مفهوم الذات لدى المراهقين

اقرأ في هذا المقال


يمرُّ الإنسان في مراحل نمائيّة مختلفة في حياته، لكل مرحلة من هذه المراحل خصوصيتها، صفاتها، التي تُؤثر بشكل كبير على طبيعة شخصيّته، سلوكه، اتزانه النفسي، إنّ أكثر هذه المراحل تأثيراً وفعاليّة في حياة أيّ شخص هي مرحلة المراهقة، التي تتصّف بالعديد من التغييُّرات الجسديّة، النفسيّة التي قد تنعكس على انفعالاته، سلوكه، ضبط تصرفاته بشكل عام.

ما هو مفهوم الذات

تنظُر الفلسفة القديمة إلى الذّات على أنهّا الإِرادة والإدراك الحقيقي للخير والشر، فالفلاسِفة الشرقيُّون مثل بوذا، كونفشيوس، ديالي، يصفون الذّات بأنهّا إرادة الإنسان للعيش والبقاء في الحياة، أي أنّهم ربطوها بقهر اللّذة من غير ألم، بمعنى منع وإبعاد النفس عن الرّغبات، السيطرة على النّفس وعدم تعويدها على شيء ما، مما يقُود إلى الوِحدة النفسيّة والجسديّة، يتوافق الفلاسِفة الهُنود مع الفلاسفة الشرقيين في تعريفهم للذّات، التي يطلق عليها الفلسفة البراهميّة.

مفهوم الذات لدى المراهقين

إنّ كل مراهق كوّن تصوراً واضحاً إيجابياً عن ذاته، يستطيع تحديد الأهداف التي يريدها دون أن يتأثر بالضُّغوطات المُختلفة التي من المُمكن أن تعترض مسيرته، هذا يخلق في المراهق قوّة دافعية للنّظر والارتقاء لمُستويات أعلى من المُستوى الذي هو فيه فعليّاً، يُخطط لمُستقبله بشكل حكيم وبوعيٍ كامل، بينما المراهق الذي لديه مفهوم مشوش عن الذات أو ليس لديه مفهوم من الأساس، لا يستطيع تصورها بوضوح، يكون داخلياً فاقد لهويته، كثير التخبط، كثير الانفعال، مُحباً للعُزلة، يسعى أن يفرض نفسه في أسرته ومدرسته ومجتمعه بالعناد، تقليد الشخصيّات التي يراها بمنظوره بأنّها شخصيّات عظيمة، ناجحة، بغضّ النظر عن نظرة المُجتمع له، حتى للقُدوة التي اتبعها، تكون هُناك الكثير من الصّدامات بينه وبين عائلته، مع أقرانه، مجتمعه، مما يولِّد له المشاكل بصورة يوميّة، ينعكس على سُمعته المجتمعيّة، فيصبح يراه الآخرون كشخص همجي، عصبي، مزاجي وغيرها من المصطلحات السلبيّة المُنفرة.

أساليب تقدير الذات عند المراهقين

  • التحدث مع الذّات: في التحدُّث مع الذات يقول جيمس (أنتَ اليوم حيث أوصلتك أفكارك وستكون غداً حيث تأخُذك أفكارك)، فالإنسان بطبيعته البشرية يتحدّث مع نفسه كثيراً، يتوقّع الأسوأ دائماً، فهو لا يرى إلا السلبيّات أينما ذهب. يقول كارنيجي ( إنّ أكثر من 93 بالمئة من الأفكار التي ترِد إلى الإنسان حول الأحداث التي يعتقِد أنّها ستكون سلبية لا تحدُث معهُ أبداً، بينما أحداث أُخرى قليلة تصل نسبتها إلى 7بالمئة فقط فلا يمكن التحكُّم بها، مثل الموت، الجوّ)، للتحدث مع الذّات أهمية كبيرة في حياةِ المراهق فالبرمجة الذّاتية إمّا أن تجعل منه شخصاً فرحاً وناجحاً في حياته، يحقق كل أحلامه، وإمّا أن تجعله تعيساً وبائساً في حياته.
  • النظر في اعتقاد الشخص: إنّ الاعتقاد هو مولِّد التحكُّم في الذّات لدى الإنسان، هو الأساس الذي تُبنى عليه جميغ أفعاله، يُعدّ من أهم خطوات النجاح، هناك حكمة تقول (لكي ننجح، لا بُدّ أولاً من أن نُؤمن بأننا نستطيع النّجاح)، الاعتقاد هو ما يتحكّم في الإنسان نجاحاً و فشلاً، فقد يكون سبباً في فشل الفرد في حياته العمليّة وتصرُّفاته في الحياة، قد يكون سبباً في نجاحه وتخطي أهدافه التي يتمنّاها، قال ريتشارد باندلر (إنّ للاعتقادات قوّة كبيرة، إذا استطعت أن تُغيّر اعتقادات أيّ شخص فإنّك من المُمكن أن تجعلهُ يفعل أيَّ شيء).
  • معرفة أنّ القرار المُتّخذ سيغيّر المصير: يجب أن يعرف كل فرد أنّ القرار الذي سيتخذه هو القرار الذي سيغيّر مجرى حياته ومصيره، سيكون انطلاقه نحو النجاح، فالقرارات التي يتخذّها المراهق تُحدّد شكل تعامله مع الآخرين، طريقة عمله، فالعالم يتحرَّك بإطار أمرين، هما السرعة والابتكار، لذلك على الإنسان أن يُدرك أهميَّة هذا الأمر. إنّ القرار المُتخذ من قبل الشخص يجب أن تكون على أُمور مهمّة، مثل قِيَم الشخص المقرّر، اعتقاده، المفهوم الذّاتي لديه، مدى إدراكه للأشياء المحيطة به، وجود المؤثرات الخارجية.
  • يضع المراهق مثلاً أعلى له: على المراهق أن يتّخذ مثلاً له؛ ليكُون حافزاً ودافعاً له نحو التطوُّر والنّجاح، عليه أن يقول باستمرار إذا كان فُلان قد نجح في حياته العملية والشخصية، فأنا أَستطيع أن أنجح.
  • التخيّل الإبداعي: هو أن يتخيل الإنسان نفسه في المُستقبل وهو ناجح في حياته بعد التطوُّر والتغيير الذي أحدثه في نفسه.

كيفية تحقيق تقدير الذات عند المراهقين

إنّ تقدير الذات أو الشعور بالقيمة الذاتية هو أحد أهمّ المُقومات التي تُشير إلى الهويّة الشخصيّة، إذ تُعتبر الحياة الأسريّة والعلاقات العائليّة أساساً لتحقيق هذا الجانب، فهي تلعب دوراً مُهماً في تطويره، ذلك من مُنطلق أنّها تُعزز لدى الإنسان مُنذ طفولته الثّقة بالنفس وتساعده على تحديد أهدافه المُمكنة التي تلامس واقعه، تبعده عن الأوهام والافتراضات غير المنطقيّة، بحيث يجب أنّ تُبنى هذه العلاقات على الحُب والمودة والاحترام، كذلك الدعم والمساندة.
تؤكد المُحللة النفسية كارين هورني أنّ هُناك علاقة قوية جداً بين قلّة تقدير الذات والمُبالغة في البحث عن المودة لتحقيق الشخصية، تُشير نظريّة الطبيب النفسي ألفريد أدلر إلى أنّ تدنِّي الثقة بالنفس، يُجبر الأشخاص على السّعي وراء تطوير نِقاط القوّة لديهم كنوع من أنواع التعويض عن قلّة احترام الذات.


شارك المقالة: