ما هي طبيعة حفظ الأحافير؟

اقرأ في هذا المقال


طبيعة حفظ الأحافير:

إن عملية حفظ أي كائن حي أو حتى حفظ جزء منه بعد مماته فإنه يرتبط بتوافر عوامل كثيرة وعديدة ومن أهم هذه العوامل أن يكون الكائن الحي يملك هيكل أو غلاف صلب، كما أننا كجيولوجيين نعلم بأن الأجزاء الرخوية من الكائنات الحية تتعرض للتحلل خلال فترة قصيرة بعد مماتها كما أنها لا تترك أي أثر إلا ما ندر منها، والعامل الآخر هو الدفن السريع الكلي للكائن الحي بعد موته أو ما يسمى بالانطمار المباشر للكائن الحي بعد موته، حيث أن هذا الانطمار السريع والمباشر للكائنات الحية بعد موتها يقوم بحفظ هياكلها وأجزائها الصلبة من التفتت والتحلل بسبب تأثرها بالعوامل الطبيعية في حال تكون معرضة للسطح الخارجي.

لذلك فإن حفظ بقايا الكائنات الحية أو آثارها تتم بعدة طرق ومنها حفظ الأجزاء الرخوة، إننا نعلم أن الأجزاء الصلبة من جسم الكائن الحي هي التي يتم حفظها ولكن بسبب استثناءات طبيعية تسببت في حفظ الأجزاء الرخوة من بعض الكائنات الحية وذلك عن طريق حفظها في أوساط عملت على إبعاد تأثير البكتيريا وتآكلها عنها وبذلك تسببت في حفظها بطريقة ما، ومن تلك الأوساط التي تعمل على حفظ الأجزاء الرخوة للكائنات الحية بعد موتها هي التربة المتجمدة والثلج بالإضافة إلى التربة المشبعة بالنفط والكهرمان، ويوجد أمثلة ومعروفة جداً على حفظ أجسام كاملة لكائنات حية (أي بكلا الجزئين الصلب والرخو) وهو حيوان الماموث الذي تم اكتشافه في منطقة سيبيريا والأسكا.
كما تم العثور أيضاً على بقايا حيوان الديناصور المنقرض وقد تم استخراجها من تربة مشبعة بالنفط في منطقة بولندا حيث تم العثور على الجلد واللحم محفوظين بحالتهما الطبيعية كما تم العثور على حشرات ترجع إلى ما قبل 35 مليون سنة وبألوانها الأصلية المحفوظة من ذلك الوقت ولغاية الآن داخل مادة الكهرمان (التي تعرف باسم الصمغ المتحجر)، إلّا أن هذه الأجواء التي تم من خلالها حفظ الحيوانات لم تقوم بحفظ إلا عدد قليل جداً بالنسبة إلى مجموع الكائنات الحية التي كانت موجودة في تلك الفترة، أما بالنسبة لعملية حفظ الأجزاء الصلبة الأصلية فإن هذه الطريقة تعتبر أكثر طرق الحفظ شيوعاً وانتشاراً.
وهي تعمل على حفظ الأجزاء الرخوة للأحياء حيث أن أغلب النباتات والحيوانات هي ذات تراكيب من أجزاء صلبة وتكون قابلة للحفظ عبر الزمن ومن الممكن أن تكون الأجزاء الصلبة هنا مكونة من إحدى المعادن التالية وأولها هو معدن الكالسيت وهو عبارة عن المعدن الأساسي في تكوين أجزاء الهيكل العظمي للافقاريات ومن الأمثلة عليها شوكيات الجلد والحزازيات والسرخسيات، ومعدن الأراجونيت وهو الذي من الممكن أن يكون مكون الأصداف الصلبة لأغلب الرخويات مثل الرأس قدميات.
أما البقايا الفوسفاتية في ثالث تلك المعادن حيث أن أصداف السرخسيات والأجزاء الصلبة لبعض المفصليات وعظام الفقاريات تمتلك كمية كبيرة من فوسفات الكالسيوم كما أن هذا المركب يمتاز بمقاومته الكيميائية العالية، والمعدن الأخير الموجود في الكائنات الحية بعد موتها هو البقايا السليكية والبقايا الكاتينية، أما بالنسبة للطريقة الثالثة في حفظ الكائنات الحية بعد موتها هي القوالب والطوابع، حيث أن الأجزاء الصلبة للكائنات الحية من أصداف وهياكل تترك آثارها داخل الترسبات التي تكون حولها ومن بعد تحلل الهياكل أو الأجزاء الصلبة فإن أثرها المتكون بهذه الصورة يسمى قالب.
ويطلق على القالب ذلك الذي يعكس الشكل الخارجي للكائن الحي (القالب الخارجي) والذي يقوم بعكس الشكل الداخلي للكان الحي يطلق عليه اسم القالب الداخلي، أما بالنسبة للطابع فهو عبارة عن الشكل الذي يعكس الصورة الأصلية للكائن الحي ويتشكل بسبب انتلاء القوالب بالمواد الرسوبية أوالمواد المعدنية، ورابعاً عملية التضخم حيث يحصل هذا النوع من الحفظ بشكل أساسي في النباتات وفي بعض الحيوانات وخاصة تلك التي تملك مكونات كيتينية مثل الخطبات وبعض المفصليات وكذلك الأسماك، حيث أن المواد العضوية للكائنات الحية المدفونة في التربة تتعرض إلى عملية التضخم.
وعملية التضخم هي عبارة عن عملية تحلل لكن بدون تواجد الأكسجين في الهواء ومن خلالها تفقد عناصر الهيدروجين والأكسجين والنيتروجين التي تكون مكونة لها ويؤدي ذلك إلى تركز مادة الكربون على شكل طبقة رقيقة تعكس الشكل العام للكائن الحي، ثم يأتي دور عملية التصخر والإحلال المعدني فإن هذه الطريقة تتم من خلال التأثر بالمياه الجوفية والمحاليل الموجودة تحت سطح الأرض لحفظ الكائنات الحية الميتة، فالمياه الجوفية تتسرب داخل هياكل مدفونة تحت سطح الأرض فتعمل على ترسيب المواد المعدنية فيها لتكسبها نوعاً من الصلابة وتحفظها من تأثير عملية التجوية وهذه العملية تسمى التصخر.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014


شارك المقالة: