نموذج روبيكون في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


نموذج روبيكون في علم النفس الاجتماعي:

للتمييز والتكامل بين اختيار الأهداف وتحقيقها تمّ تطوير نموذج روبيكون لمراحل العمل، حيث يصف هذا النموذج السعي وراء الهدف الناجح على أنه حل أربع مهام متتالية تتمثل في الاختيار بين الأهداف المحتملة والتخطيط لتنفيذ الهدف المختار، والعمل على الهدف المختار، وتقييم ما تم تحقيقه من خلال العمل على الهدف وما لا يزال يتعين تحقيقه من خلال مزيد من العمل على الهدف.

مراحل نموذج روبيكون في علم النفس الاجتماعي:

يفترض نموذج روبيكون في علم النفس الاجتماعي لمهام العمل أربع مراحل متميزة من السعي وراء الهدف تتمثل من خلال ما يلي:

1- المرحلة السابقة:

يتم في المرحلة السابقة التداول في إيجابيات وسلبيات احتياجات وميول واتجاهات الفرد ورغباته من خلال تقييم مدى الرغبة في النتائج المتوقعة ومسألة الجدوى أي هل يمكنني الحصول على النتائج المرجوة إذا أردت ذلك؟

2- مرحلة ما بعد القرار:

يتم في مرحلة ما بعد القرار التخطيط لتنفيذ الهدف المختار من خلال تحديد متى وأين وكيف يريد المرء أن يتصرف نحو الهدف.

3- المرحلة الفعلية:

يتقدم في المرحلة الفعلية من نموذج روبيكون في علم النفس الاجتماعي المرء نحو الهدف من خلال بدء السلوكيات الموجهة نحو الهدف والوصول بها إلى نهاية ناجحة.

4- مرحلة ما بعد النشاط:

يتم في مرحلة ما بعد النشاط تقييم النتائج المحققة للسلوك الإنساني الموجه بالهدف من خلال النظر إلى الوراء على سبيل المثال ما مدى نجاحي في أداء السلوك الموجه نحو الهدف؟ وإلى الأمام أي ما الذي يجب القيام به حتى الآن لتحقيق النتائج المرجوة التي ينطوي عليها هدفي؟

يتم فصل هذه المراحل الأربع بثلاث نقاط انتقالية واضحة تتمثل بما يلي:

1- اتخاذ قرار بالسعي لتحقيق رغبات ورغبات معينة وبالتالي تحويلها إلى أهداف.

2- الشروع في الإجراءات المناسبة لتحقيق هذه الأهداف.

3- تقييم النتائج المحققة لهذه الإجراءات الموجهة نحو الهدف.

من خلال ما سبق من المراحل والنقاط الانتقالية فتسمى نقطة الانتقال في نهاية المرحلة الأولى انتقال روبيكون، حيث تأتي هذه الاستعارة من عبور يوليوس قيصر لنهر روبيكون الإيطالي الشمالي مع جيشه بعد بعض الترددات في عام 49 قبل الميلاد مما أدى إلى اندلاع حرب أهلية.

من خلال عبور روبيكون ألزم قيصر نفسه بالقهر أو الفناء، هكذا الاستعارة أي عبور روبيكون ترمز إلى أنه بمجرد أن يقرر المرء متابعة رغبة أو ميول محددة، يتم إنهاء المداولات المؤيدة مقابل المخالفة، ويلتزم المرء بشدة بالعمل، وهكذا في نهاية المرحلة السابقة، يتم استبدال المداولات بشعور من العزم على تحقيق الرغبة أو الرغبة السابقة التي يتم اختبارها الآن كهدف ثابت.

العقلية العملية والتنفيذية في نموذج روبيكون في علم النفس الاجتماعي:

ترتبط أنماط التفكير المختلفة بكل مرحلة من مراحل العمل الأربعة ما يسمى بعقلية العمل، من خلال الانخراط في المهام المميزة المطروحة في كل مرحلة من المراحل الأربع، تصبح بعض طرق التفكير أكثر بروزًا، على سبيل المثال يتم تنشيط الإجراءات المعرفية الفريدة، حيث ترتبط العقلية العملية بمرحلة ما قبل الإجراء، وتظهر عندما يبدأ الناس في التفكير في مشكلة شخصية لم يتم حلها والتي لا تزال رغبة أو حلم، والتفكير في إيجابيات وسلبيات المدى القصير والطويل لكل من اتخاذ القرار وعدم اتخاذ القرار لتحقيقها.

ترتبط العقلية التنفيذية بمرحلة ما بعد القرار، ينشأ عندما يبدأ الناس في التخطيط للخطوات التي يريدون اتخاذها لتحقيق الهدف المختار فعليًا، وتحدد هذه الخطط متى وأين وكيف ينوي المرء تنفيذ كل خطوة من هذه الخطوات.

للتحقيق في النتائج المعرفية والتقييمية الذاتية والسلوكية للعقلية العملية والتنفيذية، تم اختراع النموذج التجريبي التالي، حيث تم جعل المشاركين في البحث النفسي، يعتقدون أنه يتعين عليهم إجراء تجربتين مختلفتين متتاليتين يتم إجراؤها عادةً بواسطة مجربين مختلفين، ثم يقوم المجرب الأول بإثارة العقليات العملية والتنفيذية.

يتم تحفيز العقلية العملية من خلال جعل المشاركين يتداولون في مشكلة شخصية لم يتم حلها بعد على سبيل المثال هل يجب أن أنتقل إلى شقة مختلفة؟ ويتم تحفيز العقلية التنفيذية من خلال جعل المشاركين يخططون لتنفيذ مشروع مختار ليتم حلّه في المستقبل القريب على سبيل المثال الانتقال إلى شقة مختلفة.

المجرب الثاني كونه أعمى عن هذا التلاعب بالعقليات، ثم يطلب من المشاركين أداء مهام معينة أو الإجابة على الاستبيانات التي تستفيد من السمات المعرفية المفترضة لهاتين العقليتين، حيث استخدمت العديد من الدراسات في علم النفس الاجتماعي والتحفيزي هذا النموذج لإظهار أن العقلية العملية والتنفيذية التي تم إنشاؤها على هذا النحو لها عواقب مميزة.

السمات الشخصية للعقلية العملية والتنفيذية في نموذج روبيكون:

عادةً ما يُظهِر الأشخاص في العقلية العملية العديد من السمات الشخصية تتلخص في النقاط التالية:

  • يقيمون أنفسهم بدقة أي يقيمون أنفسهم بشكل واقعي فيما يتعلق بالذكاء والجاذبية وغيرها.
  • يظهرون أوهامًا إيجابية منخفضة للتحكم في التكرار المتكرر أي النتائج التي لا يمكن السيطرة عليها.
  • تصدر أحكامًا وهمية أقل إيجابية عن عدم تعرضهم للسيطرة على سبيل المثال الطلاق ووجود مشكلة في الصحة والمخاطر التي لا يمكن السيطرة عليها، على سبيل المثال وفاة أحد أفراد الأسرة.
  • هم محايدون في الشعور بأنهم يقومون بتقييم المعلومات المتعلقة بالاستحسان بالتساوي.
  • أنهم فعالون بشكل خاص في معالجة المعلومات المتعلقة بالميول.
  • منفتحون نظرًا لأن معالجتهم للمعلومات العَرضيّة فعالة جدًا بشكل عام.

في المقابل يُظهر الأشخاص في العقلية التنفيذية سمات مختلفة تمامًا تتلخص في النقاط التالية:

  • يقيّمون أنفسهم بطريقة وهمية إيجابية للغاية على سبيل المثال يصنفون أنفسهم على أنهم أكثر ذكاءً وجاذبية من الشخص العادي في مجموعة أقرانهم.
  • يظهرون أوهامًا قوية بالتحكم في النتائج المتكررة، ولكن التي لا يمكن السيطرة عليها.
  • يصدرون أحكامًا وهمية إيجابية للغاية بشأن قابليتهم للسيطرة على النتائج التي لا يمكن السيطرة عليها.
  • هم جزئيون بمعنى أنهم يركزون على الميول الإيجابية ذات الصلة المعلومات أكثر من المعلومات المتعلقة بالميول السلبية.
  • تكون فعالة بشكل خاص في معالجة المعلومات المتعلقة بتحقيق الأهداف.
  • هم منغلقون بمعنى أنهم يتصفون بالبطء إلى حد ما في معالجة المعلومات العرضية.

تأثير العقلية العملية والتنفيذية في نموذج روبيكون:

وهناك اختلافات فردية في القدرة على تنشيط العقليات العملية والتنفيذية وتأثيراتها على الإدراك والسلوك، حيث يتم التحكم في تأثيرات التفكير العملي والتنفيذي من خلال مستوى تحفيز الشخص للإنجاز، والقلق الاجتماعي والالتزام بالأهداف، على سبيل المثال يُظهر الأشخاص الذين يتحدد دافعهم الإنجازي بقوة بالأمل في النجاح على عكس الخوف من الفشل تفاؤلًا وهميًا قويًا عندما يكونون في عقلية تنفيذية مقارنة بالعقلية العملية.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: