قصة اختراع الجوارب

اقرأ في هذا المقال


مقدمة تاريخية عن الجوارب:

قد تجد صعوبة في تصديق ذلك، ولكن ربما تكون الجوارب هي أقدم أنواع الملابس التي لا تزال مستخدمة حتى اليوم، كانت الجوارب موجودة منذ العصور الحجرية، قبل وقت طويل من وجود مفهوم البنطلونات أو القمصان، الجوارب كانت لها قصة طويلة عبر التاريخ، ولم يكن من السهل أن يكون لديك زوج من الجوارب فلم يرتديهم سوى النبلاء، يمكن إرجاع تاريخ الجوارب إلى مصر القديمة، حيث تم العثور على أدلة عن وجود جوارب بدائية في مقابر محفورة من حوالي 1500 قبل الميلاد.

صُنعت الجوارب المصرية القديمة من الصوف، وصُممت لتُلبس مع الصنادل، كان الرومان معجبين بمزيج الجورب والصندل أيضًا ووجدوا أغطية أقدام دافئة مصنوعة من شرائط جلدية ونسيجية ضرورية في المناخات الباردة في بريطانيا أثناء غزوهم، في الواقع يبدو أنّ الجنود الرومان كانوا يرسلون رسائل بانتظام إلى روما مطالبين بإرسال المزيد من الجوارب للحفاظ على دفء أقدامهم أثناء المعركة.

كانت الجوارب شائعةً لدى الرجال والنساء عبر التاريخ، وتغيرت الموضة وتطورت لتدمجها في أشكال مختلفة، خلال العصور الوسطى نمت الجوارب بطول يغطي الرجل بأكملها، كانت النساء الأكبر سناً مغرمات بشكل خاص بالجوارب الحريرية، حيث يتم تصنيعها بدقة يدويًا باستخدام العديد من ألوان الحرير المختلفة، قديمًا  كان هناك آداب يجب مراعاتها عند ارتداء الجوارب، تقليديًا يجب أن يتناسب لون الجورب مع البنطال والأحذية، إذا لم يكن ذلك ممكنًا، فيمكن أن تكون الجوارب أغمق بدرجة واحدة من البنطال أو درجة أفتح من الحذاء.

ما هي قصة اختراع الجوارب وكيف نشأت في العصور القديمة؟

بالعودة إلى العصور الحجرية، في 5000 قبل الميلاد، ربما لا تبدو “الجوارب” الأولى التي ارتداها أسلافنا في الكهوف شبيهة بما لدينا اليوم، لم يتبق أي جوارب من ذلك الوقت ولكن يوجد بعض الأدلة على الشكل الذي قد يبدو عليه من رسومات الكهوف والاكتشافات الأثرية، حيثُ يبدو أنّ الجوارب البدائية مصنوعة من جلود الحيوانات، حتى القرن الثامن قبل الميلاد تم ذكر الجوارب لأول مرة كتابةً من قبل الشاعر اليوناني هسيود، في قصيدته “الأشغال والأيام”، يذكر هسيود “بيلوي”، وهو نوع من الجوارب المصنوعة قديمًا.

في وقت لاحق، كان الرومان يلفون أقدامهم بشرائط من الجلد أو القماش المنسوج، حوالي القرن الثاني الميلادي بدأوا في خياطة قطع القماش معًا وصنع الجوارب المجهزة، أطلقوا على هذه “الأودون” وهي أول الجوارب التي تشبه ما نرتديه اليوم، تم اكتشاف أول جوارب صوفية تم اكتشافها في (Vindolanda) في نورثمبريا وتعود إلى القرن الثاني الميلادي، كانت مصنوعة من قماش صوف منسوج للحماية من الطقس.

في ذلك الوقت أيضًا، تم صنع أول جوارب محبوكة في مصر القديمة، يعود أقدم زوج من الجوارب المحبوكة المعروفة على قيد الحياة، والذي تم صنعه بتقنية تسمّى (nalbinding) (هي تقنية كانت تستخدم لإنشاء النسيج)، إلى (300-500) بعد الميلاد وتم العثور عليه في نهر النيل في مصر حيث كانت مصممة للارتداء مع الصنادل، بحلول القرن الخامس الميلادي، كان الناس في أوروبا يرتدون الجوارب لتدفئة أطراف أصابع القدم.

خلال العصور الوسطى، تم تمديد طول البنطال وأصبح الجورب قطعة قماش مشدودة ذات ألوان زاهية تغطي الجزء السفلي من الساق، نظرًا لعدم احتواء الجوارب على شريط مطاطي، فقد تم وضع الأربطة فوقها لمنعها من السقوط، بحلول عام 1000 ميلادي، أصبحت الجوارب المحبوكة والمنسوجة رمزًا لمكانة النبلاء في معظم أنحاء أوروبا، لم تكن كالجوارب المستخدمة اليوم حتى القرن الثاني عشر تم تصميمها على مقاسات متنوعة.

أحداث مهمة في صناعة الجوارب:

على الرغم من أنّ العمال في أوروبا كانوا بالتأكيد يحيكون الجوارب والجوارب المنزلية الخاصة بهم في نهاية القرن الثاني عشر، إلا أنّ جوارب النبلاء كانت أفضل بكثير، كانت الجوارب بشكل عام تتم صناعتها من قماش منسوج عالي الجودة وآلية قص منظمة، بحلول القرن الخامس عشر قادت الأرستقراطيات الفرنسية والإيطالية الطريق بجواربها الحريرية المنسوجة يدويًا، وجد الرجال أنّ النسيج الحريري المطاطي له فائدتين، سهولة الحركة والقدرة على التباهي بساق رشيقة.

سرعان ما كان البريطانيون الأرستقراطيون يتبعون جيرانهم الأوروبيين، حوالي عام 1490م، تم صنع وحياكة الجوارب المحبوكة مع البناطيل يدويًا معًا لتصبح ثوبًا واحدًا، والذي سيعرف فيما بعد باسم الجوارب الضيقة، كانت مصنوعة من الحرير الملون والصوف والمخمل ولكل ساق لون مختلف، بحلول القرن السادس عشر، كانت الجوارب مثل قطع الملابس الأخرى، تخضع لرقابة صارمة من خلال قوانين صارمة.

في عام 1566م، استخدمت مدينة لندن تقنيات المراقبة لضمان عدم ارتداء أي شخص لنوع خاطئ من الجوارب في أي مكان في العاصمة، في عام 1589م، اخترع وليام لي رجل الدين الإنجليزي أول آلة حياكة، وقام  وليام بعرض زوج من الجوارب السوداء على الملكة إليزابيث، لم تعجب الملكة باختراعه ورفضت الملكة إليزابيث الأولى في النهاية منحه براءة اختراع لاختراعه حيثُ أنّها اشتكت من أنّ آليته تصنع جوارب صوفية خشنة جدًا، ولم تعجبها ملمس الجوارب أو شكلها الخام.

ومع ذلك أعجب ملك فرنسا هنري الرابع باختراع ويليام وقدم له الدعم المالي، وقام بعد ذلك ببناء مصنعًا للتخزين، وسرعان ما نشر الفرنسيون نول الحياكة في جميع أنحاء أوروبا، كانت الجوارب المصنوعة للطبقات الدنيا تستخدم الصوف، بينما كانت الجوارب المصنوعة للنبلاء مصنوعة من الحرير الملون.

التطور في صناعة الجوارب:

بعد الثورة الصناعية أصبح إنتاج الجوارب أسهل وأرخص، وانتشرت عبر المجتمع الأوروبي، لا يزال من الممكن العثور على العديد من المبادئ التي طورها ويليام لي في آلات النسيج الحديثة اليوم، وقد أتاح إنشائها الإنتاج الضخم للجوارب المحبوكة، بمرور الوقت أصبحت الجوارب المحبوكة متاحة على نطاق واسع، ومع ذلك ظلت امتيازًا للأثرياء في المجتمع.

استمرت أزياء الجوارب في تغيير أطوال مختلفة (من منتصف الساق إلى الركبة إلى منتصف الفخذ)، وبدلاً من مجرد التمسك بالتطريز في الأعلى، توسعت أزياء الجورب لتشمل المزيد من الألوان أو الزخارف أو الخطوط، أصبح القطن في أواخر القرن السابع عشر خيارًا شائعًا للعديد من الملابس بما في ذلك الجوارب، عندما أصبح البنطال أطول تم التركيز على صناعة الجوارب بأطوال قصيرة.

جاءت الثورة التالية في صناعة الجوارب مع اختراع النايلون في عام 1938م، أدّت قوة ومرونة الجوارب المصنوعة من مزيج القطن والنايلون إلى خطوة طبيعية إلى الأمام في التصنيع، يستخدم هذا المزيج حتى اليوم، في جوارب (Shosett) يتم استخدام نوعًا من النايلون يسمّى بولي أميد، في وقت لاحق تمت إضافة الإيلاستين لمنح الجوارب مرونة إضافية وجعلها تناسب مجموعة أكبر من مرتديها، مع التقدم في التصنيع، يمكن صبغ القطن بدقة أكبر مما يجعل الجوارب بألوان متألقة أكثر.

في حين أنّ الجوارب المخططة ستظل دائمًا خيارًا شائعًا للرجال والنساء، لكن الجوارب المنقوشة بجميع أنواع التصميمات أصبحت أحدث صيحات الموضة، اليوم اتسع نطاق تصميم الجورب لإنشاء أنماط مختلفة لتلبية الاحتياجات المختلفة، مثل الجوارب الرياضية للرياضيين التي تساعد على الأداء البدني، والأزواج الحرارية التي تحمي القدمين في الظروف الباردة، مثل منحدرات التزلج، وجوارب نسائية  أخيرًا، الجوارب الطبية الضاغطة التي تساعد على تحفيز تدفق الدم لدى المرضى لمنع الجلطات والتجلط الوريدي العميق.


شارك المقالة: