تكوين سطح كوكب المريخ

اقرأ في هذا المقال


على ماذا يحتوي سطح كوكب المريخ؟

تُظهر النتائج المستمدة من مركبات استكشاف المريخ الجوالة ومن مقاييس الطيف على المركبات الفضائية، التي تدور حول الأرض أن المرتفعات القديمة تختلف من حيث التكوين عن السهول الأصغر، حطت المركبة الروح على سهل بازلت قد يكون نموذجاً للسهول، معظم الصخور الموجودة في السهول عبارة عن بازلت نموذجي مع قشرة رقيقة متغيرة تحتوي على نسبة عالية من الكبريت والكلور وعناصر متطايرة أخرى، ربما تكونت القشور نتيجة تفاعل البازلت مع الضباب الحمضي.

انتقلت العربة الجوالة بعد ذلك إلى تلال كولومبيا القديمة، حيث كانت الصخور مختلفة تماماً، هم في الغالب من البازلت ويؤثرون على البريكيا لكن العديد منها منتشر وغني بالكبريتات والمعادن الرطبة، توجد أيضاً تربة تتكون بالكامل تقريباً من الكبريتات أو السيليكا، يبدو أن العديد من الصخور قد اخترقتها سوائل بركانية دافئة أو تعرضت للعوامل الجوية نتيجة لظروف السطح الدافئة، وقد يكون هذا المزيج من الصخور والتربة نموذجياً للمرتفعات بشكل عام، والنتائج من المدار تحكي قصة مماثلة.

على الصعيد العالمي تتكون السهول في الغالب من معادن بازلتية أولية غير متغيرة مثل الأوليفين والبيروكسين، في المقابل تعد المعادن المتغيرة مثل الطين شائعة في جميع أنحاء التضاريس القديمة المليئة بالفوهات، تشير النتائج إلى أن ظروف السطح تغيرت بشكل كبير منذ حوالي 3.7 مليار سنة، قبل ذلك الوقت كانت الظروف الدافئة والرطبة شائعة وأدت إلى تغيرات كبيرة في الصخور، وبعد ذلك الوقت كانت هذه الظروف نادرة وكان تغيير الصخور طفيفاً.

الوديان والبحيرات على سطح كوكب المريخ:

يتم تشريح معظم التضاريس القديمة المليئة بالفوهات بواسطة شبكات من الوديان الجافة، حيث يبلغ عرضها في الغالب من كيلومتر واحد (0.6 إلى 1.2 ميل) ويصل طولها إلى 2000 كيلومتر (1200 ميل)، باختصار إنها تشبه أنظمة الأنهار الأرضية، تشكلت الوديان بشكل شبه مؤكد نتيجة التعرية البطيئة للمياه الجارية، تحتوي العديد من الأراضي المنخفضة المحلية على وادي يدخل ويغادر الوادي، مما يشير إلى أن الأراضي المنخفضة كانت تحتوي في السابق على بحيرة.

عادة ما تكون الرواسب ذات الطبقات التي من المحتمل أن تترسب في البحيرات تحت هذه المناطق، وعادة ما يتم ملاحظة الدلتا، حيث تدخل الوديان إلى الأراضي المنخفضة، شبكات الوادي نادرة وإن لم تكن غائبة في المناطق الأصغر والأكثر انتشاراً، كان اكتشاف الوديان في السبعينيات مفاجأة بسبب صعوبة وجود الماء السائل على السطح في ظل الظروف الحالية، وجودهم المشترك في التضاريس المليئة بالفوهات هو مؤشر آخر على أن الظروف في بداية المريخ كانت أكثر دفئاً ورطوبة مما هي عليه اليوم.

قنوات التدفق والمحيطات على سطح كوكب المريخ:

يتم ملاحظة قنوات الفيضان الكبيرة والتي تسمى قنوات التدفق الخارج محفورة في سطح المريخ في عدة مناطق، القنوات أكبر بكثير من شبكات الوادي، حيث يبلغ عرضها عشرات الكيلومترات وطولها مئات الكيلومترات، يخرج معظمهم بالحجم الكامل من المنخفضات المليئة بالركام ويواصلون منحدراً إلى السهول الشمالية أو حوض هيلاس في الجنوب، ومن أكبر استنزاف من الجنوب والغرب حدث في (Chryse Planitia)، هذه قنوات حقيقية من حيث أنها كانت مملوءة بالكامل بالمياه المتدفقة على عكس معظم وديان الأنهار، التي لم تكن قط قريبة من الامتلاء ولكنها تحتوي على قناة نهر أصغر بكثير.

يُقدر أن ذروة تصريف الفيضانات التي قطعت قنوات التدفق الأكبر كانت مائة إلى ألف مرة من ذروة تصريف نهر المسيسيبي (أحداث هائلة حقاً)، يبدو أن بعض الفيضانات قد تكونت نتيجة إطلاق كارثي للمياه من البحيرات، تشكلت البعض الآخر من الانفجارات المتفجرة للمياه الجوفية، وتعد قنوات التدفق الخارج أصغر من شبكات الوادي وربما تكونت في الغالب عندما كانت الظروف مماثلة لتلك السائدة اليوم.

يشير الاكتشاف الأخير لقنوات التدفق الخارج إلى أنها يمكن أن تتشكل اليوم عن طريق ثوران المياه الجوفية من تحت الأرض المتجمدة بشكل دائم بسماكة كيلومتر، وفيما يلي ذكر لأهم أنواع الأودية والقنوات على كوكب المريخ:

  • فاليس مارينيريس (Valles Marineris): بالقرب من خط الاستواء المتمركزة على خط طول 70 درجة غرباً توجد عدة أخاديد ضخمة مترابطة تسمى مجتمعة (Valles Marineris)، يبلغ عرض الأخاديد الفردية حوالي 200 كيلومتر (125 ميل)، في وسط النظام تندمج العديد من الأخاديد لتشكل منخفضاً بطول 600 كيلومتر (375 ميل) وعمق يصل إلى 9 كيلومترات (5.6 ميل) أي حوالي خمسة أضعاف عمق جراند كانيون، يبلغ طول النظام بأكمله أكثر من 4000 كيلومتر (2500 ميل) أو حوالي 20 في المائة من محيط المريخ، أي تقريباً عرض الولايات المتحدة.

في عدة أماكن داخل الأخاديد توجد سلاسل رسوبية سميكة غنية بالكبريتات، مما يشير إلى أن البحيرات ربما كانت قد احتلت الأخاديد سابقاً، قد تكون بعض البحيرات قد استنزفت بشكل كارثي إلى الشرق لتشكل قنوات تدفق كبيرة تبدأ من الطرف الشرقي للأودية، على النقيض من جراند كانيون التي تشكلت عن طريق التعرية تشكلت فاليس مارينيريس أساساً عن طريق التصدع على الرغم من تضخمها بسبب التآكل.

  • ثارسيس والإليزيوم (Tharsis and Elysium): تنتهي أودية (Valles Marineris) إلى الغرب بالقرب من قمة ارتفاع (Tharsis) وهو انتفاخ كبير على سطح المريخ أكثر من 8000 كيلومتر (5000 ميل) عرضاً و8 كيلومترات (5 أميال) في وسطها، بالقرب من قمة الارتفاع توجد ثلاثة من أكبر البراكين على الكوكب (أسكرايوس مونس وأرسيا مونس وبافونيس مونس) التي يبلغ ارتفاعها 18 و17 و14 كيلومتر على التوالي فوق متوسط ​​نصف القطر.

قبالة الارتفاع إلى الشمال الغربي مباشرة يوجد أعلى بركان على كوكب الأرض (أوليمبوس مونس) على بعد 700 كيلومتر (400 ميل) وحوالي 22 كيلومتر (14 ميل) فوق السهول المحيطة، وإلى الشمال يوجد أكبر بركان في النطاق المساحي (ألبا باتيرا)، يبلغ عرضه 2000 كيلومتر (1250 ميلاً) ولكن ارتفاعه 7 كيلومترات (4.3 ميل) فقط، بين هذه التضاريس العملاقة توجد عدة براكين أصغر وسهول الحمم البركانية، ثارسيس نفسها عبارة عن كومة شاسعة من الصخور البركانية، وعلى الرغم من أنها تشكلت إلى حد كبير قبل 3.7 مليار سنة إلا أنها كانت مركزاً للنشاط البركاني منذ ذلك الحين.

الرواسب القطبية والجليد الأرضي والأنهار الجليدية في المريخ:

يوجد في كل قطب كومة من الرواسب ذات الطبقات الدقيقة الغنية بالجليد المائي يبلغ سمكها حوالي 3 كيلومترات (2 ميل) ويبلغ عمرها بضع عشرات الملايين من السنين، تنكشف الطبقات حول محيط الرواسب وفي الوديان التي تخرج من القطبين، في الشتاء يتم تغطية الرواسب بصقيع ثاني أكسيد الكربون، لكنها تتعرض في الصيف، وفي القطب الشمالي تمتد جنوباً إلى خط عرض 80 درجة، في القطب الجنوبي لم يتم تحديد مداها بوضوح، لكن يبدو أنها تمتد إلى أبعد من القطب منه في الشمال.

يُعتقد أن الطبقات ناتجة عن الاختلافات في نسبة الغبار والجليد والتي ربما تكون ناجمة عن التغيرات في ميل محور الدوران (الميل)، عند المنعطفات العالية يتم دفع جليد الماء بعيداً عن القطبين، مما قد يتسبب في اختفاء القمم الجليدية المائية المتبقية تماماً وتراكم الجليد عند خطوط العرض المنخفضة، وعند المنعطفات المنخفضة تكون القمم الجليدية المائية في أقصى حد لها، تؤثر اختلافات الانحراف أيضاً على حدوث العواصف الترابية وترسب الغبار في القطبين.

إن الرواسب لها سن مبكر لأنها تراكمت كلها منذ آخر فترة من الانحراف العالي عندما تمت إزالة الرواسب السابقة، تتمثل إحدى خصائص الرواسب في القطب الشمالي في أنها محاطة وربما ترتكز عليها بحقل كثبان شاسعة غنية بجبس الكبريتات المعدنية.

المصدر: علم الجيولوجيا .. الإنسان والطبيعة والمستقبل/و.ج. فيرنسيدز/2020علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد/2016الجيولوجيا عند العرب/ʻAlī Sukkarī, ‏سكري، علي/1986الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا/2014


شارك المقالة: