أهمية علم التتابع الحفري في الجيولجيا

اقرأ في هذا المقال


ما هي أهمية علم التتابع الحفري في الجيولجيا؟

يعرف علم التتابع الأحفوري بأنه ترتيب منتظم ومتتابع لمجموعات حفرية مختلفة وواضحة في السجل الجيولوجي، وهذا الترتيب يوضح التطور والانقراض للكائنات الحية في حقب الحياة القديمة والمتوسطة والحديثة خلال الزمن الجيولوجي.
إن هذا العلم يختص في دراسة ومعرفة الوحدات البيوستراتغرافية أي دراسة الأحافير وعلاقتها بالوحدات الصخرية في التتابع الطبقي، كما أن وحدات التتابع الحفري مثل الوحدات الصخرية تتكون من وحدات ملموسة، وتعرف هذه الوحدات البيوستراتغرافية بمحتوياتها الملحوظة من الأحافير التي يمكن الاستعانة بها في تقسيم التتابع الطبقي إلى نطاقات حفرية لتمييز زمن استراتغرافي معين، كما أنها تعطي فكرة واضحة عن الظروف البيئية التي عاشت فيها وعن انتشارها الجغرافي.
فقد تحتوي طبقات عصر جيولوجي واحد على حفريات تختلف من مكان إلى آخر أو من منطقة إلى أخرى نتيجة لاختلاف الظروف التي أثرت على الترسيب في هذه الأماكن، وفي هذه الخاصية تتشابه الوحدات البيوستراتغرافية مع الوحدات الصخرية، ولكنها تختلف عن الوحدات الصخرية من خلال اختلاف الأزمنة التي عاشت فيها الكائنات قديماً.
ومن المعروف أن الوحدات الصخرية قد لا تختلف حسب الأزمنة؛ أي أنه من الممكن أن تتكون رواسب متشابهة في أزمنة جيولوجية مختلفة نتيجة لمجموعة من الظروف المناخية وغيرها التي أثرت على هذه الرواسب في العصور الجيولوجية المختلفة أثناء تكوينها، ولكن الأحافير في هذه الصخور لا يمكن أن تكون متشابهة أبداً.
هذا يعني أن الأحافير تكون دائماً في تغير مستمر فتظهر أنواع جديدة وتنقرض أو تختفي بعض الأنواع القديمة، ولذلك فإن البقايا العضوية في أي عصر من العصور الجيولوجية أو في أزمنة جيولوجية لا يمكن أن تكون واحدة في الأزمنة المختلفة، وفي الحقيقة تعتبر الأحافير هي الأداة الدقيقة في تعيين الأزمنة الجيولوجية المتتابعة منذ ظهور الحياة حتى الآن.

تنوع الكائنات الحية خلال الأزمنة الجيولوجية:

يوجد الكثير من العوامل التي تتحكم في توزيع الكائنات الحية اليوم مثل الظروف البيئية والمناخية والتضاريس الجغرافية المتنوعة والمختلفة بالإضافة إلى وجود حواجز طبيعية تلعب دوراً كبيراً في ازدهار الكائنات وانتشارها، وعلم البيئة هو العلم الذي يختص بدراسة العلاقات بين الكائنات ومعرفة الظروف التي تؤثر عليها، كما أن علم الجغرافيا الحيوية يضمن جميع الكائنات السائدة خلال الأزمنة الجيولوجية.
فكل نوع من أنواع الحيوانات أو النباتات ينتج في بادئ الأمر أنواعاً ذات أحجام صغيرة، حيث لا يمكنها أن تنافس الأنواع الكبيرة من أجل الحياة ولذلك فهي تسعى إلى الانتشار في أي مكان تتوافر فيه الظروف الملائمة لمعيشتها، فالحيوانات ذات الحركة السريعة مثل الطيور لها انتشار واسع، كما أن الكائنات غير المتحركة أو الثابتة مثل النباتات الأرضية تنتج بذوراً قد تنقلها الحيوانات أو تحملها الرياح إلى مسافات طويلة لتزيد من انتشارها.
وغير ذلك فإن الحيوانات البحرية التي تعيش على القاع قد تتعلق في بعض الأجسام الطافية أو في الكائنات السابحة، مما يساعد على نقلها إلى أجزاء كثيرة من المحيط بواسطة التيارات البحرية، وهذه الخصائص لها أهمية كبيرة جداً في دراسة البيئة القديمة للأحافير خلال الأزمنة الجيولوجية المختلفة.
ويوجد القليل من الحيوانات والنباتات التي يمكنها الانتشار في جميع أنحاء العالم وأغلبها يوجد منتشراً في مساحات كبيرة تسمى جهات، وهذه الجهات provinces يفصلها عن بعضها حواجز طبيعية أو حواجز مناخية تحول بين انتشار الكائنات.
فعلى سبيل المثال تعتبر القارات حواجز تمنع انتشار الحيوانات والنباتات الأرضية، أما النسبة للكائنات البحرية التي تعيش على القاع وفي المناطق الشاطئية أو الضحلة فإن الأعماق الكبيرة من البحار والمحيطات تعتبر حواجز مثل القارات تماماً تحول دون انتشارها.
والحدود بين الجهات المختلفة تختلف حسب نوع الكائنات فعلى سبيل المثال توجد مجموعة من الكائنات يمكنها التكيف لتعيش في درجات حرارة مختلفة وكثير من المجموعات الأخرى لا يحتمل تغييرات في درجة الحرارة، كما أن حدود الانتشار الجغرافي للكائنات البحرية السابحة يعتمد على الكائنات الطافية أو الكائنات المتحركة على القاع، ومن خلال هذه العوامل البيئية والجغرافية التي تؤثر على الكائنات في الوقت الحاضر يمكننا دراسة البيئة القديمة في الأزمنة الجيولوجية المختلفة.

تطور الكائنات في الأزمنة الجيولوجية:

ترتبط معظم أنواع الكائنات الحية ارتباطاً وثيقاً بظروف معينة، بحيث إذا استمرت ثابتة فإن هذه الأنواع لا تتغير أبداً، ولكن لما كانت الظروف في تغير مستمر فإن الأنواع كذلك لا بد أن تعد أنفسها وتتغير حسب الظروف الجديدة لتصبح أكثر ملائمة للحياة فيها، ويستمر هذا التغير في تطور مستمر ولا يمكن أن ينعكس.
ودرجة التطور تختلف كثيراً، فبعض الكائنات تتطور ببطئ شديد بينما البعض الآخر يتغير في أوقات زمنية قصيرة ويتطور تطوراً سريعاً، والأنواع التي تتغير تغيراً سريعاً قد تتكاثر وتزداد أعدادها بكميات هائلة ولها أهمية كبرى في علم الطبقات وتعتبر أحافير مرشدة لفترة زمنية معينة من السجل الجيولوجي.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: