حيوان الغوريلا وصغيره

اقرأ في هذا المقال


يحب الكثير من الناس مقارنة الغوريلا بالبشر ولكن هناك عدة اختلافات، وعلى الرغم من قدرتها على الوقوف بشكل مستقيم إلّا أنّ الغوريلا تفضل المشي باستخدام أيديها وكذلك أرجلها، وأذرعهم أطول بكثير من أرجلهم ويمكن للغوريلا استخدام ظهر أصابعهم مثل القدم الزائدة عند المشي، وهذا ما يسمى بالمشي المفصل، ومثل جميع القردة العليا (باستثناء البشر) تتطلب الغوريلا الغابات المطيرة لكسب عيشها وتعتمد عليها الغابة أيضًا، ويعمل براز الغوريلا الليفي كسماد غني للغابة وتنبت الشتلات منه بسرعة مما يجعل الغوريلا عامل تجديد مهم للغابات.

السمات البدنية

الغوريلا هي عضو قوي جدا وقوي من عائلة القرد، ومن أكثر السمات المميزة للغوريلا صدرها السميك والقوي وبطنه بارز، وهناك قمة مميزة على قمة جمجمة ذكر بالغ من الغوريلا، ومصطلح (silverback) الذي يستخدم غالبًا للإشارة إلى ذكر الغوريلا الناضجة يُعطى بسبب سرج الشعر الفضي أو الرمادي على الجزء السفلي من ظهرها، وتُظهر الغوريلا الشرقية السوداء النفاثة (G. beringei) هذا السرج بشكل بارز أكثر من الغوريلا الغربية ذات اللون الرمادي الغامق (G. gorilla).

جلد وشعر الغوريلا أسود، والوجه واليدين والقدمين والصدر لكبار السن من الذكور ليس لديهم أي شعر، والأنواع الفرعية (G. beringei beringei) لها شعر أطول من سلالات الغوريلا الثلاثة الأخرى، والسمة الجسدية الأخرى المذهلة للغوريلا هي خياشيمها الكبيرة وحواف الحاجب المتميزة والأذنين الصغيرتين.

الموئل والنظام الغذائي

إنّ كل ما تأكله الغوريلا تقريبًا هو مادة نباتية، لذا فإن الحياة في الغابة تشبه العيش في مطعم ضخم، وتحب الغوريلا تناول الطعام وإنّه نشاطها المفضل، ويأكل الذكر البالغ ما يصل إلى 40 رطلاً (18 كجم) من الطعام كل يوم، وتستطيع معدة الغوريلا الكبيرة حمل الطعام الضخم الذي تأكله، وتساعد الفكوك القوية الغوريلا على مضغ السيقان الصعبة.

يشمل طعام الغوريلا الأوراق والسيقان والفواكه والبذور والجذور والنمل والنمل الأبيض، وعلى عكس الشمبانزي لا تستخدم الغوريلا الأدوات للحصول على تلك النمل الأبيض، وبدلاً من ذلك قاموا فقط بتحطيم كومة النمل الأبيض للحصول على الحشرات اللذيذة التي تعيش في الداخل.

الحياة العائلية وصغار الغوريلا

مجموعة من الغوريلا تعيش معًا تسمى القوات، ويمكن أن يكون هناك من 5 إلى 30 غوريلا في فرقة واحدة بقيادة ذكر قوي ذو خبرة يُعرف باسم سيلفرباك (silverback) ووظيفته كبيرة، حيث إنّه مسؤول عن سلامة ورفاهية أفراد فرقته، ويتخذ الرجل الفضي جميع القرارات مثل المكان الذي تسافر فيه القوات للحصول على الطعام كل يوم ومتى يتوقفون عن تناول الطعام أو الراحة وأين يقضون الليل.

لا تبقى قوات الغوريلا في نفس المكان لأكثر من يوم، وبعد كل شيء لا تريد القوات استنفاد مصدر طعامها، وكل صباح يقود الفضي بقواته إلى منطقة جديدة حيث الغذاء وفير، وبعد صباح من المضغ تجمع كل غوريلا بالغة أوراق الشجر والأغصان والفروع لتكوين عش نهاري للراحة بينما يلعب الصغار، وبعد غفوتهم تأكل الغوريلا مرة أخرى حتى وقت النوم عندما تصنع عشًا آخر إما على الأرض أو في شجرة لتنعم بليلة نوم هانئة، ولا تستخدم الغوريلا العش مرتين أبدًا.

الغوريلا كائنات مسالمة بشكل عام ولكن في بعض الأحيان يتحدى الذكر الأصغر سنًا من فرقة أخرى الرجل الفضي، ولإخافة الغوريلا غير المرغوب فيها بعيدًا يضرب على صدره بيديه المقعدين ليصدر ضوضاء عالية ويصرخ ويكشف أسنانه ثم يتقدم للأمام، وفي بعض الأحيان يقطع الأغصان ويهزها على الدخيل حيث إنّه عرض رائع.

أنثى الغوريلا مستعدة لإنجاب أطفال عندما تبلغ من العمر ثماني سنوات، ولكن أولاً يجب أن تترك سلامة قواتها وتبحث عن فرقة أخرى أو شخصية فضية وحيدة لتعيش معها، ويزن الأطفال الصغار بضعة أرطال فقط عند الولادة ويزيد وزن الأم بشكل عام عن 200 رطل (91 كيلوجرامًا) لذا فإنّ الولادة تكون سريعة وسهلة، والأم تحمل طفلها على صدرها في الأشهر العديدة الأولى حتى يتمكن الطفل الصغير من التمسك بظهر أمه مما يحرر يديها للمشي وحمل المواد الغذائية.

كما ينمو المولود بسرعة حيث في عمر خمسة إلى ستة أشهر يتعلم المشي وبحلول عمر 18 شهرًا يمكنه متابعة أمي سيرًا على الأقدام لمسافات قصيرة، ومع ذلك فإنّ أكثر الأماكن أمانًا للصغار هو ظهر والدتها وهي تسافر عبر النباتات الكثيفة في منزلهم في الغابة.

تتعلم الغوريلا الصغيرة من خلال تقليد ما يفعله الآخرون في المجموعة ولعب القتال مع الصغار الآخرين، وحتى الحذاء الفضي الصارم لطيف مع الصغار أثناء ممارستهم لمهارات جديدة، وتبقى غوريلا صغيرة بالقرب من أمها وتتقاسم عشها حتى تبلغ من العمر أربع إلى ست سنوات، ومن المعروف أنّ الغوريلا تمرض لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.

سلوك الغوريلا

الشمبانزي هو أقرب أقرباء الغوريلا وهو أكبر حجمًا بكثير، وفي حين أنّ الشمبانزي أكثر صخبًا تفضل الغوريلا هدوءها، ومع ذلك فإنهم أحيانًا يكسرون هذا الهدوء مع همهماتهم وصيحاتهم ونباح الإنذار، وهدير الذكر العدواني مرعب ويمكن أن يثير الخوف في قلب أي شخص يستمع، وصورت العديد من الأفلام الغوريلا على أنّها حيوان عدواني وشرس، ولكن الدراسات أثبتت أنّها خجولة ما لم يتم إزعاجها، وتميل الغوريلا إلى إظهار بعض العدوان عند الاضطراب غير المبرر.

تفتقر الغوريلا إلى المهارات المعرفية مقارنة بالشمبانزي الذين يظهرون فضولًا وقدرة على التكيف، ولكن ما ينقصهم في هذا المجال يعوضونه بالهدوء والمثابرة، وقد شوهدت مهارات حل المشكلات وتوقع الخبرة ودرجة من الذاكرة والبصيرة في الغوريلا الأسيرة، ويمكن للغوريلا أيضًا تعلم لغات الإشارة من البشر بسهولة مثل الشمبانزي، ويمكنها حتى التعرف على صورتها في المرآة، ويُظهر هذا السلوك أنّ لديهم إحساسًا معينًا بالوعي الذاتي تمامًا مثل الشمبانزي وإنسان الغاب، ولا يمكن رؤية هذه السمة إلّا في عدد قليل من الحيوانات.

يصدر ذكور الغوريلا صوت طائر كإنذار لجميع أفراد مجموعتهم لتنبيههم من أي خطر أو اقتحام، ويسافر الغوريلا معًا في مجموعات لشهور وسنوات، ونظرًا لحجمها الكبير ووفرة الطعام بالقرب من موطنها فإنّها لا تحب قضاء الوقت والطاقة في السفر، وهو أيضًا سبب تداخل مناطق مجموعات الغوريلا المختلفة مع بعضها البعض في بعض الأحيان.

الحفاظ على الغوريلا

ليس للغوريلا أعداء طبيعيون أو حيوانات مفترسة ومع ذلك فإنّ هذه الكائنات المسالمة معرضة لخطر شديد بسبب البشر، ويصطاد الناس الغوريلا بحثًا عن طعام يسمى لحوم الطرائد وتقوم شركات قطع الأشجار والتعدين بتدمير موطن الغوريلا، وتسبب النزاع المسلح الأخير في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية في تدفق اللاجئين إلى موطن الغوريلا السابق، ولقد أدت الأوبئة المرضية مثل فيروس الإيبولا مؤخرًا إلى هلاك مجموعات الغوريلا التي كانت تعتبر في السابق آمنة داخل بيئتها الطبيعية.

شهدت السنوات الخمس عشرة الماضية انخفاضًا كبيرًا في حجم سكان الغوريلا، حيث يُشتبه في القضاء على ما يقرب من نصف سكان الغوريلا الشرقية بالكامل، وأصبح الصيد غير القانوني نشاطًا مربحًا في المنطقة، وفي حين أنّ الصيادين غالبًا ما يضعون أفخاخًا تستهدف الثدييات الأخرى للأسف يموت العديد من الغوريلا أو يفقدون أطرافهم بعد أن وقعوا في شرك، كما أنّ تجارة الحيوانات الأليفة غير المشروعة آخذة في الازدياد، ووراء كل غوريلا رضيع يصطادها الصيادون غالبًا ما يُقتل العديد من أفراد الأسرة.

المصدر: هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع.ديانا أبي عبود عيسى (2003)، حياة الحيوانات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المجاني.أميرة عبداللطيف (1-3-2014)، "الأهمية الاقتصادية للحيوانات البرية ومنتجاتها في أفريقيا حالة خاصة السودان"، جامعة السودان، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2016.فادية كنهوش (2007)، أطلس الحيوانات (الطبعة الأولى)، حلب: دار ربيع.


شارك المقالة: