نظرية علم النفس الإيجابي

اقرأ في هذا المقال


علم النفس الإيجابي هو مجال فرعي جديد في علم النفس يركز على نقاط القوة البشرية والأشياء التي تجعل الحياة تستحق العيش، يعتبر عالم النفس مارتن سيليجمان والد هذا الفرع من علم النفس بعد أن قاد الحملة لنشره في عام 1998، منذ ذلك الحين اكتسب علم النفس الإيجابي قدر كبير من الاهتمام، مما جذب انتباه علماء النفس وعامة الناس، قام مارتن سيليجمان الذي يشار إليه بمؤسس علم النفس الإيجابي بتعريف علم النفس الإيجابي بأنه الدراسة العلمية للأداء البشري الأمثل الذي يهدف إلى اكتشاف وتعزيز العوامل التي تسمح للأفراد والمجتمعات بالنمو.

علم النفس الإيجابي:

قبل حركة علم النفس الإيجابي ركز علم النفس السائد بشكل كبير على الجوانب السلبية للحياة؛ مثل الاكتئاب والقلق، أما الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM) هو الدليل التشخيصي الذي يملكه فقط كل عالِم نفس في العالم، لكن حتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم يكن هناك دليل مماثل مع التصنيف المنهجي للسمات والقيم البشرية الإيجابية.
في الواقع بين عامي 1887 و2001 مقابل كل 17 دراسة نفسية تتعلق بموضوع المشاعر السلبية، كانت هناك دراسة واحدة فقط تتعلق بالعواطف الإيجابية، تناول عدد قليل من الباحثين مواضيع مثل الإبداع والتفاؤل والحكمة، لكن لم يكن هناك أي نظرية أو إطار شامل يوحد بينها. قبل الحرب العالمية الثانية كان لعلم النفس ثلاث مهام رئيسية هم؛ فهم المرض العقلي وعلاجه وتحسين حياة وإنتاجية الأفراد وتحديد ورعاية المواهب العالية.
مع ذلك نظراً للأزمات الإنسانية في الفترة التي ثلث الحرب العالمية الثانية، تم توجيه جميع موارد علم النفس المتاحة نحو البحث عن الاضطرابات النفسية وعلاجها، هذه هي الطريقة التي بدأ بها مجال علم النفس للعمل في إطار المرض، أحد نتائج هذا الإطار إيجابي؛ حيث يمكن الآن علاج أربعة عشر مرض نفسي كان يعتبر غير قابل للشفاء، مع ذلك فإن الفشل في دراسة المواهب ونقاط القوة والجوانب الإيجابية الأخرى للحياة ترك فجوة في مجال علم النفس. أي علم يتعامل مع الأسئلة الأساسية للحياة البشرية، يكون غير مكتمل إذا كان يركز فقط على السلبية.

نظرية علم النفس الإيجابي:

ظهر علم النفس الإيجابي نتيجة الحاجة إلى دراسة النواحي الإيجابية للحياة بشكل علمي، تطورت نظرية علم النفس الإيجابي بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية؛ حيث تم الكشف من قبل مجموعة متزايدة من الأبحاث عن اللبنات الأساسية للسعادة والرفاهية، فمن خلال دراسات متعددة وجد مارتن سيليجمان أنّ مدى وعي الناس واستخدامهم لقوتهم المميزة على سبيل المثال، الشجاعة والمثابرة والحكمة، أثرت بشكل كبير على نوعية حياتهم.
أمضى سليجمان سنوات في تطوير نظرية الرفاهية والتي تسمى نموذج PERMA، يتكون النموذج من خمسة عناصر تشكل الأساس لحياة مزدهرة، كما أنّ كل عنصر من هذه العناصر له ثلاث خصائص:

  • المشاعر الإيجابية.
  • الارتباط.
  • العلاقات.
  • المعنى.
  • الإنجازات.

مكونات نموذج PERMA:

المشاعر الإيجابية:

توضح باربرا فريدريكسون أن المشاعر الإيجابية يمكن أن تبني قدراتنا الجسدية والفكرية والاجتماعية، لقد افترضت أنه من خلال توسيع نطاق وعينا وفكرنا، فإننا نبحث عن طرق مبتكرة ومرنة للتفكير والتصرف، بمرور الوقت يؤدي هذا التأثير الموسع إلى بناء المهارات والموارد، يُظهر بحث فريدريكسون أن الأشخاص الذين يعانون من المشاعر الإيجابية يقومون بمزيد من الروابط ويخلقون فئات أكثر شمول ولديهم مستويات عالية من الإبداع، تساعدنا المشاعر الإيجابية كذلك على أداء أفضل في العمل وتقوية علاقاتنا.

التدفق والارتباط:

إنّ التدفق هو تجربة الأداء النفسي الأمثل، حيث يتم استيعابنا تماماً في مهمة تتجاوز قليلاً مستوى مهارتنا، بالتالي تتطلب منا أن نمتد إلى مستوى جديد من الأداء، أفضل اللحظات في حياتنا ليست الأوقات السلبية والاستقبال والاسترخاء، عادةً ما تحدث أفضل اللحظات إذا امتد جسد الشخص أو عقله إلى أقصى حدوده في محاولة تطوعية لإنجاز شيء صعب وجدير بالاهتمام .
عند تجربة التدفق يصبح التركيز شديد التركيز على الليزر، بحيث يبدو أن كل شيء آخر يختفي ويتغير إدراك الوقت، فالصوت المتواصل في رأسنا يهدأ كذلك عند تجربة التدفق، كما تظهر الأبحاث أن قشرة الفص الجبهي وهي منطقة الدماغ المسؤولة عن العمليات المعرفية؛ مثل الانعكاس الذاتي والوعي الذاتي، تُظهر نشاط أقل أثناء حالات التدفق والنتيجة هي ارتفاع مستوى الأداء والإبداع.
يعتقد Mihaly Csikszentmihalyi الباحث الذي صاغ مصطلح التدفق، أنّ السعادة ليست شيءً يحدث ببساطة، بدلاً من ذلك يقول أنه نتاج فرد يواجه تحديات ليست متطلبة للغاية ولا بسيطة للغاية بالنسبة لقدرات الفرد.

العلاقات:

نحن كبشر ملتزمون بالتواصل مع الآخرين، كما أننا بحاجة إلى التواصل والحب والقرب الجسدي والعاطفي من الآخرين، تبدأ الحاجة إلى الاتصال منذ الولادة؛ بحيث يعتمد الأطفال على الآخرين لرعايتهم لأنهم غير قادرين على العيش بمفردهم، إضافة إلى ذلك يطوِّر البشر ويتعلمون عن الحياة ويتنقلون في العالم من خلال التفاعلات مع الآخرين ووجهات النظر التي يقدمونها.
قد لا يكون من المفاجئ أن الدراسات أظهرت مراراً وتكراراً أن الشيء الوحيد الذي يميز الأشخاص الأكثر سعادة هو جودة علاقاتهم، يعتبر الطبيب النفسي روبرت والدينجر وراء واحدة من أطول الدراسات وأكثرها اكتمالاً عن حياة البالغين، تابعت الدراسة مجموعتين من الرجال لمدة 75 عام، كان ذلك بدءاً من عام 1938، أجاب هؤلاء الرجال على استطلاعات الرأي كل عامين حول جودة زيجاتهم ورضاهم الوظيفي وأنشطتهم الاجتماعية، كل خمس سنوات قام الباحثون بفحص الصحة البدنية للأشخاص.
كان للدراسة سؤال واحد للإجابة عليه وهو؛ ما الذي يجعلنا سعداء وصحيين؟ فكشفت النتائج عن إجابة بسيطة وهي العلاقات الجيدة، لخص كريستوفر بيترسون هذا بشكل جيد مع اقتباسه “الأشخاص الآخرون مهمون”.

المعنى:

يجادل سيليجمان بأن مستوى رفاهية الفرد يتأثر بالاختيارات والمواقف والسلوكيات، لكنه يذكر أنه لا توجد طرق مختصرة؛ فالرفاه يتطلب الجهد والمثابرة، بينما تعتبر المشاعر الإيجابية ضرورية لحياة صحية، فإن تعزيز إحساس أعمق وأكثر ديمومة بالرفاهية يتطلب استكشاف المعنى. يعرّف Martin Seligman المعنى بأنه “استخدام نقاط القوة والفضائل التي تحمل توقيعك في خدمة شيء أكبر بكثير منك”.
كما يقول أن السعادة الحقيقية هي مقدمة للحياة ذات المغزى وأنه في حين أنه من الممكن تناول الأدوية لتوليد تأثيرات العاطفة الإيجابية والمتعة من خلال علم الأدوية، فإنه من غير الممكن تجميع الآثار الإيجابية للوجود في التدفق أو لتجربة المعنى”. عندما نطارد المتعة فقط من أجلها ونفشل في استخدام قوتنا نحو شيء ذي معنى، فقد نبدد إمكاناتنا، لكن عندما نطبق ونطور قوتنا وفضائلنا الفريدة تجاه شيء أكبر من أنفسنا، فإننا نشعر بإحساس أعمق بالرضا.

الإنجازات:

تظهر الدراسات باستمرار أن الأشخاص الذين يشعرون بالمشاركة الشخصية في تحقيق أهدافهم يشيرون إلى مستويات أعلى من الرفاهية ويتمتعون بصحة أفضل من الأشخاص الذين يفتقرون إلى الإحساس بالتوجيه في حياتهم، مع ذلك لا تساهم جميع الأهداف بالتساوي في الرفاهية، كما تُظهر الأبحاث أن الأهداف التي تؤدي إلى الرفاهية ذات مغزى شخصي.
في أوائل الستينيات كان سيليجمان يعمل في مختبر البروفيسور بايرون كامل، في ذلك الوقت كانت نظرية التحفيز السائدة هي نظرية الاختزال الدافع، التي تنص على أن جميع الحيوانات تتصرف بناءً على الحاجة إلى تلبية احتياجاتها البيولوجية، مع ذلك في عام 1959 نشر روبرت وايت مقال بعنوان “إعادة النظر في الدافع” والذي يتعارض مع نظرية تقليل الدافع، في ذلك جادل بأنه بدلاً من مجرد تلبية الاحتياجات البيولوجية، غالباً ما يتصرف الناس والحيوانات من أجل السيطرة على بيئاتهم.
وجد سيليجمان أن هذا صحيح، في الغالب ما نسعى لتحقيق الإنجاز في حد ذاته، حتى لو لم يُترجم إلى زيادة في المشاعر الإيجابية أو المعنى أو جودة العلاقات؛ إذن كيف نغير منظورنا لدمج هذه الجوانب الأخرى التي تساعد البشر على الازدهار؟

أدوات علم النفس الإيجابي:

يمكن تعريف علم النفس الإيجابي بأنه أحد الدراسات العلمية لنقاط القوة التي تساعد الفرد والمجتمع على الازدهار، تأسس هذا المجال على الإيمان بأن الناس يريدون أن يعيشوا حياة هادفة ومُرضية، كذلك أن يزرعوا ما هو أفضل داخل أنفسهم ويعززوا تجاربهم في الحب والعمل واللعب.
يجب أن نقوم بتقييم مستوى رفاهيتنا باستخدام هذه القائمة المفيدة من أدوات تقييم علم النفس الإيجابي التي تقيس الأبعاد المختلفة للرفاهية، مثل الامتنان والمعنى والأمل، جمعت هذه القائمة من أدوات البحث التي تم التحقق من صحتها تجريبياً صوفيا جوه وهي مستشارة مهنية ومعالجة نفسية.

  • تحديد القوة: يجب أن تعرف على المزيد حول قوة الشخصية التي طورها أكاديميون بارزون في علم النفس الإيجابي، بما في ذلك مؤسس الحركة مارتن سيليجمان، حيث تظهر الأبحاث أن الناس يميلون إلى أن يكونوا أكثر سعادة ورضا في حياتهم عند استخدام نقاط قوتهم على أساس منتظم.
  • سلسلة مشاركة مدونة علم النفس الإيجابي: يجب أن نتعرف على المزيد حول العلم وراء علم النفس الإيجابي في هذه السلسلة من مشاركات المدونات الجذابة والتي تحتوي على كمِّ كبير من المعلومات التي كتبها إليزابيث هوبر في علم النفس الاجتماعي.

المصدر: علم النفس الإيجابي، محمد حسن غانمقوة علم النفس الإيجابي، د.ابراهيم يونسعلم النفس الإيجابي، اسماعيل محمود عبد الرحمنعلم النفس، هاني يحيى نصري


شارك المقالة: