التراكيب الجيولوجية التداخلية والانبثاقية

اقرأ في هذا المقال


ما هي التراكيب الجيولوجية التداخلية والانبثاقية؟

تمتاز كل من الصهارة (أو الماجما) والطين والملح بأن لها القدرة على أن تخترق الغطاء الصخري وأن تندفع خلاله عبر مسالك معينة، حتى تصل في بعض الأحيان إلى سطح الأرض؛ وذلك بسبب انسيابتها المرنة وميوعتها وانضغاطعها بشدة.
وفي واقع الأمر فإن ثمة اختلافاً جوهرياً بين الصهارة (الماجما) من جهة والطين والملح من جهة أخرى، والاختلاف هو أن الصهارة تتداخل في الصخور وتنبثق وهي في حالة منصهرة تماماً، بينما تخترق كتل الطين والملح ما حولها من صخور وهي في الحالة الصلبة.
وإلى جانب هذا الفرق الجوهري فمن المهم معرفة وفهم التراكيب الناجمة عن اندفاع وانبثاق الصهارة (التراكيب التداخلية والانبثاقية)، وتجدر الاشارة إلى أن الجيولوجيين قد درسوا التراكيب الداخلية والانبثاقية كعنوان مستقل، مع أن بعض المراحل الأجنبية تعتبر هذه التراكيب نوعاً من التراكيب الأولية في الصخور النارية.
ومن أسباب اعتبار هذه التراكيب كموضوع خاص من المهم دراسته، هو أن التداخل والانبثاق يمكن أن تحدثه صخور أخرى مثل الطين والمتبخرات (الملح)، والسبب الأخر المهم هو أن التراكيب التداخلية والانبثاقية تشمل مع التراكيب التي تتكون في جسم المتداخل الناري نفسه (بعد تصلبه)؛ أي التراكيب التي تتكون على تخومة حواف الجسم الناري.

ما هي المتداخلات الصفائحية؟

إن الجدد القاطعة (Dykes) والجدد المتوافقة (sills) والفُرش المخروطية (cone sheets) عبارة عن أمثلة لمتداخلات نارية مسطحة وصفائحية الشكل، والجدد القاطعة عبارة عن متداخل ناري مستوي ومسطح يقطع مستويات التطبق (في حالة الصخور الرسوبية) أو مستويات التورق (في حالة الصخور المتحولة) بزاوية كبيرة.
واصطلاح الجدة القاطعة يستخدم أيضاً للإشارة إلى أي متداخل ناري، يوجد في شكل مستوي عمودي في وضعه الفراغي، حتى إن كان هذا المتداخل يقطع في صخور نارية أخرى، وهو منحوت من كلمة (Dyke أو Dike)، والتي تستخدم في شمال انجلترا واسكتلندا لتعني (Wall أو Fence)؛ أي حائط أو سياج، والسبب في ذلك يعود إلى أن الجدة القاطعة تبدو مثل الحائط أو السياج البارز عندما تتداخل في صخور رخوة.
أما الجدة المتوافقة فهي عبارة عن متداخل ناري مستوي ومسطح يكون موازياً لمستويات التطبق أو التورق في الصخور المحيطية، ويستخدم هذا الاصطلاح أيضاً ليشير إلى أي متداخل ناري مستوي الشكل أفقي الوضع الفراغي، حتى إن هذا المتداخل موجود في صخور غير متطبقة أو في صخور غير متورقة.
وكلمة (Sill) منحوتة عن اصطلاح معماري يستخدم في اللغة الانجليزية بمعنى (عتبة)، كأن نقول مثلاً عتبة المنزل، وفي شمال إنجلترا يطلق المشتغلون بالتعدين على أي طبقة صخرية أفقية هذا الاصطلاح، ويستوي في ذلك الطبقات الرسوبية والمتداخلات والمنبثقات النارية.
وبصفة العموم إن المتداخلات الفريشية يمكن أن يتراوح سمكها من ملي مترات قليلة إلى عدة كيلو مترات، وإن كان معظمها يتراوح فيما بين عشرة سانتي مترات إلى عشرة أمتار، وعلى الرغم من أن أشكال الفرش المتداخلة ليس بالضرورة أن تكون مستوية تماماً في كل وضعها الفراغي، فكثيراً ما تكون الجدد القاطعة غير مستوية الشكل بل وتكون كثيرة التعرجات والانثناءات.
والأكثر من ذلك أنها تحيد في مسارها شقوق قديمة موجودة في الصخر المضيف، وكان من البداهة أن تسلك طريقها عبر مستويات هذه الشقوق، ولعل هذا الأمر يرتبط في بعض جوانبه في أن الصهير الناري أثناء اندفاعه يكون وقعاً تحت ضغوط هيدروليكية، ينجم عنها تكون مجموعة من الشقوق الشديّة غير مستوية الشكل.
والجدد القاطعة أيضاً ربما تتداخل عبر مستويات بعض الشقوق المتجاورة فتبدو في الخريطة وفي المكشف الصخري غير متصلة ببعضها البعض على الاطلاق، والجدد المتوافقة أيضاً يمكن أن تكون متوافقة تماماً مع مستويات التطبق في طبقة ما، ثم تقطع مستويات التطبق بزاوية حادة أو شبه قائمة ثم تستمر بعد ذلك متوافقة مع مستويات التطبق.
ويجب أن يؤخذ في عين الاعتبار أن الصدوع الصغيرة من الممكن أن تلعب دوراً رئيسياً في ظهور الجدة المتوافقة بشكل معين، ويطلق على الصدوع الناجمة عن عملية التداخل التفاضلي للمتداخلات النارية اصطلاح الصدوع المتداخلة، ويعتقد بأن الصدوع الناقلة للحركة التي تقطع أعراف منصفات البحار العميقة، ما هي إلا صدوع متداخلة على مستوى كبير.
وبعض الجدد المتوافقة الكبيرة يكون شكلها على النطاق الإقليمي مجوفاً، وما ذاك إلا لأن الصهير الناري بعد خروجه يبدأ في الانتشار للخارج وللأعلى في التتابع الاستراتجرافي، ومع أن نهاية الجدة المتوافقة أو الجدة القاطعة من الناحية النظرية البحتة لا بد أن تكون نصلية الشكل ومسحوبة ونحيفة نسبياً، ويرى بعض علماء الصخور أن السبب في ذلك يعود إلى المرونة أو اللدونة الزائدة للصخور المحيطة بالمتداخل الناري.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: