حيوان الرنة وصغيره

اقرأ في هذا المقال


تتجول حيوانات الرنة الخيالية في كل مكان يُنظر إليه، وعلى الرغم من عدم إنكار بطولات عطلتهم إلّا أنّ حيوانات الرنة الحقيقية هي في الواقع أكثر إثارة، فهم لا يمكنهم الطيران، وليس لديهم أنوف حمراء، ولدى الرنة الحقيقية عادات وتكيفات لا تصدق تسمح لها بالازدهار في ظروف قاسية.

ما هي الرنة

ما هو الفرق بين الوعل والرنة؟ إنّهما في الواقع من نفس النوع (Rangifer tarandus)، وبشكل عام الوعل هو ما نطلق عليه هذه الحيوانات في أمريكا الشمالية، حيث تتجول في البرية في كندا وألاسكا، والرنة هو الاسم الذي يطلق على الأنواع في أوروبا وآسيا، وهناك اختلاف آخر ومعظم حيوانات الرنة في أوراسيا محلية، حيث يتم رعيها منذ 2000 عام على الأقل، في حين أنّ هذه هي الغزلان الوحيدة المستأنسة بالكامل إلّا أنّها لا تزال تتجول على نطاق واسع ويقودها الرعاة في طرق الهجرة، ومع ذلك فإنّ الرنة المحلية لديها أرجل أقصر وبنى ممتلئة أكثر من الإصدارات البرية.

حيوان الرنة لديه أوتار تنزلق فوق عظام القدم أثناء سيرها مما ينتج عنه نقرة عالية، وتفترض العديد من المصادر أنّ هذه النقرة تسمح لرنة بسماع بعضها البعض في الطقس القاسي أو الضبابي، وبالتالي تمكين القطعان من الالتصاق ببعضها البعض، وأظهرت الأبحاث الحديثة أنّه كلما زاد حجم حيوان الرنة زاد صوت النقرة، وقد يؤدي النقر بصوت عالٍ إلى فرض التسلسل الهرمي الاجتماعي أو حتى المساعدة في جذب الأصدقاء المحتملين.

قرون الرنة وسانتا

بالنسبة لمعظم أمريكا الشمالية تعتبر الغزلان ذات الذيل الأبيض والغزلان البغل من أكثر الحيوانات المألوفة في قرن الوعل، ونحن نعلم أنّ الظبي له قرون، وينطبق هذا أيضًا على الأيائل والموظ وغيرهم من أفراد عائلة الغزلان ماعدا الرنة، وكلا الجنسين من الوعل والرنة يحمل قرون، وتصور العديد من الصور الخيالية -مثل فيلم رودولف الخاص التلفزيوني الشهير- أنثى الرنة بدون قرون ولكن هذا ليس هو الحال، كما تسقط قرون ذكور الرنة بعد موسم التكاثر لذا سيكون معظمها بلا قرن بحلول يوم عيد الميلاد، ومع ذلك فإنّ أنثى الرنة عادة ما تحتفظ بقرونها حتى تنجب عجولًا في الربيع، وعلى هذا النحو فإنّ الرنة التي تجر مزلقة سانتا تكون على الأرجح من الإناث.

أنف الرنة

أنوف الرنة لا تصدق ليس فقط للسبب الذي يعتقده المرء، فعندما تزفر في الهواء البارد سيُرى بخارًا، فأنفاس المرء أكثر دفئًا من الهواء بالطبع، ولن تّرى هذا من أجل الرنة، حيث إنّ تجويف أنف حيوان الرنة يبرد الهواء القادم من الرئتين بدرجة مذهلة تبلغ 70 درجة فهرنهايت قبل أن يطرد في الهواء، وعلى هذا النحو يتكثف بخار الماء قبل أن يدخل الهواء، وعندما يتنفس حيوان الرنة يقوم الأنف بتدفئة الهواء قبل دخوله إلى الرئتين.

هذا يساعد الرنة على الحفاظ على الحرارة والطاقة في الظروف شديدة البرودة حيث تعيش، أو كما جاء في الورقة البحثية حول هذا الموضوع بأنّه قد أدت الحرارة والماء اللذان استعادهما المبادل الحراري المضاد للتيار الصدغي للأنف في الرنة إلى خفض كبير في تكلفة التمثيل الغذائي للبقاء على قيد الحياة أثناء التعرض للبرد، وأنف الرنة مليء بالأوعية الدموية، وعند مشاهدته بالكاميرات الحرارية يبدو ضارب إلى الحمرة ومن الممكن حتى أن يقال أنّه يضيء.

هذه مجرد واحدة من العديد من التعديلات التي تساعد الرنة على الازدهار في البيئات الباردة والقاسية على ما يبدو، وفي الواقع نتخيل أنّ الرنة تكافح من أجل البقاء في ظروف القطب الشمالي ولكنها في الواقع تعمل بشكل جيد، كما إنّه الطقس الدافئ وما ينتج عن ذلك من البعوض والطفيليات التي يمكن أن تجعل الحياة صعبة على الرنة، وهذا هو السبب في أنّ تغير المناخ يشكل تحديات خطيرة لهذه الحيوانات.

العيون

الرنة الحقيقية لا تحتاج إلى أنف أحمر لقطع الضباب، كما إنّها واحدة من الثدييات القليلة التي يمكنها رؤية الأشعة فوق البنفسجية، حيث يجب أن تتكيف الرنة مع التغيرات الشديدة في ظروف الإضاءة، ففي الصيف قد يكون لديهم 24 ساعة من ضوء النهار ولكن الشتاء بالمثل يعني الظلام طوال اليوم.

قد تتغير عيون الرنة حيث في الصيف تبدو ذهبية وتعمل مثل العديد من الحيوانات الأخرى، ولكن في الشتاء تكون عيونهم زرقاء مما يسمح بزيادة الحساسية البصرية بشكل ملحوظ، ووفقًا لبحث في وقائع الجمعية الملكية (Proceedings of the Royal Society B) فإنّ هذا يسمح للرنة باكتشاف الأشنات حتى تحت الثلج، وقد يساعد أيضًا في اكتشاف الحيوانات المفترسة في ظروف الإضاءة المنخفضة.

النظام الغذائي

إنهم نباتيون وهذا يعني أنّهم لا يأكلون اللحوم على الإطلاق وفقط أي شيء أخضر، وبشكل رئيسي الأشنة والفطريات والأوراق، فحيوان الرنة من الحيوانات المجترة حيث يأكل أوراق الأشجار والحالب والبراعم والسرخس والأعشاب.

تكاثر وصغار الرنة

تعيش أيائل الرنة في قطعان يتراوح عددها بين 10 إلى 1000، ولديهم نمط حياة قطيع نموذجي للغاية حيث يتقاتل الذكور البالغون مع بعضهم البعض من أجل الأرض والحق في التزاوج مع الإناث، وعادة ما تلد الإناث عجلاً واحداً وفي حالات نادرة اثنين، ويقف حيوان الرنة حديث الولادة على قدميه في دقائق ويمكنه الركض بسرعة عداء أولمبي بعد نصف ساعة فقط، وبحلول نهاية اليوم الأول يمكن لصغار الرنة مواكبة القطيع بأقصى سرعة، ومن المثير للدهشة أنّ النسر الذهبي هو المفترس الأول لحيوان الرنة ويمكنه بالفعل حمل عجول حديثة الولادة بعيدًا في مخالبهم.

الأم تربي العجل الصغير ولكن القطيع كله يحمي بعضه، ويمتلك حيوان الرنة صفة غير عادية تساعدهم على البقاء معًا في ظروف بيضاء أو عاصفة ثلجية يتعرضون لها غالبًا في عالمهم القطبي، حيث تصدر مفاصل ركبهم أصوات نقر أثناء المشي حتى يعلموا أنهم ما زالوا مع القطيع، وستبقى أنثى الرنة الصغيرة مع أمهاتها وأخواتها في نفس القطيع طوال حياتها، وعادة ما يغادر الشباب الذكور للانضمام إلى قطيع أعزب.

الحفاظ على الرنة

الرنة مخلوقات لا تصدق ولكنها في ورطة، وقد تكون واحدة من أكثر الحيوانات تأثراً بتغير المناخ، فتطوير الطاقة الجديدة وفقدان الموائل الأخرى له تأثير كبير، ويمكن أن تتعطل طرق هجرتها وهي من الأطول بين الثدييات بسهولة، وقد شهدت حيوانات الرنة والكاريبو انخفاضًا في عدد السكان بنسبة 40 في المائة على الأقل في ربع القرن الماضي.

انخفضت نسبة خمسة قطعان في منطقة ألاسكا وكندا بنسبة 90 في المائة، وفي أحد الأعوام تم نقل آخر الوعل المتبقي في أقل 48 في الولايات المتحدة إلى قطيع آخر في كندا، وحتى الرنة المحلية تواجه مستقبلا قاتما، وقد ذكرت صحيفة (USA Today) أنّ مئات الآلاف من حيوانات الرنة الاسكندنافية تواجه المجاعة بسبب الظروف المناخية المتغيرة.

توضح الرنة مدى أهمية الحيوانات البرية بالنسبة للعديد من البلدان ثقافيًا، كما إنّها أجزاء أساسية من احتفالات الأعياد وشخصيات مهمة في قصصهم الشعبية، وتعد تمائمهم الرياضية ولعبتهم وأحد فنونهم، ولكن من الممكن أن نقف على مفترق طرق بحيث ستصبح الحيوانات البرية مجرد رمزية من مخلوقات خيالية وأسطورية لا توجد إلّا في خيالنا، أو من الممكن إنشاء مستقبل تزدهر فيه الرنة الحقيقية والوحوش الكبيرة الأخرى.

المصدر: هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع.ديانا أبي عبود عيسى (2003)، حياة الحيوانات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المجاني.أميرة عبداللطيف (1-3-2014)، "الأهمية الاقتصادية للحيوانات البرية ومنتجاتها في أفريقيا حالة خاصة السودان"، جامعة السودان، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2016.فادية كنهوش (2007)، أطلس الحيوانات (الطبعة الأولى)، حلب: دار ربيع.


شارك المقالة: