مفهوم التمكين في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


كتوجيه قيمي ينطوي مفهوم التمكين على نوع من التدخل المجتمعي والتغيير الاجتماعي الذي يعتمد على نقاط القوة والكفاءات وأنظمة الدعم الاجتماعي التي تعزز التغيير في المجتمعات، وجزء من جاذبيته كمفهوم ينبع من تأكيده على الجوانب الإيجابية للسلوك الإنساني، مثل تحديد وتطوير القدرات وتعزيز الرفاهية بدلاً من علاج المشاكل أو تحديد عوامل الخطر، أي أنه نهج يحلل تأثيرات السياق بدلاً من إلقاء اللوم على الضحايا.

مفهوم التمكين في علم النفس

تم استخدام مفهوم التمكين في علم النفس لأول مرة في منتصف القرن السابع عشر، وتاريخيا تم وصفها بأنها عملية إعطاء السلطة أو تمكين الآخرين، بعبارة أخرى قد يُفهم مفهوم التمكين على أنه طريقة لمساعدة الآخرين على مساعدة أنفسهم، في الأوصاف المعاصرة للتمكين أصبح المصطلح سائدًا ومعروفًا، وهو مصطلح يستخدم بشكل متكرر في المجتمع.

تشبه التعريفات الحديثة التعريفات التاريخية لكن التعريفات الحديثة أوسع وتشمل عملية تمكين الآخرين من اكتساب السيطرة والسلطة، حيث يشمل مفهوم التمكين ممارسة زيادة القوة من الأفراد إلى المجتمعات الكبيرة بحيث يمكن للأفراد والجماعات الجماعية اتخاذ القرارات والإجراءات لتحسين أوضاعهم، يشرح هذا الوصف التمكين كطريقة لتمكين الناس من امتلاك أو تفويض السلطة.

هناك العديد من الأماكن التي يمكن أن يحدث فيها مفهوم التمكين في علم النفس، بما في ذلك الأماكن المهنية، ففي الأوساط المهنية يمكن تعريف التمكين على أنه عملية تشجيع الموظفين والسماح لهم بأخذ زمام المبادرة لتحسين الجودة والظروف داخل بيئة عملهم، يسمح التمكين أيضًا للعمال بتحسين عملية أو خدمة المنظمة التي يعملون بها، توجد عدة أشكال من التمكين مثل التمكين الفردي والتمكين الاجتماعي والتمكين السياسي.

قضايا مفهوم التمكين في علم النفس

قضايا مفهوم التمكين في علم النفس مهمة فيما يتعلق بالتعددية الثقافية، ولا سيما يرتبط التمكين بالكفاءة الثقافية حيث يركز كلاهما على كيفية تجربة المجموعات لقضايا مثل العنصرية والتمييز، حيث أن مفهوم التمكين يساهم في تغيير وتحسين نوعية حياة الناس وكذلك في تحسين المجتمعات، ومن منظور العدالة الاجتماعية يشمل التمكين إعطاء الناس الحق في اتخاذ قراراتهم وخياراتهم والسماح لهم بالتصرف بناءً على تلك القرارات والاختيارات.

يمكن توليد مفهوم التمكين في علم النفس داخل الأفراد لمعالجة عدم المساواة في حياتهم، أو يمكن أن يتولد عبر المجتمعات لمساعدة مجموعات أكبر على السيطرة على مواقفهم الحياتية، قد يؤدي التمكين إلى توفير المزيد من الخيارات والحرية للأفراد والجماعات وقد يؤدي بهم إلى مزيد من المشاركة في المنظمات وجهود المناصرة، علاوة على ذلك يمكن أن يسهل مفهوم التمكين في علم النفس الاحترام المكتسب، والعلاقات الاجتماعية القوية مع الآخرين والشعور بالارتباط بمجتمع أكبر.

تصور مفهوم التمكين في علم النفس

تنطوي عملية التمكين على أكثر من مجرد الوصول إلى السلطة في علم النفس، حيث يتطلب التمكين أيضًا تغيير الطريقة التي يفكر بها الناس، بحيث يحدث الوعي والتفكير النقدي، بالإضافة إلى ذلك فإن مفهوم التمكين في علم النفس ليس شيئًا يمكن فرضه على الآخرين، فإذا حاول فرد أو مجموعة توليد التمكين لدى الآخرين، فيجب تهيئة الظروف التي تسهل تنميتها، ولا ينبغي إجباره.

يوضح مفهوم التمكين في علم النفس أن التمكين ينطوي على عملية تغيير المعتقدات والمواقف داخل الذات أو بين الآخرين، مما يؤدي لاحقًا إلى التغيير الاجتماعي، حيث تم وصف مفهوم التمكين على أنه جزء لا يتجزأ من البيئة ويعمل ضمن روابط معقدة بين الأفراد والجماعات وإعدادات المجتمع.

الوعي النقدي في مفهوم التمكين في علم النفس

يناقش أحد الجوانب الأساسية لنظرية ومفهوم التمكين في علم النفس تطوير الوعي النقدي لدى أولئك الذين يحاولون إحداث تغيير في تفكيرهم، حيث أن الوعي النقدي هو عملية الاعتراف بالقمع واتخاذ إجراءات ضد هذا الاضطهاد المعترف به، ومنها تشرح نظريات التمكين تطور الوعي النقدي باعتباره ينطوي على ثلاث عمليات نفسية تتمثل في تحديد المجموعة، والوعي الجماعي والفعالية.

تحدث هذه العمليات النفسية عادة واحدة تلو الأخرى إما بشكل مستقل أو بالاشتراك مع بعضها البعض، ومنها تتضمن العملية الأولى إجراءات تحديد المجموعة، حيث يوصف تحديد المجموعة على أنه تحديد الخبرات والمخاوف المشتركة، وتفضيل المجموعة الخاصة، والثقافة والمعايير، وتتضمن العملية النفسية الثانية للوعي النقدي ما يسمى بالوعي الجماعي، فالوعي الجماعي هو فهم التناقض في المكانة والقوة بين المجموعات المختلفة.

العملية الثالثة للوعي النقدي هي الكفاءة الذاتية أو الفعالية الجماعية، والتي تشير إلى الإيمان والثقة الزائدة بالقدرة على أداء مهمة أو مسؤولية معينة، على سبيل المثال مفهوم التمكين فيما يتعلق بالفعالية يشير إلى تصورات الناس لقدرتهم على إحداث تغيير اجتماعي، حيث يعتبر الوعي النقدي مساهماً هاماً في تطوير التمكين لأن الجماعات والأفراد يؤمنون بقدراتهم على إحداث التغيير ومن المرجح أن يتم تمكينهم.

تقديم المشورة في مفهوم التمكين في علم النفس

في الاستشارة يُنظر إلى مفهوم التمكين في علم النفس على أنه طريقة للتركيز على قضايا نقص القوة، والتي يشار إليها أيضًا بالعجز المعرفي، والتوسط في الدور الذي يلعبه نقص القوة في تشكيل المشكلات الاجتماعية والحفاظ عليها، وغالبًا ما تكون قضايا مفهوم التمكين موجودة في الاستشارة والتوجيه، مع التركيز على معتقدات العملاء عن أنفسهم، حيث يمكن لهذا التركيز أن يولد العملاء للمساهمة في التغيير أو التغيير الذي يريدونه لأنفسهم والتغيير الذي يريدون رؤيته في الآخرين.

غالبًا ما يشار إلى هذه المساهمة في التغيير باسم التغيير المجتمعي والاجتماعي، ومنهت يشير دور مفهوم التمكين في الاستشارة إلى طريقة جديدة لعرض الاستشارة، حيث قد يؤدي مفهوم التمكين أيضًا إلى تطوير البرامج والسياسات التي تخلق بيئات تمكينيه.

في تقديم المشورة غالبًا ما يتم تصور مفهوم التمكين على المستوى الفردي، حيث أنه قد يُعرف التمكين الفردي أيضًا ويوصف بأنه التمكين النفسي في علم النفس، ويتضمن التمكين في إعدادات الاستشارة العمل مع العملاء لإجراء التغييرات التي يريدون إجراؤها في حياتهم، ففي علم النفس يتم وصف ثلاثة جوانب للتمكين الفردي أو النفسي تتمثل في الشخصية والتفاعلية والسلوكية.

يوصف بأنه كيف يفكر الناس في أنفسهم ويتضمن مفاهيم مثل الكفاءة الذاتية والتحفيز، حيث يشير المكون التفاعلي إلى البيئات الاجتماعية وكيف يفكر الناس في بيئتهم الاجتماعية ويتصلون بها، والمكون الأخير السلوكي يتعلق بالإجراءات التي يتخذها الناس لتطبيق تأثيرهم على البيئة الاجتماعية والسياسية، حيث يتم تحقيق ذلك من خلال المشاركة في المنظمات والأنشطة المجتمعية، ويعد فهم هذه المكونات الثلاثة أمرًا مهمًا في تقديم المشورة للعلاقات لأن القوة في المكونات الثلاثة جميعها ضرورية حتى يتم تمكين الناس.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف. الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: