيم والإنجاز والمهارات وخصائص الشخصية على مدى حياة الشخص بالإضافة إلى تأثير أحداث الحياة الكبرى.

نظرية جينسبيرج

على النقيض من النظرة الثابتة لنظرية السمات والعامل اعتبر جينزبرج أن التطوير الوظيفي هو عملية تستمر مدى الحياة تبدأ في الطفولة المبكرة، حيث يرى أن هناك ثلاث مراحل في عملية اختيار المهن، ولكل منها مراحل فرعية، الأولى هي مرحلة الخيال حيث تصبح أنشطة اللعب تدريجياً أكثر توجهاً نحو العمل وتعكس تفضيلات الطفل الأولية لأنواع معينة من الأنشطة، وتنقسم المرحلة المؤقتة إلى أربع محطات فرعية تسمى الفائدة والسعة والقيم والانتقال.

وخلال المرحلة المؤقتة يصبح الشخص أكثر وعيًا باهتماماته وقدراته وأنواع متطلبات العمل والتفضيلات المهنية، خلال المرحلة الأخيرة يضيق الشخص خياراته المهنية من خلال مراعاة الاهتمامات المهنية والقدرات المتصورة ثم يختار وظيفة أو يبدأ تدريبًا متقدمًا، في الثمانينيات أشار جينسبيرج إلى أن كبار السن قد يعيدون تقييم أهدافهم المهنية ويحدثون تغييرًا في حياتهم المهنية.

نظرية سوبر

أدرك دونالد سوبر أيضًا التغييرات التي يمر بها الناس أثناء نضجهم ومراحلهم التنموية، حيث تتأثر أنماط الحياة المهنية بالعديد من الخصائص الشخصية والعوامل الاقتصادية والعوامل النفسية والقدرات المعرفية والجسدية، فضلاً عن عوامل الصدفة، تشير هذه النظرية إلى أن الناس يسعون إلى الرضا من خلال أدوار العمل التي يمكنهم من خلالها تطوير مفهومهم الذاتي، في الواقع أكد سوبر إن عملية التطوير المهني هي في الأساس عملية تطوير وتنفيذ مفهوم الذات، والنضج الوظيفي هو المفهوم الأساسي لنظرية سوبر، يتجلى في الإنجاز الناجح لمهام تطوير العمر والمرحلة عبر مدى الحياة.

هذه النظرية التنموية لها خمس مراحل رئيسية فمن خلال مرحلة النمو يشكل الطفل مفهومه الذاتي والذي يرتبط بتنمية القدرات والمواقف والاهتمامات والاحتياجات، ويشكل الطفل أيضًا فهمًا عامًا لعالم العمل، وفي المرحلة الاستكشافية يقوم الفرد باختيار مهني مؤقت مع تطوير المهارات ذات الصلة، وتتميز مرحلة التأسيس بالخبرة العملية، حيث مرحلة الصيانة يمر الشخص بعملية تعديل مستمرة لتحسين حالة العمل، والمرحلة النهائية تسمى الرفض والتي يتم خلالها انخفاض ناتج العمل والتقاعد النهائي.

تم صقل نظرية سوبر وتوسيعها على مر السنين، على سبيل المثال على الرغم من أن سوبر قدم في الأصل المراحل والمهام بطريقة متسلسلة، إلا أنه أضاف لاحقًا أننا نقوم بالدوران وإعادة التدوير خلال المرحلة طوال فترة حياتنا.

ستة عوامل محددة في النضج المهني لدى سوبر تتمثل في الوعي بالحاجة إلى التخطيط للمستقبل، ومهارات صنع القرار، والمعرفة واستخدام موارد المعلومات، والمعلومات المهنية العامة، والعالم العام المتمثل في أهم المعلومات عن العمل، ومعلومات مفصلة عن المهن المفضلة، حيث قام سوبر أيضًا بفحص الأدوار المختلفة التي نلعبها خلال حياتنا وكيف تتغير الأهمية النسبية لتلك الأدوار بمرور الوقت، يُنظر إلى نظرية سوبر بشكل متزايد على أنها الأكثر شمولاً من بين المقاربات التنموية.

نظرية تعديل العمل

في نظرية تعديل العمل يتم التركيز على التركيب الرئيسي للمراسلات، فالمراسلات هي التوافق بين ما تتطلبه مهنة معينة وخصائص الفرد، أي أن تعديل العمل هو العملية الديناميكية التي يحقق الأشخاص من خلالها المراسلات مع بيئة عملهم ويحافظون عليها، وبالتالي يُفترض أن تؤدي المراسلات العالية إلى فترة أطول في الوظيفة وهي النتيجة الرئيسية للمراسلات وتعديل العمل، وأداء أفضل في المهام المتعلقة بالعمل، وزيادة الرضا الوظيفي.

بالنظر إلى هذه الافتراضات والمفاهيم الرئيسية تم تطوير 20 اقتراحًا رئيسيًا للتنبؤ بتعديل العمل، ومع ذلك فقد تم فحص القليل من هذه الافتراضات تجريبياً، وتلك الدراسات التي تم إجراؤها استخدمت تصميمات لا تستخدم التأثير السببي، على الرغم من أن نظرية تعديل العمل تفترض تعديل العمل باعتباره عملية مستمرة.

نظرية هولندا

تم تطوير نظرية جون هولاند التصنيفية لتنظيم البيانات حول الأشخاص في وظائف مختلفة والبيانات في بيئات العمل المختلفة، وفقًا لهولندا يعمل الناس بشكل أفضل ويجدون الرضا في العمل المتوافق مع شخصياتهم، وهكذا طور ستة أنماط شخصية وستة بيئات عمل مطابقة تتمثل في واقعية واستقصائية وفنية واجتماعية وترفيهية وتقليدية.

من وجهة نظر علم النفس يميل الناس إلى اختيار مهنة تعكس شخصيتهم، حيث تقترح هولندا أنه كلما اقترب تطابق الشخصية مع الوظيفة، زاد الرضا والتطابق والمثابرة، وجميع الأنواع الستة هي جزء من كل منا ومن سمات الشخصية الخاصة بنا، ومع ذلك عادة ما يتم إثبات نوع واحد إلى ثلاثة أنواع بقوة أكبر.

طور هولاند وزملاؤه عددًا من الأدوات المصممة لتحديد سمات الشخصية الفردية ومطابقة تلك السمات مع المجموعات المهنية، حيث تتضمن هذه الأدوات البحث الموجه ذاتيًا ووضعي المهني وجرد التفضيل المهني، أنتجت نظرية هولندا قدرًا هائلاً من الأبحاث وكان لها تأثير أكبر على البحث النفسي الوظيفي والممارسة أكثر من أي نظرية أخرى للتطوير الوظيفي.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: