الكوكب المقنع (الزهرة)

اقرأ في هذا المقال


ما هو الكوكب المقنع (الزهرة)؟

إن كوكب الزهرة هو الكوكب الثاني بعد القمر في اللمعان في ظلام الليل وقد استعمل كرمز للحب والجمال، ويدور حول الشمس في مدار دائري تقريباً مرة كل 225 يوماً، وحيث أن الزهرة مساو للأرض في الحجم والكثافة والكتلة إلى جانب أنه يقع في نفس الجهة في المجموعة الشمسية، فلقد أشير إليه بتوأم الأرض ونتيجة لهذه التشابهات، فمن المؤمل بأن تعطى دراسة كوكب الزهرة فهماً أكثر لتاريخ تطور الأرض وبالرغم من أن لكوكب الزهرة غشاء سحابي كثيف إلا أن التخريط الراداري بواسطة المركبة (المكتشف) وأيضاً بالأجهزة الأرضية قد أظهر تضاريساً نتباينة مع وجود ظواهر تشبه إلى حد ما الأرض والمريخ.
وببساطة فإن النبضات الرادارية تبعث لسطح الزهرة وتقاس مناطق الجبال والهضاب بمعرفة الزمن اللازم لرجوع هذه النبضات من السطح ونسبة عالية من سطح كوكب الزهرة مكون من تضاريس ذات هضاب قليلة الارتفاع، وتخترق هذه المناطق ذات الهضاب القليلة الارتفاع وديان كبيرة يعتقد بأنها ذات أصل حركي زبهذه المناطق أيضاً أكبر كثافة للأجسام الدائرية والتي يعتقد بأنها فوهات ناتجة عن الارتطام، ونسبة 8% فقط من التضاريس السطحية تحتوي على مناطق عالية قد تقارن بالمناطق القارية للأرض، والمناطق المرتفعة على كوكب الزهرة يغلب عليها التكوينات الجبلية إلا أنه توجد بعض السلاسل الجبلية المفصولة.
بما في ذلك ماكسويل مونتس الذي يرتفع 11 كيلو متر فوق ما حولها من الأراضي المنخفضة، كما يوجد مرتفعين يبرزان فوق السطح المجاور ما مقداره 5 كيلو متر تقريباً ويشبهان الدروع البركانية التي توجد على الأرض والمريخ، وتحليل الصور المتوفرة من قبل المكتشف كان إلى حد ما ضعيفاً حيث تم تخريط الأجسام الكبيرة فقط إلا أن تفاصيل أكثر عن سطح الزهرة سوف تتوفر بواسطة الفاحصات الفضائية الحديثة (فوير) والتي هي الآن تحت التصميم، وقبل ظهور المركبات الفضائية كان يعتقد بأن الزهرة والمريخ هما الموقعان الأكثر ملائمة لوجود الحياة دون باقي المجموعة الشمسية باستثناء الأرض.
ولسوء الحظ فإن الدلائل المستقاة من المركبة المارة مارينار ومن النزول السوفياتي بدون انسان على الزهرة قد بينت غير ذلك، فسطح الزهرة تصل حرارته إلى 480 درجة مئوية والغلاف الجوي للزهرة يتكون في أغلبه من ثاني أكسيد الكربون أي ما مقدراه 97%، كما تبين وجود كميات ضئيلة من بخار الماء والنيتروجين وبالغلاف الجوي لكوكب الزهرة طبقة سحاب معتمة يصل سمكها إلى 25 كيلو متر وتبدأ عند حوالي 70 كيلو متر فوق السطح، وبالرغم من تواجد المركبة السوفياتية غير المأهولة فينيرا 8 لفترة أقل من الساعة فقط على سطح الزهرة فلقد بينت بأن الضغط على سطح الزهرة يفوق الضغط على سطح الأرض بمقدار 90 ضعفاً.
ومثل هذا الطقس على سطح الزهرة يجعل فرص الحياة المعروفة لدينا غير متوقعة في المستقبل المنظور، ورحلات فينيرا الأخيرة ارسلت بعض الصور لكوكب الزهرة قبل استلانمها للحرارة والضغط العاليين وموقع نزول فينيرا 9 قد أوضح العديد من الصخور المحدبة مماثلة لما وجدته مركبة فايكنج على سطح المريخ، ومن ناحية أخرى فإن فينيرا 10 قد صورت صخوراً مستديرة ومسطحة، ربما نتيجة لتعرضها للتعيرة لفترة أطول من تلك التيوجدت عند موقع فينيرا 9 وقياسات التربة التي أخذتها مراكب فينيرا بينت تكويناً شبيهاً بالبازلت الموجودة على سطح الأرض والقمر والمريخ.
وقد سمى كارل ساغان (أحد المتخصصين المشهورين في الحياة الخارج الأرض في وصفه للطقس الكوكبي) الأرض بجنة المجموعة الشمسية وسمى الزهرة بجهنم، فلماذا يظهر هذا الاختلاف الواضح كما ذكر سافانا في الغلاف الجوي لكوكبين ذوي حجمين متقاربين تكونا بنفس الطريقة ويقعان قريبين من بعضهما؟ السبب الأساسي هو الحرارة اللافحة للزهرة والتي سببها ما يسمى بظاهرة المستنبت الزجاجي، وهذا المستنبت الزجاجي يمكن تجربته على الأرض أيضاً في أي يوم مشمس بواسطة من يدخل إلى المستنبت الزجاجي أو إلى سيارة ذات نوافذ مغلقة، فالجو الكثيف على الزهرة يعمل مثل الزجاج في المستنبت الزجاجي، حيث يسمح بمرور الطاقة الشمسية المرئية إلى السطح.
والكواكب عادة ما تفقد نفس الطاقة بنفس الدرجة التي تكتسبها وذلك بانعكاسها إلى الفضاء الخارجي إلا أن الغلاف الجوي لكوكب الزهرة الكثيف يعمل مثل الزجاج في المستنبت فهو إلى حد ما معتم للإشعاع المتجه إلى الخارج، وعليه فإن سطح الزهرة ساخن بسبب الانحباس المؤقت للحرارة على سطحه، ويعتبر ثاني أكسيد الكربون والذي يشكل 97% من الغلاف الجوي لكوكب الزهرة هو المسئول على هذا التأثير الشبيه بالمستنبت، والمصدر الرئيسي لثاني أكسيد الكربون هو الغازات المنطلقة أثناء النشاطات البركانية.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: