ما هي الحرب السياسية؟

اقرأ في هذا المقال


تؤدي الطبيعة القسرية إلى ضعف أو تدمير الإرادة السياسية أو الاجتماعية أو المجتمعية للخصم، وإجبارها على اتخاذ إجراءات مواتية لمصالح الدولة، كما يمكن أن تقترن الحرب السياسية بالعنف والضغط الاقتصادي والتخريب والدبلوماسية لكن جانبها الرئيسي هو “استخدام الكلمات والصور والأفكار”.
إن إنشاء هذه الأساليب القسرية ونشرها واستمرارها هي إحدى وظائف فن الحكم لدى الدول، وهي بمثابة بديل محتمل لمزيد من العمل العسكري المباشر، على سبيل المثال تهدف أساليب مثل: العقوبات الاقتصادية أو الحظر إلى إلحاق الضرر الاقتصادي الضروري لفرض التغيير السياسي، حيث تعتمد الأساليب والتقنيات المستخدمة في الحرب السياسية على الرؤية السياسية للدولة وتكوينها وسيختلف السلوك وفقاً لما إذا كانت الدولة شمولية أم سلطوية أم ديمقراطية.

مفهوم الحرب السياسية:

الحرب السياسية هي استخدام الوسائل السياسية لإجبار الخصم على فعل إرادته بناءاً على نية عدائية، حيث يصف المصطلح سياسي التفاعل المحسوب بين الحكومة والجمهور المستهدف بما في ذلك حكومة دولة أخرى والجيش أو عامة السكان.
تستخدم الحكومات مجموعة متنوعة من الأساليب للإكراه على إجراءات معينة وبالتالي تكتسب ميزة نسبية على الخصم، حيث تشمل الأساليب الدعاية والعمليات النفسية (PSYOP) التي تخدم الأهداف الوطنية والعسكرية على التوالي. إن للدعاية جوانب عديدة وهدف سياسي معاد وقسري والعمليات النفسية هي لأهداف عسكرية استراتيجية وتكتيكية وقد تكون معادية للجيش والمدنيين.

هدف الحرب السياسية:

الهدف النهائي للحرب السياسية هو تغيير آراء الخصم وأفعاله لصالح مصالح دولة واحدة دون استخدام القوة العسكرية، هذا النوع من الإقناع أو الإكراه المنظم له غرض عملي هو إنقاذ الأرواح من خلال تجنب استخدام العنف من أجل تحقيق أهداف سياسية، وهكذا فإن الحرب السياسية تنطوي أيضاً على “فن تشجيع الأصدقاء وتثبيط العزيمة للأعداء وكسب المساعدة لقضية الفرد والتسبب في التخلي عن الأعداء”، وبشكل عام تتميز الحرب السياسية بنيتها العدائية ومن خلال التصعيد المحتمل لكن خسارة الأرواح هي نتيجة مقبولة.

أدوات الحرب السياسية:

تستخدم الحرب السياسية جميع الأدوات ما عدا الحرب المتاحة للأمة لتحقيق أهدافها الوطنية، إن أفضل أداة للحرب السياسية هي “تفسير السياسة الفعالة بقوة” أو بشكل أكثر مباشرة “السياسة العلنية المدعومة بقوة” لكن يتم استخدام الحرب السياسية، كما أوضح أحد المفكرين البارزين في هذا الموضوع عندما تفشل بيانات العلاقات العامة والإقناع اللطيف على غرار الدبلوماسية العامة سياسات “القوة الناعمة” في كسب المشاعر والإجراءات المطلوبة حول العالم.
الطريقة الرئيسية لشن الحرب السياسية هي من خلال الدعاية ويمكن أن يكون جوهر هذه العمليات إما علنياً أو خفياً، حيث تأتي الدعاية “البيضاء” أو العلنية من مصدر معروف. من ناحية أخرى فإن الدعاية “الرمادية” هي “تضخيم شبه رسمي لصوت الحكومة”، إذ يُعد كل من راديو أوروبا الحرة وراديو ليبرتي مثالان على الدعاية “الرمادية” خلال الحرب الباردة، أما الدعاية “السوداء” فهي دعاية تنبع من مصدر غير معروف.
إن مفتاح الدعاية السوداء هو حقيقة أنها في أغلب الأحيان يبدو أنها تأتي من مصدر غير مهتم بينما في الحقيقة لا تأتي، كما أن هناك قنوات يمكن استخدامها لبث الدعاية ويسمح الاستخدام المتطور للتكنولوجيا بنشر المعلومات إلى عدد كبير من الناس والقناة الأساسية هي الكلمة المنطوقة، ويمكن أن يشمل ذلك الخطب الحية أو البث الإذاعي والتلفزيوني أيضاً أن يكون البث الإذاعي العلني أو السري أداة مفيدة بشكل خاص.
إن الكلمة المطبوعة قوية جداً أيضاً بما في ذلك الكتيبات والنشرات والكتب والمجلات والرسوم الكاريكاتورية السياسية ومقالات الصحف المزروعة سرية أو غير ذلك، أيضاً يمكن استخدام التخريب وعملاء النفوذ والجواسيس والصحفيين “والحمقى المفيدين” كأدوات قوية في الحرب السياسية.
تشمل الحرب السياسية أيضاً الأنشطة العدوانية التي يقوم بها أحد الفاعلين لتحقيق ميزة هجومية أو السيطرة على الآخر، وبين الدول القومية يمكن أن ينتهي بالاستيلاء على السلطة أو في الاندماج الصريح للدولة الضحية في النظام السياسي أو مجمع سلطة المعتدي، كما شوهدت هذه العلاقة بين الضحية والمعتدي بين المتنافسين داخل الدولة وقد تتضمن تكتيكات مثل: الاغتيال والنشاط شبه العسكري والتخريب والانقلاب والتمرد والثورة وحرب العصابات والحرب الأهلية.

تاريخ الحرب السياسية:

يمكن إرجاع تاريخ الحرب السياسية إلى العصور القديمة، حيث يجسد الجنرال والاستراتيجي الصيني صن تزو جوهرها في كتاب الإستراتيجية العسكرية الصينية القديمة فن الحرب: “لذا فإن الفوز بمئة انتصار في مائة معركة ليس بأعلى درجات التميز، فإن أعلى درجات التميز هو إخضاع جيش العدو بدون القتال على الإطلاق، كما أن الخبير في استخدام الجيش يقهر قوات العدو دون خوض معركة ويأخذ مدن العدو المحاطة بأسوار دون أن يشن هجوماً ويسحق دولة العدو دون حرب طويلة”.

المصدر: فتح صلاح الدين الأيوبي لبيت المقدس بين السياسة و الحرب، جاسر علي العناني الكوميديا السياسية، خليل أحمد الحروب و الدين فى الواقع السياسي الإسرائيلى، رشاد عبد الله الشامى يوميات كاتب، دوستويفسكي


شارك المقالة: