قصة اختراع القفاز

اقرأ في هذا المقال


مقدمة تاريخية عن القفازات:

تشير رسومات الكهف إلى أنّ البشر كانوا يرتدون قفازات بسيطة، ربما كانت محبوكة تعود إلى العصر الجليدي، لكن أقدم القفازات الموجودة التي صنعت في وقت ما بين 1343 و 1323 قبل الميلاد، هي زوج من الكتان القوي الذي يربط عند الرسغ تمّ العثور عليه في مقبرة الملك توت عنخ آمون المصرية عام 1922م، حيثُ كانت القفازات تمثل رمزًا مهمًا بالنسبة للملوك والكنيسة والنظام القانوني.

كانت الأكمام الطويلة بمثابة قفازات بالنسبة للعديد من الدول، حيثُ قاموا بتدفئة أيديهم وكانت أيضًا قيد الاستخدام عندما يحتاج الناس إلى أخذ أو إحضار الأواني الساخنة، ظلت هذه الأنواع من الأكمام الطويلة (القفازات) حتى بداية القرن العشرين، عُرفت القفازات لفترة طويلة جدًا باسم حماية اليدين، يحسب التاريخ الكثير من الحالات والتقاليد المثيرة للاهتمام المرتبطة بالقفازات، لذا فهي تعطي بعض الرمزية حسب استخدامها.

ما هي قصة اختراع القفاز ؟

كيف نشأت القفازات في الحضارات القديمة؟

كانت القفازات وسيلة للاستخدام البسيط، كانت مصنوعةً من مواد رخيصة مختلفة واستخدمها الرعاة والفلاحون والجنود في أوقات مختلفة، بدأت القفازات ترمز إلى مكانة صاحبها بظهور الطبقات الاجتماعية، يحتوي التاريخ على الكثير من الحقائق حول استخدام القفازات في العصور القديمة، كانت شائعة وكانت بمثابة حماية للأيدي في مصر القديمة، ارتداهم الفراعنة كرمز لمكانتهم العالية وارتدتهم النساء لحماية جمال أيديهم (يفركون أيديهم بالعسل والزيوت العطرية وبعد ذلك يلبسون قفازات حريرية رقيقة).

في تلك الأوقات كانت القفازات تُصنع في شكل جيوب صغيرة بدون ثقوب للأصابع، ثمّ تم صنعها بإبهام واحد فقط (مثل القفازات الحالية)، استخدمت النساء المصريات هذه القفازات لحماية اليدين أثناء الأكل أو العمل، كان هناك أساليب وعادات لتناول الطعام باستخدام القفازات حتى في العصور الوسطى، كانت هناك كشتبانات خاصة (قِمَع يغطِّي طرف إصبع الخيّاط ليقيه وَخْز الإبر) من قماش جيد رقيق يضعونها على الأصابع فقط، كانت القفازات وسيلة للحماية في العمل في العالم القديم، وكانت تُعبر عن المكانة الاجتماعية في ذلك الوقت.

عادات ارتداء القفازات لدى الرومان والعصور الوسطى:

ارتدى الرومان القفازات أثناء تناول الطعام، هذه القفازات مصنوعة من الكتان والحرير كان من الآمن استخدامها أثناء تناول اللحوم الساخنة لأنّ الرومان لم يستخدموا الشوك في تلك الأوقات، كان يسمّى هذا النوع من القفازات «ديجيتاليا» وكانت تستخدم أيضًا في الطهي، تمّ ارتداء القفازات بدون أصابع في العصور الوسطى، كانت هذه القفازات من الجلد مع البطانة القطنية أو كانت قفازات من حلقات حديدية للصيد.

أصبحت القفازات من الإكسسوار من الدرجة الأولى خاصةً في ملابس النساء منذ القرن الثاني عشر، تمّ تزيينها بتطريز ملون ومجوهرات ولآلئ، رشتها النساء بالعطور لم تكن القفازات مجرد زخرفة، بل كانت رمزًا للأناقة، ورمزًا للتمايز والقوة في العصور الوسطى، كانت قفازات الملوك والكهنة مزينة بوفرة بالذهبوالفضة واللؤلؤ والمجوهرات كان الناس البسطاء يرتدون قفازات من جلد الغزال والعجل أو جلد الغنم، في الواقع بحلول عصر إليزابيث الأولى، نادرًا ما يظهر رجال ونساء الطبقة العليا الأوروبيون في الأماكن العامة بدون قفازات، كانت كطريقة للإشارة إلى مكانتهم والتمسك بالموضة.

أصبحت القفازات جزءًا من الزخرفة في الكنيسة الكاثوليكية في القرن الحادي عشر، وكان الأساقفة يرتدون قفازات محبوكة بخيوط ذهبية، كان الكهنة من ذوي المناصب الدنيا يرتدون قفازات بيضاء فقط ترمز إلى النقاء، كانت القفازات مهمة للغاية في العصور الوسطى، حتى أصبحت رمزًا للكرامة والشرف، وفي الاحتفالات كان يتم لبس القفازات للدلالة على المكانة المرموقة وكان يتم صنعها بدقة.

نشوء القفازات في ألمانيا والدول الاسكندنافية وفرنسا:

انتشرت القفازات في ألمانيا والدول الاسكندنافية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، في القرن السابع عشر تمّ اختراع آلة الحياكة، لذلك كانت القفازات المحبوكة تستخدم على نطاق واسع، كان السادة الفرنسيون روادًا في سوق القفازات في بداية القرن السابع عشر وحتى نهاية القرن الثامن عشر، فتح الأسياد الفرنسيون أسرارهم التكنولوجية لأوروبا بأكملها تحت تأثير نابليون.

بحلول نهاية القرن السابع عشر، كانت القفازات ضرورية بالملابس، وتمّ استخدام الحرير والجلد الرقيق والدانتيل واللؤلؤ والمجوهرات والأزرار الذهبية لصنع القفازات، كما أصبحت تقنية إنتاج القفازات معقدة بشكل لا يصدق، على سبيل المثال في القرن الثامن عشر كان من الصعب جدًا إنتاج قفازات من مكان معين، حيثُ تم شراء الجلد في إسبانيا، وتمّ القطع في فرنسا، وتمّ صنع الخياطة والزخرفة في إنجلترا، كانت القفازات الرجالية قصيرة دائمًا ولكن طول القفازات النسائية كان يعتمد على طول الأكمام.

عادات ورموز ارتداء القفاز قديمًا:

كان للقفازات معنى رمزي للعديد من الأمور، لدى الفرسان، كان تسليم القفاز يعني أنّ الفارس أصبح تابعًا لشخص أعطاه قفازًا، بحيث إذا تمّ إلقاء القفاز تحت القدمين فهذا يعني بدء المبارزة، تمّ استخدام عبارة “تحدي المبارزة” حتى نهاية القرن الثامن عشر، لكن الحصول على قفاز من امرأة كان له معنى مختلف، لقد كان رمزًا للشكر والعرفان، وقدّم اللومبارديون قفازًا وسيفًا كرمز للإخلاص خلال حفل الزواج، كانت القفازات رمزًا للأناقة ورمزًا للسيدة الأنيقة التي كانت ترتدي القفازات والقبعة طوال العام.

القفاز الأحمر مزين بالمجوهرات كان يعتبر رمزًا لإمبراطورية روما المقدسة، بالنسبة للقاضي كان يرتدي القفازات دائمًا أثناء الحكم، لا يحق للشخصية الإسبانية البارزة ارتداء القفازات في حضور البابا والملك أو في الكنيسة أو الجنازات أو الاحتفالات، في القرنين السابع عشر والثامن عشر، كان الرجال والنساء يرتدون قفازات مطرزة، كان من الصعب جدًا خلع القفاز، لذلك في أوقات الثورة الفرنسية الكبرى قرروا صنع قفازات قصيرة بدون أصابع، لم تحب السيدات خلع القفازات، كانوا يرتدون الخواتم عليهم، كانت قفازات الكتان الأبيض مصممة للسيدات النبلاء.

ترتدي النساء قفازات حرير بيضاء أو قفازات طويلة في الحفلات، وكان الرجال يرتدون الزي الرسمي حيثُ يرتدون قفازات من جلد الغزال، كان الجانب الخارجي منها هو الجانب الداخلي من جلد حيوان كاري وتشبه الجلد المدبوغ، كان يتم ارتداء القفازات السوداء في الجنازات والقفازات الصفراء في الصيد، كان الناس يرتدون قفازات بفتحة واحدة فقط للإبهام كعادات لدى روسيا القديمة، في أوائل أوروبا غالبًا ما كانت تُمنح القفازات كهدايا للدلالة على انتقال الأرض من شخص لآخر أو لمنح المحسوبية.

قام الأثرياء بتزيين القفازات بالذهب والمعادن الثمينة، وتمّ تزيين القفازات النسائية باللآلئ والمجوهرات والتطريز بالحرير والذهب، كانت القفازات المحبوكة مصنوعة من الذهب المحبوك، كان الناس يرتدون القفازات في آن واحد في الأجزاء الشمالية من روسيا وسيبيريا وجزر الأورال، تقوم النساء بخياطة القفازات الذكية من القماش العريض وتطريزها بخيوط ذهبية أو فضية، كانوا يرتدون هذه القفازات في عيد الفصح أو في أيام العطل الكبرى الأخرى.

التطور في صناعة القفازات:

في عام 1807م اخترع الإنجليزي جيمس وينتر آلة لخياطة القفازات، وتمّ تسجيل براءة اختراع في القفازات المطاطية، في بداية القرن التاسع عشر، بدأت روسيا في إنتاج قفازات خاصة للأطفال؛ كان عبارة عن جلد خفيف وناعم للغاية، كانت القفازات المصنوعة منه رفيعة ومرنة ولامعة، بحلول منتصف القرن التاسع عشر، كانت القفازات مصنوعة يدويًا، في القرن العشرين، تغيرت صناعة القفازات بشكل كبير، كان سببه تغيرات اجتماعية حادة، خاصةً خلال الثلاثين عامًا الماضية، في بداية القرن العشرين، كانت القفازات النسائية الأكثر عصرية مصنوعة من جلد الماعز.

في بداية الثمانينيات، بدأ إحياء تصميم وصناعة القفازات وعادوا إلى نوافذ المتاجر كإكسسوار مهم لصناعة الأزياء، عادت القفازات إلى الموضة الرجالية مع بداية القرن التاسع عشر، أصبحت تصميمات صناعة القفازات أكثر انفتاحًا، تُركت قفازات الرجال بدون زخرفة، فقط الأسلوب والتقطيع والجودة كانا ذا قيمة، على حدود القرنين التاسع عشر والعشرين، أصبحت القفازات الخيطية قيد الاستخدام، كانت المواد الرئيسية لقفازات الرجال هي الجلد، مثل الجلود السويدية والهولندية، وخيوط ليسلي والخيوط الفارسية (ظهرت بعد ذلك بقليل).

تمت إضافة القفازات الجلدية إلى القفازات المحبوكة في القرن العشرين، بين الأثرياء لم يكن من الجيد الظهور بدون قفازات في الأماكن العامة، حظيت القفازات من إنتاج «داربي» بشعبية كبيرة، هذه القفازات مصنوعة من جلد جيد ولها زر ثابت كبير عليها، ترتدي النساء قفازات حرير بيضاء أو قفازات طويلة في الحفلات، كان الرجال عندما يرتدون الزي الرسمي يرتدون قفازات من جلد الغزال، والرجال الذين يرتدون ملابس مدنية يرتدون قفازات تصمم كقفازات الأطفال.

تم صنع “القفازات السويدية” بطريقة خاصة، أفضل جلد للقفازات الرياضية كان جلد الكلب، كانت هناك أيضًا قفازات خاصة لسائقي السيارات، وقفازات مقاومة للحريق للعمل بالحدادة وأزواج جلدية قاسية مصممة للبستنة، لكن مفهوم ارتداء الأطباء للقفازات لإجراء العمليات الجراحية أو الفحوصات لم يحدث حتى عام 1894م، حيثُ ينتج العمال قفازات طبية في مصنع في مقاطعة لوانان بالصين، حيثُ ينتج أكثر من 13 مليار قفازات طبية سنويًا للتصدير العالمي.


شارك المقالة: