الأجسام السماوية وتطورها جيولوجيا

اقرأ في هذا المقال


ما هو التطور الجيولوجي للأجسام السماوية؟

إن حالات اصطدام الأجرام السماوية منتشرة إلى حد كبير في المنظومة الشمسية في سياق الأزمنة الجيولوجية، وبرفقة الآثار الجيومورفولوجية مثل الفوهات، فمن شأن حالات التصادم السماوي أن تحدث تغير في الصخور على الصعيد المعدني، وهذا ما يعرف باسم التحول الناتج عن الصدمة، وهذا مثل حال كل من الستيشوفيت والماسكلينيت الذان يعدان (على التوالي) شكلاً من الكوارتز والبلاجيوكليز بسبب التعرض لصدمة قوية.
كما يعتبر تشوه الشبكات البلورية وفسيفساء المعادن من المؤشرات الأخرى على الصدمات، يوجد بعض من الصدمات التي قد بلغت من العنف ما ساهم في صهر أجزاء من الصخرة، يتم العمل على تصنيف هذه الأحجار النيزكية في سلم زمني يتراوح من S1 (وهو عبارة عن حجر نيزكي إما أن يكون عديم أو قليل التعرض لصدمة، أي يتعرض لصدمة ذات ضغط يقل عن 5 جيجا باسكال)، إلى S6 (وهذا عبارة عن حجر نيزكي تعرض لصدمة قوية تعادل تقريباً 80 جيجا باسكال).

الأحجار النيزكية الكوندريتية:

كما تم مؤخراً طرح احتمال شكل بعض الأحجار النيزكية الكوندريتية في سحابة البخار الناتجة عن التصادم، وبشكل خاص فإن هذه النظرية (التي مازالت محل نقاش محتدم) تعتمد على الخصائص غير المألوفة التي تتصف بها الكريات الكوندريولية في أحجار النيازك الكوندريتية CB، ومع صرف النظر عن معظلة منشأ الأحجار الكوندريتية النيزكية CH أو CB فلا شك في حدوث هذه الاصطدامات، في كونها خلّفت آثار في المادة النيزكية.
إن قمرنا يقوم بتجسيد دور الاصطدامات في المنظومة الشمسية أفضل تجسيد، فقد كان تكوّن القمر بسبب حدوث اصطدام عظيم بين كوكب الأرض الأولي وبين جنين كوكب بحجم المريخ (هذا أمر مسلماً به)، كما يعتقد بأن هذا التصادم قد حدث بين 60 إلى 100 مليون عام بعد تكون المنظمة الشمسية، وذلك بعد الدراسات التي تمت على العنصر المشع الخامد فيها.
والفوهات التي تكون على سطح القمر توضح تعرضه على مدى تاريخه إلى قصف عظيم من الكويكبات والمذنبات، ومن ناحية أخرى فقد تمكنا بإثبات وقوع القصف الشديد المتأخر وذلك عن طريق تأريخ الصخور القمرية التي رجع بها رواد الفضاء على متن أبولو.
كما عمل الفريق الفرنسي الأمريكي من خبراء علم الحركة (الذي يشرف عليه أليساندرو موربيديلي المنسب إلى المرصد الفلكي بنيس في فرنسا)، على إظهار نشأة القصف القوي باضطراب القرص البدائي لدى الكويكبات الصغيرة بسبب هجوم كوكب المشتري وكوكب زحل.
يوجد مصدران للحرارة من الممكن أن يفسران التحول الحراري، وهما اضمحلال النشاط الإشعاعي أو التدفق الضوئي الكثيف النابع عن نجم الشمس الأولي، لكن النظرية الأولى هي الأنسب في الوقت الحالي، إن كل من عنصري 26AL و60FE هما العنصران المشعان الخامدان اللذان يطلقان القدر الكبير من الطاقة لوحدة الحجوم في الصخرة المستقبلة.
ودرجة الحرارة الداخلية للجسم تعتمد على كميات العناصر المشعة الخامدة هذه (التي يحتويها عند تعاظمها) وعلى حجمه، فإن الصخور تتحول عند درجات الحرارة التي تكون أقل من 1000 درجة مئوية، في حين أنها تنصهر عند ارتفاع الحرارة عن هذا الحد، فعلى سبيل المثال صخر الأكابولكوات وصخر اللودرانيت هي صخور غنية بمعادن الأوليفين والبيروكسين والفلز، كما أنها تتميز باحتوائها على نسيج كوندريتي وتركيب لا كوندريتي، ومن المعتقد أنها تكونت بسبب الانصهار الأولي لصخرة نيزك كوندريتي.
ومن خلال التقديرات تبيّن أن عملية التحول قد بدأت في وقت مبكر جداً؛ أي بعد بضعة ملايين السنين من تشكيل المنظومة الشمسية، وأنها استمرت حوالي 200 مليون عام، إن التحول الحراري في حد ذاته يستحق الدراسة وذلك لأنه يتيح الفرصة لتعيين خصائص المراحل المبكرة من تطور الأجسام السماوية.
كما أن العمل على وصف آثار التحول الحراري في الصخور يفيد في تمييز أحجار النيازك البدائية التي تحتوي على معلومات لنا تخص المراحل السابقة للمرحلة الكوكبية من المنظمة الشمسية، ويجب التذكير بأن التحول الحراري يعتبر أمر أساسي في تصنيف أحجار النيازك الكوندريتية في علم الصخور.
إن كل مجموعة كيميائية من النيازك الكوندريتية تأتي في مجموعات صخرية فرعية، وهذه المجموعة الفرعية الثانوية توضح نسيج أحجار النيازك الكوندريتية العادية، ومن الملاحظ أن التحول الحراري ينتج عن تغيير نسيج الصخور واستنفار العناصر مجدداً، فإذا تم تسخين صخرة من النيازك الكوندريتية فإنه يتعذر علينا تمييز حدود الكريات الكوندريولية التي تنصهر في الصخرة، كما يحدث استنفار لذرات الحديد مجدداً ويتنامى حجم حبيبات الفلز.
حيث أن جريان السوائل مثل الماء أو الغاز الكربوني يتسبب في إحداث تغيير جذري في التشكيل المعدني للصخور النيزكية الكوندريتية، حيث تتحول المعادن الأولية التي تحتوي عليها الأحجار النيزكية الكوندريتية (الأوليفين والبايروكسين والفلز والزجاج)، بالإضافة إلى المكونات المقاومة للحرارة إلى معادن ثانوية مثل الغضار وكبريتات الحديد.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: