فأر الخلد العاري وصغاره

اقرأ في هذا المقال


من الأشياء المدهشة في الحياة على الأرض أنّها تتخذ أشكالًا عديدة حتى لو كانت تلك الأشكال غريبة بالنسبة للعين البشرية، ويجب أن يكون أحد أغرب أنواع الحيوانات البرية مخلوقًا يسمى فأر الخلد العاري (Naked Mole Rat) حيث إنّه قارض ولكنه ليس جرذًا ولا شامة، ويقضي هذا الحيوان الذي يكاد يكون أعمى وغير أصلع معظم حياته تحت الأرض في مستعمرات، وتتكون من 75 إلى 80 جرذًا من حيوانات الخلد على الرغم من أنّ المستعمرة يمكن أن تحتوي على ما يصل إلى 200 فرد، وتدور حياة المستعمرة حول الملكة وهي الأنثى الوحيدة المسموح لها بالتزاوج.

مظهر فأر الخلد العاري

فأر الخلد العاري هو قارض صغير بجسم أسطواني وجلد وردي يكون خالي تمامًا من الشعر تقريبًا، على الرغم من وجود شعيرات دقيقة وحساسة على الجسم تسمح له بمعرفة مكانه في ظلام جحره، ويحتوي جرذ الخلد أيضًا على شعر بين أصابع قدميه مما يسمح له بمسح التربة مرة أخرى، ولا يوجد دهون عازلة تحت الجلد، والذكور والإناث من نفس الحجم تقريبًا على الرغم من أنّ الذكور المتكاثرة والملكة أكبر، ولها ذيل متوسط ​​الطول وأرجل قصيرة وأقدام كبيرة نسبيًا مصنوعة للحفر.

نظرًا لأنّ فأر الخلد العاري يعيش معظم حياته في جحر تحت الأرض خالٍ من الضوء فإنّ البصر لا جدوى منه وعيناه شبه أثرية على الرغم من أنّ جفونهما سميكة تمنع الأوساخ منها، والقوارض لها أسنان بارزة تشبه الإزميل والتي تحددها على أنّها قوارض، ويستخدمون هذه الأسنان التي يمكن أن تتحرك بشكل مستقل عن بعضها البعض مثل المقص أو عيدان تناول الطعام لمساعدتهم على الحفر في الأرض، وتعمل مجموعة من العضلات على التأكد من بقاء فم الحيوان مغلقًا خلف أسنانه حتى لا يبتلع التربة، وفي الواقع فإنّ الكثير من القشرة الحسية الجسدية في دماغ جرو الرمال مخصصة لأسنانها.

موطن فأر الخلد العاري

تبني فئران الخلد العارية جحورها وأنفاقها في السافانا والمراعي في بلدان شرق إفريقيا مثل كينيا والصومال وإثيوبيا على الرغم من وجودها أيضًا في تنزانيا وأوغندا، ويبلغ عمق الأنفاق حوالي 6.5 أقدام وبما أنّها تتفرع إلى أنفاق وغرف أخرى تعمل كخزائن ومراحيض وأعشاش فيمكن أن يصل طولها إلى 2.5 ميل، وتم العثور على مستعمرات الفئران الخلد العارية على ارتفاعات تتراوح بين 3608 و 9843 قدمًا فوق مستوى سطح البحر.

نظرًا لأنهم يبنون مستعمراتهم في أماكن لا تهم الزراعة للناس فإنّ فئران الخلد العارية تُترك إلى حد كبير لأنفسهم، كما أنّ غرابهم يحميهم ويساهمون بشكل كبير في السياحة البيئية في كينيا، كما أنّهم يعيشون في حدائق الحيوان والمناطق المحمية، وكل جحر فأر الخلد العاري له رائحة خاصة به، ويسمح هذا للأعضاء الذين لا يستطيعون الرؤية جيدًا بإخبار أفراد أسرهم عن الغرباء، وتحتوي المستعمرات أيضًا على نغماتها الخاصة التي تحذر من الخطر وتسمح لأفراد الأسرة بالتعبير عن بعضهم البعض في الظلام، وتحتاج فئران الخلد العارية إلى التجمع معًا للتدفئة أثناء نومها وتنام على ظهورها، كما يصعدون إلى غرف أقرب إلى السطح الذي تدفئه الشمس.

حمية فأر الخلد العاري

تتغذى هذه الحيوانات على أجزاء النباتات الموجودة تحت الأرض مثل الدرنات والجذور والمصابيح، وبعض هذه الهياكل كبيرة جدًا ويمكن أن تغذي مستعمرة لسنوات، ولا تأكل الحيوانات كل هذه الهياكل الموجودة تحت الأرض ولكنها تأخذ بعضها مرة أخرى إلى الجحر للتخزين، وهذا يسمح لجزء من النبات بالتجدد وللمستعمرة أن يكون لديها طعام إذا كان المسار إلى النبات مسدودًا، ويمكن أن يحدث الانسداد إذا أصبحت التربة رطبة، ويمكن للحيوان هضم السليلوز في طعامه بفضل البكتيريا الموجودة في أمعائه، ونظرًا لأنّهم يحصلون على كل المياه من طعامهم فلن يحتاجوا للشرب.

في بعض الأحيان يجب أن يقال هذه الحيوانات تبتلع برازها، كما أنّها تعطي البراز للجراء المفطوم حديثًا، ويعتقد العلماء أنّ هذا الإجراء الذي يُطلق عليه اسم (coprophagy) يساعد في تقوية الروابط بين أفراد الأسرة، فالهرمونات الموجودة في براز الملكة على سبيل المثال قد تثبط الهرمونات التناسلية لإناث فئران الخلد العارية الأخرى.

فأر الخلد العاري والتهديدات

يتم افتراس هذه الحيوانات من قبل الثعابين التي تمسكها عندما تكون على السطح أو قادرة على دخول أنفاقها، وتشمل هذه الثعابين الثعبان ذو المنقار الحميد، والطيور الجارحة يمكن أن تنقض عليها وهي فوق الأرض، ويمكن للسموم التي يتم إدخالها في مصدر الغذاء أن تضر بفئران الخلد العارية.

تكاثر فأر الخلد العاري

الملكة هي الوحيدة المسموح لها بالتكاثر في مستعمرة على الرغم من أنّ بعض المستعمرات بها ملكتان، وسوف تتزاوج مع واحد إلى ثلاثة ذكور على الرغم من أنّهم في كثير من الحالات يرتبطون بها ارتباطًا وثيقًا، ويأتي هؤلاء الذكور في المرتبة الثانية بعدها وكل فئران الخلد العارية غير المتكاثرة تأتي في مرتبة أقل مما هي عليه، وتتزاوج الملكة فقط مع هؤلاء الذكور الأكبر حجمًا وذوي الرتب العالية.

مثلما لا يستطيع جرو الرمل التمييز بين النهار والليل فليس له موسم تكاثر ويمكن للملكة أن تتكاثر طوال العام، وهذا يعني أنّه يمكن أن يكون لديها ما يصل إلى خمس لترات في السنة، ويستمر حملها حوالي 70 يومًا وعادة ما تلد من سبعة إلى أحد عشر جروًا في المتوسط، والطفل صغير الحجم ويزن أقل من فلس واحد، ويتم فطامها في أكثر من شهر بقليل قبل أن تدخل في رعاية فئران الخلد الأقل مرتبة، ويبدأ الطفل أيضًا العمل في المستعمرة عندما يبلغ من العمر شهرًا تقريبًا ويضربه فئران الخلد الأكبر سنًا لتعود على الحياة الصعبة.

إذا ماتت الملكة فإنّ رفاقها لا يتزاوجون مع الملكة الجديدة، وبالمناسبة عندما تصبح الأنثى ملكة فإنّها تخضع لتغييرات جسدية، فيتمدد عمودها الفقري مما يسمح لها بالحمل، وهذا ما قد يبدو عليه فأر الخلد الصغير، وعلى الرغم من أنّ زواج الأقارب يمثل خطرًا في المستعمرة فقد اكتشف العلماء أنواعًا من فئران الخلد العارية التي يسمونها المشتتات، ولن تتزاوج فئران الخلد هذه مع الملكة وهي غير متعاونة بشكل عام عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على المستعمرة، ولهذا السبب يسعون للهروب من المستعمرة عندما يستطيعون إيجاد أخرى مع ملكة لا علاقة لها بهم.

نظرًا لأنّ مستعمرة جرو الرمال لا يمكنها التمييز بين النهار والليل فهي نشطة في جميع الأوقات، وتقوم فئران الخلد غير المتكاثرة بعمل المستعمرة، ويقومون بتربية الجراء بعد الفطام والعثور على الطعام وحماية الاقتراض وبناء التلال، وكما هو الحال مع أنواع معينة من النحل والدبابير يعتني الأعضاء الأصغر سنًا بالصغار، بينما يخدم الأعضاء الأكبر سنًا كجنود، ولا تفعل الملكة والذكور المتكاثرون سوى الإنجاب.

وتتغذى الملكة التي تتنمر بالأحرى على كل فئران الخلد الأخرى في جحرها أولاً، كما إنّها تنتج هرمونات لقمع تكاثر الإناث الأخريات وإذا ماتت فإنّ الإناث الأكبر سنًا في المستعمرة سيقاتلون من أجل الهيمنة، وفي بعض الأحيان يقاتلون حتى الموت والفائز يستولي على المستعمرة.

تعيش فئران الخلد العارية أطول أضعافًا من القوارض الأخرى، وليس من غير المألوف أن يعيش فأر الخلد العاري 30 عامًا أو أكثر، بينما يبلغ عمر فأر الخلد العاري حوالي ثلاث سنوات، وعلاوة على ذلك لا يبدو أنّهم يتقدمون في السن، ولا أحد يستطيع أن يقول السبب حقًا على الرغم من أنّ الحمض النووي الخاص بهم قادر على إصلاح نفسه بمرور الوقت بشكل أكثر فاعلية من الحمض النووي للفئران، والعلماء غير متأكدين من عدد هذه الحيوانات ولكنها ليست مهددة بالانقراض.

المصدر: فادية كنهوش (2007)، أطلس الحيوانات (الطبعة الأولى)، حلب: دار ربيع.أميرة عبداللطيف (1-3-2014)، "الأهمية الاقتصادية للحيوانات البرية ومنتجاتها في أفريقيا حالة خاصة السودان"، جامعة السودان، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2016.ديانا أبي عبود عيسى (2003)، حياة الحيوانات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المجاني.هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع.


شارك المقالة: