مستويات وخصائص السلوك الإنساني في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


ميز العديد من علماء النفس السلوك الإنساني في علم النفس؛ لكي يكون مفهوم واضح يميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية غيرها، حيث وضع علماء النفس في المدرسة السلوكية مستويات وخصائص مميزة للسوك الإنساني.

مستويات السلوك الإنساني في علم النفس

تتمثل مستويات السلوك الإنساني في علم النفس من خلال ما يلي:

المستوى الفردي

يشمل المستوى الفردي كل فرد داخل على حدا سواء كان الأداء الذي يقوم به الفرد خاص به أو لنفسه أو سواء كان هذا الأداء ضمن مجموعة، حيث يتصرف كل فرد بشكل مختلف مما يؤثر على ديناميكيات المجموعة والمنظمة ككل، إذا كان هناك الكثير من الأفراد السعداء والفاعلين، فستكون بيئة العمل بيئة فعالة ومنتجة لهذا الفرد ليكون ذو مستوى فردي ناجح، ومع ذلك إذا كان هناك الكثير من الأفراد السلبيين والساخطين، فيمكن أن يخلق ذلك بيئة سامة.

من المستحيل على قائد المجموعة دراسة السلوك الإنساني لكل عضو على حدة، ومع ذلك من المهم أن يضع إرشادات وتوقعات تجذب هؤلاء الأفراد ذوي السلوكيات الإيجابية والمرغوبة، على سبيل المثال قد ينظم الأفراد لفريق معين بناءً على شخصيتهم أو كيف يجيبون على أسئلة المقابلة القائمة على السلوك الإنساني، في الوقت نفسه يمكن لأي فريق أن يساعد في التأثير على السلوك الإنساني الفردي، يفعلون ذلك من خلال وضع مدونة لقواعد السلوك الإنساني، ووضع مبادئ توجيهية للسياسة والإجراءات ومن خلال تطوير الحوافز والعواقب.

المستوى الجمعي

يتضمن مستوى المجموعة أي مجموعات داخل المنظمة أو الفريق المتفاعل، يمكن أن تتراوح المجموعات في الحجم من شخصين يعملان معًا، إلى مجموعة كبيرة تضم عشرات أو مئات الأعضاء، حيث يمكن للأفراد التأثير على مجموعة ويمكن للمجموعة أن تؤثر على الفرد، وفي الوقت نفسه يمكن أن تؤثر المجموعة على الأفراد ويمكن أن تؤثر الأفراد على المجموعة، عند تخيل السلوك التنظيمي كشبكة عنكبوتية كبيرة فوق كل مؤسسة، تربط شبكة العنكبوت كل مستوى من مستويات التأثير مع المستويين الآخرين مما يخلق مسارًا بين كل مستوى.

يتضمن مستوى المجموعة السلوك الجمعي الذي يشترك به كل من الأعضاء والمجموعة وقائدهم والمنظمة الخاصة بهم، وذلك من أجل الوصول للأهداف ذاتها، أو لتحقيق المساعي والطموحات المتشابهة، ومن الممكن أن يكون هدفهم تحقيق طموح الشخص الثاني مما يؤدي لتحقيق جميع الطموحات.

المستوى التنظيمي

يشتمل المستوى التنظيمي على المنظمة ككل أو الفريق كامل، في حالة عدم مواكبة الاتجاه من المهم الإشارة إلى أن المنظمة تؤثر على سلوك الفرد والجماعة وأن هذا السلوك الفردي والسلوك الجمعي يؤثر على المؤسسة.

خصائص السلوك الإنساني في علم النفس

تتمثل خصائص السلوك الإنساني في علم النفس من خلال ما يلي:

1- يتأثر السلوك الإنساني بعدد من العوامل

يتأثر السلوك الإنساني دائمًا بعدد من العوامل، حيث تتأثر بعض أشكال السلوك البشري بعدد كبير من العوامل بينما تتأثر أشكال السلوك الأخرى بعوامل أقل.

2- يختلف السلوك الإنساني في التعقيد

عندما نقارن العديد من المواقف نجد العديد من المستويات في السلوكيات من البسيطة للمعقدة ومن السلوكيات المتأثرة بالعوامل وغيرها التي تعتبر غير متأثر بنفس العوامل، ومع ذلك قد يرى المرء أن السلوك الإنساني يتراوح في درجة التعقيد من السلوك السهل الذي يتأثر بعدد كبير من العوامل، إلى السلوك المعقد المتأثر بعدد كبير من العوامل، ويمكن رؤية أمثلة لسلوك معقد للغاية في أنشطة صنع القرار المعقدة، مثل القاضي الذي يصدر حكمًا يأخذ في الاعتبار عددًا من العوامل.

3- العوامل المؤثرة على السلوك هي من أنواع مختلفة

هناك مثيرات لا تتعلق بالشخص نفسه ولكنها خارجية تؤثر على السلوك الإنساني، مثل البيئة المادية وطبيعة المواقف والأهل والأصدقاء والمجتمع الأكبر وحتى الخلفية الثقافية والاجتماعية الكاملة تؤثر على السلوك، وبالتالي قد نرى أن السلوك يتأثر بمجموعتين كبيرتين من العوامل تلك التي تنتمي إلى الفرد وتلك التي تنتمي إلى البيئة، حيث يمكن تصنيف الأول مرة أخرى إلى الجسدية أو الفسيولوجية والنفسية ويمكن تصنيف العوامل البيئية إلى فورية ومباشرة ونائية وغير مباشرة.

تؤثر هذه المثيرات بشكل متتالي على سلوك الناس وتكوينه، مع نمو الشخص من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب والبلوغ، يتأثر السلوك الإنساني بشكل منتظم ومستمر بهذه المثيرات؛ هذا هو السبب في أننا نجد أن الشخص يتصرف بشكل متنوع تمامًا كشخص بالغ مقارنة بالوسيلة التي كان يتصرف بها عندما كان طفلاً.

طفل صغير يذهب مع والدته ويلاقي محل لبيع الشكولاتة يصر على أن تشتري والدته له لوائح الشكولاتة، يبكي ويخلق مشهدًا نفس الطفل بعد بضع سنوات في موقف مماثل، يتصرف بشكل مختلف تمامًا على الرغم من أن حبه للشكولاتة ربما لم يتغير، إنها عملية التغيير التدريجي وتشكيل السلوك الإنساني التي تساعد الناس على التصرف بشكل فعال وطبيعي.

من ناحية أخرى إذا لم تحدث مثل هذه التغييرات لسبب معين، فإن السلوك الإنساني يصبح غير موافق ويبدو غريبًا، بالطبع هناك العديد من الحالات التي لا تحدث فيها مثل هذه التغييرات ويصنف السلوك هؤلاء الأشخاص على أنه غير منظم أو غير طبيعي.

4- الفروق الفردية في السلوك الإنساني

يتأثر السلوك الإنساني بعدد من المثيرات والظواهر وتختلف هذه المثيرات والظواهر من شخص لآخر وحتى من مجموعة من الناس إلى مجموعة أخرى من الناس، حيث يتباين الأفراد في ظروفهم الفسيولوجية والجسدية، وفي تجاربهم السابقة، وفي المهارات والقدرات المعرفية وخلفياتهم وفي كل شيء، لذلك من الطبيعي أنه إذا تم وضع العديد من الأفراد في نفس الموقف، فإنهم جميعًا لا يقومون بنفس الاستجابة وردة الفعل على حد سواء.

يختلف سلوك كل شخص عن سلوك الآخرين في بعض الجوانب أو إلى حد ما، وبالتالي إذا سار مجموعة أفراد على طول الطريق وصادفوا كلب، فقد يرغب أحدهم في الإمساك بالكلب وقد يبدأ الآخر في رشقه بالحجارة، وربما يهرب الثالث لأنه قيل له إنه سيء علامة لجعل كلب يعبر الطريق، تنتج هذه الفروق الفردية في السلوك الإنساني عن عدد من المثيرات أو الظواهر، ففي الواقع يهتم جزء كبير من علماء النفس الحديث بمشكلة فهم كيفية ظهور الفروق الفردية في السلوك الإنساني وابتكار طرق ووسائل لتقليلها.

في حين أن الاختلافات التي تنشأ عن الظواهر والأحداث الوراثية أو الموروثة التي تؤثر على العمليات الجسدية لا يمكن دائمًا القضاء عليها، فإن الكثير من الاختلافات الناشئة عن التجربة السابقة والخلفية الاجتماعية وما إلى ذلك يمكن التقليل منها إن لم يتم القضاء عليها تمامًا.

5- السلوك الإنساني هادف أو موجه دائمًا

دائمًا ما يكون السلوك الإنساني هادفًا وأفعال الفرد موجهة دائمًا نحو هدف أو آخر، مثل قيام فرد بالنهوض المفاجئ للشرب يكون الهدف هنا هو العطش، بينما يقوم فرد ثاني بالأكل الذي يدل أنه يحقق هدف الجوع، وشخص يهرب من الاحتفالات الموسيقية الهدف هنا وراء السلوك الإنساني خاصته هو تجنب الضوضاء والاضطراب والهدف هو الوصول إلى مكان لا يسمع فيه هذه الضوضاء.

في المثال الأخير كان بإمكان الشخص المنزعج من الضوضاء والموسيقى تجنب الاضطراب إما بالابتعاد إلى مكان أكثر أمانًا أو بإرسال أصدقائه بعيدًا أو تجنبهم، هنا مرة أخرى الغرض هو نفسه بينما يمكن أن تكون الأهداف مختلفة، وبالتالي تكون الأغراض أكثر ثباتًا واستقرارًا بينما يمكن أن تتغير الأهداف ويمكن للمرء الاختيار من بين الأهداف البديلة.

استخدم علماء النفس عددًا من المصطلحات في شرح الطبيعة الهادفة للسلوك الإنساني، حيث أن بعض المصطلحات المستخدمة هي الغريزة، والدافع الجوهري، والحاجة، والدوافع الإنسانية وما إلى ذلك، في حين أن هذه المصطلحات بشكل عام معنية بفهم الطبيعة الهادفة للسلوك الإنساني إلا أنها تختلف عن بعضها البعض، ومنها تتأثر المقاصد والأهداف بالعوامل الجسدية الوراثية والمثيرات البيئية التجريبية، فبعض الأغراض والأهداف عالمية وتنشأ من عمليات في الجسد بينما البعض الآخر مكتسب ومتعلم.

هناك حقيقة أخرى مثيرة للاهتمام في السلوكيات الإنسانية يتوجب النظر لها وهي أنه في بعض الحالات يكون الفرد على دراية بالغرض والهدف بينما في حالات أخرى ليس كذلك، هذه الأغراض الأخيرة تسمى أغراض غير واعية، ففي السنوات الأخيرة في علم النفس تم اكتساب الكثير من المعرفة حول الأغراض والعمليات اللاواعية ودورها في السلوك الإنساني، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى جهود سيغموند فرويد.

6- السلوك الإنساني قابل للتغيير إلى امتداد كبير

هناك عدد من المثيرات والظواهر والمواقف التي تؤثر على السلوك الإنساني، ففي ضوء ذلك من الممكن تغيير السلوك الإنساني من خلال تعديل هذه المثيرات والظواهر والمواقف، فإن قابلية التغيير هذه هي التي تمكن الطفل من أن يصبح بالغًا والسلوك السلبي ليصبح سلوكاً صالحًا سلوك إيجابي، حيث أن هذه الخاصية هي التي تساعد الأفراد على التوافق مع البيئة الجديدة.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: