المريخ الكوكب الأحمر

اقرأ في هذا المقال


ما هو الكوكب الأحمر (المريخ)؟

لقد أثار المريخ أكثر من أي كوكب آخر شغف الفلكيين والدارسين على السواء، وعندما نفكر في حياة متقدمة في الفضاء الخارجي، فإن سكان المريخ الخضر الصغار يأتون دائما في مخيلتنا وهذا الشغف بالمريخ يأتي من سهولة مشاهدته، فلكل الكواكب التي تقع في مدى المنظار الفلكي تغشوا أسطحها السحب عدى عطارد الذي تصعب مشاهدته نظراً لقربه من الشمس، ويظهر المريخ من خلال المنظار الفلكي ككرة حمراء تتخلها بعض المناطق الغامقة اللون والتي تتغير درجة دكانتها خلال السنة المريخية، وأكثر مناطق المريخ وضوحاً من خلال المناظر الفلكية هي تلك القلنسوات القطبية ناصعة البياض.
ومجموعة الصور الجوية للمريخ التي ارسلت من قبل أول مركبة فضائية ناجحة تمر بجوار المريخ وهي مارينار 4، قد أوضحت بأن كوكبنا غنياً بالفوهات شبيهاً بالقمر أكثر منه بالأرض وتبين بأن هذه الصور قد أخذت للجزء الجنوبي من المريخ الغني بالفوهات والذي يمثل تضاريس تختلف عن تضاريس الجزء الشمالي (الأحدث)، ولقد دلت الرحلات الفضائية بعد ذلك بأن هذا الكوكب الديناميكي قد مر بمراحل خلال تاريخه حافلة بالأنشطة البركانية، وتعتريه الرياح وحركات القشرة الكوكبية المصاحبة لزلازل مريخية، إضافة إلى ذلك فإن صور المركبة فايكنج قد دلت دلالة قاطعة على وجود تعرية بواسطة المياه الجارية.
أما جو المريخ فتبلغ كثافته 1% فقط من كثافة جو الأرض أي أقل بكثير مما يوجد على قمة جبال إفرست، حيث أنه يتكون في أغلب الأحيان من ثاني أكسيد الكربون مع كميات صغيرة من بخار الماء، ودلت البيانات المرسلة إلى الأرض بأن المناطق القطبية مغطاة بكتل جليدية مائية تعلوها طبقة رقيقة من ثاني أكسيد الكربون المتجمد، وعند اقتراب الشتاء في منطقة ما نلاحظ نمو هذه الطبقة الجليدة ناحية المدار وذلك نتيجة لازدياد كميات ثاني أكسيد الكربون المتراكمة أو المتجمعة، وهذه الاكتشافات منسجمة مع درجات الحرارة التي لوحظت بالمناطق القطبية فإنها تصل درجة الحرارة إلى 125 درجة مئوية تحت الصفر، وهذه الحرارة تكفي لتجمد ثاني أكسيد الكربون.
وبالرغم من أن الغلاف الجوي للمريخ رقيق جداً فإن العواصف الغبارية شائعة جداً وربما تكون هي مسؤولة عن التغيرات في اللون التي تلاحظ من خلال المناظير الفلكية على الأرض، وتستمر الرياح التي تصل سرعتها إلى 270 كيلو متر في الساعة لمدة أسابيع، ولقد أوضحت معلومات مرسلة من قبل المركبة فايكنج 1 وجود تضاريس على المريخ تشبه إلى حد كبير الصحاري الصخرية على الأرض، أما الكثبان الرملية فهي شائعة وكثير من الفوهات على المريخ لها قيعان مسطحة نتيجة لامتلائها بالغبار، وعليه خلافاً للقمر فإن الفوهات الأكثر قدماً على سطح المريخ يتم تغطيتها بالكامل بفعل تراكم الرسوبيات الرياحية عليها.
وعندما وصلت المركبة الفضائية مارينار 9 إلى المريخ سنة 1971 ميلادي وهي المركبة الصناعية الأولى التي تدور حول كوكب آخر، فلقد لوحظت عاصفة غبارية كبيرة ثائرة ذلك الوقت ولم يكن من الممكن ملاحظة أي تفصيل على الكوكب عدى القلنسوات الجليدية، وقد كان فصل الربيع في النصف الجنوبي للكوكب وكان الجليد القطبي يتراجع بسرعة وعند حوالي منتصف الصيف وهي الفترة التي يكون التبخر على أشده لوحظ اختلاف صغير في حجم الكتلة الجليدية القطبية، ولقد ظلت بقايا الجليد باقية خلال كل الصيف معطيه بذلك دليلاً على أن هذا الجليد مكون من الماء المتجمد (الماء المتجمد يتبخر بسرعة أقل بكثير من سرعة تبخر ثاني أكسيد الكربون المتجمد).
وعند انقشاع العاصفة الرملية بينت الصور المأخوذة للمنطقة الشمالية من المريخ العديد من البراكين الكبيرة أكبرها يسمى مونس اوليمبوس ويغطي منطقة تبلغ حوالي 108.000 كيلو متر مربع وبارتفاع يزيد عن 23 كيلو متر، أي أكثر من ضعف ارتفاع أي جبل على الأرض، وهذا البركان الضخم وغيره من البراكين التي لوحظت بعناية تشبه البراكين الدرعية الموجودة على الأرض، حيث أنها مماثلة لتلك التي بجزر هاواي، ويعتقد بأن حجمها غير العادي قد نتج عن غياب حركة الألواح على المريخ وعليه بدلاً من وجود سلسلة من البراكين كما هو الحال عليه في جزر هاواي نجد براكين ضخمة منفردة.
ويلاحظ بأن فوهات الارتطام أقل شيوعاً بالمناطق التي يغلب عليها النشاط البركاني، ويدل هذا على أن بعضاً من التضاريس البركانية على الأقل قد تكونت في فترة متأخرة من تاريخ هذا الكوكب بعد الارتطامات القوية المبكرة، وبالرغم من ذلك فإن قياسات الأعمار التي تم الحصول عليها من صور المركبة فايكنج بناء على كثافة الفوهات تبين أن معظم المعالم على سطح المريخ قديمة بالمقارنة بالأرض، والجزء الجنوبي من المريخ والذي تغلب عليه تضاريس الفوهات ربما يقارن في العمر بالمناطق الممثالة والمرتفعة (3.5_4.5 بليون سنة) على القمر، ويدل اكتشاف المناطق التي تسودها تضاريس الفوهات والبراكين المجواة بأن النشاط البركاني على سطح المريخ قد بدأ مبكراً.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: