مفهوم الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي:

تعتبر أهم وظيفة للعلاقات الجماعية بين الأفراد والعلاقات بين المجموعات هي تبادل المعلومات، حيث أنه غالبًا ما ينظر الأشخاص إلى علاقاتهم الشخصية وعلاقات العمل للحصول على المعلومات المطلوبة مثل الاسم المنسوب لأحد المعارف المشتركين، أو رأي حول استراتيجيات الاستثمار المحتملة، أو المساعدة في مهمة غير مألوفة مثل إنشاء شبكة لاسلكية.

غالبًا ما يتشارك الأشخاص في العلاقات عبء التعلم وتذكر المعلومات عن طريق تقسيم المسؤولية على مجالات المعرفة المختلفة، على سبيل المثال في فريق العمل قد يكون أحد الأعضاء مسؤولاً عن جميع المعلومات المتعلقة بالعميل الأول بينما قد يكون عضو آخر مسؤولاً عن جميع المعلومات المتعلقة بالعميل الثاني، وعندما يحتاج شخص ما إلى معلومات في منطقة أخرى، يمكنهم ببساطة سؤال الشخص المسؤول بدلاً من أخذ الوقت والطاقة لتعلم المعلومات بأنفسهم.

تشير الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي إلى فكرة أن الأشخاص في العلاقات المستمرة غالبًا ما يطورون تقسيمًا متخصصًا للعمل، أي أدوار محددة فيما يتعلق بتشفير وتخزين واسترجاع المعلومات من مجالات المعرفة المختلفة، ومنها يصبح كل عضو في العلاقة متخصصًا في بعض المجالات دون غيرها، ويعتمد الأعضاء على بعضهم البعض للحصول على المعلومات.

على سبيل المثال من بين شركاء الحياة، قد يكون أحد الشركاء مسؤولاً عن معرفة التقويم الاجتماعي للزوجين وجدول صيانة السيارة، بينما قد يكون الآخر مسؤولاً عن معرفة متى يجب دفع الفواتير وما هو موجود في الثلاجة، ويقلل هذا التخصص من حمل الذاكرة لكل فرد، ومع ذلك يمكن لكل فرد الوصول إلى مجموعة أكبر من المعلومات بشكل جماعي، لكي تعمل الذاكرة التفاعلية بشكل فعال.

الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي هي أكثر من معرفة من يطلب المعلومات في مجالات المعرفة المختلفة، كما يتضمن أيضًا عمليات الاسترجاع والاتصال، ومعرفة كيفية طلب المعلومات من الآخرين في النظام، ومعرفة كيفية توصيل المعلومات بشكل فعال لمن يحتاجون إليها ومعرفة كيفية استخدام المعلومات المسترجعة في القرارات الجماعية.

ما يجعل ذاكرة المعاملات العابرة هي الاتصالات بين الأفراد لتشفير المعلومات وتخزينها واستردادها من أنظمة الذاكرة الفردية الخاصة بهم، تستعير نظرية وأبحاث الذاكرة العابرة بشكل كبير مما هو معروف عن عمليات ذاكرة الأفراد وتطبقها على المجموعات، حيث تم عرض أدلة على أنظمة الذاكرة التبادلية في مجموعة متنوعة من العلاقات والمجموعات، بما في ذلك الأزواج الذين يرجع تاريخهم إلى الزوجين والعائلات والأصدقاء وزملاء العمل وفرق المشروع في كل من الإعدادات التنظيمية والمخبرية.

تطوير مفهوم الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي:

أحد الشروط الضرورية لتطوير مفهوم الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي هو الترابط المعرفي حيث يجب أن يدرك الأفراد أن نتائجهم تعتمد على معرفة الآخرين وأن نتائج هؤلاء الآخرين تعتمد على معرفتهم، وغالبًا ما يتطور الترابط المعرفي في العلاقات الشخصية الوثيقة، حيث يتشارك الناس المسؤوليات وينخرطون في محادثات حول العديد من الموضوعات المختلفة، ويتخذون قرارات مشتركة، ويمكن أن تنشأ أيضًا نتيجة لنظام المكافأة أو هيكل مهمة المجموعة.

تتطور الذاكرة العابرة عندما يتعلم الأفراد عن خبرة بعضهم البعض ويبدون في تفويض وتحمل المسؤولية في مجالات المعرفة المختلفة، وغالبًا ما تكون عملية التفويض التي يرتبط بها الأعضاء بمجالات المعرفة ضمنية وغير رسمية، وتظهر من خلال التفاعل، حيث يمكن أن يصبح الأفراد مرتبطين بالخبرة النسبية القائمة على المعرفة، والاتفاقيات المتفاوض عليها، أو من خلال الظروف، وفي المجموعات المشكلة حديثًا من المرجح أن يعتمد الأفراد على الصور النمطية بناءً على الخصائص الشخصية مثل العمر والجنس والعرق، الطبقة الاجتماعية والدور التنظيمي لاستنتاج ما يعرفه الآخرين.

في بعض الحالات يمكن أن تصبح هذه الافتراضات الأولية نبوءات تتحقق ذاتيًا حيث يتم تخصيص مجالات معرفة للأفراد تتوافق مع القوالب النمطية الاجتماعية، على الرغم من أنها قد لا تتناسب مع خبراتهم الفعلية، وفي النهاية يصبحون خبراء نتيجة لتلك المهام.

على سبيل المثال قد يتم تعيين أحد أعضاء المجموعة لإنشاء شبكة لاسلكية لأن المجموعة تفترض أنه يعرف عن التكنولوجيا أكثر من عضوات مجموعته الإناث بينما هو في الواقع لا يعرفها، ومن خلال عملية التعلم البطيئة والمرهقة لإعداده، أصبح في النهاية خبيرًا في الشبكات اللاسلكية، ومنها يتم تعيين مجالات المعرفة للأفراد التي تتوافق مع الصور النمطية الاجتماعية، على الرغم من أنها قد لا تتناسب مع خبراتهم الفعلية ويصبحون في النهاية خبراء نتيجة لتلك المهام.

توفر التفاعلات غير الرسمية والخبرات المشتركة فرصًا للأعضاء للتعرف على الخبرة النسبية للأعضاء الآخرين في مفهوم الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي، والإشارة إلى اهتماماتهم وتفضيلاتهم وتنسيق من يفعل ماذا، ومراقبة مهارات الأعضاء أثناء العمل، وتقييم استعداد الآخرين للمشاركة في نظام الذاكرة المعاملات.

يتم التحقق من صحة هذه الأنظمة التي تم إنشاؤها بواسطة التصميم الرسمي مثل قائمة المسؤوليات الوظيفية للموظفين في دليل إجراءات المكتب أو يتم تعديلها بمرور الوقت حيث يكتشف الأفراد ما إذا كان الأفراد المعينون لأدوار معرفية محددة قادرين ومستعدين لأدائها.

أهم العمليات في مفهوم الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي:

تم استخدام شبكة الكمبيوتر لمشاركة الدليل كاستعارة لتوضيح العمليات الرئيسية لأنظمة مفهوم الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي، حيث تتمثل أهم عمليات الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي من خلال ما يلي:

1- تحديث الدليل:

في عملية تحديث الدليل يقوم الأفراد بتطوير دليل عمل أو خريطة من يعرف ماذا وتحديثها عند حصولهم على المعلومات الجديدة ذات الصلة.

2- تخصيص المعلومات:

في عملية تخصيص المعلومات يتم إرسال المعلومات الجديدة التي تأتي إلى المجموعة إلى الشخص الذي ستسهل خبرته تخزينها.

3- تنسيق الاسترجاع:

في عملية تنسيق الاسترجاع تتضمن وضع استراتيجية فعالة ومستمرة بكفاءة لاسترجاع المعلومات المطلوبة بناءً على الشخص المتوقع الحصول عليها.

على عكس الطرق الحرفية والمباشرة التي تقوم بها شبكات الكمبيوتر بتحديث الدلائل، وتحديد موقع المعلومات وتخزينها واستردادها، غالبًا ما تكون أنظمة الذاكرة التفاعلية بين الوكلاء البشريين معيبة، حيث يمكن أن تختلف أنظمة الذاكرة العابرة من حيث الدقة أي درجة دقة تصورات أعضاء المجموعة حول خبرة الأعضاء الآخرين، والمشاركة أي الدرجة التي يشارك فيها الأعضاء في تمثيل من يعرف ماذا في المجموعة، والتحقق من الصحة أي الدرجة التي يتحمل الأعضاء المسؤولية عن مجالات المعرفة المختلفة والمشاركة في النظام.

ستكون أنظمة الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي أكثر فاعلية عندما تستند مهام المعرفة إلى القدرات الفعلية لأعضاء المجموعة، وعندما يكون لدى جميع أعضاء المجموعة تمثيلات متشابهة للنظام وعندما يفي الأعضاء بالتوقعات.

سياق وأهمية مفهوم الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي:

في السنوات الأخيرة ظهر اهتمام متجدد بالجوانب الجماعية للإدراك، حيث يجادل المؤيدين بأنه على عكس المفاهيم النفسية الاجتماعية الحالية للإدراك الاجتماعي باعتباره تفكيرًا فرديًا حول الأشياء الاجتماعية، يجب اعتبار الإدراك الاجتماعي نتاجًا للتبادل الاجتماعي ويتم بناؤه ومشاركته وتوزيعه بين مجموعات من الناس أثناء التفاعل.

تدرس نظرية وبحث مفهوم الذاكرة العابرة في علم النفس الاجتماعي الجوانب الجماعية للإدراك، وتساعد الذاكرة العابرة في شرح كيفية تعلم الأشخاص في المجموعات وتخزينها واستخدامها وتنسيقها لمعرفتهم لتحقيق الأهداف الفردية والجماعية والتنظيمية.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: