مفهوم وأهمية الواقعية الاكتئابية في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم الواقعية الاكتئابية في علم النفس الاجتماعي:

يشير مفهوم الواقعية الاكتئابية في علم النفس الاجتماعي إلى النتائج التي تفيد بأن الأفراد المكتئبين يميلون إلى أن يكونوا أكثر دقة أو واقعية من الأشخاص غير المكتئبين في أحكامهم عن أنفسهم، وعلى وجه التحديد تشير الدراسات في البحث النفسي إلى أن الأشخاص غير المكتئبين معرضون للأوهام المعرفية، بما في ذلك التفاؤل غير الواقعي، والمبالغة في تقدير أنفسهم، والشعور المبالغ فيه بقدرتهم على التحكم في الأحداث، حيث يشير إلى أن أحكام الأشخاص المكتئبين عن أنفسهم غالبًا ما تكون أقل تحيزًا.

سياق مفهوم الواقعية الاكتئابية في علم النفس الاجتماعي:

يعتبر مفهوم الواقعية الاكتئابية في علم النفس الاجتماعي استفزازي لسببين مهمين يتمثل من خلال ما يلي:

1- إنه يتعارض مع كل من حدس الفطرة السليمة وافتراض مهنة الصحة العقلية بأن الصحة النفسية يجب أن ترتبط بقدرة عالية على إدراك واختبار الواقع.

2- تمثل الواقعية الاكتئابية أيضًا تحديًا خطيرًا للنظريات المعرفية للاكتئاب، والتي أصبحت ذات أهمية متزايدة على مدار الثلاثين عامًا الماضية.

أهمية مفهوم الواقعية الاكتئابية في علم النفس الاجتماعي:

وفقًا للنظريات المعرفية يصدر الأفراد المكتئبين أحكامًا عن أنفسهم غير واقعية ومتطرفة وغير منطقية، وقد تم تصميم العلاج المعرفي للاكتئاب لتصحيح هذه التصورات غير المنطقية، إذا كان الأشخاص المكتئبون ينظرون إلى أنفسهم بشكل واقعي بالفعل، فقد لا تحتاج أنماط تفكيرهم إلى التصحيح الذي يقترح المعالجين المعرفيين تقديمه.

قد تكون دراسة الواقعية الاكتئابية بمثابة جسر بين علم النفس الإكلينيكي والتجريبي، على عكس علماء النفس العصبي وباحثي الإدراك، نادرًا ما درس علماء النفس الإكلينيكي الوظائف غير الطبيعية لتطوير نظريات حول علم النفس الطبيعي، ومع ذلك فإن فهم الواقعية الاكتئابية قد يسمح لعلماء النفس والباحثين برؤية الوظائف التكيفية للتحيزات المتفائلة في التفكير البشري العادي.

دليل مفهوم الواقعية الاكتئابية في علم النفس الاجتماعي:

عند التحدث عن أهم الأدلة التي تشير لمفهوم الواقعية الاكتئابية في علم النفس الاجتماعي، ففي إحدى الدراسات الأولى، طُلب من الطلاب الجامعيين المكتئبين وغير المكتئبين الحكم على درجة تحكمهم في نتيجة مهمة الضغط على الزر، حيث قام المجربين بشكل منهجي بتغيير الدرجة الفعلية للتحكم وكذلك التكرار والتكافؤ جيد أو سيء للنتيجة.

حكم الطلاب غير المكتئبين بشكل خاطئ على أنهم يتحكمون في النتائج الجيدة ولكن ليس النتائج السيئة، وقد يُتوقع من الطلاب المكتئبين إظهار التحيز المعاكس بدلاً من ذلك، كانوا دائمًا قضاة دقيقين على سيطرتهم على الأحداث.

أكدت العديد من الدراسات الأخرى للأطفال المكتئبين وطلاب الجامعات وكبار السن هذه النتائج، حيث تظهر التجارب أيضًا أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب أفضل من المتوسط ​​في توقع الأحداث في حياتهم، وخاصة المصائب والأزمات، حيث كان المشاركين في معظم هذه الدراسات مكتئبين بدرجة متوسطة فقط ولكن ليس من الواضح أنه حتى الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الشديد هم متشائمين بشكل غير واقعي.

مفهوم الواقعية الاكتئابية في المواقف الاجتماعية:

الواقعية الاكتئابية والأوهام المتفائلة غير الاكتئابية تُرى أيضًا في المواقف الاجتماعية، حيث وجدت إحدى الدراسات أن الأفراد العاديين والمرضى النفسيين الخارجيين الذين لم يصابوا بالاكتئاب صنفوا كفاءتهم الاجتماعية الخاصة أعلى بكثير من المراقبين الموضوعيين.

في المقابل اتفق مرضى الاكتئاب مع المراقبين، وهناك دليل على أن الأفراد المكتئبين هم الأفضل في تقييم الانطباع الذي يتركونه على الآخرين وأن الأمهات المصابات بالاكتئاب يبلغن عن سلوك أطفالهن بشكل أكثر دقة من الأمهات غير المكتئبات.

ومع ذلك فإن الأشخاص المكتئبين ليسوا أكثر واقعية في الأحكام على الآخرين، حيث وجدت الدراسات باستمرار أنه على الرغم من أن الأشخاص غير المكتئبين يخضعون لأوهام متفائلة بشأن أنفسهم، إلا أنهم غير متحيزين إلى حد ما في الحكم على الآخرين، الأفراد المكتئبين يفعلون العكس.

الآثار المترتبة على مفهوم الواقعية الاكتئابية في علم النفس الاجتماعي:

قد يكون للميل غير الاكتئابي للانخراط في التفكير المفرط في التفاؤل عن الذات عواقب سلوكية وعاطفية تكيفية، حيث أنها قد تعمل الأوهام المتفائلة على تعزيز احترام الذات، وزيادة المرونة تحت الضغط، وزيادة القدرة على المثابرة، وتقليل التعرض للاكتئاب، أي أنه أمر مثير للسخرية من وجهة نظر النظريات المعرفية للاكتئاب، لكن السمات غير المواتية للاكتئاب مثل تدني احترام الذات والحزن وانخفاض المثابرة قد تنجم عن فقدان الأوهام الشخصية الطبيعية والصحية.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: