النيازك في العصور الوسطى

اقرأ في هذا المقال


ماذا قيل عن النيازك في العصور الوسطى؟

لوحظ سقوط حجر نيزكي (صخرة) في القرب من قرية نوغاتا شي في جزيرة كيوشو خلال العصور الوسطى وخاصة في اليابان أثناء القرن التاسع عشر من شهر مايو عام 861 ميلادي، ، حيث أن هذه الصخرة مازالت موجودة إلى هذا الوقت الحاضر وأصبحت مثل الآثار المقدسة في علبة خشبية وقد تم العثور عليها في حديقة مزار شنتو.
تناقلت الأجيال قصة سقوط هذا النيزك بشكل شفهي دون أن يتمكن أي عالم متخصص في علم النيازك من الحصول على عينة منها لغاية عام 1979، حيث قاموا بالعمل على دراستها من أجل تأكيد أصلها النيزكي ومن ثم صنفوها كنيزك كوندريتي عادي.
ويعتبر نيزك نوغاتا أقدم حجر نيزكي قد تم مشاهدة سقوطه وكان ذو شظايا بقيت محفوظة إلى يومنا هذا، ولم تحتفظ العصور الوسطى إلى بعدد قليل (فيما لو كان هناك بقايا) من الشهادات المسجلة عن سقوط النيزك، توجد أغلبها في الحوليات أو الوقائع.
تعتبر الأحجار النيزكية أثناء هذه المدة بشكل عام بمثابة نتائج صدرت عن تكاثف الغلاف الجوي، وفي الكثير من الأوقات يتم وصفها بأسلوب خيالي مثل ما يذكر عن سقوط عجول وماعز وحليب أو أسنان وأسماك القرش، كما قام الفيلسوف الفارسي ابن سينا بذكر وجود أمطار حجرية في مؤلفه (رسالة المعادن والآثار العلوية) خلال كتابه الذي يدعى بكتاب الشفاء.
ذلك الكتاب يحتوي على الخيمياء (الكمياء القديمة) والمعادن، الذي تم ترجمته إلى اللاتينية خلال عام 1300 ميلادي، حيث قال أن هناك نوعين من الصخور قد سقطا على الأرض هما حديد وحجارة، وذلك من خبرته في هذه الظواهر ويعتبر أيضاً أول تصنيف للنيازك أو أنه يعد أول سقوط نيزكي فضائي قد تم في حياته.
إذ قال ابن سينا (في زمني سقطت كتلة كانت ذات وزن يعادل 150 كيلو غرام في إقليم جرجان، وعندما وصلت إلى الأرض ارتدت مثلما ترتد كرة مرمية على الحائط ومن بعد ذلك سقطت، فنتج عنها سقوط ذو صوت مرعب، ثم قام عدد من الأشخاص الذين سارعوا لمعرفة سر هذه الضجة بالعثور على هذه الكتلة ثم حملوها إلى حاكم جرجان).

ما هي ظاهرة سقوط نيزك مفاجئ؟

خلال السابع من نوفمبر لعام 1492 ومن بعد أسابيع من اكتشاف كريستوفر كولومبوس للقارة الأمركية حدث سقوط مفاجئ، حيث سقط 127 كيلو غرام من الصخور النيزكية على منطقة أنسيشايم التي تقع في الألزاس في فرنسا، حيث أن هذا السقوط قد وصل صوته إلى أبعد مسافة قد تعادل الـ 150 كيلو غرام.
وهذه الظاهرة (ظاهرة سقوط نيزك مفاجئ) المضيئة قد أثرت في نفس الشاب الذي يدعى ألبريخت دورر، حيث كان حينها في مدينة بازل، وقام برسم النيزك على دفتر رسمه بالألوان المائية خلال عام 1494 ميلادي أثناء إقامته في فينيسيا، كما أن سكان أنسيشايم قد تجمعوا حول الفجوة تلك التي تسبب فيها الحجر النيزكي وعملوا على جمع كمية كبيرة من شظايا الصخرة لصناعة التعويذات أو التمائم إلى أن تدخلت السلطات المحلية لوضع حد للنهب.
فقامت السلطات بترك الصخرة الأساسية (التي تعد أثراً من الأعجاز) في كنيسة انسيسشايم كوديعة، وخلال عام 1793 قام الثوار بأخذها من الكنيسة وتركها وديعة في متحف محلي، تم معرفة صخرة أنسيشايم بسبب انتصار ماكسليمان بعد شهرين على الجيوش الفرنسية في 19 من يناير عام 1493 خلال معركة سالينس، وحازت على صدى واسع لم ينكره أحد أبداً.
وخلال تلك الفترة عمل كل من الفيلسوف والطبيب الشهير بارسلسوس على فحص هذه الصخرة عام 1528، حيث استنتجوا أن الصخرة تتكون من ملح مماثل لمادة الكرة الأرضية، وأن هذه الصخرة تشكلت في الغلاف الجوي العلوي، مما تسبب ذلك بإعادة سكان أنسيشايم إلى معتقداتهم الخرافية وكنيستهم.
في الكثير من الأوقات يتم تصوير موقف علماء العصور المتوسطة من سقوط النيازك بشكل كاريكاتوري، أي أنه على الرغم من طبيعتهم المستنيرة لكنهم لم يمنحوا الاهتمام الكافي لشهادات وأبناء الريف التي تصف سقوط النيازك من الفضاء، وفي هذا السياق بقيت الحادثة التي تصورها لافوازييه وزملاءه في أكاديمية العلوم فكرة جيدة في تاريخ العلوم.
لكن من خلال قراءة متأنية لمقال كل من فوجورو كادية ولافوازييه (مقال متخصص في سقوط الرجوم السماوية (رجم لوسيه) في فرنسا عام 1768، لا توضح أي دليل على أبناء الريف الذين كانوا شهود على الحدث، لكن رفضهم لأي أصل فضائي لصخرة لوسيه لا يعتمد إلا على التحليل الكيميائي لهذه الصخرة وفق الإمكانات المخبرية التي كانت موجودة في منتصف القرن الثامن عشر.
وعندما عجزوا عن إثبات جود عنصر النيكل (الذي تم استعماله لاحقاً لإثبات الطيعة الفضائية التي من خلالها نميز بين الحجارة والحديد الساقط من السماء) إنتهوا بربط هذه الصخرة بالحجر الرملي المحمّم.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: