منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


تهتم البحوث النفسية في علم النفس الاجتماعي بجميع المواقف والظروف المحيطة بعينة الدراسة الحالية، بحيث أنها تهتم بجميع المؤثرات الداخلية والخارجية؛ من أجل الوصول للصلاحية الداخلية والخارجية معاً، مما يجعل من الصدق البيئي أو ما يسمى بصلاحية المعلومات الخارجية من الأمور المهمة لتكامل البحث النفسي.

منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي:

منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي هي مدى تعميم نتائج البحث النفسي على الإعدادات النموذجية للحياة اليومية، على هذا النحو فإن الصدق البيئي هو شكل خاص من أشكال الصلاحية الخارجية، في حين تشير الصلاحية الخارجية أو الصدق الخارجي إلى المستوى العام الذي يتم فيه تعميم النتائج عبر الأشخاص والأماكن والوقت، ويشير منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي بشكل أكثر تحديدًا إلى مدى تعميم النتائج على الإعدادات والأشخاص المشتركين في مجتمع اليوم.

خلفية منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي:

للصدق أوجه عديدة بما في ذلك الصدق أو الصلاحية الداخلية أو ادعاءات دقيقة حول السبب، وصحة البناء أو ادعاءات دقيقة حول طبيعة المتغيرات، والصدق أو الصلاحية الخارجية أو ادعاءات دقيقة حول كيفية تعميم العمليات والنتائج عبر الأشخاص والأماكن والوقت.

منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي هو أحد جوانب الصلاحية الخارجية حيث يسأل الباحثين عما إذا كانت نتائج البحث النفسي تمثل ما يحدث في الحياة اليومية، وبشكل أكثر تحديدًا يتناول منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي ما إذا كان التأثير قد ثبت أنه يعمل في ظروف تحدث غالبًا للأشخاص في المجتمع المعني.

اختلافات منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي:

في هذا الصدد يرتبط منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي ارتباطًا وثيقًا بمفهوم الواقعية الدنيوية، حيث يقال إن المهام في المنهج التجريبي تتمتع بواقعية عادية عندما تشبه إلى حد بعيد الأنشطة الشائعة في البيئات الطبيعية، على سبيل المثال قد تكون الأنشطة في التجربة واقعية بهذه الطريقة العادية عندما يُطلب من المشاركين قراءة قصة جريدة حول قضية غامضة في بلد أجنبي.

يمكن اعتبار هذه الدراسة على أنها تحتوي على قدر كبير من الواقعية الدنيوية لأنها تستخدم أنشطة شائعة في الحياة اليومية مثل قراءة جريدة، ومع ذلك قد يُنظر أيضًا إلى الدراسة على أنها تفتقر إلى الواقعية التجريبية أي إلى أي مدى تكون الأنشطة ذات مغزى ولها تأثير على المشاركين، وإذا كان موضوع مقال الصحيفة غير مثير للاهتمام وفشل في إشراك المشاركين.

لا يعكس منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي ببساطة غياب الواقعية التجريبية؛ وذلك لأن هناك بالتأكيد العديد من الأنشطة الجذابة والمؤثرة التي تشكل الجوانب الأساسية للحياة اليومية، في الواقع يمكن للمرء أن يميز بين الواقعية الدنيوية والصدق البيئي من خلال ملاحظة أنه في العالم الحقيقي، من غير المرجح نسبيًا أن يقضي الناس وقتًا في قراءة مقال صحفي حول موضوع لا يعرفونه كثيرًا ولا يهتمون به كثيرًا.

وهكذا على الرغم من أن قراءة الصحيفة نفسها تبدو وكأنها تعكس الأنشطة اليومية بشكل جيد أي من خلال الواقعية الدنيوية، فإن استخدام هذا النشاط في البيئة التجريبية قد يختلف عن الطرق والأسباب التي يقرأها الناس عادةً للصحف، أي أن النتائج المستندة إلى استخدام هذا النشاط قد تفتقر إلى الصلاحية البيئية.

بهذا المعنى يرتبط منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي أيضًا بالواقعية النفسية أي إلى أي مدى تحدث العمليات النفسية التي تعمل في التجربة أيضًا في الحياة اليومية، وعند مناقشة الواقعية النفسية من المهم التمييز بين الأنشطة المحددة والمواد المستخدمة في الدراسة الواقعية الدنيوية، والتأثير المحتمل للأنشطة والمواد أي الواقعية التجريبية، وأنواع العمليات النفسية التي يستخدمها المشاركين لإكمال الأنشطة في الدراسة.

حتى إذا كانت الأنشطة في دراسة ما تحمل القليل من التشابه مع أنشطة العالم الحقيقي أي في الواقعية الدنيوية المنخفضة، ولها تأثير ضئيل نسبيًا على المشاركين أي في الواقعية التجريبية المنخفضة، فإن عمليات التفكير التي يستخدمها المشاركين في الدراسة قد تكون شائعة جدًا في العالم الحقيقي أي الواقعية النفسية العالية.

على سبيل المثال إذا تضمنت إحدى الدراسات الحكم على الكلمات بأسرع ما يمكن كما تظهر على شاشة الكمبيوتر، فلن يكون هذا نشاطًا نموذجيًا في الحياة اليومية، وقد لا تخلق الكلمات ردود فعل قوية لدى المشاركين في البحث النفسي، ومع ذلك إذا كانت الكلمات تعمل على تنشيط المفاهيم التي تساعد الأشخاص بعد ذلك على فهم الكلمة التالية بسرعة على الشاشة، فقد يوضح هذا عملية نفسية تتمثل في  تنشيط المفهوم وهي شائعة للغاية في الحياة اليومية.

كفاءة وفعالية منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي:

قد يتساءل الباحثين بشكل معقول عما إذا كانت الصلاحية البيئية موضع تقدير دائمًا؛ للتأكد من أن كل شيء آخر متساوٍ يفضل الباحثين أن تتكرر نتائجهم في ظروف العالم الحقيقي، ومع ذلك كما أشرنا سابقًا قد يتم اختبار العمليات النفسية التي ستعمل في العديد من البيئات اليومية بشكل أكثر كفاءة وفعالية باستخدام طرق تزيل الكثير من الفوضى أو نقص التحكم التجريبي في إعدادات العالم الحقيقي.

خاصة عندما يختبر المرء نظريات نفسية محددة ويقوم بذلك عن طريق عزل متغيرات معينة داخل النظرية، قد لا يكون الصلاحية أو الصدق البيئي أو حتى الخارجية بشكل عام ذات أهمية قصوى، ومع ذلك عند السعي للتدخل في إعدادات مطبقة محددة، قد يرغب المرء بالتأكيد في التأكد من أن تدخل الاهتمام قادر على التأثير على السلوك الإنساني حتى مع كل الفوضى في البيئة الطبيعية، وقد يكون هذا أكثر احتمالا إذا تم تطوير التدخل على أساس البحث الذي يتضمن أكبر عدد ممكن من ميزات بيئة العالم الحقيقي.

على الرغم من أن الصلاحية البيئية ذات صلة بالإعدادات التي قد تعممها النتيجة، يجب على القارئ أن يلاحظ أن الصلاحية البيئية أو أن منهج الصدق البيئي في علم النفس الاجتماعي ليست هي نفسها الصلاحية الخارجية، وليس هناك ما يضمن أن التأثير الموجود في إعداد محدد وصالح بيئيًا من المرجح أن يتم تعميمه عبر الإعدادات وهو جانب رئيسي من الصلاحية الخارجية، أكثر من التأثير الموجود في بيئة معملية أكثر اصطناعية.

على الرغم من أن دراسة أجريت في أحد المقاهي قد تؤدي إلى نتائج أكثر احتمالية للتعميم على المقاهي، إلا أنه من غير المرجح أن تعمم نتائج الدراسة عبر العديد من الأماكن مثل قاعات المحاكم أو قاعات مجالس الإدارة أو الفصول الدراسية أكثر من دراسة أجريت في المختبر حيث يتم التحكم في ضوضاء الخلفية بعناية أكبر.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: