ما هي عملية عناقيد الغضب؟

اقرأ في هذا المقال


عملية عناقيد الغضب هو رمز قام بإطلاقه الجيش الإسرائيلي ويشار إليه حرب أبريل من قبل حزب الله، لحملة الستة عشر يوماً على لبنان في عام 1996 التي حاولت وقف الهجمات الصاروخية على شمال إسرائيل من قبل حزب الله.
لقد شنت إسرائيل أكثر من 1100 غارة جوية، وقصف مكثف حوالي 25000 قذيفة. لقد أصيب مجمع تابع لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في قانا عندما أطلقت المدفعية الإسرائيلية، النار على قوات حزب الله العاملة في الجوار. استهدفت 639 هجوماً صاروخياً لحزب الله عبر الحدود شمال إسرائيل، ولا سيما بلدة كريات شمونة HRW 1997، كما شاركت قوات حزب الله في اشتباكات عديدة مع القوات الإسرائيلية وجيش لبنان الجنوبي. لقد تم تخفيف حدة الصراع في 27 أبريل باتفاق وقف إطلاق النار الذي يحظر الهجمات على المدنيين.

خلفية عملية عناقيد الغضب:

لقد اجتاح الجيش الإسرائيلي لبنان للمرة الثانية سنة 1982، لوقف الاعتداءات الفلسطينية بدءاً من حرب لبنان سنة 1982، وبعد ثلاثة أشهر احتلت إسرائيل العاصمة بيروت، وعلى مدى السنوات الثلاث التالية لقد انسحب الجيش الإسرائيلي جزئياً، حتى سنة 1985 أنشأ ما أطلق عليه “المنطقة الأمنية العازلة” في جنوب لبنان.
بينما نجحت إسرائيل في طرد منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، ظهر في المنطقة تمرد مسلح من قبل المنظمات الشيعية المتطرفة. وفي سنة 1993 ردت إسرائيل بهجوم مكثف على حزب الله اللبناني (عملية المحاسبة) لتعطيل أعمالها.
لقد انتهت الحملة العسكرية بوقف إطلاق النار الذي تضمنت شروطه تفاهمات غير مكتوبة تحظر استهداف المدنيين. كلتا المجموعتين من المتحاربين ستتجاهل فيما بعد الحظر عندما تم تجاوز “خطوط حمراء” معينة مما خلق دورات من العنف الانتقامي. لقد واصل حزب الله مهاجمة أهداف في كل من لبنان وشمال إسرائيل، بما في ذلك القوات المسلحة الإسرائيلية وميليشيات جيش لبنان الجنوبي والمناطق المدنية. غالباً ما قصف الجيش الإسرائيلي أهدافاً على مقربة شديدة من المناطق المدنية أو داخلها، مما تسبب في كثير من الأحيان في مقتل العديد من المدنيين.
في 9 أبريل سنة 1996 أطلق حزب الله وابلاً كثيفاً من الصواريخ على بلدات الجليل، مما دفع إسرائيل للرد على ذلك وبالتالي انطلقت عملية عناقيد الغضب بعد يومين.

سبب عملية عناقيد الغضب:

في حين أن النزاع المسلح بين جيش الدفاع الإسرائيلي وجيش لبنان الجنوبي، من جهة وحزب الله والميليشيات اللبنانية الأخرى (مثل أمل) من جهة أخرى، كان شديداً في كثير من الأحيان قبل أواخر مارس سنة 1996، فقد اقتصر إلى حد كبير على المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل في جنوب لبنان وأهداف عسكرية.
في 30 مارس لقد قتل رجلان بصاروخ للجيش الإسرائيلي، أثناء عملهما في برج مياه في ياطر بلبنان. لقد ورد حزب الله بإطلاق 20 صاروخ على شمال إسرائيل، حيث اعترف الجيش الإسرائيلي بالهجوم على أنه خطأ. لقد استشهد حزب الله بانفجار قنبلة على جانب الطريق أدى إلى مقتل طفل لبناني يبلغ من العمر 14 عاماً، أيضاً إصابة ثلاثة آخرين في قرية براشيت كسبب لإطلاق 30 صاروخ على شمال إسرائيل في 9 أبريل. لقد أعلن المسؤولون الإسرائيليون عن عملية عناقيد الغضب في 11 أبريل، كإجراء انتقامي ووقائي لقصف حزب الله الذي أدى إلى إصابة ستة مدنيين إسرائيليين.

أحداث عملية عناقيد الغضب:

في ساعة مبكرة من صباح 11 أبريل لقد بدأت الطائرات والمدفعية الإسرائيلية قصفاً مكثفاً لجنوب لبنان وكذلك على أهداف في منطقة بيروت ووادي البقاع. لقد كان الهدف المعلن من هذه الهجمات، هو الضغط على الحكومة اللبنانية لكبح أنشطة حزب الله، بالإضافة إلى ذلك شنت إسرائيل غارات جوية على أهداف شملت قاذفات كاتيوشا ومنشآت وأفراد من حزب الله.
بالإضافة إلى مركبات وبنية تحتية مدنية حيث قالت إسرائيل: “إن بعضها يستخدم لأغراض عسكرية”. أيضاً رافقت المداهمات بث إذاعي حث السكان على الفرار من المنطقة، في مكان ما بين 300000 و 500000 فعلوا ذلك.
اعتباراً من 13 أبريل لقد حاصرت إسرائيل موانئ بيروت وصيدا وصور، وبالقرب من بيروت قصفت الطائرات الإسرائيلية موقعاً عسكرياً سورياً في 12 أبريل، مما أسفر عن مقتل جندي وإصابة سبعة آخرين. في يوم 14 ويوم 15 أبريل تعرضت محطات توليد الكهرباء، في منطقة بيروت في الجمهور وبسليم للهجوم هيومان رايتس ووتش سنة 1996.

الأحداث ما بعد عملية عناقيد الغضب:

إجمالاً قتل حوالي 154 مدنياً (هيومن رايتس ووتش سنة 1997) إلى 170 لبنانياً (اللجنة الدولية للصليب الأحمر 1997) في لبنان في هجمات، من بينهم 106 مدنيين قتلوا في قصف مجمع للأمم المتحدة في قانا و9 مدنيين قتلوا في هجوم في النبطية، عندما قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مبنى من طابقين حيث كانوا نائمين.
لقد قال سلاح الجو الإسرائيلي: “إن نيران المضادات الجوية، أطلقت على طائراته من محيط المبنى” ولم تتمكن منظمة العفو الدولية من تأكيد صحة ما قيل أم لا. لقد جرح حوالي 350 مدنياً في لبنان (هيومن رايتس ووتش 1997)، أيضاً أصيب 62 مدنياً إسرائيلياً في إسرائيل.
لقد كانت الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية اللبنانية كبيرة، حيث تم تدمير الجسور الرئيسية ومحطات الطاقة. بحسب هيومن رايتس ووتش تعرضت منازل ومباني في سنة 2018، في جنوب لبنان إما للتدمير الكامل أو بالقصف الشديد. لقد قدر الخبير الاقتصادي مروان اسكندر إجمالي الأضرار الاقتصادية، التي لحقت بلبنان بنحو 500 مليون دولار حيث أيدها المركز اللبناني للدراسات السياسية: 140 مليون دولار لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة، 30 مليون دولار لمساعدة النازحين، 260 مليون دولار في الناتج الاقتصادي المفقود و 70 مليون دولاراً في الخسائر؛ بسبب التأخير في المشاريع الاقتصادية.
لقد قدرت إسرائيل إجمالي الأضرار التي لحقت بها بـ 150 مليون شيكل (حوالي 53 مليون دولار). في وقت سابق قدرت الأضرار التي لحقت بالممتلكات المدنية الإسرائيلية، بـ 20 مليون شيكل (حوالي 7 ملايين دولار) والأضرار غير المباشرة، التي لحقت بصناعة السياحة الإسرائيلية بمبلغ 40 مليون شيكل (حوالي 13 مليون دولار).
لقد شن رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز حملة مكثفة من أجل إقناع اللبنانيين، بأن هذه العقوبة قد سقطت عليهم بسبب استمرار وجود حزب الله ونشاطاته المعادية للجيش الإسرائيلي، وأنهم لم يكن عليهم سوى التنصل من حزب الله وتفكيكه حتى يتوقف، لكن بسبب الأنشطة السياسية لـ “حزب الله” على مدى السنوات السابقة، ضيق الجسم السياسي اللبناني بأكمله الصفوف حوله. لم يكن هناك ذكر فقط لـ “تفكيك” حزب الله ولكن الاتفاقية التي وقعتها لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا وسوريا، حيث سمحت على وجه التحديد لحزب الله بمواصلة أنشطته العسكرية ضد قوات الجيش الإسرائيلي داخل لبنان.
لقد استشهدت القاعدة بمقتل المدنيين في عملية عناقيد الغضب، ولا سيما في قانا كدوافع لأفعالها وسياساتها تجاه الولايات المتحدة. لقد ورد عن محمد عطا موصوف في رواية لورانس رايت لهجمات 11 سبتمبر سنة 2001، أنه ألزم نفسه بالاستشهاد في رد فوري على الضربات الإسرائيلية في بداية عملية عناقيد الغضب.
في إعلانه للجهاد في 23 أغسطس سنة 1996 ضد الولايات المتحدة، كتب أسامة بن لادن مخاطباً إخوانه المسلمين: “دماؤهم أريقت في فلسطين والعراق والصور المروعة، لمجزرة قانا في لبنان ما زالت حية في بلادنا”. في تشرين الثاني سنة 1996 لقد أخبر مجلة نداء الإسلام الأسترالية عن قانا مرة أخرى، قائلاً: “إنه عندما تتهم حكومة الولايات المتحدة الإرهابيين بقتل الأبرياء، فإنها “تتهم الآخرين بآلامهم من أجل خداع الجماهير”.

وقف إطلاق النار:

لقد كان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد دعا في الأصل إلى وقف إطلاق النار، في 18 أبريل سنة 1996 في القرار 1052. لقد تراجعت الأعمال العدائية عن مستواها المتصاعد بعد التوصل إلى تفاهم لوقف إطلاق النار الإسرائيلي اللبناني – اتفاق مكتوب غير رسمي- تحت رعاية دبلوماسية أمريكية.
لقد تم الإعلان عن التفاهم في الساعة 18:00 يوم 26 أبريل سنة 1996، وأصبح ساري المفعول في الساعة 04:00 يوم 27 أبريل، ويحظر الاتفاق الهجمات عبر الحدود على أهداف مدنية، وكذلك استخدام القرى المدنية لشن هجمات. لقد تم تشكيل لجنة مراقبة تنفيذ تفاهمات عناقيد الغضب، وتضم ممثلين من الولايات المتحدة وفرنسا وسوريا وإسرائيل ولبنان. لذلك تجتمع اللجنة لرصد ومناقشة انتهاكات الجانبين للتفاهمات.

أصول تسمية عناقيد الغضب:

إن عبارة “عناقيد الغضب” هي إشارة من سفر الرؤيا، لقد كانت فكرة معروفة في علم الأمور الأخيرة المسيحية الأمريكية في القرن التاسع عشر، وتظهر أيضاً في ترنيمة إلغاء العبودية The Battle Hymn of the Republic: “رأت عيني مجد مجيء الرب أنه يدوس على خمر، حيث يخزن عناقيد الغضب، أزال البرق القاتل، لسيفه الخفيف السريع..”.
إن المفارقة والخلاف المحتمل لعملية عسكرية إسرائيلية، سميت على اسم عقيدة دينية مسيحية لم تغب عن الصحافة الإسرائيلية. مع ذلك يعتقد معظم المعلقين أن العنوان كان إشارة من التوراة أو أن العبارة، تشير فقط إلى رواية جون شتاينبك التي تحمل الاسم نفسه “عناقيد الغضب“.

المصدر: ثلاثية الثلاثاء الدامي، عبد الحسين شعبانمن شرم الشيخ إلى عناقيد الغضب، حميدي عبداللهالملل والنحل والأعراق، د. سعد الدين إبراهيمالرواية المفقودة، فاروق الشرع


شارك المقالة: