طائر النحام وصغاره

اقرأ في هذا المقال


مع ريشها الوردي والقرمزي وأرجلها الطويلة ورقابها ومناقيرها المعقوفة بشدة لا يمكن الخلط بين طيور النحام -فلامنغو- وأي نوع آخر من الطيور، ولطالما فتنت هذه الطيور بجمالها الناس، حيث تعود لوحة الكهف الدقيقة لطيور الفلامنغو (Flamingo) الموجودة في جنوب إسبانيا إلى 5000 قبل الميلاد، واليوم تم العثور على صور طيور الفلامنغو في الأدب التي استخدمتها أليس كمطارق كروكيه في كتاب عبر الزجاج الذي رسمه لويس كارول وخُلدت كزخارف نباتية بلاستيكية.

مظهر طائر النحام

يأتي لون فلامنغو الوردي أو المحمر من المصادر الغنية بأصباغ الكاروتين (مثل أصباغ الجزر) في الطحالب والقشريات الصغيرة التي تأكلها الطيور، فهم يأكلون الكاروتينات أيضًا فعندما يُأكل الجزر والبنجر وبعض الخضار الأخرى، ولكن هذا لا يكفي لتحويلهم إلى اللون البرتقالي.

من أجل الطيران تحتاج طيور النحام إلى الجري بضع خطوات لتجميع السرعة، وهذه السرعة لا تتعلق بالأرض بل بالهواء لذلك تقلع عادة في مواجهة الريح، وطيور النحام مميزة تمامًا أثناء الطيران حيث تمتد أعناقها الطويلة إلى الأمام وتتساوى الأرجل الطويلة خلفها، وتُظهر أجنحتها الممدودة اللون الأسود والأحمر (أو الوردي) الجميل الذي تشترك فيه جميع أنواع طيور الفلامنجو مع اختلافات طفيفة، وأثناء الطيران ترفرف طيور النحام بجناحيها بسرعة كبيرة وبشكل شبه مستمر، وكما هو الحال مع معظم أنشطة فلامنغو الأخرى فإنّها تطير عادة معًا في قطعان كبيرة، وتتبع طيور النحام بعضها البعض عن كثب باستخدام مجموعة متنوعة من التكوينات التي تساعدها على الاستفادة من تيارات الرياح.

التواصل والإدراك

طيور النحام هي طيور اجتماعية تعيش في مجموعات مختلفة الأحجام من بضعة أزواج إلى آلاف أو عشرات الآلاف في بعض الأحيان، وتضيف أعدادهم إلى إثارة عروض طقوس الفلامنغو حيث الغرض من هذه العروض هو تحفيز إنتاج الهرمونات والتأكد من تكاثر أكبر عدد ممكن من الطيور ومن هذه العوض ما يلي:

1- ترقيم الرأس: شد الرقبة مع رفع الرأس للأعلى وتحريك الرأس بشكل منتظم من جانب إلى آخر.

2- تحية الجناح: التباهي بالألوان المتناقضة والذيل مفرود والرقبة ممدودة.

3- رقصة التوسيت: يلوي الطائر رقبته للخلف ويبدو أنه ينظف ريشه بمنقاره بسرعة.

4- الزحف: يسير القطيع الكبير المكدس معًا كواحد قبل أن يغير اتجاهه فجأة.

يستخدم طيور النحام أيضًا الأصوات وهذه العروض للتواصل بين الأفراد أو تنبيه المجموعة بالخطر المحتمل، وتشمل ذخيرتهم الصوتية الهدير والثرثرة المنخفضة والتزمير بالأنف.

الموئل والموطن

تعيش طيور النحام في البحيرات أو البحيرات الضحلة الكبيرة، وقد تكون هذه المسطحات المائية مالحة جدًا أو كاوية أكثر من اللازم بالنسبة لمعظم الحيوانات الأخرى، وفي بعض البحيرات تكون الحيوانات الوحيدة المجاورة هي الطحالب والدياتومات والقشريات الصغيرة، وهذا يعمل لصالح فلامنغو حيث تتغذى الطيور على هذه المخلوقات الصغيرة.

تم العثور على طيور النحام مع صغارها التشيلي والأنديز والبونا في أمريكا الجنوبية، كما تعيش طيور النحام الكبيرة والصغيرة في إفريقيا، كما يوجد عظماء أيضًا في الشرق الأوسط حيث فلامنغو أمريكا أو الكاريبي موطنها المكسيك ومنطقة البحر الكاريبي وأقصى شمال أمريكا الجنوبية.

النظام الغذائي

تسمح الأرجل الطويلة لطيور الفلامنجو بالدخول في المياه العميقة أكثر من معظم الطيور الأخرى للبحث عن الطعام، وبالحديث عن الطعام فإنّ طيور النحام لديها أيضًا عادات أكل مميزة جدًا، ويتم وضع المنقار رأسًا على عقب في الماء، وتتغذى طيور النحام عن طريق امتصاص الماء والطين في مقدمة المنقار ثم ضخها مرة أخرى على الجانبين، وهنا تعمل الأطباق المالحة المسماة (lamellae) مثل المرشحات الصغيرة حيث تحبس الجمبري ومخلوقات مائية صغيرة أخرى ليأكلها فلامنغو.

تمتلك البونا الأصغر والأنديز وطيور الفلامنجو الصغيرة منقار أعمق وصفائح قاسية، وهذا يساعدهم على تصفية الجسيمات الدقيقة جدًا مثل الطحالب من خلال منقارها وإبعاد الجسيمات الكبيرة، وطيور النحام الأكبر والتشيلي أكبر حجمًا وتتغذى في الغالب على اللافقاريات مثل الذباب المالح والروبيان والرخويات، ويحصلون على هذه المواد الغذائية من الطين السفلي عن طريق الخوض في المياه الضحلة، وأحيانًا يسبحون للحصول على طعامهم وأحيانًا عن طريق الانقلاب (ريش الذيل في الهواء والرأس تحت الماء) مثل البط.

التكاثر والصغار

عش طائر الفلامنجو ليس خياليًا فهو مجرد كومة من الطين وربما بارتفاع 12 إلى 24 بوصة (30 إلى 60 سم)، ويجب أن يكون العش مرتفعًا بما يكفي لحماية البيضة من الفيضانات ومن الحرارة الشديدة العرضية على مستوى الأرض، ويقوم كل من الذكور والإناث ببناء العش باستخدام مناقيرهم لسحب الطين نحو أقدامهم، ويكون الجزء العلوي من الكومة مقعرًا بحيث لا تسقط أي بيضة موضوعة، وتُبنى الأعشاش المجاورة على مسافة قريبة جدًا كما أنّ المشاحنات بين ساكني أكوام العش أمر شائع.

قبل التكاثر يتم اختيار الذكر من قبل الأنثى ثم يتبعها عن كثب في المياه الضحلة، وتميل طقوس الخطوبة الفردية إلى أن تكون دقيقة وغير واضحة للبشر، ويميل الزوجان إلى البقاء معًا طالما كان هناك نجاح في الإنجاب، وإذا لم يكن الأمر كذلك فقد تختار الأنثى رفيقة جديدة.

تضع طيور النحام بيضة واحدة كبيرة بيضاء طباشيرية في عش طيني تم بناؤه مثل قلعة رملية من قبل الوالدين، ويجلس أحد الوالدين على الكومة ويمد يده ويلتقط الطين ويقطره على العش الذي يمكن أن يصل ارتفاعه إلى قدمين (0.6 متر)، وعادة ما يكون محاطًا بخندق كحماية إضافية من ارتفاع المياه، وعند الفقس يمتلك كتكوت فلامنغو ريشًا رماديًا أسفل وحجم كرة التنس، كما أنّ لها منقار مستقيم وردي اللون وأرجل وردية منتفخة، وكلاهما يتحول إلى اللون الأسود في غضون أسبوع.

بعد الفقس يبقى الفرخ في كومة العش لمدة 5 إلى 12 يومًا، وخلال هذا الوقت يتم تغذية الصيصان بنوع من الحليب يسمى حليب المحاصيل الذي يأتي من الجهاز الهضمي العلوي للوالدين، وتشترك طيور النحام في هذه السمة مع الحمام والحمائم وبعض طيور البطريق، ويمكن لكل من الذكور والإناث إطعام الفرخ بهذه الطريقة وحتى طيور النحام غير الوالدين يمكن أن تعمل كطعامات حاضنة، ويُعتقد أنّ التسول يدعو الفرخ الجائع الذي يصنعه يحفز إفراز الحليب.

عندما يقوم الآباء بإطعام فراخهم حليب المحصول يتم تجفيف لونهم لدرجة أنّ ريشهم يتحول إلى اللون الوردي الباهت أو الأبيض، ويكتسب الوالدان هذا اللون مرة أخرى في النهاية حيث تصبح الكتاكيت مستقلة وتأكل بمفردها.

بحلول الوقت الذي يغادر فيه الفرخ العش يمكنه بالفعل المشي والسباحة جيدًا، وتتجمع الكتاكيت معًا في مجموعات كبيرة تسمى الحضانات، ويعتني بها عدد قليل من البالغين وربما الطيور التي فقدت صغارها، ويزور الآباء الحضانة ويستمرون في إطعام كتكوتهم بإفراز حليبي، ولكن كيف يجدون ذريتهم في مثل هذه المجموعة الكبيرة والصاخبة؟

يتعرف الكتاكيت وأولياء أمورهم على بعضهم البعض من خلال مكالماتهم المميزة، وطيور النحام البالغة لديها عدد قليل من الحيوانات المفترسة الطبيعية، لأنّها تميل إلى العيش في أماكن غير مضيافة، حيث تكون البحيرات خالية من النباتات، لذلك يأتي القليل من الطيور أو الحيوانات الأخرى هناك، ولكن فراخ الفلامنغو تفترس أحيانًا أنواع النسور.

الحفاظ على طائر النحام

بمرور الوقت استخدم الناس طيور النحام للطعام والأدوية، وفي الوقت الحالي لا توجد أنواع من طيور الفلامنجو مهددة بالانقراض، على الرغم من أنّ البونا أو فلامنغو جيمس كان يعتقد أنّهما انقرضا في عام 1924 ولكن تم اكتشافه في عام 1957، ولكن كما هو الحال مع العديد من الأنواع البرية فإنّ خطر فقدان الموائل بسبب بناء الطرق وتطوير المساكن يتسبب في تهديد بعض السكان، وفي عام 1989 مات حوالي 100 طائر الفلامنغو الكاريبي في شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية من التسمم بالرصاص بسبب تناول رصاصة، والرصاص محظور الآن في تلك المنطقة.

المصدر: فادية كنهوش (2007)، أطلس الحيوانات (الطبعة الأولى)، حلب: دار ربيع.أميرة عبداللطيف (1-3-2014)، "الأهمية الاقتصادية للحيوانات البرية ومنتجاتها في أفريقيا حالة خاصة السودان"، جامعة السودان، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2016.ديانا أبي عبود عيسى (2003)، حياة الحيوانات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المجاني.هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع.


شارك المقالة: