الوديعة في القانون التجاري

اقرأ في هذا المقال


ما هو تعريف الوديعة؟

تعتبر الوديعة في طبيعتها من الأموال التي تكون موضوعة عند شخص معيّن أو تكون مجموعة الأموال الموضوعة في البنوك والمصارف ليتم حفظها، وحيث أن أهم وظيفة لهذه الودائع: حساب التوفير، أو حسابات سوق المال، أو تدقيق الحسابات، ولصاحب الحساب الحق في سحب الأموال المودعة على النحو المنصوص عليه في الشروط والأحكام التي تحكم اتفاقية الحساب.

وتعتبر من أشهر الودائع في الحياة العملية هي الودائع البنكية، التي تكون ودائع بحسب الطلب، وهي عبارة عن عملية إيداع للأموال في حساب يسمح للمودع بسحب أمواله من الحساب دون سابق إنذار أو من خلال إشعار بأقل من سبعة أيام، أما النوع الآخر وهو الودائع لأجل، والتي تُعدّ وديعة تحمل فائدة يحتفظ بها بنك أو المؤسسة مالية لفترة محددة؛ حيث لا يستطيع المودع سحب الأموال إلا بعد تقديم إشعار، وقد تدفع الودائع لأجل أسعار فائدة أعلى من الودائع تحت الطلب.

ما هي أنواع حسابات الودائع البنكية؟

حساب التوفير البنكي:

إن هذا الحساب يستخدم في كان الأشخاص محددون الدخل،حيث يستخدمون هذا الحساب من أجل توفير المال؛ حيث يمكن فتح هذا النوع من الحساب بحد أدنى للإيداع الأولي الذي يختلف من بنك لآخر، ويمكن إيداع الأموال في أي وقت في هذا الحساب، كما يتم إجراء عمليات السحب إما عن طريق التوقيع على نموذج السحب، أو عن طريق إصدار شيك، أو باستخدام بطاقة الصراف الآلي، إلا أن البنوك عادة ما تضع بعض القيود على عدد عمليات السحب من هذا الحساب.

حساب الإيداع الجاري:

إن هذا الحساب على عكس حساب التوفير البنكي؛ حيث أن هذا الحساب يستخدم للأشخاص الذين يكون دخلهم عالي مثل أصحاب الشركات والأعمال وأيضًا في حال فتح حساب للأشخاص المعنويين مثل الشركات والمؤسسات، لما تفرضه هذه الحسابات من قيود على عدد عمليات السحب، لذا فإن حساب الإيداع الجاري هو الخيار الأنسب لتلك الفئات؛ فهو يُتيح إمكانية إجراء عدد غير محدود من عمليات السحب، ويتطلب حد أدنى معين للإيداع أثناء فتح الحساب، ولا يدفع البنك أي فائدة على الأرصدة في هذا النوع من الإيداع، بل يدفع صاحب الحساب مبلغاً معيناً كل عام كرسوم تشغيلية.

حساب الوديعة الثابتة:

إن هذا الحساب يستخدم في حال كان الأشخاص الذين يعملون على إيداع أموالهم لفترة غير قصيرة؛ حيث يتم إيداع الأموال في حساب خاص يسمى الوديعة الثابتة؛ وذلك لأنها تُقدّم سعر فائدة بمعدل أعلى من الحسابات الأخرى، ويسمح هذا النوع من الحسابات بإيداع مبلغ معين لفترة محددة قد تترواح بين 15 يوماً و3 سنوات أو أكثر ولا يُسمح خلالها بالسحب، ومع ذلك يمكن للمودع صرف المبلغ قبل استحقاقه بناءً على الطلب، وفي هذه الحالة تعطي البنوك فائدة أقل ممّا تمّ الاتفاق عليه.

حساب الوديعة المتكررة:

يستخدم هذا الحساب في حال إيداع الأموال بشكل متكرر ويكون الإيداع بنفس المبلغ مرة كل شهر؛ حيث يتم احتساب المبلغ فيه عند الاستحقاق، ويمكن أيضاً يستطيع المودع إقفال حسابه قبل استحقاقه واسترجاع الأموال مع الفائدة حتى تلك الفترة، كما يجوز فتح الحساب من قبل شخص واحد، أو بالاشتراك مع شخص آخر، أو بواسطة الوصي باسم القاصر.

كيف يتم التمييز بين الإيجار والوديعة؟

في الإيجار ينتفع المستأجر بالمأجور في مقابل أجر معين في حين أن الوديع لا ينتفع بالشيء المودع بل يلتزم فقط بالمحافظة عليها فهو لا يدفع أجر بل من الجائز أن يتقاضى هو أجر عن حفاظه للوديعة. وأيضاً يلتزم الوديع برد الوديعة إلى المودع بمجرد طلب هذا الأخير ولو لم ينقض الأجل أما المستأجر فلا يرد العين المؤجرة إلا عند انقضاء مدة الإيجار.
ويصعب التمييز بينهما عندما يتفق شخص مع صاحب مخزن على أن يسمح له بوضع بضائعه عنده لقاء أجر معين فهل يعتبر العقد إيجاراً أم وديعةً؟ فالمعيار السليم للتمييز في هذه الحالة نرى هل كان صاحب المخزن يتسلم الأشياء
ويلتزم بحفظها وبردها؟ فإذا كان كذلك فانه وديعة، أما إذا كان صاحب المخزن يلتزم بوضع المخزن كله أو جزء منه تحت تصرف هذا الشخص دون أن يلتزم بالعناية بالبضائع فهنا يكون العقد إيجار.

ما رأي الإسلام بالوديعة؟

عمل المسلمون في الفقه الاقتصادي على الاهتمام الكبير بالوديعة، حيث عملوا على مصنفات عديدة؛ حيث أهمها يذهب إلى القرن الثاني الهجري، ومن بواكير المصنفات الاقتصادية الإسلامية ما وضعه أبو حمزة الثمالي الكوفي، المتوفى في حدود عام 150 هجرية/767ميلادية, وهو أحد رجال الحديث والتفسير الثقات، وقد تعددت أبواب كتب الأموال والخراج والزكاة، وبعضها جاء بطلب من الخلفاء، ونهض فقهاء الإسلام في التأليف في مختلف أوجه التعاقد والبيوع والتجارة، وصنفوا أبوابا فقهية في موضوعات عدة، منها البيوع والنفقات والدين والكفالة والحوالة والإجارة والعارية وخيار الشرط وخيار النظر وغيرها وممّا ألف فيه موضوع الوديعة وعقدها.

المصدر: مصطفى الزرقاء، شرح القانون المدني السوري ـ العقود المسماة ـ عقد البيع والمقايضة (مطابع فتى العرب، الطبعة السادسة، دمشق 1965).عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، المجلد الرابع (دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان).شفيق الجراح، القانون المدني (العقود المسماة) عقد البيع (المطبعة التعاونية، 1984ـ 1985).جاك يوسف الحكيم، العقود الشائعة أو المسماة ـ عقد البيع (مطبعة محمد نهاد هاشم الكتبي، الطبعة الثانية دمشق 1973).


شارك المقالة: