قصة اختراع القبعة

اقرأ في هذا المقال


مقدمة تاريخية عن القبعة:

تُعتبر القبعة من حاجات الإنسان المهمة للحماية من عوامل تغير الطقس، تم إجراء العديد من التغييرات على تصاميم القبعة وصناعتها عبر تاريخها الطويل، قديمًا كان للقبعة معنى رمزي فهي كانت تعبر عن وظيفة صاحبها ومكانته الاجتماعية وانتمائه وذوقه وفنه، كما أنّها ترمز إلى الأناقة والجمال، حتى اليوم يوجد قبعات مصممة حسب عادات وتقاليد البلاد التي تنتمي لها حيثُ تعتبر رمزاً ثقافي يعبر عن الهوية.

اليوم يوجد الكثير من المهن التي تحدد لها قبعات خاصة، من تلك المهن، التمريض حيث ترتدي الممرضات قبعة بيضاء، أمّا الطهاة فيرتدون أيضًا قبعة بيضاء طويلة، كما يوجد قبعاتٍ خاصة لكل من رجال الشرطة، ورجال الإطفاء، والطيارون والصيّادون وعمال البناء والمناجم، والبحارة.

اشتهر العديد من مصممي القبعات من خلال تصميمهم لقبعات أنيقة وجذابة وتناسب صيحات الموضة والعديد من الأذواق المختلفة على مر التاريخ، فكان هناك أسماء لامعة اشتهرت بتصميم القبعات، مثل  إيلسا سكابيريللي التي كانت مشهورة بتصميم القبعات العصرية للسيدات، والمصممة الأمريكية ليلي داشيه، والمصمم الفرنسي كريستوبل بالنسياغا الذي لفت الأنظار بتصاميمه الجذابة للقبعات والتي لم يظهر لها مثيل، ثم ظهرت فيفان ويستوود، وأوليفيير شانان، جيورجيو أرماني، مارك جايكوبس، ستيفن جونز.

والمصمم الياباني أكيو هيراتا، والمصمم الأسترالي فريمان فوكي الذي قام بتصمّيم قبعات للأميرة ديانا وهيلاري كلينتون، ونجوم الأفلام الكلاسيكية، وقدَّم العديد من القبعات للملكة إليزابيت لثلاثين عاماً، في حين بقيت الأسر العربية التي ارتبطت بصناعة الطرابيش تحتفظ به في ذاكرتها العائلية وأسماء مصميها، كعائلة طرابيشي في الشام التي اشتهرت قديما بتصنيع الطرابيش.

ما هي قصة اختراع القبعة وكيف نشأت عير الحضارات المختلفة؟

إنّ تاريخ ارتداء القبعات يعود إلى تاريخ ارتداء الملابس، في ذلك الوقت لم تكن القبعات أقل أهمية من باقي الملابس، بدأ تاريخ ارتداء الناس للقبعات عندما شعر فيها الإنسان بالحاجة لتدفئة رأسه من البرد الشديد، وضرورة حماية رأسه لتجنب أشعة الشمس الحارة، بحيث تحمي كل من الرأس والعين، بعد ذلك بوقت قصير ارتبطت القبعة بالسلطة، فبدأت القبعات تصمّم حسب الوظيفة التي يشغلها مرتديها، قام المصريون القدماء بارتداء التاج كشكل من أشكال القبعات، منذ ثلاثمائة ألف عام قبل الميلاد للدلالة على نبلهم مقارنةً بغيرهم.

قام الرومان والإغريق بارتداء قبعات ترمز إلى مكانتهم الاجتماعية، بعد ذلك صمّمت القبعات لكي تضيف شيئًا من الأناقة والجمال خاصًة للنساء، حيثُ صممت بأشكال وأنواع مختلفة وتطاريز مبتكرة منذ القرن الرابع عشر الميلادي، وظلت تتميز بألوانها وأشكالها الجميلة تبعاً للطبيعة الجغرافية والهوية والعادات والتقاليد حسب كل بلد، قديمًا صمّمت القبعات لتلائم كل من الرجال والنساء معًا.

عندما انتشرت القبعات بين فئة الملوك والطبقات النبيلة والأثرياء أصبحت صناعتها تنتج أموالًا هائلة، في القرن الثامن عشر أُطلق على العمال الأوربيين الذين يعملون في صناعة القبعات اسم (الميللينرز) نسبةً لمدينة ميلانو الإيطالية التي انطلقوا منها، في فرنسا كانوا  يطلقون عليهم اسم (الشابولييه) قبل أن تتم تسميتهم (الموديست).

في العصور المتقدمة أصبحت القبعات زياً أساسياً، ولم تعد كذلك مع بداية الحرب العالمية الأولى، عادت مكانت القبعة العريقة عندما أصبحت تصمم كإكسسوار مهماً للأناقة، إلى جانب وظيفتها العملية للحماية من عوامل الطقس المتقلبة، فأصبح يصمم لكل فصل من فصول السنة قبعةً مخصصة، حيثُ أصبح هناك مصممون يعنون فقط لصناعة القبعات وكانوا يتماشون في صناعتها مع مختلف الأذواق والتطلعات، كانت القبعة التي كان يرتديها  العرب تسمّى القلنسوة، حيثُ كانت تتميز بحافة دائرية ممتدة، وهو ما كان يميز قبعة القلنسوة عن غيرها من القبعات.

كان الحرفيون في أثينا وروما الكلاسيكيين يرتدون عادةً قبعات مخروطية الشكل ذات تيجان بيضوية الشكل مصنوعة من اللباد،  في روما كان الشكل للقبعات يصمم للطبقة العامة، في مصر كان يتم وضع القبعات والمنديل البسيط ليغطي كل من الرأس والحاجب، كما تم ارتداء باروكات من شعر الإنسان أو صوف الأغنام كحماية من الشمس، تم تزيين قبعات الخوذ برموز الرتبة، الحافز للسلطة الملكية، وريشة السيادة.

في أوائل العصور الوسطى، كان الناس يرتدون القبعات المصنوعة من القماش، طوال العصور الوسطى كانت النساء من جميع الطبقات يرتدين الحجاب أو الستائر لإخفاء الشعر، في القرن السابع عشر كان الأوروبيون يرتدون القبعات، ساد نوعان رئيسيان من القبعات بين الرجال في القرنين السابع عشر والثامن عشر، كان أحدهما قبعة منخفضة التاج ذات حافة عريضة تم قلبها أو تصويبها من ثلاث جهات (التريكورن) أو جانبين (البيكورن)، كان هذا النوع مفضلاً لدى الأرستقراطيين والفرسان والشجعان.

أمّا النوع الآخر فكان عبارةً عن قبعة مستديرة متينة ومرتفعة الرأس يرتديها الهولنديون والمتشددون الإنجليز والأمريكيون وغيرهم، كانت النساء الأوروبيات والأمريكيات في القرن الثامن عشر يرتدين أحيانًا الكالاش، وهو نوع من القبعات، نشأت القبعة المصنوعة من الحرير في فلورنسا حوالي عام 1760م، وظهرت في إنجلترا عام 1810م، حلت هذه القبعة الصلبة المستديرة ذات التاج الأسطواني محل التريكورن كملابس قياسية للسادة بعد الثورة الفرنسية.

سرعان ما تم تبني أنواع أخرى من القبعات من قبل الطبقات الوسطى، خلال الربع الأخير من القرن، أصبحت قبعة اللباد الناعمة شائعة في الولايات المتحدة، في كثير من الغرب توقف الرجال والنساء إلى حد كبير عن ارتداء القبعات في الستينيات وأصبحت تسريحات الشعر أكثر أهمية، في الهند ظهر ما يسمّى بالطربوش، والعمائم المصممة بأشكال مختلفة تستخدم بشكل عام.

في أمريكا اللاتينية وجنوب غرب الولايات المتحدة، تُعتبر السومبريرو وهي قبعة من اللباد أو القش مع حافة عريضة ملفوفة عند الحواف، كما تم تطوير عدد لا يحصى من أنماط أغطية الرأس الأخرى، بدءًا من الأنواع العديدة من قبعات القش التي يرتديها الأشخاص الذين يعملون في الهواء الطلق في جميع أنحاء العالم؛ وتلك المصنوعة من سعف النخيل أو أوراق الموز أو غيرها من الألياف والتي يتم ارتداؤها في المناطق المدارية والغابات المطيرة المعتدلة؛ وقبعات وأغطية من الفراء أو الجلد الثقيل يتم ارتدائها في القطب الشمالي.

في الثقافة الغربية المستمدة من التقاليد المسيحية، يعتبر نزع غطاء الرأس علامةً على الاحترام، ممّا يجعل المرء أكثر  تواضعًا، كان يُطلب من النساء ارتداء قبعة لتغطية الرأس في بعض الكنائس، في الجيش هناك قواعد محددة حول متى وأين ترتدي قبعة، فمثلًا تُلبس القبعات عمومًا في الهواء الطلق فقط، في البحر وكذلك على الأرض؛ ومع ذلك عادةً ما يرتدي الأفراد الذين يحملون أسلحة نارية قبعاتهم أثناء القتال، إنّ خلع القبعة هو أيضًا شكل من أشكال التحية.


شارك المقالة: