قصة اختراع التصوير الملون

اقرأ في هذا المقال


مقدمة عن التصوير الملون:

تمّ استعمال العديد من العمليات والمواد المختلفة للتلوين اليدوي للصور، حتى بعد ظهور الألوان التي يتم استعمالها بالصور في الكاميرات، استمر التلوين اليدوي في الانتشار لأنّه كان في كثير من الأحيان بديلاً أرخص وأبسط، كان يقوم فنانون ماهرون بتصاميم للصور بواسطة التلوين اليدوي في غاية الجمال، لكن هذا الأمر أصبح يتطلب الكثير من الوقت والجهد فأصبح لا بد من وجود بديل للتلوين اليدوي للصور.

بدايةً ظهرت فكرة آلية عمل التصوير الفوتوغرافي والتي لم تتم في خطوة واحدة بل على  عدة مراحل متباعدة، بالطبع لكل مرحلة أهميتها الخاصة وكانت مرتبطة بالمرحلة التي تليها، للوصول لآلية التصوير (photojournalism)، أولاً تمّ اختراع الكاميرا في تاريخ معين، بعدها توصل العلماء لأساسيات التصوير الفوتوغرافي.

ثمّ جاءت فكرة الصور الملونة في وقت آخر تمامًا بعد ما كانت الصور باللوني الأبيض والأسود، لقد مرّ التصوير الملون بالعديد من التجارب والدراسات للوصول إلى ما هو عليه في إنشاء الصور الملونة، محاولات التصوير الملون بدأت في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.

ما هي قصة اختراع التصوير الملون؟

بدأت فكرة التصوير الملون عندما تمّ إيجاد المادة التي يمكن من خلالها أن تشارك خصائص لون الضوء، في عام 1851م، كان رجل يُدعى ليفي هيل يسكن في ولاية نيويورك الأمريكية، في منطقة جبال كاتسكيل قام باستخدام تقنية الألواح فضية اللون حتى يستطيع من التمكن من التقاط صورة ملونة، فلم تكن تعجبه فكرة الصور غير الملونة بالأبيض والأسود، كان الناس في ذلك الوقت يعتقدون بأنّه من المستحيل التقاط الصور الملونة.

هيل لم يرضى بالإفصاح عن اكتشافه للتصوير الملون، في عام 1859م، قام بكتابة كتاب يقوم بشرح كيفية الحصول على الصور الملونة وصل الكتاب إلى عدد من المصورين ولكن كانت طريقة هيل لالتقاط الصور الملونة معقدة جدًا وقالوا بأنّها عديمة الجدوى، في العام 2007م وجد الباحثون في المتحف الوطني الأمريكي الكتاب الذي كتبه هيل وقالوا بأنّ طريقته لالتقاط الصور فعالة، لكن آلية شرحة لالتقاط الصور المونة كانت معقدة وبسبب عدم التقدم التكنولوجي لم يستطع أحد فهم فكرته، لكن كانت مشكلة هيل أنّ الألوان التي كانت تظهر بالصور خافتة جدًا.

استطاع الفيزيائي العبقري غابرييل ليبمان في سنة 1886م، القيام بالتقاط أول صورة ملونة وذلك بسبب خبرته الكبيرة بعلم الفيزياء وقدّم طريقته، عام 1906م قام بتوضيح آلية التقاط الصور الملونة وبسبب ذلك حصل على جائزة نوبل في الفيزياء، كان في طريقة غابرييل عدد من المشاكل فهي تتطلب دقة كبيرة جدًا لمادة التصوير الدقيقة، بالإضافة إلى مشكلة التعامل مع الأماكن والنطاقات الواسعة لطول موج الألوان الذي ينتج عن الانعكاس باستخدامه لمعدن الزئبق السام، وضع الفيزيائي الأسكتلندي جايمس ماكسويل أثناء عمله نظرية جديدة خاصةً بالألوان.

هذه النظرية وضعت الأساس لإعادة إنتاج الضوء، حتى إنّها لا تزال تستخدم حتى وقتنا هذا، قام بالتقاط الصور باستخدام فلاتر حمراء وزرقاء وخضراء، عند القيام بعرض الصور على جهاز العرض باستخدام تلك الفلاتر تتداخل الألوان الثلاث حتى تندمج مع بعضها وتصبح الصور ملونة، قام بعرض فكرته على المعهد الملكي في عام 1861م وقام بتطبيق ذلك في التصوير الفوتوغرافي حيث قام باستخدام الفلاتر ذات الثلاثة ألوان.

الغريب أنّه لم يتم أخذ نظريته ولم يتم حتى تطبيقها، تمّ أخذ نظرية ليبمان في عام 1890م والتي تمّ اختبارها من قبل الألماني هيرمان فوجيل وقال بأنّ ليبمان استطاع  استخدام نظرية الألوان الثلاث في صناعة والتقاط الصور الملونة، حساسية الألوان التي استخدمها كانت محددة وقام باستخدام أصباغ معينة واستغرقت تجربته الكثير من الوقت لكن لم تكن عملية التصوير الملون واضحة ودقيقة حتى مطلع القرن العشرين.

في القرن العشرين قام المصنعون بتصنيع كاميرات تلتقط الصور الملونة وزاد الطلب على تلك الكاميرات بشكل هائل وأحبّ الناس فكرة الصور الملونة، تمّ استخدام عدسات تقوم بفصل الضوء القادم من خلال ثلاث فلاتر مختلفة، حيث يتم أخذ الصورة ثلاث مرات وذلك في نفس الوقت، كانت الكاميرا مجهزة بخاصية التراجع في التقاط الصور ويتم السماح للمصور التبديل بين الفلاتر، بقيت الصور الملونة على هذا الوضع حتى عام 1910م، عندما قام المخترع  لويس دو آرون بتجريب طريقة أفضل.

قام لويس بوضع ثلاث مواد تصويرية تقوم بتسجيل الضوء، على شكل 3 طبقات، تمّ تجربتها لأول مرة من خلال كاميرا عادية حيثُ تمّ وضع اللون الأزرق في أول طبقة ووضع فلتر يمنع اللون الأزرق حتى لا يؤثر على جودة الصورة، تم وضع مواد حساسة للون الأحمر واللون الأخضر لكن ذلك لم يكن حل جيد، عام 1930م عندما قامت شركة تُدعى أغفا أنسكو، بوضع وصناعة ما يسمّى الشريط اللوني وهو شريط مخصص للكاميرات التي تقوم بأخذ اللقطات في إنتاج الأفلام، لكن الصور التي تمّ أخذها به لم تكن واضحة بسبب تشتت الضوء.

في عام 1912م، حصل رودولف فيشر على براءة اختراع لاقتراح لاستخدام ما أصبح يُعرف فيما بعد باسم المقرنات اللونية، تقوم تلك المقرنات بتكوين أصباغ ملونة، شركة كوداك صنعت ثورة في التقاط الصور الملونة، في عام 1935م  أنتجت فيلم وأسمته كوداكروم (Kodachrome) بتقنية متطورة للصور الملونة باستخدام الحزم الثلاثية، كان هذا بفضل ليوبولد مانيس وليوبولد غودوسكي، أصبحت شركة كوداك مشهورة بالتقاط الصور الملونة ذات الجودة العالية، في 1970م، أصبح التصوير الملون في متناول أيدي الجميع، بحلول الثمانينات حلّ التصوير الرقمي محل التصوير الملون.


شارك المقالة: