مناهج البحث في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


يهتم علماء النفس الاجتماعي بالطرق التي يؤثر بها الآخرين على التفكير والعاطفة والسلوك؛ وذلك من أجل استكشاف هذه المفاهيم الخاصة بعلم النفس الاجتماعي، وهذا ما يتطلب أساليب بحث خاصة به كعلم مستقل.

تجارب مناهج البحث في علم النفس الاجتماعي:

أحد الأشياء التي أوضحتها تجربة (Triplett) للتسير الاجتماعي المبكرة هو اعتماد العلماء على المراقبة المنهجية على الرأي، أو الأدلة القصصية والمنهج العلمي كأحد مناهج وطرق البحث في علم النفس الاجتماعي، وعادة ما تبدأ مع مراقبة العالم من حولنا مثل نتائج مسابقات ركوب الدراجات، وتبدأ في التفكير في مسألة مثيرة للاهتمام.

تتضمن الخطوة التالية إنشاء توقع أو فرضية محددة قابلة للاختبار بعد ذلك، يجب على العلماء تفعيلها حسب المتغيرات التي يدرسونها، وهذا يعني أنه يجب عليهم اكتشاف طريقة لتحديد وقياس المفاهيم المجردة، على سبيل المثال، قد تعني عبارة أداء أفضل أشياء مختلفة في مواقف مختلفة.

وأشارت هذه التجربة أيضاً إلى مقدار الوقت الذي تم قياسه بساعة توقيت الذي استغرقته بعض المواقف مع تشغيل عبارة في وجود الآخرين، ففي هذه الحالة عندما يقوم فرد آخر بنفس السلوك والأداء في نفس الوقت وفي نفس المكان، فهذا يتيح إنشاء تعريفات تشغيلية محددة مثل معالجة المتغير المستقل بدقة، أو السبب، وقياس المتغير التابع، أو التأثير الأداء.

مناهج البحث في علم النفس الاجتماعي:

1- منهج المختبر:

اعتمد علماء النفس الاجتماعي دائمًا على بيئات معملية مصممة بعناية لإجراء تجارب حيث يمكنهم التحكم عن كثب في المواقف والتعامل مع المتغيرات، ومع ذلك، في العقود التي تلت اكتشاف تجربة التيسير الاجتماعي، تم ابتكار مجموعة واسعة من الأساليب والتقنيات، وهي مناسبة بشكل فريد لإزالة الغموض عن آليات كيفية ارتباطنا ببعضنا البعض والتأثير فيه.

تتمثل في استخدام التجارب المعملية المعقدة، والتجارب الميدانية، والملاحظة الطبيعية، وأبحاث المسح، والتقنيات غير الواعية، والأبحاث الأرشيفية، فضلاً عن الأساليب الأحدث التي تسخر قوة التكنولوجيا ومجموعات البيانات الكبيرة، لدراسة النطاق الواسع التي تقع في مجال علم النفس الاجتماعي.

نما استخدام التصميمات التجريبية المعقدة، مع العديد من المتغيرات المستقلة أو التابعة، بشكل متزايد لأنها تسمح للباحثين بدراسة التأثيرات الفردية والمشتركة لعدة عوامل على مجموعة من المواقف ذات الصلة، علاوة على ذلك، بفضل التقدم التكنولوجي ونمو علم الأعصاب الاجتماعي، يقوم عدد متزايد من الباحثين الآن بدمج العلامات البيولوجية مثل الهرمونات أو استخدام تقنيات التصوير العصبي في تصميماتهم البحثية لفهم الآليات البيولوجية التي تكمن وراء العمليات الاجتماعية بشكل أفضل.

2- المنهج الميداني:

نظرًا لأن علم النفس الاجتماعي يركز في المقام الأول على السياق الاجتماعي، أي المجموعات والعائلات والثقافات، فغالبًا ما يغادر الباحثين المختبر لجمع البيانات عن الحياة كما هي بالفعل، وللقيام بذلك يستخدمون نوعًا مختلفًا من التجربة المعملية، ويسمى التجربة الميدانية.

تشبه التجربة الميدانية تجربة معملية إلا أنها تستخدم مواقف من العالم الحقيقي، مثل التسوق في محل بقالة، وأحد الاختلافات الرئيسية بين التجارب الميدانية والتجارب المعملية هو أن الأشخاص في التجارب الميدانية لا يعرفون أنهم يشاركون في البحث، لذلك من الناحية النظرية سيتصرفون بشكل طبيعي أكثر.

في الحالات التي يكون فيها من غير العملي أو الأخلاقي تعيين المشاركين بشكل عشوائي لظروف تجريبية مختلفة، يمكننا استخدام الملاحظة الطبيعية أو مراقبة الأشخاص بشكل غير مخيف وهم يمضون في حياتهم، بحيث استخدم روبرت سيالديني وزملاؤه الملاحظة الطبيعية في سبع جامعات لتأكيد أن الطلاب أكثر عرضة لارتداء ملابس تحمل اسم المدرسة أو شعارها في الأيام التالية للفوز مقابل السحوبات أو الخسائر من قبل فريق المدرسة لكرة القدم.

يوفر الهاتف الذكي في كل مكان للباحثين في علم النفس الاجتماعي أداة لا تقدر بثمن للعمل مع المشاركين في الدراسة لجمع البيانات حول أشياء مثل أنشطتهم اليومية وتفاعلاتهم ومواقفهم وعواطفهم، ومجموعة من التقنيات يشار إليها مجتمعة بأساليب أخذ العينات التجريبية تمثل طريقة أخرى لإجراء المراقبة الطبيعية، وغالبًا عن طريق تسخير قوة التكنولوجيا.

في بعض الحالات، يتم إخطار المشاركين عدة مرات خلال اليوم بواسطة جهاز نداء أو ساعة يد أو تطبيق هاتف ذكي لتسجيل البيانات ويتم أيضاً استخدام مسجل صوت محمول صغير أو تطبيق هاتف ذكي لتسجيل مقتطفات مختصرة من محادثات المشاركين تلقائيًا على مدار اليوم للترميز والتحليل لاحقًا.

3- المنهج المسحي:

في هذا العالم المتنوع، يقدم المنهج المسحي نفسه كأداة لا تقدر بثمن لعلماء النفس الاجتماعي لدراسة الفروق الفردية والجماعية في مشاعر الناس أو مواقفهم أو سلوكياتهم، على سبيل المثال، استند مسح القيم العالمي على عينات تمثيلية كبيرة من 19 دولة، وسمح للباحثين بتحديد أن العلاقة بين الدخل والرفاهية الشخصية كانت أقوى في البلدان الفقيرة.

بعبارة أخرى، يكون للزيادة في الدخل تأثير أكبر بكثير على الرضا عن الحياة، إذا كان الفرد يعيش في مكان معين أكثر من العيش في مكان آخر، أي أن المنهج المسحي في علم النفس الاجتماعي يعتبر منهج بحثي شامل يضم العديد من الناس والعديد من الأماكن في الوقت نفسه.

ومنها أصبح الحصول على عينات تمثيلية كبيرة ومتعددة الثقافات أسهل كثيرًا منذ ظهور الإنترنت وانتشار منصات الاستطلاعات القائمة على الويب، ومنصات توظيف المشاركين، وعلى الرغم من أن بعض الباحثين لديهم شكوك حول تمثيل العينات عبر الإنترنت، فقد أظهرت الدراسات أن عينات الإنترنت أكثر تنوعًا وتمثيلًا من نواح كثيرة من العينات المعينة من مجموعات المواد البشرية.

4- منهج المحفوظات:

لا يحتاج الباحثين إلى الاعتماد فقط على تطوير بيانات جديدة لاكتساب نظرة ثاقبة للسلوك البشري، بحيث توفر الوثائق الحالية من عقود وحتى قرون ماضية ثروة من المعلومات المفيدة لعلماء النفس الاجتماعي، وهذا ما يطلق عليه أيضاً بمناهج البحث الأرشيفي في علم النفس الاجتماعي.

يوفر منهج المحفوظات والإحصاءات والسجلات الأخرى مثل الخطب والرسائل أو حتى التغريدات نافذة أخرى على علم النفس الاجتماعي، فعلى الرغم من أن هذه الطريقة تُستخدم عادةً كنوع من تصميم البحث الترابطي نظرًا لغياب التحكم في المتغيرات ذات الصلة، فإن الأبحاث الأرشيفية تشترك في الصلاحية البيئية للملاحظة الطبيعية.

أي أن الملاحظات تتم خارج المختبر وتمثل سلوكيات العالم الحقيقي، علاوة على ذلك، نظرًا لأنه يمكن جمع المحفوظات التي يتم فحصها في أي وقت ومن العديد من المصادر والمراجع، فإن هذه التقنية مرنة بشكل خاص وغالبًا ما تتضمن قدرًا أقل من الوقت والموارد الأخرى أثناء جمع البيانات.

استخدم علماء النفس الاجتماعي الأبحاث الأرشيفية لاختبار مجموعة متنوعة من الفرضيات باستخدام بيانات من العالم الحقيقي، ففي الآونة الأخيرة، زودت تحليلات منشورات ووسائل التواصل الاجتماعي علماء النفس الاجتماعي بمجموعات كبيرة للغاية من البيانات الضخمة؛ لاختبار الفرضيات الإبداعية.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: