الجهود الدولية لمنع الإرهاب

اقرأ في هذا المقال


لقد تأثرت جميع المجتمعات البشرية عبر التاريخ بالأعمال الإرهاب، وتشمل آثاره الدول والمجتمع الدولي والمواطنين ومؤسسات الدول واقتصادياته وكياناته السياسية والقانونية، بالإضافة إلى التوسع من خلال أهدافه ودوافعه وتنوعه في العديد من الجوانب. والسبب في تداخل نفوذهم هو وضع نظام العلاقات الدولية في حالة من التوتر، والتي لها درجات مختلفة من التأثير على إنتاجها وتأثيرها؛ لأن عملًا إرهابيًا واحدًا سيتسبب حتماً في مشاكل متعددة ويصادر بشكل جماعي بعض حقوق.

الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب:

أولاً: جهود الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب:

كان تحالف الأمم المتحدة، الذي تأسس بعد الحرب العالمية الأولى، رائدًا في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب من خلال تشريعات اتفاقية منع الإرهاب والمعاقبة عليه، حيث كان لظهور الأمم المتحدة وفروعها وأجهزتها في عام 1945 دور كبير في الحد من الإرهاب. وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار في ديسمبر 1972 القرار رقم 27، في الفقرة التاسعة تحدد القرار الوطني ويعزى النضال من أجل التحرير إلى عدم فاعلية الإرهاب وعدم شرعيته وأنشئت لجنة دولية للإرهاب تضمنت اقتراحًا بتشكيل لجنة خاصة من 32 دولة عضو.

وفي عام 1976، ناقشت اللجنة المخصصة للإرهاب الدولي التقرير الذي قدمته اللجنة المخصصة للإرهاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة في دورتها الحادية والثلاثين. وناقش المؤتمر هذا الموضوع، واندلع الخلاف من جديد، ففي 17 ديسمبر 1979، أصدرت الجمعية العامة القرار 145، والذي تضمن الفقرتين (6) و (15)، وذكرت من الديباجة عدة قرارات صكوك دولية لم يتم ذكرها من قبل بما في ذلك إعلان “تعزيز السلام الدولي” الصادر بالقرار (2734) في الدورة (25) للجمعية العامة في 14 ديسمبر 1974، والبروتوكولين الإضافيين لعام 1977 لاتفاقيات جنيف لعام 1949.

وناقشت اللجنة السادسة التي هي إحدى أجهزة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على الإرهاب الدولي البند المتعلق بالإرهاب الدولي في الدورة الثامنة والثلاثين للجمعية العامة، وأعربت عن مخاوف جدية بشأن استمرار أعمال الإرهاب الذي يؤدي إلى فقدان الأبرياء، حيث جاء في الفقرة (8) من القرار رقم (34/145) أن “الجمعية العامة تدعو الدول التي لم تفكر في الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية القائمة والمتعلقة بكافة جوانب الإرهاب الدولي”.

ثانياً: الاتفاقيات والصكوك والإعلانات الدولية لمكافحة الإرهاب:

تم إيداع أكثر من 13 اتفاقية دولية وإقليمية لمكافحة الإرهاب لدى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، حيث تتعهد الاتفاقية بأن تؤدي الأعمال المتعمدة في الإرهاب إلى إحباط أو فقدان حرية رئيس الدولة والمسؤولين الحكوميين. ويعتبر التدمير المتعمد وصنع وحيازة الأسلحة والمتفجرات لأغراض الأعمال الإرهابية، كما يتعارض مع العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بتحديد وحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك عام 1966 “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” ونافذته والتأكيد على حق الأفراد في التحرر من الخوف (أي الإرهاب).

بالإضافة الى الاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية باستخدام المتفجرات البلاستيكية (1991) واتفاقية قمع تمويل الإرهاب (1999) والاتفاقية الدولية لقمع الإرهاب النووي (2005). وبالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية، عند تنفيذ التوصيات الواردة في الفقرة (10) من القرار رقم (10/34) الصادر عن الجمعية العامة (للأمم المتحدة)، حيث ينص على “ينبغي للمنظمات الإقليمية أن تنظر في اتخاذ تدابير لمنع الإرهاب الدولي ومكافحته”.

وقد تم العثور على عدة اتفاقات في على المستوى الإقليمي في هذا المجال، فعلى سبيل المثال أصدر المجلس الدائم لمنظمة الدول الأمريكية في 15 مايو 1970 قرارًا يدين أعمال الإرهاب واختطاف الأشخاص بغرض الابتزاز.

في 30 تموز عام 1970، أصدرت الجمعية العامة لوزارة الخارجية الأمريكية قرارًا يدينه لتعرضه للإرهاب من قبل ممثلين أجانب اتفاقية معاقبة الأعمال الإرهابية والابتزاز المرتبط بها، وكذلك الاتفاقية الأوروبية لعام 1977 لمنع وقمع الأعمال الإرهابية التي اعتمدتها الدول الأوروبية، والتي صدرت في ستراسبورغ في 27 يناير 1977.

التعاون العربي في مجال مكافحة الإرهاب:

منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، دار موضوع مكافحة الإرهاب حول التعاون العربي؛ لأن الفترة التي أعقبت هذه الهجمات كشفت عن تطور ظاهرة الإرهاب في العالم؛ بسبب مشكلة مواجهتها. وظاهرة الإرهاب استحوذت على الفضاء الرئيسي للتفاعل الدولي في سياق الحرب العالمية، وبالنظر إلى انتشار خطر الإرهاب إلى العديد من مناطق العالم وخاصة المنطقة العربية، مما يجعل هذه القضية مشكلة ضخمه.

وتعتبر ظاهرة الإرهاب بشكل عام ظاهرة تنعكس في صراع الأهداف والقيم والأيديولوجيات بين الأفراد والجماعات والدول، وهي في الواقع ظاهرة معقدة للغاية ويصعب تتبعها إلى ظاهرة واحدة. والسبب في تحديد بدايته وحكم مبادئه هو التهديد الذي تتعرض له المنطقة العربية وأجزاء أخرى من العالم وتهديدات أمنية جديدة، لذلك فإن فهم نقطة الانطلاق للظاهرة الإرهابية في المنطقة العربية وتتبع اتجاهها التنموي ودراسة طبيعتها وأسبابها يساعد في فهم الاختلافات بين الأساليب والآليات المختلفة للتعامل مع هذه الظاهرة، وهذا ما يريد العرب تحقيقه.

وهناك ظواهر عديدة في مكافحة الإرهاب، منها الأطر القانونية للاتفاقيات والمعاهدات التي أبرمتها الدول العربية وجميع القوانين والأطر تنتمي إلى “الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب” لعام 1998 بعد مؤتمر وزراء الداخلية العرب وتمثل العدالة جوهر الفكر العربي الأمني ​​والقضائي. وتتضمن الاتفاقية بعض النقاط الرئيسية التي تنعكس بشكل رئيسي في التعاون الأمني ​​العربي لمكافحة الإرهاب وتتمثل الطريقة في إقامة حالة من التعاون والتكامل الأمني ​​في مواجهة الإرهاب وتتضمن ثلاث ركائز أساسية هما:

  • الإجراءات الأمنية لمنع الإرهاب.
  • مكافحة الإرهاب التدابير الوطنية لمنع الإرهاب.
  • التعاون العربي لمنع ومكافحة الإرهاب.

فالتعاون القضائي العربي لمكافحة الإرهاب، لتحقيق التعاون القضائي في مجال جرائم الإرهاب الدولي وإنشاء آلية قانونية عربية للتعامل مع الظواهر الإرهابية، ويمكن أن يتمثل التعاون القضائي العربي في تسليم المجرمين والممثلين القضائيين في الجرائم القضائية، أو البضائع والعوائد المتأتية من الجرائم الإرهابية أو تبادل الأدلة بين الدول، حيث يتجسد التعاون الإعلامي العربي في مكافحة الإرهاب في تعاون مجلس وزراء الإعلام العرب ويتمحور هذا التعاون حول ضرورة دور الإعلام العربي في مواجهة الإرهاب واستراتيجية إعلامية عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب. والتي تنص على تعزيز استخدام وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة لتنمية وعي الدول والشعوب العربية، وإبراز صورة “الإعلام الصحيح”.

وفي ظل الثورة العربية يواجه التعاون العربي في موضوع مكافحة الإرهاب مجموعة من المعوقات، فقد تسبب الاضطراب السياسي الذي أحدثته الثورة العربية في معاناة المنطقة العربية الى تفاقم ظاهرة الإرهاب، ودفع الدول العربية إلى إعادة النظر في مجال الإرهاب. ومن المرجح أن يكون مستقبل عملية التعاون بين الدول العربية في مجال مكافحة الإرهاب، خاصة في ظل ثورة الربيع العربي، قوة دافعة قوية لتوحيد جهودهم التعاونية، وهذا بالضبط ما تحاول الدول العربية تحقيقه للوصول الى الاستقرار في الأمن بين الدول.

المصدر: القانون الدولي الإنساني/د. عمر محمد المخزومي/2009جرائم الحرب/أحمد حسن رمضان/2014جرائم الحرب وجرائم العدوان/سهيل الفتلاوي/2011القانون الدولي الإساني/نزار العنكبي/2010


شارك المقالة: