حيوان النمبات وصغاره

اقرأ في هذا المقال


النُّمْبات (Numbat) أو آكل النمل المخطط الفريد من نوعه بين الثدييات الأسترالية، كما إنّه نمل أبيض متخصص للغاية يأكل الجرابيات، يحمي مركز طقس الطيران (AWC) مجموعات النُّمْبات داخل المناطق الخالية من الحيوانات المفترسة البرية.

موطن النُّمْبات

منذ بداية الاستيطان الأوروبي في أستراليا انخفضت وفرة النُّمْبات بشكل كبير، فكانت النُّمْبات تحتل سابقًا معظم جنوب أستراليا بما في ذلك نيو ساوث ويلز وفيكتوريا وأجزاء من أستراليا الغربية والإقليم الشمالي، ولكنها انقرضت الآن في ما يقرب من 99 ٪ من نطاقها السابق، ولم يتبق سوى مجموعتين طبيعيتين وهما موقع درياندرا وبيروب، وكلاهما يقع في غرب أستراليا، ويمكن العثور على السكان المعاد إدخالهم في محمية صخور التنين الطبيعية وغابة ولاية باتالينغ ومحمية توتانينج الطبيعية ومحمية بوياجن الطبيعية التي تقع جميعها في غرب أستراليا، ومحمية يوكومرا الواقعة في جنوب أستراليا ومحمية سكوتيا الواقعة في نيو ساوث ويلز.

عندما كانت النُّمْبات وفيرة كانت تشغل غابات شبه قاحلة والتي تتكون من أشجار وشجيرات مزهرة من أجناس الأوكالبتوس والأكاسيا والأراضي العشبية، والآن لا يمكن العثور عليها إلّا في غابات الأوكالبت التي تقع على ارتفاع حوالي 317 مترًا في المحيط الأكثر رطوبة من النطاق السابق بسبب وفرة الأشجار القديمة والمتساقطة، وتلعب جذوع غابات الأوكالبت دورًا كبيرًا في المساعدة في بقاء النُّمْبات، وفي الليل يبحث النُّمْبات عن مأوى داخل جذوع الأشجار المجوفة وخلال النهار يمكن للنُّمْبات أن يتجنب الحيوانات المفترسة وخاصة الطيور والثعالب من خلال البقاء مختبئًا في ظلام جذوع الأشجار.

خلال مواسم التزاوج توفر جذوع الأشجار مساحة لمواقع تعشيشها، والأهم من ذلك أنّ خشب القلب النابض لغالبية الأشجار في غابات الأوكاليبت يأكله النمل الأبيض وهو أساس النظام الغذائي للنُّمْبات، ويعتمد النُّمْبات على الوجود الكافي وتوافر النمل الأبيض لدرجة أنّ وجود النمل الأبيض يقيد موائل النُّمْبات في المناطق التي يمكن العثور فيها فقط على النمل الأبيض، وإذا كانت المناطق رطبة جدًا أو شديدة البرودة فلن يزدهر النمل الأبيض وبالتالي لن يزدهر أيضًا النمل الأبيض.

مظهر النُّمْبات

النُّمْبات عبارة عن جرابيات صغيرة ونحيلة آكلة للحوم يتراوح وزنها بين 300 جرام و 752 جرام، ويبلغ طول الجسم 175 ملم إلى 290 ملم وطول الذيل من 120 ملم إلى 210 ملم، والرأس صغير نسبيًا ومسطح مع أنف ممدود ومدبب ولسان رفيع ولصق لديه القدرة على التمدد حتى 100 مم على الأقل، ويتكون المعطف من شعر قصير وصلب وبني محمر أو رمادي-بني ويتميز بأربعة إلى أحد عشر شريطا أبيض يمتد عبر الظهر والردف مما يعطي كل فرد مظهرًا فريدًا ومميزًا، ويتقاطع شريط واحد داكن يبرزه شريط أبيض أسفله على جانبي الوجه ويتنقل عبر كل عين، ويميل الشعر الموجود على الذيل إلى أن يكون أطول قليلاً من شعر الجسم.

ذيول لا تختلف كثيرا بين النُّمْبات، فتميل إلى أن تكون بنية اللون تتخللها بيضاء مع لون برتقالي-بني على الجانب السفلي، وشعر على الجانب البطني من النُّمْبات أبيض، وتقع العينان والأذنان في أعلى الرأس ويبلغ طول الأذنين المنتصبة ضعف طول الأذنين، والقدم الأمامية التي تحمل خمسة أصابع والقدمان الخلفيتان اللتان تحملان أربعة أصابع وجميعها لها مخالب قوية وحادة، وفي إناث النُّمْبات لا يوجد أثر للحقيبة المناسبة بل بدلاً من ذلك تطوي طيات الجلد المغطاة بشعر ذهبي قصير مجعد الصغار عند الرضاعة من إحدى الحلمات الأربعة الموجودة على البطن.

تزن الإناث ما بين 320 جم و 678 جم بمتوسط ​​478 جم، بينما يزن الذكور ما بين 300 جرام و 715 جرام بمتوسط ​​597 جرام، وعند الشباب يتراوح طول الخدر حديثي الولادة من أقل من 20 ملم إلى 75 ملم ويكون الأنف قصيرًا للغاية،

وعندما يصل الصغار إلى طول 30 مم تقريبًا ينشأ معطف ناعم خفيف ويحمل هذا الغلاف في النهاية الخطوط البيضاء المميزة عندما يبلغ طول النُّمْبات حوالي 55 مم.

تكاثر النُّمْبات والصغار

قبل موسم التزاوج الذي يحدث من ديسمبر إلى يناير يفرز الذكور المخدرون مادة دهنية من غدتهم القصية الموجودة في الجزء العلوي من الصدر، ويتحول لون الفراء إلى اللون الأحمر حيث يفرك الذكر هذا الزيت اللاذع على أسطح جذوع الأشجار والصخور، بحيث تقوم الرائحة ببدء الإعلان للأنثى بأنّ ذكر حيوان النمبات يقوم بالبحث عن أنثى، كما أنّ هذه الرائحة تؤدي عمل للذكر بتنبيه باقي الذكور بالابتعاد عن منطقته، فيقوم الذكر بمطاردة انثى معينه يريدها ويتبعها ويقوم بالاهتمام بها، وسيتحدث كل من الذكر والأنثى لبعضهما البعض منتجين أصواتًا تتكون من سلسلة من النقرات الناعمة.

ينطق النُّمْبات فقط خلال فترتين مختلفتين من حياتهم فخلال موسم التكاثر وأثناء الرضاعة عند التواصل مع الأم، ومع ذلك تختلف أصوات التكاثر اختلافًا كبيرًا عن أصوات نمات الرضيع، وإذا رفضت الأنثى تقدم الذكور فستحدث مشاجرات صاخبة، وستنتج الأنثى هديرًا منخفضًا وحلقًا وعدوانيًا وفمها مغلق، وفي بعض الأحيان ربما يحاول الذكر من حيوان النمبات أن يقوم بالركب على الأنثى المتفاقمة الأمر الذي يؤدي إلى وقوعهما معًا على الأرض مع هدير الأنثى.

وقد يبقى الذكر يلاحق الأنثى من حيوان النمبات ويمطاردها أو قد يعملان على إيقاف تقدمها معًا، وبالرغم من ذلك فأنّ ذكر حيوان النمبات يقوم بالتوقف عن مطاردة وملاحقة الأنثى عقب انتهاء موسم الإنجاب، والذي يأتي دور الأنثى برعاية الصغار وحمايتهم.

النُّمْبات متعدد الزوجات مما يعني أنّ الذكور يتزاوجون مع أكثر من أنثى واحدة، وهكذا خلال موسم التكاثر التالي يتزاوج الذكر مع أنثى مختلفة، ودورات التكاثر من النُّمْبات موسمية حيث تنتج الأنثى فضلات واحدة في السنة، والأنثى متعددة الأضلاع مما يعني أنّ لديها عدة دورات شبق خلال موسم تكاثر واحد، وهكذا فإنّ الإناث التي فشلت في الإنجاب أو فقدت صغارها قد تحمل مرة أخرى مع رفيق لاحق، ولدى الذكور أيضًا دورة خصوبة مميزة حيث تظهر الحيوانات المنوية في أوائل ديسمبر وتنخفض في فبراير وتغيب بحلول مارس، وتتكاثر الإناث لأول مرة عندما تبلغ من العمر 12 شهرًا وينضج الذكور جنسيًا في عمر 24 شهرًا.

بعد فترة حمل مدتها 14 يومًا تلد الإناث النُّمْبات أربعة صغار في يناير أو فبراير، ويسافر الصغار المتخلفون الذين يبلغ طولهم حوالي 20 مم إلى حلمات الأم، وعلى عكس معظم الجرابيات تفتقر الإناث إلى الحقيبة لإيواء الصغار، وبدلاً من ذلك يتم تغطية الحلمات الأربعة بشعر ذهبي مجعد يختلف اختلافًا كبيرًا عن الشعر الأبيض الطويل على صدرها، وعند تلك النقطة يقوم الأطفال بربط أنفسهم من مقدمة أطرافهم بالشعر المجعد الذي يحيط بالثدي للأم، وقد تصل مدة ربطهم بهذه المنطقة إلى ستة أشهر حتى يستطيع الصغير المشي بطريقة سليمة ويكبر.

بحلول أواخر يوليو أو أوائل أغسطس يتم فصل الصغار عن الحلمات ووضعهم في العش، وعلى الرغم من انفصالهما عن الحلمتين إلّا أنّهما يستمران في الرضاعة حتى يبلغ عمرهما تسعة أشهر تقريبًا، وفي أواخر سبتمبر بدأ الصغار في البحث عن الطعام لأنفسهم ليصبحوا مستقلين وينتقلون إلى منطقة خاصة بهم بحلول نوفمبر.

لا يقوم الذكر من حيوان النمبات بدور مهم في عملية التربية والرعاية للصغار والأنثى في فترة ما بعد التكاثر فيترك الأمر كله على الأنثى، ويتكون حجم القمامة عادة من أربعة نُّمْبات بحيث تشغل كل الحلمات، وبسبب عدم وجود جيب يبقى الصغار على قيد الحياة من خلال التمسك بالأم فقط من خلال ربطهم الفموي بالحلمات وبتشابك أطرافهم الأمامية في الشعر المجعد في منطقة الثدي والمعروف أيضًا باسم طيات الجلد.

يبقى الشاب مرتبطًا بالأم لمدة ستة إلى سبعة أشهر تقريبًا، وبحلول هذا الوقت يكون الصغار كبيرًا جدًا لدرجة أنّهم يجعلون الأم تمشي بشكل غير طبيعي، وبالتالي تزيلهم من جسدها وتضعهم في جذع شجرة أو في جحر، وتقوم الأم بإعالة صغارها وحمايتها وهي تعود باستمرار إلى جذوع الأشجار أو الجحر لترضعهم حتى يبلغوا ثمانية أو تسعة أشهر من العمر.

وعلى مدار الشهرين التاليين يبدأ الصغار في استكشاف المنطقة الواقعة خارج عشهم حيث واجهوا أول مفترسات لهم وأكلوا النمل الأبيض، وتفطمهم الأم عن لبنها ما بين عشرة أشهر وأحد عشر شهرًا، وبحلول الشهر الثاني عشر يترك الأحداث أمهاتهم للعثور على أراضيهم الخاصة والعلف لأنفسهم والتكاثر.

المصدر: فادية كنهوش (2007)، أطلس الحيوانات (الطبعة الأولى)، حلب: دار ربيع.أميرة عبداللطيف (1-3-2014)، "الأهمية الاقتصادية للحيوانات البرية ومنتجاتها في أفريقيا حالة خاصة السودان"، جامعة السودان، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2016.ديانا أبي عبود عيسى (2003)، حياة الحيوانات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المجاني.هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع.


شارك المقالة: