ما هو مصطلح الضربة الأولى؟

اقرأ في هذا المقال


مصطلح الضربة الأولى: في الاستراتيجية النووية يعد هجوماً استباقياً مفاجئاً يستخدم القوة المدمرة، وهي قدرة دولة ما على هزيمة قوة نووية ثانية، عن طريق تخريب ترسانتها إلى النقطة التي يمكن للدولة المهاجمة أن تنجو فيها من رد انتقامي ضعيف، مع ترك الطرف الخصم غير قادر على مواصلة الهجوم.

لمحة عن مصطلح الضربة الأولى:

خلال فترة الحرب الباردة قامت كل من القوتين العظميين الناتو والكتلة الشرقية ببناء ترسانات نووية ضخمة، تستهدف إلى حد كبير بعضها البعض، مع ذلك لم يتم استعمالها أبداً لأنه بعد فترة أدرك القادة على جانبي الستار الحديدي أن الحرب النووية الحرارية العالمية لن تكون في مصلحة أي من القوتين، حيث من المحتمل أن تؤدي إلى تدمير كلا الجانبين وربما شتاء نووي أو أحداث أخرى على مستوى الانقراض.

لذلك في بعض الأوقات امتنع الجانبان عن توزيع أنظمة قادرة على شن ضربات نووية دون رد ضد أي من الجانبين، مع ذلك في كلا الكتلتين كانت هناك مصالح استفادت من تطوير وصيانة أنظمة أسلحة الضربة الأولى، ما أسماه الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور المجمع الصناعي العسكري، حيث شجعت هذه القوات على التطوير المستمر لأنظمة الأسلحة ذات الدقة والقوة والدمار الأكبر.

بالإضافة إلى ذلك، شكك كل جانب في التزام الطرف الآخر بعدم نشر أسلحة الضربة الأولى، أو حتى في حالة نشرها بعدم توجيه الضربة أولاً، حيث تم نشر بعض أسلحة الضربة الأولى لكن مثل معظم الأسلحة النووية لم يتم استخدامها أبداً.

ومن بين القوى النووية فقط جمهورية الصين الشعبية والهند لديهما سياسات تصريحية وغير مشروطة وغير مشروطة بعدم الاستخدام الأول، ففي سنة 1982 في جلسة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة، تعهد الاتحاد السوفييتي بعدم استخدام الأسلحة النووية أولاً، بغض النظر عمّا إذا كان معارضوها يمتلكون أسلحة نووية أم لا.

ولقد تم التخلي عن هذا التعهد في وقت لاحق من قبل روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي؛ لتعويض التفوق الساحق للأسلحة التقليدية التي يتمتع بها الناتو، حيث كان لدى الولايات المتحدة سياسة جزئية ومؤهلة بعدم الاستخدام الأول تنص على أنها لن تستخدم الأسلحة النووية ضد الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية أو أسلحة دمار شامل أخرى.

فأنظمة الدفاع الصاروخي واسعة النطاق ليست أسلحة للضربة الأولى، لكن بعض النقاد ينظرون إليها على أنها أسلحة تمكن من الضربة الأولى، حيث إن مبادرة الدفاع الاستراتيجي التي قام باقتراحها الرئيس الأمريكي رونالد ريغان إذا تم نشرها وثبت نجاحها، سوف تقوّض الفرضية الأساسية للتدمير المؤكد المتبادل (النتيجة الحتمية للتدمير المكافئ وغير المقبول لكلا الجانبين في حالة نشوب حرب نووية) إزالة الحافز للولايات المتحدة وليس الإضراب أولاً.

وتعد هذه الأنظمة الدفاعية المقترحة التي تهدف إلى تقليل مخاطر الحرب النووية المدمرة ستؤدي وفقاً لهؤلاء المنتقدين، ففي الواقع وفقاً لنظرية اللعبة سيكون لدى الجانب الذي لا يقوم ببناء دفاعات صاروخية واسعة النطاق حافزاً لشن ضربة استباقية أولية، بينما لا يزال من الممكن تنفيذ مثل هذه الضربة.

الإجراءات المضادة للضربة الأولى:

وفقاً لنظرية الردع النووي والتدمير المتبادل المؤكد، فإن الانتقام المعاكس الكامل سيكون المصير المحتمل لأي شخص يشن الضربة الأولى، لذلك من أجل الحفاظ على قوة ردع موثوقة، فقد اتخذت الدول الحائزة للأسلحة النووية تدابير لإعطاء أعدائها أسباباً للاعتقاد بأن الضربة الأولى ستؤدي إلى نتائج غير مقبولة.

وتعتمد الاستراتيجية الرئيسية هنا على خلق شكوك بين استراتيجي العدو، فيما يتعلق بالقدرات النووية وخصائص الأسلحة ونقاط الضعف في المنشآت والبنية التحتية، وأنظمة الإنذار المبكر وتغلغل الاستخبارات والخطط الاستراتيجية والإرادة السياسية.

وفيما يتعلق بالقدرات العسكرية، فإن الهدف هو خلق انطباع بوجود أقصى قوة ممكنة وقابلية للبقاء؛ ممّا يؤدي بالعدو إلى زيادة تقديرات احتمالية حدوث ضربة مضادة متوقفة، بينما الهدف من حيث الاستراتيجية والسياسة لجعل العدو يعتقد أن مثل هذه الضربة الثانية ستكون وشيكة في حالة وقوع هجوم نووي.

فإن أحد الأسباب الرئيسية لردع الضربة الأولى هو احتمال قيام الضحية الأولى بشن ضربة انتقامية على المهاجم، حيث ترتكز فعالية الضربة الأولى على قدرة المهاجم على استنفاد قدرة العدو الانتقامية على الفور، إلى المستوى الذي يجعل الضربة الثانية مستحيلة أو مخففة أو غير مرغوب فيها بشكل استراتيجي.

المصدر: الضربة الأولى، جعفر قاسمفي السياسة والأمن، أمين هويدياسرائيل: العقيدة العسكرية وشئون التسلح، حسين آغاتحديات القرن الواحد والعشرين للسيادة وانعكاسات الارهاب، حسين شريف


شارك المقالة: