نموذج قرار المساعدة في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


نموذج قرار المساعدة في علم النفس الاجتماعي:

نموذج قرار المساعدة هو النموذج الذي تم تقديمه بواسطة بيب لاتاني وجون دارلي، حيث يحدد هذا النموذج عملية من خمس خطوات ستحدد ما إذا كان الشخص سيتصرف أم لا في حالة مساعدة، حيث يهدف هذا النموذج في علم النفس الاجتماعي أيضًا إلى تقديم حجة مضادة للاقتراح القائل بأن الناس لا يساعدون في حالات الطوارئ لمجرد أنهم يصبحون غير مبالين.

كما يقترح لاتاني و دارلي أنه قد يكون تفسير الفرد لحالة الطوارئ أكثر تأثيرًا من الدافع العام للفرد عندما يتعلق الأمر بأفعاله في حالة الطوارئ، ومنها يوضح نموذج القرار الخاص بالمساعدة الخطوات الخمس لمساعدة السلوك الإنساني.

يجب أن يتعرف المتفرج على المشكلة إذا تم النظر إليها على أنها مشكلة، وما يتلوها تتطلب تفسير المشكلة على أنها حالة طارئة إذا اعتبرت حالة طوارئ، فإن ما يليها يتطلب من المارة أن يشعر بالتزام شخصي للتصرف إذا شعر المارة بمسؤولية المساعدة، من ثم تتطلب أن يقرر المارة كيفية التصرف أي شكل من أشكال التعاون في المساعدة، وأخيرًا يجب أن يقرر المارة كيفية تنفيذ شكل المساعدة، وبالتالي فإن نموذج القرار الخاص بالمساعدة يشرح عملية السلوك الإنساني المساعد من إدراك المشكلة إلى فعل المساعدة الفعلي.

خطوات نموذج قرار المساعدة في علم النفس الاجتماعي:

هناك خمس خطوات متميزة ومتتالية في نموذج قرار المساعدة في علم النفس الاجتماعي والتي تتمثل بشكل أوضح من خلال ما يلي:

1- التعرف على المشكلة:

يجب أن يدرك الشخص في خطوة التعرف على المشكلة أولاً أن كل ما يحدث ليس طبيعيًا أو عاديًا أو شائعًا أي أنها تعتبر مشكلة، حيث توجد تجربة شهيرة أجراها دارلي ولاتان تجسد هذه الخطوة الأولى، كان المشاركين التجريبيين فيها يكملون استبيانًا في غرفة الانتظار قبل إجراء مقابلة عندما يظهر الدخان فجأة من فتحة تهوية، وكان هؤلاء المشاركين إما في غرفة الانتظار بمفردهم أو مع اثنين من المشاركين الآخرين الذين كانوا في الواقع متحالفين يتظاهرون بأنهم ينتظرون مقابلتهم.

أظهرت النتائج أن 15٪ من المشاركين الذين كانوا في غرفة الانتظار بمفردهم أبلغوا المختبِر عن الدخان، في حين أن 10٪ فقط من المشاركين فعلوا ذلك عندما كانوا في غرفة الانتظار مع اثنين آخرين، ومنها استخدم دارلي ولاتان هذه التجربة لتوضيح كيف يجب على الناس التعرف على المشكلة أولاً.

المشاركين الذين يعتقدون بمفردهم أن هناك شيئًا ما خطأ عندما يرون الدخان ينبعث من فتحة التهوية؛ نظرًا لأن هذا لا يحدث عادةً ومنها يدرك المشاركين أن هذا قد يكون مشكلة وبالتالي يبلغون عنه إلى المجرب، ومع ذلك في الحالة الأخرى يرى المشاركين أن الدخان يخرج من فتحة تهوية ولكن بعد ذلك ينظرون إلى التعبيرات الهادئة للحلفاء، الذين يواصلون ملء الاستبيان، ويستنتجون أن الدخان قد لا يكون مشكلة.

بعد كل شيء إذا كانت هذه مشكلة لكان قد ظهر على الحلفاء في حالة من الذعر ومن ثم فإن المعنى الضمني هو أن نفس الحدث وهو تنفيس مدخن، ويمكن تفسيره على أنه مشكلة عندما يكون المشارك بمفرده ولكن ليس عندما يكون المشارك في وجود أقران هادئين.

 2- تفسير المشكلة على أنها حالة طارئة:

إذا استنتج المارة أن هناك مشكلة في الخطوة الأولى، فإن الخطوة الثانية تتبع تفسير المشكلة على أنها حالة طوارئ، حيث يتوقع لاتاني و دارلي تكاليف مادية ومعنوية كبيرة لكل من التدخل وعدم التدخل، مشيرًا بالإضافة إلى ذلك إلى أن المكافآت المرتبطة بالمساعدة ليست عالية أو مربحة في العادة.

وبالتالي فإن إدراك المشكلة على أنها حالة طارئة يخضع للتبريرات مثل استبعاد المدى الذي تكون فيه المشكلة بالفعل حالة طارئة، حيث تم توضيح ميل المتفرجين إلى تجنب إدراك المشكلة كحالة طارئة في تجربة تتضمن قتالًا بين الأطفال، وتم وضع المشاركين في غرفة مجاورة لأخرى حيث كان الأطفال يلعبون عندما تحدث أصوات القتال أو اللعب.

تم إخبار المشاركين سابقًا أن الأطفال إما تحت إشراف أو بدون إشراف، حيث أظهرت النتائج أن 88٪ من المشاركين الذين تم إخبارهم بأن الأطفال خضعوا للإشراف لا توجد مسؤولية شخصية اعتقدوا أن القتال كان حقيقيًا، مقارنة بـ 25٪ فقط من هؤلاء المشاركين الذين قيل لهم إن الأطفال غير خاضعين للرقابة أي مسؤولية شخصية.

بعبارة أخرى كان المشاركين الذين لديهم مسؤولية شخصية أكبر عن الأطفال أكثر ميلًا إلى تبرير القتال على أنه لعب أكثر من أولئك الذين ليس لديهم أي مسؤولية، ومن ثم فإن المعنى الضمني هو أن نفس المشكلة يمكن أن يُنظر إليها على أنها حالة طارئة في حالة واحدة دون الأخرى، ويعود قرار المرء بشأن المساعدة من عدمه إلى تفسير المشكلة على أنها حالة طارئة.

3- تحديد ما إذا كان المرء يتحمل مسؤولية التصرف:

إذا أدرك الناس مشكلة ما مثل الخطوة الأولى وفسروها على أنها حالة طارئة أي ما يتم في الخطوة الثانية، فإن المارة يضطر إلى تقرير وتحديد ما إذا كان يتحمل مسؤولية التصرف، حيث أن المتفرج الذي يكون بمفرده يتحمل كل المسؤولية أثناء حالة الطوارئ، ومع ذلك يمكن أن ينتشر مستوى المسؤولية الشخصية الذي يشعر به المرء إلى الحد الذي يتواجد فيه المارة الآخرين ويدركون الحاجة إلى المساعدة.

على سبيل المثال النظر إلى القضية الشهيرة على سبيل المثال عندما كان المشاركين التجريبيين برفقة أصدقاء لهم لم يكن هناك فقط زيادة كبيرة في النسبة المئوية للمشاركين الذين أكملوا الخطوتين الأولى والثانية من نموذج القرار ولكن أيضًا الخطوة الثالثة في تحديد مسؤولية التصرف.

في الواقع كانت المعدلات التي يتحمل فيها المشاركين مسؤولية التصرف عندما يرافقهم صديق مماثلة للمعدلات التي فعلها المشاركين عندما يكونون بمفردهم مع الضحية، ولم تكن هناك زيادة ملحوظة فقط في النسبة المئوية للمشاركين الذين أكملوا الخطوتين الأولى والثانية من نموذج القرار ولكن أيضًا الخطوة الثالثة في تحديد مسؤولية التصرف.

4- تحديد كيفية المساعدة وكيفية التصرف:

بافتراض استيفاء الخطوات الأولى والثانية والثالثة تتبع الخطوتان الرابعة والخامسة، حيث تتضمن الخطوة الرابعة من نموذج لاتاني ودارلي تحديد شكل المساعدة التي يجب تقديمها، حيث تحتوي هذه الخطوة على العديد من المتغيرات، بما في ذلك كفاءة وثقة المتفرج في سياق معين، ويتبع هذه الخطوة عن كثب فعل المساعدة الفعلي الخطوة الخامسة.

يناقش لاتاني و دارلي الخطوتين الرابعة والخامسة معًا ولاحظ أنه بمجرد وصول الفرد إلى الخطوة الرابعة، فمن المحتمل جدًا أنه سيستمر في الخطوة الخامسة بشكل مباشر، وهكذا بمجرد أن يقرر الفرد كيفية المساعدة، فمن المحتمل جدًا أن يقوم بتنفيذ هذه الطريقة للمساعدة.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: