قاعدة العقد شريعة المتعاقدين في القانون الدولي العام

اقرأ في هذا المقال


قاعدة العقد شريعة المتعاقدين:

من أعلى وأعظم المرتكزات القانونية أن العقد شريعة المتعاقدين، حيث باتت قاعدة إلزامية ثابتة في العديد من الأنظمة القانونية في جميع بلدان العالم، فالعقد بالنسبة إلى أطراف نشأته يُعد بمكانة القانون أو نظام خاص بهما، وإن كان منشأه الاتفاق بينهما.

وقد بيّن الله عزّ وجلّ أثر العقد ومدى فرضه وتأكيده على طرفيه بقوله عزّ شأنه: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)، وحثّ الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (المسلمون عند شروطهم). والمقصود أن العقد شريعة المتعاقدين أن يكون العهد الناشئ من العقد توافق أو تطابق في قوته مع النظام، ولا يسمح للشخص أن يتفكك من كليهما.

وتقوم قاعدة العقد شريعة المتعاقدين على مجموعة من مرتكزات فلسفية وأخلاقية واقتصادية وتاريخية وحضارية، هي كالتالي:

  • أولاً: تقوم على رفع مستوى مبدأ سلطان الإرادة، بمعنى أن الشخص لا يُلزَم إلا بما شاء وإذا شاء أن يُلزَم فلا يحول دون ذلك شيء.
  • ثانياً: تقوم على أساس تقدير العهد.
  • ثالثاً: تقوم على لزوم استقرار الاتفاق، ففي حال كان العقد لا يُقيد العاقد، تعم بين المتعاقدين الزعزعة وتنعدم الأمانة. ولذلك كان يجب أن يتوفر للعقد قوة ملزمة بحيث لا يجوز لأحد أطراف العقد أن ينفرد بنقضه أو تعديله.

إن القانون الدولي أمر بأن يكون العقد، شريعة المتعاقدين ليصبح العقد شكلاً من النظام الخاص لمن عقدوه بمشيئتهم وإرادتهم، فإنه يتوجب على المتعاقدين أن يعملا لما اتفقا عليه كما يعملان بتنفيذ النظام، بالإضافة الى أنه يجب على القاضي الاعتناء بتلك العقود وحمايتها كرعايته للنصوص النظامية، بمعنى أنه إذا عُرض عليه خلاف بشأنها، فإنه يجب على القاضي تطبيق ذلك الحكم الخاص المتفق عليه كل من المتعاقدان والذي فرض له النظام العام تلك الصفة.

علاقة مبدأ العقد شريعة المتعاقدين مع النظام العام للدولة:

تتطابق العلاقة بين شريعة المتعاقدين والنظام في عدة نقاط رئيسية ألا وهي:

  • إن العقد والنظام لهما درجة الإلزام نفسها.
  • إمكانية إلغاء النظام بنفس الطريقة التي سُن بها، كذلك العقد يمكن فضه بنفس الطريقة التي أُبرم بها ويعني باتفاق الأطراف.
  • يجب أن يكون مبدأ حسن النية موجود في تطبيق النظام وعند إبرام الاتفاقيات.

وهناك اختلافات بيم شرعية المتعاقدين والنظام ألا وهي:

  • يمكن أن يبطل النظام نظاماً آخر أياً كان، ولكن لا يجوز للعقود أن تتعارض مع القواعد النظامية المنصبة من النظام العام أو الآداب أو العادات؛ لأن التكرار في إبطال تقرير أن العقد شريعة المتعاقدين ليست أمراً إيجابياً وليس من شأنها تحقيق الصالح العام والعدالة، ذلك أن العقد ولو أنه علاقة خاصة بين فردين محددين، إلا أنه قد يصيب مصالح الآخرين ومصالح المجتمع الدولي.

ولذلك لزم أن يتدخل واضعو الأنظمة لوجوب رقابة على العقود من خلال سن قواعد آمرة لا يجوز الخروج عليها، فهو يمنع بعض الاتفاقيات أو يحظر بعض الشروط أو يلزم بعضها على الطرفين، بذلك تنعدم المساواة بين طرفي العقد ويكون الطرف الضعيف فيه مهدداً بأن يغلبه الطرف الأقوى.

  • هناك عقود يمنع النظام إبطالها أو إنهاءها ولو بأخذ موافقة الطرفين، بالإضافة أن هناك بعض العقود التي لا تفض بإرادة طرف واحد كعقد العمل الفردي المبرم لمدد غير محددة.
وممّا لا شك فيه أنه طالما أبرم العقد بالشكل الذي يجيزه القانون بحجة عدم الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة واتفق الطرفان على خلاف ذلك، فإن العقد يعتبر مخالفة للقانون من قبل الطرفين.
بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن للقاضي استخدام محتوى العقد كذريعة لرفض تنفيذ هذا العقد؛ لأنه لا يمكن للعدالة أن تطغى على رغبات الأطراف المتعاقدة ولا يصح نسخ العقد وتعديله. وحتى لو كان يمكن أن يكمل أحدهما الآخر وكانت المشاكل فيه مماثلة للعدالة في النظام، فلا ينبغي للقاضي أن يستخدم أحد نصوصه بحجة أنه يتعارض مع العدالة، لكن هذا خطأ ويعني أن القاضي يتجاهل تمامًا قواعد العدل، فمن الضروري له أن يلجأ إلى قواعد العدل والعرف لجعلها تتفهم رغبات الأطراف المتعاقدة.
وإذا تم رفع نزاع إلى القاضي بأن العقد لا يمكن حله، فالمسألة هي نفسها قضية أحد الطرفين؛ لأنه بمجرد إبرام العقد واتفاق الطرفين على أن يصبح شريعته، ما يريدونه هو عدم الانسحاب أو الاستسلام لتأكيد مبدأ حرية الأفراد في اتخاذ القرار.

المصدر: قاعدة العقد شريعة المتعاقدين/خالد نويصر/2011قاعدة العقد شريعة المتعاقدين في القانون الدولي العام /احمد تقي فضيل/2002قاعدة العقد شريعة المتعاقدين/ أحمد طلال عبد الحميدالقانون الدولي العام/فؤاد خوالدية/2017


شارك المقالة: